جريمة الرشوة (2-1)

 

 

د. أحمد العجمي

* محامي وخبير قانوني

من الجرائم المُخلة بالوظيفة العامة ولا يمكن القول بوجود مجني عليه من الأفراد ناله الضرر المُباشر بارتكاب الجريمة وإنما الحق المعتدى عليه هو المجتمع في مجموع أفراده أو الدولة باعتبارها الشخص القانوني الذي يمثل المجتمع في حقوقه ومصالحه كافة، وفي بعض الجرائم المخلة بالوظيفة العامة قد يوجد مجني عليه من الأفراد يناله ضرر بارتكابه الجريمة ولكن المشرع قد أنزل الضرر الفردي في المرتبة الثانية من اهتمامه عند استخلاص الأحكام التي تخضع لهذه الجرائم وإنما أعتد في المقام الأول بالضرر المُباشر الذي ينال المصلحة العامة.

تتميز الجرائم المُضرة بالوظيفة العامة بأنَّها أكثر أهمية من الجرائم المُضرة بالأفراد علة ذلك أنَّ ضررها الاجتماعي في الغالب جسيم يمس نزاهة الوظيفة العامة وهو حق أساسي مُنظم ويسلب الدولة وموظفيها الاحترام الذي يجب أن يحظوا به في نظر المواطنين.

والرشوة هي اتجار الموظف العام في أعمال وظيفته بتقاضيه أو قبوله أو طلبه مقابلاً نظير قيامه بعمل من أعمال وظيفته أو يعتقد خطأ أو يزعم أنه من أعمال وظيفته أو الامتناع عنه.

ولقد وضع المُشرع تعريفاً مجملاً للموظف المرتشي وفقاً لقانون الجزاء العماني بدلالة المادة 155 والتي تنص (كل موظف قبل رشوة لنفسه أو لغيره مالاً أو هدية أو وعداً أو أيّ منفعة أخرى ليقوم بعمل شرعي من أعمال وظيفته أو ليمتنع عنه أو ليؤخر إجراءه يُعاقب بالسجن من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة تساوي على الأقل ما أعطي له أو وعد به وبعزله من الوظيفة مدة يُقدرها القاضي ويعفى الراشي أو الوسيط إذا أخبر السلطة قبل الحكم بالدعوى) والمادة 156 (يعاقب الموظف بالسجن حتى عشر سنوات إذا قبل الرشوة أو طلبها ليعمل عملاً منافياً لواجبات الوظيفة أو للامتناع عن عمل كان واجباً عليه بحكم الوظيفة وبغرامة تساوي على الأقل قيمة الرشوة وبعزله من الوظيفة مؤبداً تتناول العقوبة أيضاً الراشي، كما أنها تتناول وكلاء الدعاوي إذا أرتكبوا هذه الأفعال) والمادة 157( إذا قبل الموظف الرشوة بعد قيامه بالعمل الذي توخاه الراشي يُعاقب بالسجن من ثلاثة أشهر حتى ثلاث سنوات وبغرامة تساوي قيمة الرشوة التي قبلها) والمادة 158 (يعاقب الراشي أو الوسيط بالسجن من شهر إلى سنتين إذا حاول رشوة موظف فرفضها).

ويسري حكم هذه المواد ولو كان العمل المنصوص عليه لا يدخل في أعمال وظيفة المرتشي ولكنه زعم ذلك أو اعتقد خطأ كما يسري حكم المواد ولوكان المرتشي يقصد أداء العمل أو عدم الامتناع عنه.

علة التجريم: الحق المعتدى عليه في جريمة الرشوة نزاهة الوظيفة العامة وهو حق أساسي لكل مجتمع منظم فالاتجار في الوظيفة يهبط بها إلى مستوى السلع ويجردها من سموها ويسلب الدولة وموظفيها وأشارت المحكمة العليا (يكفي أن يكون للموظف دور أو مجرد المشاركة في تحضير القرار الذي يحقق مصلحة الراشي ولو كان في صورة إبداء رأي استشاري يحتمل أن يؤثر على من بيده اتخاذ القرار (الطعن رقم 4448 إلى 449/2005 جزائي عليا جلسة 10/1/2006) .

أركان الرشوة: يستخلص من تعريف الرشوة قيامها على أركان ثلاثة صفة المرتشي كموظف عام وركن مادي قوامه فعل القبول أو الطلب وركن معنوي يتخذ دائماً صورة القصد الجنائي.

وننوه إلى أن جريمة الرشوة لا تتم إلا بانعقاد الاتفاق غير المشروع بين الراشى والمرتشي أو الوسيط بينهما في ذلك.

الركن الأول صفة المرتشي كموظف عام؛ إذ إن الرشوة هي إحدى جرائم الوظيفة العامة وجوهرها الإخلال ببعض الواجبات التي يلتزم بها من يشغل هذه الوظيفة والقانون يتطلب أن يكون المرتشي موظفاً مختصاً بالعمل موضوع الرشوة ولا يتطلب القانون في الراشي أو الوسيط أية صفة خاصة بمعنى أنه لا يلزم أن يكون أيهما موظفاً أو قائماً بخدمة عامة بخلاف المرتشي .

ويعد في حكم الموظف العام في تطبيق نصوص قانون "ج.ج" حسب تعريف أحكام المادة 154 ج.ع، موظفاً بالمعنى المقصود كل شخص عينه صاحب الجلالة أو الحكومة لقاء راتب يتقاضاه أو ندب أو انتخب لأداء خدمة عامة أو بغير بدل.

وكذلك الموظفون والمستخدمون والعمال في المصالح التابعة للحكومة أو الموضوعة تحت إشرافها أو رقابتها. وأعضاء مجالس الدولة أو الشورى أو المجالس البلدية سواء أكانوا منتخبين أو معينين. وكل شخص مكلف بخدمة عامة. وموظفو الشركات والبنوك التي تساهم الدولة فيها بأي نسبة.

 

تعليق عبر الفيس بوك