"المقاومة الإسلامية".. أفرزتها الانتفاضة الأولى وحاصرها الأمر الواقع

الرُّؤية - الوكالات

تعدُّ حركة حماس أكبر الجماعات الإسلامية الفلسطينية، واسمها هو اختصار لحركة المقاومة الاسلامية، وكانت قد انطلقت في العام 1987 بعد الانتفاضة الفلسطينية الأولى ضد الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة. وتعمل حركة حماس على مساريْن متوازييْن: الأول هو الكفاح المسلح ضد إسرائيل من خلال جناحها العسكري، كتائب عز الدين القسام، والمسار الثاني من خلال العمل الاجتماعي.

ومنذ العام 2005 وهي تشارك في العملية السياسية حيث فازت عام 2006 في الانتخابات (وذلك قبل تعزيز سلطتها في غزة من خلال الإطاحة بمنافسيها من حركة فتح). وتعتبرها إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا وقوى أخرى جماعة إرهابية، فوفقا لميثاقها تتعهد الجماعة بتدمير دولة إسرائيل.

وبالنسبة لأنصارها، فإنَّ حماس حركة مقاومة مشروعة. وفي مايو 2017 نشرت حماس وثيقة سياسية جديدة للمرة الأولى منذ تأسيسها أعلنت فيها عن رغبتها في قبول دولة فلسطينية مؤقتة في حدود ما قبل عام 1967 دون الاعتراف بإسرائيل، ولم تكرر اللهجة المعادية لليهود التي وردت في ميثاقها. وكانت حماس قد حققت عام 2006 فوزا مفاجئا في المجلس التشريعي الفلسطيني، ولكن تصاعد التوتر مع منافسيها في حركة فتح، الفصيل الرئيسي في السلطة الفلسطينية، والتي يتزعمها رئيس السلطة محمود عباس.

واندلعتْ اشتباكات شرسة بين حماس وفتح في غزة في يونيو عام 2007، والتي على أثرها أقامت حماس حكومة منافسة في غزة، في حين تدير حكومة السلطة وفتح المناطق غير الخاضعة لإسرائيل في الضفة الغربية. وتلقي إسرائيل على حماس بمسؤولية كل الهجمات التي تتعرض لها من قطاع غزة الذي شنت ضده ثلاث عمليات عسكرية رئيسية في أعوام 2008 و2012 و2014. ومثلت تلك العمليات ذروة التصعيد عبر الحدود من خلال هجمات صاروخية من غزة وغارات جوية إسرائيلية.

وتعرَّضتْ حماس للحصار في غزة من قبل إسرائيل ومصر كما مثلت الإطاحة بالرئيس المصري السابق محمد مرسي في يوليو عام 2013 ضربة أخرى لها. وفي العام 2014، وافقت حماس على اتفاق مصالحة مع فتح يؤدي لتشكيل حكومة وحدة وطنية، ولكن هذا الاتفاق لم يتم إنجازه أبدا. ورغم العمليات الإسرائيلية العديدة ضدها والقيود التي فرضتها عليها السلطة الفلسطينية فقد عبرت حماس عن معارضتها لأوسلو من خلال شن هجمات انتحارية.

وفي فبراير ومارس عام 1996 نفذت العديد من هجمات التفجير الانتحارية في الحافلات مما أسفر عن مقتل 60 إسرائيليا، وذلك ردا على اغتيال صانع القنابل في حماس يحي عياش في ديسمبر عام 1995. وأسفرت تلك التفجيرات عن انصراف الإسرائيليين عن عملية السلام وفوز بنيامين نتانياهو، وهو معارض أيضا لأوسلو، بالسلطة في إسرائيل.

وبعد فشل قمة كامب ديفيد عام 2000، والانتفاضة الفلسطينية الثانية التي أعقبتها، حازت حماس المزيد من النفوذ. وفي تلك الفترة أقامت الحركة عيادات ومدارس لخدمة الفلسطينيين الذين شعروا بالخذلان إزاء عجز وفساد السلطة الفلسطينية التي تهيمن عليها حركة فتح. ورحب العديد من الفلسطينيين بموجة الهجمات الانتحارية التي شنتها حماس في السنوات الأولى للانتفاضة الثانية، حيث اعتبروها عمليات "استشهادية" انتقاما لخسائرهم ولقيام إسرائيل ببناء مستوطنات في الضفة الغربية التي يريدها الفلسطينيون كجزء من دولتهم.

وبعد وفاة زعيم فتح ياسر عرفات في العام 2004، تولى رئاسة السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي اعتبر أنَّ هجمات حماس الصاروخية تأتي بنتائج عكسية؛ حيث لا تسبب سوى خسائر محدودة لإسرائيل، في حين تؤدي إلى رد فعل عنيف من قبل الجيش الإسرائيلي. وعندما حققت حماس فوزا كاسحا في انتخابات عام 2006 أدى ذلك لنزاع سلطة مرير مع فتح. وقاومت حماس كل الجهود لإقناعها بتوقيع الاتفاقيات الفلسطينية مع إسرائيل، كما رفضت الاعتراف بشرعية إسرائيل أو إدانة العنف.

ويصفُ ميثاق حماس فلسطين التاريخية -بما في ذلك إسرائيل الحالية- بأنها أرض إسلامية، واستبعدت الحركة أي اتفاق سلام دائم مع الدولة اليهودية. كما دأب الميثاق على مهاجمة اليهود كشعب مما أدى لاتهام الحركة بأنها معادية للسامية. ومع ذلك، عرضت الحركة هدنة مدتها 10 سنوات مقابل انسحاب إسرائيلي كامل من أراض احتلتها عام 1967 وهي الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، ولكنها تصر على ضرورة السماح لملايين اللاجئين الفلسطينيين الذين غادروا بعد حرب 1948 بالعودة.

وعبر السنين، خسرت حماس العديد من أعضائها في اغتيالات وعمليات أمنية؛ وهم: الشيخ أحمد ياسين الذي قتل في هجوم صاروخي في مارس عام 2004، وعبدالعزيز الرنتيسي الذي ظهر كزعيم لحماس قبل اغتياله في أبريل عام 2004. ومن زعماء حماس البارزين الذين قتلتهم إسرائيل أيضا صلاح شحادة زعيم كتائب القسام في يوليو عام 2002، وإسماعيل أبو شنب في أغسطس عام 2003، وسعيد صيام في يناير عام 2009، وأحمد جعبري قائد كتائب القسام في نوفمبر عام 2012. وبعد مقتل الرنتيسي أصبح خالد مشعل الزعيم السياسي للحركة في المنفى، وخلفه إسماعيل هنية المقيم في غزة في مايو عام 2017.

وبعد فوز الحركة في انتخابات عام 2006، تعرضت حكومة حماس للعديد من العقوبات السياسية والاقتصادية من قبل إسرائيل وحلفائها الغربيين. وعقب إطاحة حماس بفتح من غزة، شددت إسرائيل حصارها على القطاع وتواصلت الهجمات الصاروخية والغارات الجوية عبر الحدود.

وتقول مصادر فلسطينية إنه ومنذ العملية العسكرية الإسرائيلية عام 2014 تحاول حماس الحفاظ على الهدوء؛ حيث لم تشارك كتائب القسام في هجمات صاروخية على إسرائيل. ولكن حماس لم تتحرك أيضا لوقف الهجمات الصاروخية؛ حيث بدا واضحا أنها تشعر بالقلق من أن يعتبر الفلسطينيون أنها أقل التزاما بقتال إسرائيل من جماعات متشددة أخرى كالجهاد الإسلامي على نحو خاص.

تعليق عبر الفيس بوك