خلال جلسة مفتوحة بـ"الكتاب والأدباء"

انتقادات لآلية إدارة جمعيات المجتمع المدني مع المطالبة بتوسيع أدوارها.. وتأكيدات على دور المثقف في تطوير الفكر

 

 

الرؤية – محمد قنات

استضافت الجمعية العمانية للكتاب والأدباء، بمقرها بمرتفعات المطار، الأديب والكاتب أحمد الفلاحي في جلسة مفتوحة حملت عنوان (المجتمع المدني.. الواقع والمأمول) بحضور عدد من الكتاب والأدباء والشعراء والمهتمين.

استهل الكاتب سليمان المعمري الجلسة، بمقولة للشاعر رسول حمزة توف "عندما يسألونك من أنت، تستطيع أن تبرز وثيقة أو جواز سفر يحتوي على المعلومات المطلوبة، اما إذا سألوا شعباً من أنت فإنه سيقدم العلماء وكتابه وفنانيه وقادته العسكريين كوثائق" واستدرك المعمري أن جميع المهن بمختلف مسمياتها هي لب المجتمع المدني.

وأضاف أن الإنسان إذا أراد أن يعرف مدى تطور ورقي أي دولة في العالم يسأل عن مجتمعها المدني ومؤسساته؛ والاهتمام بالمجتمع المدني في عمان أصبح متزايدا مع بداية الألفية الجديدة حيث إن بداية مؤسسات المجتمع المدني عميقة الجذور حتى وإن لم تكن بشكل مؤسسات المجتمع المدني التي هي عليه اليوم.

ويعد أحمد الفلاحي أحد الذين كانت لهم إسهامات مقدرة في الدعوة لانشاء مؤسسات مجتمع مدني فاعلة؛ حيث ساهم في تأسيس النادي الوطني عام 1974 وأسس مجلة الغدير عام 1977 التي أحدثت حراكا في الحركة الثقافية من خلال صدورها لسبعة أعوام إلى جانب مطالبته مع مثقفين آخرين في ثمانينيات القرن الماضي بإنشاء اتحاد للكتاب العمانيين الأمر الذي تحقق بصيغة أخف حيث تم إنشاء الجمعية العمانية للكتاب والأدباء.

وقال أحمد الفلاحي إن أسس المجتمع المدني حاضرة في عمان ومنذ فترات بعيدة، وأنّ ذلك الأمر يتضح بصورة كبيرة في (السبلة العمانية، بناء الأفلاج والسدود، تسوير المقابر، إنشاء المساجد ـ تقسيم وتوزيع المياه، والأوقاف)، وغيرها من الأشياء الأخرى باعتبار أن هذا يعطي مؤشرا واضحا على بيان تفاعل المجتمع المدني مع جميع هذه الأنشطة بمختلف تسمياتها.

وأشار إلى واقع المجتمع المدني في عصر النهضة المباركة، والذي تجسد في جمعيات المرأة العمانية والتي أصبحت اليوم في كل ولاية من ولايات السلطنة، تعمل على تحقيق مقتضيات المرأة وتوجهاتها وتصقل الحراك المجتمعي في صور شتى، فالبدايات كانت من العاصمة مسقط، ثم انطلقت لتشمل المحافظات الأخرى، وهذه الجمعيات كانت محل ترحاب من قبل المتفاعلين معها وتطورت شيئاً فشيئاً في المستقبل خاصة إنّها لم تؤطر بقوانين كثيرة ومعقدة، كما تشكل المجتمع المدني أيضا بعد ذلك ضمن إطار الأندية التي تسارع نموها في السلطنة، وهذا يعود للشغف والتعلق بكرة القدم، مما انعكس بشكل إيجابي على واقع المجتمع المدني خاصة وإن هناك توجها من الحكومة بدعم هذه الأندية والاشتغال على تفعيل أنشطتها الثقافية والرياضية والاجتماعية، لكن في الوقت ذاته واجهت أندية أخرى في السلطنة إشكاليات كبيرة في إشهارها وتفعيل أنشطتها، وهذا يعود لاعتقاد سائد في البدايات لدى البعض وخاصة وجهاء وأعيان بعض الولايات أنها أندية تأتي بالمفسدة، وهي مُضرة حسب قولهم. بعد ذلك تطور الأمر فيما يتعلق بواقع المجتمع المدني حسب رأي الأديب أحمد الفلاحي لتظهر الجمعيات المهنية كجمعية المهندسين على سبيل المثال وغيرها من هذه الجمعيات التي صدرت بشأنها قوانين تنظم سير عملها.

