قراءة في تاريخ الدراما العمانيّة (1)

شيخة الفجريّة
منذ سبعينيات القرن المنصرم، كانت بداية كتابة النص الدرامي الإذاعي والتلفزيوني، على يد فنانين متحمسين لفكرة تأسيس الدراما الإذاعية والتلفزيونية في السلطنة، مع افتتاح الإذاعة والتلفزيون، منهم الفنان الراحل جمعة الخصيبي، والفنان صالح زعل، والفنان المخرج  أمين عبداللطيف، ومجموعة من الفنانين العمانيين، الذين كتبوا النص الدرامي(الإذاعي والتلفزيوني والمسرحي والسينمائي)، وصنعوا تاريخاً جميلاً للدراما العُمانية، تلقفها المشاهد العُماني بالمتابعةِ الواسعة والإعجاب، شَجَّعوا استمرارها بالإنتظار والسؤال الدائم عن تطوّرها، فأصبحت الدراما العمانية بكافة مكوناتها حالة اجتماعية محبوبة بين الناس.
وقد توالت المسلسلات والتمثيليات الإذاعية والتلفزيونية بأقلامٍ عُمانية طامحة لخلقِ مشهدٍ ثقافي تنويري، يجسدُ الحياة العُمانية بكل أطيافها وحالاتها الثقافية والحضارية، وكان ممن تصدى لمهمة المشاركة في خلق هذا المشهد هم كلاً من: أ.صالح شويرد، وأ.خليفة الطائي، وأ.طالب محمد، وأ.صالح زعل، وأ.أحمد درويش الحمداني، وأ.يعقوب الحارثي، وأ.محمود عبيد، وأ.زكريا الأنصاري، وأ.زوينة سعيد الكلباني، وأ.أحمد الأزكي، وأ.خليفة عثمان البلوشي، وأ.حنان عبدالعزيز الكندي، وأ.محمد سعيد العويسي، وأ.خالد منصور، وأ.منى أحمد اليحيائي، وأ.رشا البلوشي، ود.سعيد السيابي، وأ.نعيم فتح، وشيخة عبد الله الفجرية.    
أمَّا من كتب الدراما التلفزيونية فهم كلاً من: أ.محمدالشنفري، وأ.فوزي الغماري، وأ.خليفة الطائي، وأ.أبو قيس، وأ.أمين عبداللطيف، وأ.صالح شويرد، وأ.طالب محمد، وأ.أحمد الحمداني، وأ.عبدالله البطاشي، وأ.محمود عبيد، وأ.يوسف الحاج، وأ.محمد المعمري، وأ.أحمد الأزكي، وأ.بهية الشكيلية، وأ.عبد الرحيم المجيني،و.أمل السابعي،و.هود الهوتي، وشيخة الفجرية.    
وهذا العدد المثالي من كُتَّاب الدراما الإذاعية والتلفزيونية يجدر به تكوين مساحة درامية واسعة في السلطنة، تُخالف الواقع الآني، إذ يجدر بالمسؤولين في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون رعايتهم ووضعهم في أهبة الاستعداد لمواصلة الكتابة، لتسير عجلة الدراما العُمانية الإذاعية والتلفزيونية دون توقف؛ فإنَّ ما تعيشه الدراما العُمانية من انحسارٍ لدرجة الاختفاءِ في السنوات الأخيرة، على الرغم مما حدث من استحداثات تُعنى بالدراما الإذاعية والتلفزيونية على وجه التحديد.
ولكن جاءت النتائج عكسية في هذا الخصوص، إذ لم يلمس كُتَّاب النصوص الدرامية الإذاعية والتلفزيونية إلا الإقصاء، ومحاولة التقليل من أفكارهم وكتاباتهم، دون أن تكون هنالك أية مبادرةٍ جادّة للجلوس معهم، واحتضانِ مبادراتهم الكتابية، وتقديم يد الترحيب بهم وبنصوصهم، خاصة بعد إعلانِ المسؤولين عن توفر المال اللازم لإنتاج النصوص الدرامية في أكثر من برنامج تلفزيوني وإذاعي، وما يجلب الاستغراب من تصرف الجهة المستحدثة للإنتاج الدرامي هو استبعادها النصوص الحاصلة على الموافقة بالإنتاج، بل وتلك المكتوبة بتكليف رسمي من الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون؟! وإنتاج بعض النصوص التي رفضتها هذه الجهة؟!! بالإضافة إلى التقارير التي لا تعبّر إطلاقاً عن مضمون بعض النصوص المقدمة لقطاع الإنتاج الدرامي، ليشعر الكاتب أنَّ من كتب تلك التقارير يتقصد إهانته، والحطِّ من قدراته الكتابية والسخرية به وبكتاباته فقط، إذ يشعر بعض كتّاب الدراما العُمانية أن لا علاقة بين تلك التقارير الصادرة من قطاع الإنتاج الدرامي وبين نصوصهم، وكأن التقارير كُتبت لرفض  مسلسلاتهم ولا شيء آخر غير الرفض لمجرد الرفض، في تعبير صارخ عن التناقض الذي يُسَيَّرُ به عمل هذه الجهة المفترض بها رعاية الدراما الإذاعية والتلفزيونية وكُتَّابها، من القدماء والشباب معاً، والجلوس معهم والاستماع إليهم، ومناقشة أفكارهم التي تقدَّموا بها، ليتم العمل على توجيههم للأفضل، دون تقزيم تجاربهم على مرِّ السنين، فالنتيجة الواضحة للعيان هي توقف الإنتاج الدرامي التلفزيوني على وجه الخصوص لعامين متتاليين؟! بحجةٍ واهية وهي عدم وجود نصوص، وحجّة أخرى مصطنعة وهي عدم توفر المال اللازم للإنتاج!! مع تشجيع النصوص القادمة من خارج السلطنة واحتضانها والترحيب بها وبكُتَّابها وإنتاجها دون قيد أوشرط؟!
وذلك لا يعني أن لايتم الترحيب بالكتابات الدرامية القادمة من خارج السلطنة، بل  على العكس، إذ أنَّ النصوص العربية والعالمية التي تمَّ  معالجتها وتعمينها وإنتاجها في  السلطنة، ساهمت في ترسيخ حركة الدراما العمانية الإذاعية والتلفزيونية، وكانت تلك النصوص جنباً إلى جنب رفقة النصِّ الدرامي العُماني المكتوب بفكرٍ عُماني صرف، ولكن يجب ألا تكون بديلاً عن النص الدرامي العماني إطلاقاً، كما حدث في السنوات الأخيرة الماضية؛ في ظلِّ تكدسِ النصوص العمانية وسعي أصحابها للإنصاف المفقود تجاه نصوصهم وأفكارهم.

تعليق عبر الفيس بوك