ضِمْن القرية الحرفية بمركز البلدية الترفيهي، يُشارك د. مُحمَّد بن محاد علي المعشني باحث عُماني من أبناء محافظة ظفار، وأحد المهتمين باللبان العماني منذ 17 سنة؛ حيث بحث في العديد من الجوانب الطبية للبان العماني، ولا يزال يواصل أبحاثه، كما أنه يستخرج زيت اللبان العماني، وينتج العديد من المنتجات الطبيعية التي تتميَّز بجودة عالية من اللبان العماني.
ويتكلم المعشني عن أهمية شجرة اللبان العمانية، فيقول: إنها تنتج المادة الصمغية (الراتنجية)، والتي تستخدم في المجالات الطبية أو المنزلية أو في المناسبات الدينية والعائلية، وفي الكنائس، بجانب استخداماتها اليومية في المنازل على شكل بخور ذي رائحة طيبة، كما يستخدم البعض الصمغ كـ(علك)، إضافة إلى استخداماتها الأخرى.
وتنمُو شجرة اللبان بشكل طبيعي على الحواف المتأثرة بالأمطار الموسمية في هذه المحافظة. ونظراً لما تُمثِّله هذه الشجرة من أهمية تاريخية وطبيعية ودينية واقتصادية وصحية، فقد أجريت بشأنها العديد من الدراسات والأطروحات العلمية حولها، والتي تناولت الشجرة من زوايا مختلفة.
وكان للبان دور في التجارة في جنوب شبه الجزيرة العربية قديما، ومصدرا مهمًّا من مصادر الدخل؛ حيث اشتهرت محافظة ظفار بإنتاج أجود أنواع اللبان في العالم لتوفير المناخ الملائم لنمو أشجاره، ويكون ارتفاع شجرة اللبان حوالي 3 أمتار وتصبح قادرة على العطاء بعد 8 أو 10 سنوات من نموها. كما يوجد في محافظة ظفار نوع واحد من أشجار اللبان واسمها العلمي (Boswellia sacra flueck)، وهذا النوع هو الوحيد الموجود في ظفار، وتنتمي أشجار اللبان إلى جنس يسمى (Boswellia)، وهناك 4 أنواع منها منتجة لمادة اللبان؛ وهي: النوع العماني، ونوع آخر هندي، ونوعان آخران في منطقة القرن الإفريقي. كما أنَّ هناك اختلافات على مستوى شكل الشجرة والأوراق.
ويضيف المعشني بأنَّ المناطق التي تزرع فيها شجرة اللبان بمحافظة ظفار أصبحت من أهم المعالم والمقومات السياحية التي يرتادها الزوار القادمين إلى هذه المحافظة، حيث يحرص السياح وخاصة الخليجيين منهم على زيارة تلك المناطق ومعرفة أهمية وتاريخ تلك الأشجار وفوائد اللبان، ويلتقطون الصور التذكارية بجانبها. كما يحرص الزائرة إلى لهذه المحافظة بشراء اللبان الظفاري لاستخدامها في الأغراض المختلفة.
وحول استخراج اللبان العماني، يقول المعشني إنَّه يتم في أوائل شهر أبريل من كل عام، وما إن تميل درجة الحرارة إلى الارتفاع، حتى يقوم المشتغلون بجمع الثمار، (بتجريح) الشجرة في مواضع متعددة؛ فالضربة الأولى يسمونها (التوقيع الأول)، ويقصد به كشط القشرة الخارجية، ويتلو هذه الضربة نضوح سائل لزج حليبي اللون، سرعان ما يتجمد فيتركونه هكذا لمدة 14 يوماً تقريباً. وتتبعها عملية التجريح الثانية ويبدأ الجمع الحقيقي بعد أسبوعين من التجريح الثاني، حيث ينقرون الشجرة للمرة الثالثة، في هذه الحال ينضح السائل اللبني ذو النوعية الجيدة، والذي يعد تجاريًّا من مختلف الجوانب، وضرب أشجار اللبان ليست عملية عشوائية، وإنما هي عملية تحتاج إلى مهارة فنية خاصة ويد خبيرة، وتختلف الضربات من شجرة إلى أخرى حسب حجمها، ويستمر موسم الحصاد لمدة ثلاثة أشهر تقريبا.
ويضيف بأنَّ الشجرة تنمو بشكل طبيعي دون تدخل الإنسان على الحواف المتأثرة بالأمطار الموسمية وتقدر المساحة التي تنمو بها أشجار اللبان حوالي 4 آلاف كيلو متر مربع. أما حول أوجه الشبه والاختلاف بين شجرة اللبان في محافظة ظفار وأشجار اللبان في باقي مناطق العالم، فيقول المعشني: هناك تصنيف لمادة اللبان محليا حسب المكان الذي تنمو فيه شجرة اللبان، وقد اشتهرت أربعة مواقع وسمى نوع مادة اللبان عليها وهي مواقع متداخلة وليس هناك حد فاصل بين المواقع وهي لبان الشعبي أو السهلي وهو الشريط القريب من الساحل بمحاذاة البحر، ولبان الشزري امتداد بمحاذاة جبل القمر، ولبان النجد وهو ما وراء سلسلة جبال ظفار، ولبان الحوجري ويجمع من شمال جبال سمحان ناحية وادي انظور.
وحول استخدامات اللبان، يقول: إنَّ سكان محافظة ظفار يستخدمونه في ماء الشرب؛ حيث يعتقد أنه يساعد على "الإدرار"، كما أنه يجعل الماء بارداً ونقياً في أوقات الصيف، ويتم استخدام اللبان كمادة مهمة في صناعة البخور؛ حيث يعدُّ أفضل أنواع اللبان في العالم، ومطلوب في العديد من البلدان، ويتم إدخاله في صناعة الأدوية، والزيوت والمساحيق والعطور والشموع الخاصة، إضافة لاستخدامه في العديد من دور العبادة حول العالم.
ويضيف بأنَّ اللبان يستخدم في الطب الشعبي على نطاق واسع، ويتم استخدامه كمسكن لآلام البطن والصدر والتهاب العيون وعلاج التهاب الشعب الهوائية. مشيرا إلى أن الدراسات الحديثة قد أثبتت أن المادة الفعالة المسؤولة عن الفعالية العلاجية تسمى حامض الأبسوليك، وتبين أنها مُسكِّن للألم ويقوي الجهاز المناعي للجسم والكبد وسرطان الدم وضد الالتهابات، وهذه الفعالية مبنية على تأثير اللبان على إنزيم Lipoxyjenas-5 وللبان تأثير على التخفيف من الربو وتقرح المصران الغليظ، كما يقوم أهل ظفار بإنتاج عسل اللبان من أزهار الشجرة.