الطلاب يستغيثون من "جبل الواجبات".. والمعلمون يتحدثون عن تنمية مهارات البحث والاستذكار

الرؤية - ناصر العبري

يشكو طلاب المدارس من كثرة الفروض المنزلية التي يطالبهم بها المعلمون في مختلف المواد، خاصة في الصفوف العليا، وهو ما يعتبرونه حملا ثقيلا تنوء به الجبال؛ نظرا لضيق الوقت المخصص للاستذكار في المنزل، فيما يتعلل المعلمون بأنهم ينشدون من وراء الفروض المنزلية تنمية مهارات البحث لدى الطلاب، وتعزيز الاستذكار لديهم.

ولا تخلو الفروض المنزلية من بعض المصاعب، كما يقول الطلاب، بل إنها في أحيان مختلفة تتضمن نقاطا من خارج المنهج الدراسي المقرر عليهم؛ ما يدفع الطلاب للاستعانة بمصادر خارجية مثل الإنترنت، أو أن يقوم أحد أفراد العائلة كالأخ الأكبر أو الوالدين بمساعدته، وربما إنجاز الفرض المنزلي بدون الطالب نفسه!

ويقول الدكتور محفوظ بن سليمان بن مبارك الشيادي: إن الواجبات المنزلية من الخطأ تأخيرها لنهاية الأسبوع، فهذه طريقة غير صحيحة، إنما الواجب متزامن مع أيام الدراسة؛ حيث يعطى في ضوء عناصر المادة والتدريب على المخرجات المطلوبة في كل عنصر بشكل مستمر. وليس الواجب لأجل الواجب؛ لذا على ولي الأمر متابعة الوثائق الموجودة في البوابة التعليمية ليتعرف على المطلوب من ابنه.

وأضاف الشيادي بأنه بالنسبة للمطالب، فقد تم مراعاة ذلك وتضمينه في الوثائق، والتشديد على عدم قيام التلميذ بشراء أي مواد يطلبها تقريره، أو مشروعه، وإنما يقدمها بخط يده أو المواد المتوفرة في بيئته إن تطلب نشاطه مواد معينة. وعلى ولي الأمر رفع أي ممارسة مخالفة لذلك للمعنيين كمدير ومديرة المدرسة.

عبء على الطالب

وبدورها، تقول الطالبة ملاك عادل علي العلي: إن الواجبات المدرسية قد تكون مفيدة للطالب، لتثبيت المعلومات واستذكار ما أعطاه المعلم في حصته. ولكن بعض المعلمين يثقلون كاهل الطالب بإعطائه الكثير من الواجبات المدرسية؛ منها: الصعبة التي تتطلب البحث في بداية العام الدراسي، وتصبح عبئاً عليهم، وربما تكون سببا في كراهيتهم للمدرسة، وعلى نهاية الأسبوع يأتي الطالب وهو مثقل بالواجبات المدرسية بحجة أن لديه الوقت الكافي لإتمامها في نهاية الأسبوع، ولكن هذا خطأ فمن الأهمية أن يحصل الطالب على وقت كافٍ للراحة. وأضافت: قرأت ذات مرة أن في بعض دول الغرب، المعلم يعطي الطالب الواجب المنزلي كعقاب له إذا فعل شيئا خاطئا، ولكن ماذا عنا نحن؟ وأيضاً بعض المعلمين -خصوصا معلمي الحلقة الأولى- يطلبون من طلابهم أشياء قد تكون غير مقررة عليهم كطلاب، مثل زينة الفصل أو إعداد الحفل في المدرسة، وذلك يزيد من الأعباء على كاهل أولياء الأمور، خاصة من لديهم أكثر من ابن في المدرسة، ويكون ولي الأمر غير قادر على الوفاء بهذه المتطلبات.

وقال محمد عيد إبراهيم البلوشي: هناك جوانب سلبية وإيجابية؛ فالواجب المنزلي يفيد الطالب في استذكاره للدروس التي يتلقاها في الحصة، ولكن الجانب السلبي في الموضوع أن هناك بعض المعلمين -وهؤلاء أقلية- يضعون الطلاب في حالة ضغط من خلال التكليف بواجبات كبيرة تؤثر على الإجازة، ولكن أيضا من الجهة الأخرى يجب على الطلاب أن ينظموا أوقاتهم بحيث ينتهوا من مقرراتهم قبل بدء الإجازة، ولهذا يجب وضع رقابة على المعلمين بشكل عام، وعلى هذه الفئة بالتحديد من قبل إدارة المدرسة أولا، وأولياء الأمور ثانيا.

