النادي الثقافي يقتفي مراحل تطور السينما السودانية.. والمشاركون يبرزون تحديات التطوير

...
...
...
...
...
...
...

الرؤية – محمد قنات

 قدم المخرج السوداني سليمان محمد إبراهيم، رئيس جماعة الفيلم السوداني محاضرة بالنادي الثقافي تحت عنوان "إضاءات حول السينما السودانية" وسط عدد من المهتمين وتم خلال المحاضرة تقديم عدد من الأفلام السودانية في فترات متفاوتة تبين مراحل السينما إلى جانب القضايا التي تعالجها.

وأدار المحاضرة الإعلامي سليمان المعمري الذي استهلها بقوله إن السينما دخلت السودان عام 1912 حسب تأريخ السينمائي السوداني كمال محمد إبراهيم في كتابه: «السينما في السودان ماضيها وحاضرها ومستقبلها". إذ يقول إنّ هذا هو تاريخ أول عرض سينمائي في السودان، وكان في مدينة الأبيض في احتفال بوصول خط السكة الحديد لغرب السودان، ولم يكن العرض لفيلم سينمائي بالمعنى المتعارف عليه، بل توثيق للقاء ملك بريطانيا العظمى جورج الخامس ببعض الشخصيات المهمة في السودان.

ويضيف المعمري منذ عام 1912 إلى اليوم ناهز عمر السينما في السودان مائة سنة إذن. إنّها "مائة عام من العزلة" ليس كما قال ماركيز، بل كما عنون صلاح الدين مصطفى مقاله عن تاريخ السينما في السودان. مائة عام وعدد الأفلام السينمائية السودانية الطويلة لم يتجاوز بعدُ أصابع يدين اثنتين.

بل إنّ واحداً من أشهر الأفلام السينمائية التي تناولت الواقع السوداني المأخوذ من رواية سودانية شهيرة لممثلين سودانيين وأعني به فيلم "عرس الزين" لا يعدّه بعض مؤرخي السينما السودانية فيلما سودانياً لكون المخرج وجزءاً من الإنتاج كويتيا.

ومن جانبه طاف المخرج سليمان بالحضور حول السينما السودانية في الماضي والحاضر والإهمال الذي تعرضت عليه من قبل كثير من الحكومات وكيف أنّ دور السينما تساقطت واحدة تلو الأخرى بعد أن كانت المتنفس لكثير من السودانيين الذين ارتبطوا بها كثيراً وأولوها اهتماماً يوازي لعبة كرة القدم في السودان واستطاعت بذلك الاهتمام أن تسهم بالقدر الكبير في التثقيف والاستنارة.

 وقدم المخرج سليمان ابراهيم "فذلكة تاريخية عن السينما السودانية"، وقال إنّها دخلت السودان عبر القوات البريطانية بهدف التوثيق للمحتل، والترويح عن رعاياه، وتم تأسيس نادي السينما، وسافر عدد من الشباب المهتمين إلى خارج السودان بغية دراسة السينما، من بينهم إبراهيم شداد وسامي الصاوي وسليمان محمد إبراهيم ومنار الحلو، بعدها بدأت تظهر سينما جديدة وبداية جادة لسينما تسجيلية، وفي 1970م جاءت عملية الاستيراد والتوزيع، وأنشئت مؤسسة الدولة للسينما ضمن وزارة الإعلام والثقافة، وجرى التركيز على السينما التسجيلية دون الروائية؛ وهناك أفلام قصيرة حازت على جوائز عالمية توضح مدى نجاح هذه الصناعة.

وشخّص سليمان ابراهيم المشاكل التي تعترض السينما بالسودان قال إنّ الحكومة لا تولي اهتماما كبيرا بالسينما ولا تُوفر لها مقوّمات العمل بل في كثير من الأحيان كانت معظم الحكومات التي تعاقبت على السودان منذ الاستقلال وحتى الآن لا يتم إدراج ميزانية معينة للثقافة والفنون؛ الشيء الذي أضعف دور السينما خلال تلك كل الحقب. وفي السنوات الأخيرة تم إغلاق عدد كبير من دور السينما والبعض الآخر تم تحويله إلى مصالح أخرى وتابع أنه لا يمكن صناعة سينما بعيداً عن توفر الحريّات التي تعتبر هي الأساس لانطلاق ونجاح السينما في أي بلد، واستدرك أن السودان عرف السينما منذ وقت بعيد إلا أنها ظلت مقيدة بسبب عدم إيلائها القدر الكافي حتى تنطلق مثل رصيفاتها حيث لا يوجد تمويل، وأن أولوية الحكومة تكون للقضايا السياسية وقضايا الصحة والتعليم.
وذكر أنه في فترة السبعينيات كانت هنالك محاولات حظيت بتقدير كثير من المهرجانات الدولية والإقليمية، فقد فاز فيلم "الضريح" للطيب المهدي بذهبية القاهرة للأفلام القصيرة عام 1970م، ونال فيلم "ولكن الأرض تدور" لسليمان محمد إبراهيم ذهبية مهرجان موسكو في عام1979م، وحصل فيلم "الجمل" على جائزة النقاد في مهرجان كان بفرنسا في عام 1986، وعلى الرغم من نجاح هذه التجارب حدث ما يشبه الانهيار منذ أواخر الثمانينيات.

من جانبه قدم الكاتب والسينمائي عبد الله حبيب إضاءات حول تاريخ السينما إلى جانب المعوقات التي تعترض تطور السينما في الدول العربية متفقاً مع سليمان إبراهيم على أنّ الحريات هي أساس أي عمل إبداعي، وذكر حبيب أنّه عرف السينما السودانية من خلال اطلاعه على بعض الأفلام أثناء تواجده خارج سلطنة عمان واستدرك أن السودان به العديد من المبدعين إن وجدوا مساحة الحريات والمقومات.

وذهب إلى أن عدم معرفة الشعوب العربية ببعضها يعود إلى غياب السينما وغياب الفنون المشتركة بسبب عدم وجود الحريات والتمويل الكافي.

من جهته أشار الشاعر سما عيسى إلى أنّ الاستعمار قد يؤثر سلباً أو إيجاباً فهنالك مستعمر يعمل على أن تكون السينما لطبقات معينة باعتبار أنها منارة للمعرفة.

وتابع أن السودان برغم أنه عرف السينما في وقت تجاوز المئة عام إلا أنها لم تحتل مكانها الطبيعي وذلك بفعل عوامل كثيرة من بينها عدم وجود الحريات الكافية.

تعليق عبر الفيس بوك