د.محمدالزدجالي لـ"الرؤية": "جمعية المحامين" تواجه تحديات عديدة.. والسلطنة الدولة الوحيدة في العالم التي لم توطن مهنة المحاماة

...
...
...
...
...
...
  • كافة المشاركات الخارجية على نفقة المحامين الشخصية
  • السؤال حول عدم التعمين بالكامل حتى الآن يوجه إلى وزير العدل
  • لهذه الأسباب.. اعتذر ممثل "الجمعية" عن عدم التوقيع على مشروع قانون المحاماة الجديد
  • 100 محام متطوعا في "فك كربة".. وإغلاق 432 ملفا للمعسرين العام الماضي

 

 

الرؤية - خاص

تصوير- راشد الكندي

أكد سعادة الدكتور محمد بن إبراهيم الزدجالي رئيس اللجنة التشريعية والقانونية بمجلس الشورى ورئيس جمعية المحامين العمانية أنّ مهنة المحاماة في السلطنة تواجه عدداً من التحديات أهمها ما يتعلق بعدم وجود مظلة قانونية تحمي المحامي ويعمل من خلالها، إضافة إلى عدم وجود مصادر للدخل خاصة بجمعية المحامين أو صلاحيات قانونية للجمعية لتسهيل القيام بدورها، وأشار إلى أن التعمين ما زال أحد التحديات الرئيسية خاصة وأنّ الجمعية تبنت هذا المطلب الوطني منذ إنشائها.

وأشار سعادته في حوار لـ"الرؤية" إلى أن مشروع فك كربة الذي تتبناه الجمعية منذ عدة سنوات وتم إطلاق النسخة الرابعة منه في مايو الجاري يعمل فيه بشكل تطوعي أكثر من 100 محامٍ يقومون بتغطية كافة المحاكم على مستوى السلطنة للعمل على إغلاق ملفات المعسرين مالياً بمناسبة شهر رمضان الكريم، وقد نجح المشروع في إغلاق ملفات 432 ملفا في النسخة الثالثة العام الماضي.

وإلى الحوار...

** بعد مرور 10 سنوات على تأسيس جمعية المحامين العمانية.. كيف تقيم المرحلة الماضية وما تم إنجازه حتى الآن على المستوى المحلي والخارجي؟

منذ تأسست الجمعية في 17 مارس 2007 من خلال القرار الوزاري من وزارة التنمية الاجتماعية بإشهارها وهي تواصل عملها من أجل مهنة المحاماة في السلطنة على المستوى المحلي والخارجي، وعدد المحامين المنتمين للجمعية في تزايد، واستطاعت خلال تلك الفترة وخاصة السنوات الثلاث الأخيرة أن تعرف بنفسها وجهودها داخل محيط السلطنة، حيث بدأت تنشط محليا من خلال فعاليات تنظمها الجمعية مؤتمرات أو ندوات وحملات توعية قانونية وتثقيفية في مختلف أنحاء السلطنة إضافة إلى برامج تدريبية داخل وخارج السلطنة.

على المستوى الإقليمي الجمعية استطاعت خلال السنوات الأخيرة بالذات أن تتفاعل مع الجمعيات في دول مجلس التعاون الخليجي من خلال فعاليات تقام في بعض دول الخليج وتشارك بها الجمعية أو من خلال فعاليات تقيمها الجمعية داخل السلطنة، وفي شهر مارس الماضي أعلن عن انضمامها إلى اتحاد المحامين العرب وبذلك أصبحت عضوا مهما ضمن منظومة المحاماة في الوطن العربي، ومن المتوقع قريباً أن يعلن عن ضمها إلى اتحاد المحامين وقد تمّ ذلك بالفعل منذ فترة وشاركنا بصفة مراقب حتى تصدر الموافقة النهائية من الاتحاد.

على المستوى الدولي نظمت حتى الآن 3 زيارات قانونية، الأولى عام 2014 إلى المملكة المتحدة، تم التنسيق لها مع جمعية المحامين البريطانيين، وشارك في الزيارة 30محامياً بغرض التعرف على المؤسسات القانونية بالمملكة المتحدة مثل نقابة المحامين والمحاكم والنيابة العامة وكلية القانون بجامعة أوكسفورد، لأنّ البريطانيين لهم باع طويل في مجال القضاء والمحاماة، وكانت زيارة ناجحة بكل المقاييس.

في 2015 كانت الزيارة الثانية إلى فرنسا، وخلالها تم التعرف على كل ما يتعلق بالمحاماة هناك وقمنا بزيارة المحاكم والنيابات وكليات القانون كما نظمت أمسية قانونية في مقر السفارة العمانية.

