رائعة "بحيرة البجع" ثلاث ليالٍ متوالية في دار الأوبرا السلطانية

...
...
...

ضمن فقرات "موسم الفنون الرفيعة" تقدم دار الأوبرا السلطانية ثلاث حفلات متتالية في نهاية سبتمبر الجاري باليه “بحيرة البجع”، ليالي (28/29/30) والذي يعتبره بعض مؤرخي الفنون الحديثة أعظم باليه على مرّ العصور، وتعد "بحيرة البجع" للموسيقار العظيم "تشايكوفسكي" تجسيدًا للصراع الأبديّ بين (الشر، والخير)، وسوف تؤديها فرقة (أوبرا أستانا) بقيادة جوسيب أكافيفا، ومصممة اللوحات الراقصة ألتيناي أسيلموراتوفا، وستعزفها أوركسترا مسرح "كارلو فيليتشه" المرموقة في جينوفا.
ومن الملفت للنظر أن فرقة مسرح “أوبرا أستانا” العريق في كازاخستان تقدم باليه “بحيرة البجع” برؤية وإخراج كلاسيكيّ ، تصاحبه أوركسترا مسرح “كارلو فيليتشه” في جنوا. غير أنّ الطابع الرومانسي المهيب سوف يلاحظه جمهور الأوبرا ومشاهدي العروض على مدار ثلاث ليالٍ متتالية من تناغم مناظر المصمم الإيطالي المميز إتسيو فريجيريو مع ملابس أبطال العرض التي اشتغلت على تصميمها "فرانكا سكوارشابينو" حائزة جائزة الأوسكار والمرشحة في الآونة الأخيرة لنيل جائزة “طوني”.
ويعد باليه "بحيرة البجع" أحد أهم إنجازات المدرسة الكلاسيكية في القرن التاسع عشر، وواحدًا من أكثر الباليهات المحبوبة والرائجة في كل العصور. الموسيقى الجميلة المميزة من تأليف الموسيقار العظيم بيوتر إليتش تشايكوفسكي، وتعزفها أوركسترا مسرح "كارلو فيليتشه" المرموقة في جينوفا، بقيادة ، جوسيب أكافيفا. ينعكس الأسلوب المتفرد لهذا الإنتاج الاستثنائي في الرقصات المبدعة، والمناظر الساحرة، والازياء المبتكرة.
الجدير بالذكر أن هذا العرض الأوبرالي لم يحقق نجاحا إلا عام 1895، عندما عرضه في سانت بطرسبورغ، حيث تم الاشتغال على إدخال العديد من التعديلات فطال التعديل بعض المقاطع الموسيقية من قبل ريكاردو دريغو، بموافقة موديست شقيق بيوتر تشايكوفسكي الأصغر.
وحول أصل قصة «بحيرة البجع». فإنَّ بعض مؤرخي الفنون قالوا بأنها مستوحاة من قصة رائعة بعنوان «الوشاح المسروق» للكاتب الألماني "يوهان كارل أوغست موساوس. بينما أكد بعض مؤرخي الفنون الأوربيّة بأن الأركان الأساسية للحكاية مستوحاة من قصة شعبويّة في الأدب الروسيّ بعنوان «البطة البيضاء». غير أنّ معظم مؤرخي الفنون وخاصة من معاصري تشايكوفسكي توافقوا على أنّ قصة باليه (بحيرة البجع) تستلهم حياة الملك البافاري لودفيغ الثاني (1864 1886)، الملقّب بـ (ملك البجع).
وإذا ما عدنا إلى الباليه والحكاية الراقصة سنجد ملخص القصة يدور حول بحيرة تكوّنت من دموع (أم) حلَّت على ابنتها الجميلة "أوديت" لعنة الساحرة الشريرة فتحوّلت إلى بجعة بيضاء رشيقة أثناء النهار "تسبح في بحيرة الدموع"، ومع دخول "الغسق" ومجيء الليل، تعود "أوديت" إلى صورتها الآدمية وتتحول إلى ملكة جمال آسرة في عين الأمير، الذي يعتبر طوق نجاة لها وخلاصها الوحيد من طلاسم الساحرة الشريرة، ولن يتحقق هذا إلا إذا أعلن حبّه لها وأقسم بالولاء الأبدي.
وإذا ما راجعنا التفاصيل سنجد قصة «بحيرة البجع» مبنيّة على حكاية التي تتحدث عن (الأمير سيغفريد)، الذي ذهب إلى الغابة في رحلة لاصطياد الطيور، وعلى شاطيء البحيرة، أخذ يجهّز (قوسه وسهامه) لاصطياد بجعة بيضاء جميلة. وفي اللحظة التي يقرر فيها إطلاق سهمه تتحول البجعات إلى "حوريات بشرية فائقة الجمال". غير أنّ بجعة واحدة فقط هي الأكثر "جمالاً ورهافة"، لكنها بسبب لعنة الساحرة الشريرة، لا تستطيع استعادة، سماتها الإنسانية، وخلاصها الوحيد هو أن تقع في حب شاب تتزوجه ويقسم على الولاء الأبدي لها.
يتعرّف الأمير سيغفريد على مأساتها، ويعدها  بالزواج ويعلن لها حبه ويؤكد لها أنه سيساعدها على استعادة إنسانيتها. لكنه يحنث في وعده ويقع اختياره على بجعة/ فتاة حسناء أخرى. وأثناء الاستعدادات والتجهيزات لحفل خطوبته، يرنُّ في أذنيه صراخ عصفور يُذكِّره بوعده لأميرة البجع. ولكن في تلك اللحظة يكون قد فات الأوان فيتوجه إليها، طالباً المغفرة لعدم وفائه لكن في مثل هذا الأمر لا يمكن التسامح أبدا. فـ«خيانته» لها قضت عليها، وحالت «إلى الأبد» دون استعادتها إنسانيتها. فكيف يمكنها أن تسامحه وقد أضاع عليها فرصتها الوحيدة؟ وعندما يعجز (الأمير سيغفريد) عن نيل غفران أميرة البجعة، يغرق في حزنه. وفي لحظة موت مطلق، يهرع فينتزع تاج الأميرة البجعة من على رأسها، وهو يعرف جيدا أن هذا التاج يحميها من الهلاك غرقاً، و"هكذا تغرق الأميرة البجعة ويغرق هو معها، فيما من بعيد تواصل البجعات الحسناوات رقصهن على إيقاع موسيقى النهاية".

تعليق عبر الفيس بوك