"كفانا صمتا"

ناصر العموري

"كفانا صمتا".. هو عنوان شدني بمضمونه، وقررت أن اتحرى عن فحواه لمناشدة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، وربما وصلت للأغلبية العظمى منا، وهي لموظفين في جامعة خاصة بإحدي محافظات السلطنة، لم يتسلموا رواتبهم منذ شهرين؟! وليعذرني من خطها هنا لاستعارتي العنوان، والسؤال الذي يطرح نفسه بعد انتشار المناشدة: كيف هي حال الجامعات والكليات الخاصة لدينا يا ترى؟ وكيف هو إشراف وزارة التعليم العالي عليها؟ ومن ينصر موظفيها في حال هضم حقوقهم ولم يتسلموا رواتبهم لأكثر من شهر؟!

لا نلوم المواطن وهو العامل الذي يكدح على أسرته، وربما عليه من الالتزامات التي تقصم الظهر، ما عليه أن يقول ما قاله في المناشدة، وهو تحت طائلة اليأس من الوعود في كل مرة، فعدم استلام الراتب لشهرين معناه تراكم الديون لستين يوما، والغريبة هنا: أين مجلس أمناء الجامعة عما يحدث؟! فإن كانوا يعلمون وهم صامتون فتلك مصيبة، وإن كانوا لا يعلمون وهم غافلون فالمصيبة أشد وأعظم !!

ولكي يكون للمقال مصداقية، تواصلتُ مع عدد من العاملين في الجامعة المذكورة، وأكدوا لي صحة الخبر، وأنهم منذ شهرين لم يتسلموا رواتبهم، وإدارة الجامعة تتحجج بأن السبب هو عدم استلامها لمستحقات المنح الدراسية من قبل وزارة التعليم العالي!!! وإن افترضنا أن هذا صحيح، فأين استثمارات الجامعة؟ وأين قرشها الأبيض الذي خبَّأته لليوم الأسود؟ أتراه ذهب لخاصة القوم دون سواهم؟! أم أنه ليس هناك لا قرش أبيض ولا حتى أسود، وهنا تكمن الطامة في عدم وجود رؤية مستقبلية واضحة لإدارة مثل هذه الأزمات، والمفروض من أي إدارة ناجحة أن تحسب لمثل هذه المواقف في إدارة أزماتها، وأن تعطي موظفيها الأولوية القصوى، إلا إذا كانت تعاقدت معهم أن "يشتغلوا لها بشكل مجاني وقت الأزمات!!!"، ويا ليت لو على الأقل سلمت الموظفين نصف رواتبهم لتهدئة الوضع، عندها سيقدر الموظفون هذا الموقف، ولن تظهر تلك المناشدة التي انتشرت وتأسَّف لها الجميع؛ نظرا لما هو حاصل في بعض جامعاتنا الخاصة، لا نعمم بالطبع، فهناك من الجامعات الخاصة ربما من هو أفضل حالاً من ناحية حسن إداراتها لتنظيمها المالي وتقديرها لموظفيها.

"كفانا صمتا".. هو نداء استغاثة من قبل موظفي إحدى الجامعات الخاصة تقطعت بهم السبل ولم يجدوا ملجأ بعد الله إلا بث شكواهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لعلهم يجدون طوقَ نجاه يُنصفهم ويُنقذهم مما هم فيه، هي رسالة نوجهها عبر منبر نبض قلم لإدارات الجامعات الخاصة، بأن تراعي الله في موظفيها، ولتعلم أن نجاحها وسمعتها لم يتأتِ إلا من خلال هؤلاء الموظفين الكادحين؛ فهم الطاقة المتدفقة التي أوصلتهم لسلم النجاح.. ورسالة أخرى لوزارة التعليم العالي بأن لا تعطي الفرصة لمثل هذه الأحداث أن تقع، وتكون هي الشماعة التي تطلقها بعض الكليات والجامعات الخاصة للتغطية على إخفاقاتها، وأن تعطي كل ذي حق حقه، وتبتعد عن الإجراءات الروتينية العقيمة؛ فهناك أفواه تنتظر راتبها آخر كل شهر.

----------------------

"خارج النص": واقع الجامعات والكليات الخاصة لدينا في عُمان واقع غريب وعجيب؛ فعلى الرغم من التسهيلات والمنح التي تُقدم لها، إلا أن الأسعار الدراسية فيها فلكية للغاية! بل إنها قد تكون أكثر من نفقات الدراسة في بعض الدول خارج البلد، ناهيك عن التخصصات المعتمدة بها، وهل تناسب أصلا سوق العمل أم أن الأمر لا يعدو أن يكون بيزنس دراسي ليس إلا؟! في اعتقادي أن الأمر بحاجة لمراجعة شاملة من قبل الجهات المعنية، وأولها وزارة التعليم العالي، كما أتمنى أن يكون لمجلسي الشورى دور حيوي وملموس في هذا الشأن.

ودمتم بود...،

abusultan73@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك