مواجهة جرائم الاتصالات

يتهدَّد المجتمعات حول العالم العديد من المخاطر المحدقة اجتماعيًا وسلوكيًا، وزادت حدة هذه المخاطر مع انطلاق ثورة الاتصالات في العقدين الأخيرين، وبصفة خاصة بعدما انتشرت الهواتف الذكية والتطبيقات والألعاب الإلكترونية، والتي جعلت من العالم بقعة ضئيلة جدًا يمكن للمستخدم أن يجول فيها بلمسة واحدة من إبهامه.

وبالأمس عقد مؤتمر في صلالة تحت عنوان "الجرائم المتعلقة بقانون تنظيم الاتصالات"، والذي شهد تقديم العديد من أوراق العمل والمشاركات التي دعت إلى مواكبة المتغيرات التقنية في عالم مكافحة الجريمة الإلكترونية، والتي باتت واحدة من الجرائم العابرة للحدود، وأصبحت تهديدا عالميا، قد يتسبب في خسائر تفوق خسائر الحروب العسكرية، وقد تودي كذلك بأرواح أناس دون قطرة دم واحدة!

فالهجمات الخبيثة باتت سمة غالبة في عالم الاتصالات اليوم، فماذا لو وقعت هجمة خبيثة في أنظمة المشافي الطبية والمختبرات، وأدت إلى اختلال في نتائج الفحوصات وتدمير ملفات المرضى التي تحوي تاريخهم الطبي.. وماذا لو أضرت هذه الهجمات بالأنظمة المصرفية واستولت على ملايين الدولارات. أو أن هذه الهجمات ضربت مؤسسة سيادية واخترقت ملفات مصنفة على أنها "سري للغاية"، فما العمل إذن؟!

لكن مما يثلج الصدر أننا في السلطنة وبفضل جهود الجهات المعنية، يتم اتخاذ ما يلزم من إجراءات لضمان أعلى قدر من الحماية للأنظمة الإلكترونية في الدوائر الحكومية والخاصة والجهات السيادية، فضلاً عن تنامي الوعي المعرفي بمخاطر نقص الأمن الإلكتروني.

وفي جانب مواز لهذه المخاطر، يأتي أيضاً خطر الابتزاز الإلكتروني والغش التجاري عبر الإنترنت، وهي كلها جرائم مرتبطة بالطفرة الهائلة في قطاع الاتصالات، فكم من حالات تعرضت للابتزاز وتكبدت خسائر هائلة نتيجة مطالبات بفدية نظير عدم الكشف عن أسرار ربما يكون المستخدم أدلى بها أو سرقت منه، وكم ستكون الخسارة عندئذ في حالة تعرض فتاة أو شاب لابتزاز حقير من عصابات الإنترنت..

الأمر بلا شك يستدعي تكامل الجهود وتضافرها من أجل حماية المجتمع من هذه الآفات المدمرة، التي لن تتوقف عند الخسائر المالية فحسب، بل إنها ستمتد إلى الخسائر النفسية، وتحطيم الروح المعنوية لكثير ممن يواجهون هذه الهجمات، ومن هم أيضًا عرضة لها، سواء من خلال استخدامهم للإنترنت أو بسبب الاختراقات التي تتم نتيجة لنقص المعرفة الإلكترونية.

تعليق عبر الفيس بوك