خالد بن علي الخوالدي
لا أحد يستطيع أن يؤكد لي تأكيداً جازما وصريحا أن رفع الدعم عن المشتقات البترولية لم يساهم في ارتفاع أسعار كل الأصناف والبضائع والمواد والخدمات وحتى مع الدور الكبير الذي تقوم به الهيئة العامة لحماية المستهلك إلا أن هناك ارتفاعا وارتفاعا وارتفاعا كل يوم فما كنا نشتريه من قبل بسعر مُعين تغير بالتدريج مائة بيسة وراء مائة بيسة ولن يستطيع أحد وقف ارتفاع الأسعار والضحية الأبرز هو الفقير وأصحاب الدخل المحدود والموظفون الذين يعتمدون على الراتب، واليوم سأتحدث عن صنف واحد من ارتفاع الأسعار والذي لن يستطيع أحد إيقافه.
يقال (عش دهرا ترى عجبا) وفي زماننا هذا العجب بالكثرة التي لا يتخيلها عقل، وأصحاب سيارات الأجرة أكثر من يرى العجب وهم يتفننون لبعض الأعجوبات، ومن أراد أن يسمع العجب فما عليه إلا أن يجلس مع صاحب سيارة أجرة يتحدث معهم أو يتابع أمورهم عن قرب.
أخبرني صديق أثق فيه ثقة كبيرة عن حادثة غريبة وعجيبة ما كانت تحدث قبل ارتفاع أسعار وقود السيارات تتلخص في رغبته باستئجار سيارة أجرة لنقل أحد ضيوفه القادمين إليه من خارج السلطنة من ولاية صحار إلى مطار مسقط الدولي بعد انتهاء مدة زيارته وبالفعل خاطب صاحب سيارة الأجرة وكان يعرف السعر مسبقاً إلا أن صاحب سيارة الأجرة فاجأه بأن السعر يختلف بالليل عن النهار بمعنى من تسلم الشمس وتغيب عليك أن تدفع زيادة 50% عن سعر النهار ووافق صديقي على مضض نتيجة عدم وجود الوقت الكافي لمخاطبة سائق آخر، وزاد الطين بلة أنّه طلب مبلغا إضافيا قدره ريالين للحقيبة التي يحملها بطل القصة والتي ستوضع أصلاً في حقيبة السيارة (الدبة) ومع إصرار صاحب السيارة رضخ صديقي للطلب وأخبره بأنه سيعطيه المبلغ دون علم قريبه حتى لا يأخذ صورة عن البلد غير طيبة من خلال موقف شخص واحد فتم الاتفاق وعندما وصل بطل القصة إلى المطار أخبره صاحب سيارة الأجرة بأن عليه أن يدفع ريالين زيادة عن قيمة مكوث الحقيبة في دبة السيارة فرفض الضيف بحجة أن هذا خارج الاتفاق ولم يدر أن قريبه قد دفع المبلغ مسبقًا.
من خلال هذه القصة القصيرة يتضح أن بعض أصحاب سيارات الأجرة يمارسون أعمالا استغلالية تضر بالسياحة وحركة النقل في البلاد من خلال تصرفات فردية لا تمت لا من قريب ولا بعيد عن ما عرف واشتهر به العماني من الكرم والنخوة والشهامة ولين الجانب ودماثة الخلق والابتسامة الدائمة، فالزائر والضيف تكون بوابته الأولى في دخوله إلى البلد عبر بوابة صاحب سيارة الأجرة ويتشكل لديه صورة نمطية حسنة أو سيئة وانطباع طيب أو غير طيب عن البلد وأهلها من خلال تعامله مع سائق سيارة الأجرة، لذا تعمد بعض الدول إلى تقديم دورات تدريبية ومحاضرات لتوعية هذه الفئة من المجتمع لتقمص الدور الحقيقي الذي يقدم البلد بصورة طيبة أمام زوارها فكم من سائح أو زائر كره بلدا معينا رغم ما يتمتع به من ثراء طبيعي وسياحي وتراثي بسبب موقف من صاحب سيارة أجرة وقفل راجعًا إلى بلده في نفس اليوم أو في أقرب فرصة.
وبعيدًا عن السياح والزوار يعاني المواطنون والمقيمون من تصرفات بعض أصحاب سيارات الأجرة فماذا يعني أن سعر النهار غير سعر الليل؟ وماذا يعني تحكم سائق سيارة الأجرة في تحديد الأسعار حسب الكيفية والرغبة والأهواء الشخصية؟ ألا توجد قوانين وإجراءات تحمي مستخدمي الطريق وطالبي خدمة النقل!
إن هناك قصصا كثيرة ومواقف قد تكون أشد من هذا يكون أطرافها أصحاب سيارات الأجرة الذين هم واجهة البلد وعليهم أن ينقلوا صورة طيبة عن السلطنة وأهلها الطيبين والمتسامحين، ودمتم ودامت عمان بخير.