تأمين السيارات.. آلام وآمال

راشد بن سباع الغافري

تأمين السيارات ليس خيارًا في يد مالك السيارة إن شاء أمّنَ عليها وإن لم يشأ تركها؛ إنما هو فرض شرعته القوانين المنظمة للمركبات، وهو بلا شك بمثابة سياج حماية لقائد المركبة ومالكها من تبعات قد تكون وخيمة في حال وقوع حادث ما، وما أكثر حوادثنا التي تقع.

لكن هذا التأمين الذي يرتجى نفعه قد لا يعطي تلك النتيجة المرجوة أو الحكمة من تشريعه بسبب بعض الممارسات التي تقوم بها كثير من الشركات التي تعمل في هذا القطاع.

وفي هذا المقال نطرح بعض الهموم التي تراود كثيرًا من الناس حول التأمين الذي بات فرضًا لا مفر منه خصوصًا مع تنامي واقع العقوبات والجزاءات التي قد تُطبّق على المخالفين أو غير المُؤَمِنِين على مركباتهم لسبب أو لآخر.

 

وفي البداية ننطلق من استقبال بعض الشركات للشخص القادم لتأمين سيارته لأوَّل مرة فيها حيث السعر المرتفع لتأمين السيارة حتى وإن كانت ذات حجم صغير وحتى إن كان التأمين ضد الغير في حدود السلطنة (وصل بعضها لمبلغ اثنين وتسعين ريالاً لمركبة صغيرة قوة محركها لا تتعدى الألف وخمسمائة) وعندما تسأل الموظف لماذا هذا السعر المرتفع؟!

يرّد عليك بالقول لأنك تأتي إلينا لأوَّل مرَّة!!

 

إجابة لا تحمل في طياتها روح التنافس التجاري في جذب الزبون وإنما تسير على عكس التيار التجاري المتعارف عليه، ولا أدري ما سبب ذلك إن كان مردّه لاطمئنان هذه الشركات أن مالكي السيارات مجبرين على ذلك التأمين أو بسبب انعدام التنافس بين هذه الشركات؟!!

 

ثاني الهموم هو مبلغ المساهمة التي يدفعها مالك السيارة في حال وقوع حادث إذا ما رغب في قيام شركة التأمين بإصلاح سيارته حيث يبدأ مبلغ المساهمة من خمسين ريالا ويستمر صعودا حتى يصل إلى مائة ريال وربما أكثر وذلك وفق اشتراطات معينة وقّع عليها المُؤَمِن حتى دون أن يطلع على تفاصيلها وذلك بسبب ثقافتنا السائدة في التوقيع السريع على مايقدم لنا من أوراق لتسريع إنجاز معاملة ما.

الغريب في مبلغ المساهمة أنّ الشخص سيدفعه حتى لو لم تكن قيمة إصلاح الضرر الواقع على السيارة تصل إليه!!

ولذات السبب يُفضّل بعض من تقع عليهم الحوادث الخفيفة إصلاح المركبات على حسابهم بعيدًا عن الشركات التي أمنّت لهم!!

 وهنا نطرح سؤالا له أهميته مفاده ألا يوجد قانون يُلزم شركات التأمين بإصلاح المركبة بدون دفع المساهمة إن كانت قيمة إصلاح الضرر أقل من قيمة مبلغ المساهمة؟!

إن كان قانون كهذا غير موجود فنأمل أن يتم النظر في هذا الموضوع من جهات الاختصاص؛ وإن كان موجودا فنأمل أن تتم توعية مالكي المركبات بذلك.

 

ثالث الهموم التي نطرحها هنا هو محاولات بعض شركات التأمين للأسف التنصل من تحمل مسؤولياتها تجاه المُؤَمِنِين عندها وذلك من خلال البحث عن أيّة ثغرة في العقد المُوقّع بينهما أو في طبيعة الحادث الواقع لقائد المركبة دون أدنى مراعاة لظروف الشخص وحالته النفسية، ولهذا كثير ما تذهب بعض الحوادث للقضاء للبت فيها.

 

رابع هذه الهموم نتحدث فيه عن الحدود الجغرافية للتأمين فعند الذهاب إلى شركة ما يعرض الموظف حدود التأمين إن كان داخل السلطنة فقط أو إضافة بعض دول الجوار إليه، وإن كان شاملا أو طرفا ثالثا وهي خيارات محمودة ينتقي منها مالك المركبة ما يشاء بناء على ظروفه المادية وطبيعة تنقلاته.

وما نأمله هنا كمقترح هو أن يفسح المجال لخيار ثالث وهو التأمين في نطاق المحافظة التي يقطنها الراغب في التأمين بحيث يُخيّر بين التأمين على مستوى السلطنة بأكملها أو على مستوى المحافظة التي تتنقل المركبة فيها.

والسبب الذي يدعونا لطرح هذا الخيار هو أن بعض المركبات من الباصات والقلابات والبيكبات والصالون هي مركبات قديمة ولا يخرج أصحابها بها إلا في حدود ولاياتهم أو محافظاتهم على أبعد نطاق ومن الإجحاف معاملة هذه المركبات في سعر التأمين كالمركبات التي تقطع السلطنة طولاً وعرضا، والقصد من هذا المقترح هو تخفيف عبء التأمين المادي على المواطن حيث أن كثيرا من مالكي هذه النوعيّة من المركبات تجدهم من ذوي الدخل المحدود أو المتوسط أو أولئك الذين يستخدمونها للنقل والتحميل كمصدر رزق في حدود بلداتهم.

 

ماجاء في هذا المقال من هموم وملاحظات ليس بالضرورة أن تكون شاملة أو عامة على جميع المؤسسات العاملة في هذا القطاع، فبلا شك هناك من هذه المؤسسات من تسير بخطى أكثر التزامًا وجديّة في التعامل البّناء مع الزبون وفي تقديم التسهيلات له وفي آلية جذبه للاستمرار معها.

ومع وجود العقوبات الصارمة لمخالفي قانون تأمين المركبات فإننا نأمل أن تكون هناك حوافز بالمقابل من قبل الشركات العاملة في هذا القطاع لأولئك الذين يلتزمون بحق الطريق فلا يقعون في الحوادث، هذه الحوافز كمثل إرجاع نسبة من قيمة التأمين السابق أو الحصول على تخفيض أعلى في قيمة التأمين اللاحق.

 

ختاماً فإنّ الحافظ هو الله وعلى الجميع العمل على الأخذ بالأسباب من تنشيط للآمال وتخفيض للآلام.

تعليق عبر الفيس بوك