الأمم المتحدة تحث زعيمة بورما على تسوية الأزمة فورا تجنبا لـ"مأساة مروعة"

بنجلاديش تفرض قيودا جديدة على تحركات مسلمي الروهينجا بين السكان المحليين

 

عواصم - الوكالات

قالَ الأمينُ العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، إنَّ الفرصة لا تزال سانحة أمام زعيمة ميانمار (بورما) أونج سان سو تشي، لوقف اعتداءات الجيش التي أدَّت لنزوح مئات الآلاف من أقلية الروهينجا المسلمة إلى المناطق الحدودية. وأضاف بأنَّه "ما لم تتخذ (سو كي) إجراءات، ستكون المأساة مروعة". وحذرت الأمم المتحدة من أنَّ اعتداءات الجيش من الممكن أن تتطور إلى تطهير عرقي.

من جهتها، قالت السلطات في ميانمار إنها ترد على الهجمات الدامية التي تعرضت لها مراكز الشرطة الشهر الماضي على يد مسلحين، نافية استهدافها المدنيين. وشنت قوات الجيش هجمات على ولاية راخين بعد أن تعرضت مراكز الشرطة في الولاية الواقعة شمال البلاد. وأكَّد جوتيريش أن زعيمة ميانمار لديها فرصة أخيرة لوقف اعتداءات الجيش أثناء خطابها للشعب الثلاثاء المقبل.  وأضاف بأنَّه "ما لم يتغير الموقف الآن، أعتقد أن المأساة ستتخذ منحى مروعا، ولسوء الحظ، لا أرى إمكانية لتغيير الموقف الحالي في المستقبل". وشدد الأمين العام للأمم المتحدة على ضرورة السماح لأقلية الروهينجا بالعودة إلى دياره. وأشار إلى أنَّ الجيش في ميانمار "لا تزال له اليد العليا" في البلاد؛ مما يدفع الأمور في اتجاه استمرار ما يحدث على أرض الواقع في ولاية راخين في الوقت الراهن.

وتواجه سو تشي الزعيمة في ميانمار الحائزة على جائزة نوبل للسلام، والتي قضت سنوات عدة قيد الإقامة الجبرية في منزلها بسبب مواقفها المؤيدة للديمقراطية، انتقادات على نطاق واسع بسبب قضية الروهينجا. كما لن تحضر سو كي الاجتماع المقبل للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، مرددة أن الأزمة تتفاقم بسبب "جبال من التضليل". وأضافت بأنَّ حدة التوترات ارتفعت بسبب أخبار كاذبة تروج لصالح "الإرهابيين".

ويأتي تحذير جوتيريش بعد إعلان السلطات في بنجلاديش إنها تحد في الوقت الحالي من تحركات حوالي 400 ألف من أقلية الروهينجا المسلمة نزحوا الأسبوعين الماضيين إلى المنطقة الحدودية مع بنجلاديش سعيا للملاذ الآمن. وقالت الشرطة في بنجلاديش إنَّ لاجئي الروهينجا لن يُسمح لهم بالانتقال إلى أي مكان آخر بخلاف المنازل التي خصصت لهم، حتى ولو كان الغرض من الانتقال هو الإقامة مع الأسرة أو الأصدقاء.

وصدرتْ تعليمات تحثُّ مُؤسسات النقل والمواصلات والسائقين على عدم تقديم الخدمات للاجئين، كما حثت السلطات ملاك المنازل في بنجلاديش على عدم تأجير منازلهم للروهينجا. كما أعلنت السلطات في بنجلاديش أنها بصدد بناء ملاجئ للنازحين تتسع لأكثر من 400 ألف شخص بالقرب من مدينة كوكس بازار.

ويرى محللون أنَّ هذه التعليمات تستهدف الحيلولة دون اندماج اللاجئين وسط السكان في بنجلاديش، وإبقاءهم تحت أعين السلطات على أمل إعادتهم إلى بلادهم، أو إرسالهم إلى أي بلد آخر في المستقبل.

وشنت ميليشيات من أقلية الروهينجا في 25 أغسطس الماضي في ولاية راخين الواقعة شمال ميانمار؛ مما أدى لمقتل 12 من قوات الأمن. وروى بعض الفارين من ميانمار من أقلية الروهينجا بي.بي.سي في وقت سابق بممارسات القتل، والاغتصاب، وحتى المذابح التي تعرضوا لها في ولاية راخين، وهو ما تأكد من رواية طاقم بي.بي.سي في الولاية؛ إذ أكدوا أنهم رأوا منازل متفحمة هناك.

واتهم تقرير جديد صادر عن "هيومان رايتس ووتش"، الجمعة الماضية، جيش ميانمار بارتكاب جرائم "تطهير عرقي"، مؤيدا اتهاماته بقائمة من القرى المستهدفة التي تعرضت لهجمات تضمنت حرق الكثير من المنازل.

وفي المقابل، يُحمِّل المسؤولون في ميانمار "المتمردين" من الروهينجا مسؤولية أحداث العنف التي تشهدها البلاد وسط دعوات من زاو هاتي المتحدث باسم الحكومة، لمن فقدوا منازلهم باللجوء إلى أماكن إيواء تعدها السلطات في ولاية راخين. ورغم ذلك، أكد هاتي أنه لا يمكن السماح لكل من فروا إلى بنجلاديش بالعودة إلى ميانمار. وأفادت الأمم المتحدة بتزايد كبير في عديد الفارين من ميانمار من مسلمي الروهينجا إلى بنجلاديش منذ الشهر الماضي، ووصفت الأزمة بأنها قد تصب في إطار "التطهير العرقي".

واتهمت جماعات حقوق الإنسان الجيش في ميانمار بإحراقه قرى الروهينجا، إلا أنَّ الجيش ينفي استهداف المدنيين مشيراً إلى أنه يحارب الميليشيات.

وفي غضون ذلك، نشب خلاف دبلوماسي جديد بين بنجلاديش وميانمار على خلفية مزاعم اختراق أجواء بنجلاديش الأسبوع الماضي. وقالت الشرطة في بنجلاديش -في بيان لها- إنَّ لاجئي الروهينجا لا يُسمح لهم بالتنقل إلى أي مكان غير الأماكن المخصصة لهم، ولا يسمح لهم بالعيش مع أي عائلة قريبة منهم أو مع أصدقاء لهم. ولا يُسمح لشركات النقل وسائقي الشاحنات بنقل اللاجئين، كما تم تنبيه مالكي الشقق بعدم تأجير بيوتهم للروهينجا.

واتهمت منظمة العفو الدولية جيش ميانمار بزرع ألغام أرضية على الحدود مع بنجلاديش التي تفر إليها أعداد كبيرة من أقلية الروهينجا المسلمة جراء أعمال العنف. وتقول منظمة العفو الدولية إنها حصلت على شهادات لشهود عيان وتحليلات من خبراء في مجال الأسلحة تؤكد زرع الألغام. ويعتقد أن الغرض من زرع الألغام هو الحيلولة دون عودة الروهينجا إلى ميانمار.

وكانت السلطات البنجلاديشية أثارت، الأسبوع الماضي، المزاعم نفسها بناء على أدلة مصورة وشهادات عناصر فرق المراقبة. وينفي جيش ميانمار اتهامات بارتكاب أعمال وحشية ضد مسلمي الروهينجا، ويؤكد على أنه يقوم بمداهمات لمواجهة إرهابيين في إقليم راخين.

تعليق عبر الفيس بوك