منتخب الشباب .. أداء متذبذب ينتهي بالإخفاق في التأهل لنهائيات "أمم آسيا"

الرؤية - وليد الخفيف

العديد من الأسباب الفنية والإدارية كانت سببًا في عدم تأهل مُنتخب الشباب لنهائيات أمم آسيا 2018، كما يمكن القول بأن المدرب رشيد جابر جزء مهم من هذه الأسباب.

ورغم فترة الإعداد القوية التي خضع لها لاعبو منتخب الشباب عبر معسكرات داخلية وخارجية، تخللها ما يقارب 13 مباراة تجريبية، فضلا عن المشاركة في بطولات ودية مجمعة لرفع درجة الاحتكاك والجاهزية، غير أن العائد الفني والتكتيكي على أرضية الميدان خلال التصفيات كان شحيحا، ولم يعكس قيمة الموازنات المالية التي خصصت لأجله.

اتحاد الكرة من جانبه نفذ أجندة الإعداد التي أوصى بها الجهاز الفني، فوفر له كل سبل التحضير التي تفوق منافسيه في المجموعة، غير أن ذلك لم يثمر عن نيل بطاقة التأهل ليخفق المنتخب مجددا في بلوغ النهائيات.

وبدا أن الاستعدادات التي جرت كانت مؤقتة، وسعت لتحقيق أهداف قصيرة وليست طويلة المدى، ولهذا لم يستطع المنتخب أن يكمل منافساته كما هو مرجو، خاصة وأن رفد المنتخب بعناصر جديدة تعزز صفوفه يعتمد في المقام الأول على استمرارية التدريب طوال الموسم، بقصد رفع مستوى العمر التدريبي، ووضع الجميع في حالة استعداد مستمرة، تضمن لهم ثبات المستوى الفني التنافسي، إلا أن المعسكرات المتقطعة لم تعد ضامنة لتقديم مستوى في حجم البطولة؛ نظرا لضعف مخرجات المسابقة المحلية التي لم ترتقِ لحد الطموح، تزامنا مع عدم اهتمام الأندية بهذا القطاع، لتعثرهم ماليا، وتوجيه الجانب الأكبر من الموازنة للفريق الأول؛ ما يضع الاتحاد أمام ضرورة تحمُّل مسؤولياته في خلق قاعدة تمد المنتخبات الوطنية بالعناصر المميزة.

هذه المعطيات تدفعنا للتفكير جدياً في ضرورة تدشين 6 أو 7 مراكز لتدريب الموهوبين من عمر 13 إلى 18 عاما في مختلف محافظات ومناطق السلطنة، بحيث تعتمد الفكرة على انتقاء صحيح لعدد يتراوح من 15 إلى 20 لكل مرحلة سنية الامر الذي ينتج في الأخير أكثر من 500 لاعب يخضعون لبرامج تدريبية ذات هوية واحدة عبر مدربين ينتمون لنفس المدرسة، ثم يتم انتقاء أفضل العناصر منهم وإدراجهم كمنتخب يحمل مسمى مراكز النخبة، لتكون تلك المراكز النواة الأولى لرفد منتخبات المراحل السنية .

ويجب أن يتساوى عدد الساعات التدريبية في أكاديمية الموهوبين ومراكز النخبة مع المعدلات الأوروبية، وهو ما يمهد الطريق أمامهم لتقديم أداء منضبط، شريطة محتوى فني يراعي واضعها الأخطاء والمعوقات التي تعاني منها الكرة العمانية، ومن ثم وضع الحلول المعممة على جميع الأجهزة الفنية لتضحى المخرجات مستنسخة من هوية واحدة تحمل الطابع العماني البحت، وهذا ما يعرف بـ"المنهجية الموحدة".

كذلك يمكن الإشارة إلى التشابه الكبير بين أداء منتخبات المراحل السنية لعدد من الدول مع منتخبهم الأول، ولدينا على سبيل المثال: المنتخب الياباني على المستوى الآسيوي، والإسباني على المستوى الأوروبي، فالأول يعتمد على السرعة بالكرة وبدونها مع قوة في الانقضاض على حامل الكرة سواء فرديا أو جماعيا لاستخلاصها دون أخطاء، تزامنا مع الاعتماد على أقل عدد من التمريرات للوصول إلى مرمى المنافس، فعندما تشاهد منتخب الناشئين الياباني على سبيل المثال تشعر بأنه ابن للمنتخب الأول، وهذا ما يعرف بالهوية .

