المخلفات.. كارثة بيئية

تمثل قضية القضاء على المُخلفات البيئية مُعضلة حقيقية أمام المعنيين بحماية البيئة، لما تتسبب فيه من تلوث يصعب السيطرة عليه في كثير من الأحيان، ولعل أبرز أنواع هذه المخلفات وأشدها فتكاً بالطبيعة، المُخلفات الصلبة والبلاستيكية، لما تحدثه من آثار تمثل اعتداءً صارخاً على الحياة بشكل عام.

الأزمة الحقيقية في هذه المخلفات، أنَّها تتسبب في العديد من الأمراض والأوبئة، فضلاً عن تشويه المظهر الجمالي للمدن، فالكثير من الأمراض ينجم عن تكدس مُخلفات بعينها في مواقع قريبة من التجمعات البشرية، علاوة على أنَّ بعض المرادم التي تستوعب هذه المخلفات قد تكون هي الأخرى مصدرًا للتلوث والعدوى وانتقال الأمراض، إذا لم يتم إنشاؤها وفق معايير وضوابط صارمة.

ولا شك أنَّ الإنسان هو المسؤول الأول عن المُخلفات، لذا فإنَّ أي دور توعوي يغفل غرس ثقافة الحفاظ على البيئة وحمايتها من التلوث، لن يجدي نفعاً، ولن يحقق أثرًا حقيقياً في مسيرة حماية البيئة. وخيرا تفعل المؤسسات المعنية عندما تنظم حملات توعوية وبرامج تثقيفية تستهدف طلاب المدارس، لا سيما في المراحل التعليمية الأولى، تحثهم فيها على الاهتمام بالبيئة وصونها، من خلال عدم إلقاء المخلفات إلا في المواقع المخصصة لها، والمشاركة في حملات التنظيف التي يتم تنظيمها بين الفينة والأخرى.

الإحصاءات والأرقام تؤكد أنَّ بعض المخلفات تستغرق مئات السنين حتى تتحلل، وخلال هذه السنوات الطويلة تأتي أجيال وتذهب أخرى، فيما تبقى هذه المخلفات جاثمة على صدر الطبيعة، موغلة في قلبها النابض بالحيوية، فتستحيل إلى ممات، وتذبل النباتات، وتتقلص مساحة الغابات، وتتراجع معدلات المياه الصالحة للشرب.

وهناك العديد من الحلول التي وضعتها المؤسسات والمنظمات المعنية بحماية البيئة، يتصدرها عمليات إعادة التدوير، والتي تسهم في توفير مردود اقتصادي على العاملين في القطاع، وكذلك تضمن التخلص الآمن من هذه المخلفات، وفق طرق علمية حديثة تكفل تفادي إنتاج أي ملوثات خلال عملية التخلص من المخلفات.

إنَّ الجهود المجتمعية ينبغي أن تتضافر مع التحركات المؤسساتية من قبل الدولة، للحد من التلوث الناتج عن المخلفات البيئية، وتشمل هذه الجهود دور الأسرة والمدرسة ودور العلم والعبادة، ومؤسسات المجتمع المدني ووسائل الإعلام، حتى نرفع في النهاية شعار "بيئة نظيفة بلا مخلفات".

تعليق عبر الفيس بوك