الزيارة الثالثة عام 2016 إلى المملكة المغربية؛ وخلالها زار وفد الجمعية نقابة المحامين بالرباط والمحكمة العليا والنيابة العامة ووزارة العدل والمعهد العالي للقضاء وكلية القانون في جامعة محمد الخامس كما تم إبرام اتفاقيتين الأولى تدريبية وعلى إثرها تمّ تسيير دفعة إلى المغرب في فبراير الماضي، إضافة إلى اتفاقية مع هيئة المحامين بالرباط للتعاون، وقد كانت زيارة ناجحة بكل المقاييس نظراً للإنجازات الكبيرة التي وصلت إليها المملكة المغربية في مجال القانون، ويمكن القول إنّ أول بعثة عمانية منظمة لدراسة القانون في نهاية السبعينيات كانت إلى المغرب، ومن شاركوا في هذه الدفعة والدفعات التي تلتها يتبوأون الآن أعلى المناصب القانونية والإدارية في السلطنة، وبعضهم تولى مناصب سياسية ومنهم أكثر من وزير وسفير ورؤساء محاكم وكلهم درسوا القانون في المغرب.

ولدينا خطة لتنفيذ زيارة قانونية رابعة خلال هذا العام إلى إحدى الدول الأوربية والآن نفاضل بين 3 دول ولم نصل إلى اختيار نهائي، ودائما يكون متوسط المشاركين 30 محاميا حيث نعلن من خلال الجمعية لمن يريد المشاركة وفق شروط معينة من ضمنها أن يساهم المحامي ماليا ولابد أن يكون من أعضاء الجمعية.

** وماذا عن تمويل تلك الزيارات والمشاركات؟ أي جهة تتولى ذلك؟

أوضح نقطة هامة.. كل البرامج والفعاليات التي تنفذ خارج السلطنة هي على نفقة المحامين أنفسهم، الجمعية لا تدفع نهائيا وإنّما المحامون يتحملون تكاليف الرحلات بالكامل، قد نحصل على دعم أحياناً من مؤسسات خاصة وهذا حدث في الزيارة الأولى للملكة المتحدة لكن باقي الرحلات كانت على نفقة المحامين بالكامل.

أيضاً أي مشاركة لمجلس إدارة الجمعية في اجتماعات أو فعاليات رسمية خارج السلطنة تكون على حسابنا الشخصي، فمن أهم التحديات التي تواجهها الجمعية أنها لا يوجد بها دخل حتى الآن واشتراكات الأعضاء مبالغ محدودة جدا، ونتمنى أن نحصل على دعم حكومي أسوة ببعض الجمعيات، ولكننا حتى الآن لا نستطيع تحصيل أية رسوم لصالح الجمعية مع عدم وجود صلاحيات قانونية فيما يتعلق بقيد وتسجيل المحامين، فهذه الصلاحيات لازالت عند وزارة العدل وهذا يحول دون تحصيل الجمعية لبعض الرسوم، ففي بعض الدول هناك على سبيل المثال طوابع تحصل قيمتها لصالح تلك النقابات أو الجمعيات وفي بعض الدول التوكيل الذي يصدر لصالح المحامي تذهب قيمته لصالح الجمعية، ناهيك عن الاشتراكات لأن المحامي غير ملزم بالعضوية، لكن مع مرور الأيام لدي يقين أن الجمعية ستحصل على المزيد من الصلاحيات.

** ولماذا لا يكون هناك إلزام لمن يمارس مهنة المحاماة بالانضمام إلى الجمعية؟

وزارة العدل هي المكلفة من قبل الدولة بشؤون المحامين، وهي المعنية بقبولهم حسب ما نص قانون المحاماة حيث تشكل لجنة برئاسة وكيل وزارة العدل وعضوية أقدم قاضي بالمحكمة العليا ونائب رئيس محكمة القضاء الإداري ونائب المدعي العام بالإضافة إلى 3 محامين، وتقرر هذه اللجنة قبول المحامين وهي المعنية بالقيد والتسجيل.

** بالإشارة إلى الجهود المبذولة في إطار التعمين.. لماذا لم تعمن مهنة المحاماة بالكامل إلى الآن؟

  • هذا السؤال أتمنى توجيهه إلى معالي وزير العدل.