وقالت المعلمة عبير سعيد محمد الربيعية: يعاني الطلاب من ضغوط الواجبات المنزلية، والتي قد تكون أحيانا وكأنها موجهة لأولياء الأمور؛ لأنها قد تفوق طاقة وقدرات الطالب كما وكيفا، وبالتالي يسود التوتر في الأسرة والمشاحنات؛ فهي تقف حائلا بين الطالب وبين ممارسته لأنشطته اليومية أو ممارسة هواية معينة، وكذلك يواجه صعوبة في التواصل الأسري؛ كونه ينخرط بعد عودته من المدرسة في أداء الواجبات المكلف بها. وأضافت: أرى أنه من الأفضل حل التمارين في المدرسة؛ ليكون التنافس بشكل أكبر وبجهد ذاتي، وأن يكون البيت لممارسة جوانب وأنشطة أخرى والتفرغ لاستذكار ما تم دراسته خلال ذلك اليوم أو الأسبوع. بعض أولياء الأمور يصعب عليهم تلبية متطلبات أبنائهم التي غالبا ما تفوق قدرات الأهل ماديا ومعنويا، وهذا بالتالي قد يسبب ضغوطا نفسية وإحراجا أمام أبنائهم، وقد يؤثر سلبا على تواصل الطالب مع أقرانه ومعلميه، واحتمالات تدني المستوى التحصيلي؛ كونه غير قادر على تلبية ما طلب منه.

بين مؤيد ومعارض

وقالت زينب بنت محمد الشقصية: هذا الأمر يقف بين مؤيد ومعارض، لكن يبقى أن الواجب المنزلي له دور أساسي وفعال في زيادة المعرفة بالمنهج الدراسي، ولكن يجب ان يكون بالقدر المعقول، وعلى المدرس أن يركز على الجزء الأساسي، والمهم في الدرس -خاصة ما يصعب فهمه بعد الشرح الوافي- وأن يدعم الطالب بواجب حتى يلمس مدى استيعابه لهذا الدرس. لكن نلاحظ أن المعلمين أصبحوا يعطون الطلاب الواجبات الكثيرة، خاصة يومي الجمعة والسبت، والتي قد تحتاج إلى ساعات طويله لحلها؛ حيث يثقل عليه ذلك، إضافة لحاجته إلى أن يرتاح أو يمارس هواياته أو حتى للتواصل مع أسرته وأقرانه. وهنا، تكمن المشكلة، وتتصاعد النبرات المعارضة؛ حيث لابد أن تكون الواجبات قليلة ومفيدة تؤتي ثمارها وترسخ المعلومة بصورة أكبر، فالتعليم لن ينجح بإنهاك الطالب في حل الواجبات، ونحن ندعم دائما ما هو أفضل ولمصلحة الطالب، ولكن ندعم أيضاً صحته وراحته النفسية والجسدية.

ويشكو أولياء الأمور من تزايد طلبات المدارس.. مشيرين إلى أنها باتت تشكل عبئاً على ميزانية الأسرة، خاصة مع وجود أشياء غريبة لابد من توفيرها، وقد تكون تعجيزية، وتتطلب عناء كبيرا، وقد يجبر ولي الأمر على تنفيذها رغم عدم قدرته، والبعض يتساءل عن مدى أهمية تلك الطلبات، وما يمكن أن تضيفه إلى الطالب!! وهناك اقتراح يقضي بأن تقوم وزارة التربية والتعليم بتوفير ما يحتاجه الطالب، وأن تتحمل المسؤوليات كجزء من العملية التعليمية.

وقالت أفراح بنت علي البوسعيدية: إن عالم التربية والتعليم يتجدد مع تطور العصر، وهذا يتطلب التوازن بين تفكير الطالب وما يدرسه؛ لأن التغيير في كل مجالات الحياه يتطلب من المعلم والمنهج تغيير أنماط التعامل مع الطالب وسبل إيصال المعلومات التربوية بطرق تشد انتباهه وتركيزه طول اليوم، نعم الواجبات المدرسية ضرورية لمراجعة ما يتلقاه طول اليوم من أجل تثبيت المعلومة في الذهن، ولكن من وجهة نظري يجب تغيير منهجية إعطاء الواجبات، والاتجاه للتجديد، وطرح أفكار إبداعية تجعل الطالب يتحمس لحل الواجب. وأشارت إلى أن بعض أولياء الأمور يشكون من كثرة الواجبات؛ لأنهم لا يتحملون الجلوس مع أبنائهم مدة طويلة للمساعدة في حلها، والطالب لا يتحمل، ولكن على العكس إذا لم تكن هناك واجبات، فالطالب لن يفتح كتبه، ولن يذاكر، وهذا ما يشهده الواقع التعليمي في منازلنا.

تعليق عبر الفيس بوك