وتعتمد المنتخبات الآسيوية المتقدمة في كرة القدم -مثل اليابان وكوريا وأستراليا- على منهجية واحدة عبر مدربين يحملون نفس الفكر ونفس طريقة التدريب (خريجو مدرسة تدريبية واحدة)؛ فقد يكون المحتوى مشابها من الناحية النوعية ومختلفا في الكم باختلاف المرحلة السنية .

وهناك فارق كبير بين مدرب التكوين ومدرب الفريق الأول؛ فمدرب التكوين مسؤول عن الارتقاء بمستوى الحالة التدريبية عامة (بدنية، ومهارية، وتكتيكية ونفسية)؛ تزامنا مع مساعيه لرفع مستوى الخبرة "العمر التدريبي". أما مدرب المنتخب الأول، فيكمل ما بدأه زملاؤه في القاعدة، غير أن هناك لاعبين في مستوى المنتخب الأول العماني يعانون من القيام بأدوار أساسية بالكرة وبدون كرة، دليل على قصور في مخرجات القاعدة التي تأثرت سلبا بفرض مدارس وأكاديميات كرة القدم فتوى الخبير الفني السابق "سيلبي"، مع غياب الرؤية الفنية لمنتخب البراعم الذي أغلقت أبوابه مع رحيل وائل السيسي.

ومن ناحية أخرى، فإنَّ الأخطاء التي كلفت منتخب الشباب عدم تأهله لنهائيات آسيا متكررة، يعاني منها منتخب الناشين والأولمبي أيضا، وأبرزها: غياب القدرة على استخلاص الكرة سواء في وسط الملعب أو في منطقة الجزاء، لافتقاد اللاعب آلية الضغط الفردي أو الجماعي على حامل الكرة، فضلا عن ضبابية أدواره الأساسية والثانوية، والنسب المئوية لكليهما، باعتباره لاعب منتخب يستطيع الجمع بين الدورين بشكل منضبط طوال 90 دقيقة .

ولفت المحللون إلى أن المباريات الأربعة التي خاضها أحمر الشاب، افتقد خلالها للهوية أو الشكل التنظيمي المعروف؛ فالأسماء لم تكن الأفضل بحسب رؤيتهم، فضلا عن الأخطاء التكتيكية التي تمثلت في طرق التمركز الدفاعي والرقابة والتحول للحالة الهجومية والعكس. مؤكدين أن اتباع طريقة "تغطية المساحة"، ودفاع المنطقة، والاعتماد الشكلي على دفاع رجل لرجل، أدى إلى كوارث كان من ضمنها استقبال 5 اهداف من الإمارات في مباراة واحدة، لتكشف الإستراتيجية الدفاعية القديمة وَهَن خط الدفاع وتراجع المستوى الفكرى والانضباطي للاعبيه.

يشار إلى ان قائمة رشيد جابر تخلت عن عدد من لاعبي منتخب يعقوب الصباحي؛ فالمدرب اختار الأكبر سنا بقصد حسم التأهل، وأن هناك عددا من أبناء منتخب الناشئين السابقين باتوا مجمدين، وكذلك الحال للمنتخب الأولمبي الذي اعتمد على مواليد 95-96، ورفض الاعتماد على مخرجات منتخب الشباب السابق من مواليد 97 لحسم أمر التأهل أيضا، غير أن العزاني الذي ترك أكثر من 15 لاعبا من مواليد الفئة الأخيرة 97، سيعود إليهم لخوض التصفيات المؤهلة لنهائيات 2020، ولكن كيف سيكون مستواهم الفني بعد الابتعاد عن أسوار المنتخب لأكثر من عام؛ لذا فبناء منتخب لم يكن الهدف الأساسي كما أورد مدربا الشباب والأولمبي، فارشد العلوي يدافع عن ألوان المنتخبين حتى مَني بالإصابة، وإنما حسم أمر التأهل كان الهدف الأساسي، وتبقى الأهداف المطاطة باقية عقب كل إخفاق: "تعزيز صفوف المنتخب، ورفده بعناصر جديد بعيدا عن النتائج"، متناسيا صاحبها غرس ثقافة الفوز، وأن الهدف التنافسي الأكبر سينبثق منه هدف أصغر وهو نتاج العناصر الجيدة.

وبات لزاما على اتحاد كرة القدم سرعة توضيح أسباب الإخفاق والكشف عن حلول تحول دون تكرار المشهد؛ فالاخفاق كان على المستويين في الأداء قبل النتائج.

تعليق عبر الفيس بوك