وفيما يتعلق بالأوقاف أوضح الأديب الفلاحي أنّ هذا الأمر شهد مراحل إيجابية وانعكس بشكل ملموس على حياة الناس، خاصة بعد سن القوانين والتشريعات التي تنظم هذا الجانب.

وتناول الفلاحي تاريخ الجمعية العمانية للكتاب والأدباء منذ تأسيسها عام 2006، وما تقوم به من فعاليات وبرامج متعددة، إلى جانب طباعة الإصدارات الأدبية والفكرية والعمل على تسويق الكاتب العماني محلياً وخارجياً، حيث أشار إلى أن فكرة إقامة الجمعية العمانية للكتاب والأدباء قد طرحت من خلال قنوات عديدة في السبعينيات، ومرّت بظروف كثيرة أجلت إشهارها على الرغم من العلاقة المتواصلة والإيجابية بين المثقف العماني والمسؤولين والقائمين على الواقع الثقافي في السلطنة.

وأكد الفلاحي أنّ مثل هذه الجمعيات تحدث حراكا كبيرا ومؤثرا، وتعمل على صقل الأفكار والأعمال التي دائما ما تدعم التوجهات التي تصب في مصلحة المؤسسات وتفعل حضورها، ومع التقدم الذي نراه حولنا أصبحت هذه الجمعيات تعمق الوعي لدى الناس وتؤكد على نضج أفكارهم وتساهم في طرح توجهاتهم وقضاياهم وهي بلا شك عوامل مساعدة للمؤسسات الرسمية المعنية بهذا المجتمع.

واستنكر الفلاحي الطريقة المتبعة في عمل بعض جمعيات المجتمع المدني في السلطنة والتي يرى أعضاء مجلس إدارتها أو منسبيها بأنها ملك شخصي لهم وكأنّها شركات خاصة لا يسمح للغير بالتفاعل معها أو الدخول إليها إلا بشروطهم.

وفي نهاية الجلسة فتح باب النقاش مع الأديب أحمد الفلاحي، والذي تركز على سير عمل جمعيات المجتمع المدني في السلطنة وعلاقة الإنسان العماني بمجتمعه والأعمال التي تنظم هذا الواقع المجتمعي.

وطالب المشاركون أن تقوم الجمعيات بدورها كاملاً وألا ينحصر هذا الدور على الجانب المهني فقط باعتبار أن هناك أدوارا مجتمعية أكبر يجب أن تفرد لها الجمعيات مساحات مقدرة باعتبار أنها جزء أصيل في ذلك الحراك.

الجدير بالذكر أنّ الجمعية العمانية للكتاب والأدباء كرمت الأديب أحمد الفلاحي، مؤخرا في حفلها السنوي كونه أحد شخصيات العام الثقافية، نظير عطائه الثقافي والأدبي، ويعد الأديب أحمد الفلاحي من المساهمين الفاعلين في التأسيس للحركة الثقافية الحديثة في السلطنة من خلال تنوع كتاباته ومشاركاته الأدبية والثقافية، ونشر الكثير من المقالات والدراسات والبحوث بالصحف والمجلات المحلية حول مجريات الحياة العمانية، فضلا عن مساهمته في تأسيس الجمعية العمانية للكتاب والأدباء مع مجموعة من الأدباء والمثقفين في السلطنة، وصدر له كتاب "حول الثقافة" عام 2007م، وهو عبارة عن مجموعة مقالات ثقافية كتبها خلال السبعينيات، وكتاب "متابعات" الذي صدر عام 2009م، و "من الحياة" عام 2011م وهي مجموعة مقالات تثقيفية نشرت بالصحف المحلية خلال ثلاثين عاما، تناول فيها بعض المفاهيم العصرية المتعلقة بحياة الناس. كما أصدر "مع الأدب العماني" عام 2011م، وهو دراسة نقدية عن الأدب العماني المعاصر. وصدرت له كذلك "تأملات"، وبطين عام 2013م وهو سيرة وصفية عن بلدة بطين، مسقط رأسه، وكتاب "عُمان في عيون زوارها".

 

تعليق عبر الفيس بوك