أن نعيش كما نريد

مدرين المكتومية

كل يوم وكل ساعة ودقيقة يتطور عقل الإنسان وتزيد خبراته في الحياه، وبالتالي يصبح من الصعب الإصرار على خيار واحد بدون بدائل في حياتنا، فاليوم قد تتخذ قراراً ثم تكتشف في الغد بعد زيادة وعيك أنه لم يكن صحيحاً، قد تتجه إلى طريق وأنت على قناعة أنه صحيح، وبعد فترة تكتشف أنّ هناك طريقا آخر أفضل أو مناسبا لك، فما بالنا إذا كان بعضنا يعيش وعينه مصوّبة على الآخرين، وقراراته مضبوطة على مزاجهم، وكأنّه قام بإلغاء عقله وخبراته وتجاربه وقراءاته وأولوياته وبقي مصوّب العينين على ما يريده الآخرون منه.

بدأت بهذه المقدمة لأحاول أن أفكر معكم بصوت عال في هذا السلوك الذي سيصل بنا في أغلب الأحوال إلى طريق مسدود، بعد أن وصلنا لمرحلة تناسينا كل ما نحن فيه وعليه لأجل من حولنا، نرتدي ما يعجب الغير، ونأكل كما يأكلون، وربما نتحدث بأفكارهم، ونمارس الكذب والخداع والنفاق على أنفسنا قبل الآخر، وبالتالي يصبح الأمر مع الوقت عادة يمارسها المجتمع بأكمله لتكون النتيجة واحدة هي أننا جميعاً نتحرك في دائرة مفرغة اسمها "النفاق الاجتماعي".

تتسرب أعمارنا من بين أصابعنا ونحن نسير في طريق لا يودي بنا إلى ما نحب ونحلم، نفيق فنسأل: ما الذي جاء بنا إلى هنا.. ويا لخوفي من أن نسأل في وقت متأخر حيث لانجد إجابة، ولاتكون لدينا فرصة لتدارك الخطأ واتخاذ طريق آخر صحيح.. الابتعاد عن تلك الحياة التي لا تناسبنا والطرق التي لانريد أن نسلكها، والتركيز بكل مشاعرنا وعقلنا على إرضاء الله عز وجل والإخلاص له بدلاً من إرضاء البشر.

عندما نفكر فيما وصلنا إليه، سنكتشف أنّ هناك أبًا يبكي في حرقة على ابنته التي اغتصبت ويكتم الألم خوفا من أن يعرف الناس بذلك، فيحل العار عليه وعلى أسرته، وهناك من يسافر ويعيش الحياة بين المراقص والسهرات إرضاء لأصدقائه ومسايرة لوضعهم، وحتى لا يقال عنه إنه متخلف، بل حتى عمل الخير أحياناً يتحول إلى مظاهر ليس إلا.

نحن في زمن جعلنا فيها الآخرين همنا الوحيد، ولا يمكننا أن نخالف الأعراف والتقاليد حتى وإن كنا غير مؤمنين بها، أو كانت خاطئة، ولأننا تغيرنا كتغير الصخور بفعل عوامل التعرية، بدأنا نسلك دروبا ليست لنا وطرقا لم تمهد من أجلنا، فقط حتى نظل امام الناس بالصورة التي يريدون ويتوقعون، حتى وإن كنا نسير على شوك أو نحو الهاوية، وأحياناً نتحمل الأذى لأجل شخص ربما سيتركنا في منتصف الطريق ليجد رفيقاً غيرنا، وربما سنجد أنفسنا في يوم من الأيام قد ارتكبنا جريمة وسببها أننا نسينا الخالق وجرينا بحثاً عن مرضاة الناس.

السعادة الحقيقة تكمن في أن نعيش كما نريد وكما نحن، فليس هناك أي مبرر لحرمان أنفسنا من الحياة بكل بهجتها وحلوها ومرها لأجل الخوف من ردود فعل الآخرين، كل شخص في هذا العالم يستحق أن يحدد خيارته وينظر لكل شيء وفق القيم والمبادئ، فلا يتجاوز قيمه ليرضي رب عمله، ولا أن يمارس أخطاء أجداده تحت وطأة العادات والتقاليد ليرضي رب البيت، وإنّما عليه أن يفهم الذين من حوله، ويخشى رب العالمين فحسب، لتمضي حياته بالقيم التي أمرنا بها الإسلام قبل الخضوع والخنوع لتوجهات البشر من حوله.

 

madreen@alroya.info

 

 

الأكثر قراءة