** لكن ماذا عن الجهود التي بذلت في هذا الشأن؟ هل يمكن إعطاؤنا نبذة مختصرة؟

منذ عام 1996 عندما صدر قانون المحاماة أعطى مهلة للمحامين غير العمانيين حتى 2003 للحضور والترافع أمام المحاكم، في 2003 تم التمديد إلى 2008 ثم تمّ التمديد إلى عام 2012 والمرسوم السلطاني الذي صدر في 2008 أناط بمجلس الوزراء أن يقرر الأجل الذي يراه للتمديد، وفي 2009 صدر قرار من وزارة العدل بتعميم المرحلة الابتدائية وتم ذلك بالفعل.

في 2012 تم التمديد للمحامين غير المحامين إلى 2014 لترتيب أوضاع المحامين غير العمانيين وتفاجأنا في نهاية 2013 بالتمديد للمحامين غير العمانيين أمام الاستئناف والعليا إلى نهاية 2016، وفي هذا التاريخ فوجئنا مرة أخرى بصدور قرار بالتمديد للمحامين غير العمانيين إلى نهاية عام 2020.

ويمكننا القول أنّ عدد المحاكم الابتدائية في السلطنة 44 محكمة في كل المحافظات وهي مغطاة من قبل المحامين العمانيين بالكامل، في حين أن محاكم الاستئناف عددها 13 محكمة، لو حسبنا عدد المحامين المسموح لهم بالترافع في المحاكم الابتدائية مقارنة بالاستئناف سنجد أنّ هناك 11 محاميا لكل محكمة ابتدائية في السلطنة بينما هناك 23 محاميا لكل محكمة استئناف عماني أي أنهم غطوا العدد الأكبر.

وقد أثبت المحامي العماني كفاءته مع العلم أنّ المحاكم الابتدائية المرحلة الأهم والأصعب من حيث إن التكوين الحقيقي للدعوى يبدأ منها، وقد استطاع المحامي العماني تغطية المحاكم الابتدائية المنتشرة في السلطنة بالكامل، وجميعها تعمل بشكل يومي.

والمحاماة مهنة وطنية بامتياز ولا تمارس عادةً إلا من قبل مواطني الدولة ذاتها والظروف السابقة التي فرضت الاستفادة من خبرات غير عمانية في هذا المجال قد زالت الآن، والمحامي العماني أثبت جدارته خلال مرحلة تعمين المهنة أمام المحاكم الابتدائية وسيثبت ذلك مجدداً أمام محاكم الاستئناف والمحكمة العليا.

أيضاً عندما تمّ تعمين المرحلة الابتدائية ارتفعت أجور المحامين من 70 ريال كحد أدنى إلى مايقارب إلف ريال، وكان المتدرب يعمل في بعض الأحيان بالمجان، والآن بعد التمديد الجديد ومع الظروف الاقتصادية تراجعت أجور المحامين بشكل كبير.

أمّا فيما يتعلق بمعيار الكفاءة فأنا أتعجب من بعض الأشخاص الذين يستندون إلى ذلك وعلى سبيل المثال فإن الادعاء العام مُعمّن بالكامل، ثانيا عمل المحاماة في السلطنة يعتمد على تقديم المذكرات وليس الترافع وذلك يكون فقط في القضايا الجزائية وربما لمرة واحدة في القضية، ثالثا هناك إشادات من قبل أصحاب الفضيلة القضاة وفي الادعاء العام بمستويات المحامين العمانيين.

وسلطنة عمان تكاد تكون الدولة الوحيدة في العالم التي لم تقم بتوطين مهنة المحاماة، مع شكرنا وتثميننا لجهود المحامين غير العمانيين والفائدة الكبيرة التي قدموها لمهنة المحاماة في السلطنة إلا أن هذه المرحلة انتهت ونحن الآن في مرحلة جديدة، وأمد التمديد طال منذ 21 سنة مستمر، ونتمنى تعمين مهنة المحاماة للفوائد الإيجابية التي ستنعكس على القطاع بالكامل ويمكن الاستفادة من المحامين غير العمانيين كمستشارين قانونيين في بعض المكاتب كما هو معمول به في بعض الدول.

** وماذا عن التطورات التي يشهدها مشروع فك كربة في هذه الآونة خاصة وأنكم دشنتم النسخة الرابعة مؤخراً؟

المشروع في تطور مستمر منذ اطلاقه قبل أكثر من 4 سنوات، ومنذ ولدت فكرته في شهر رمضان 2012 عندما قررت مواطنة عمانية التبرع لفك كربة محبوس وتبرعت بمبلغ المطالبة ومن هنا التقط المحامون الفكرة وقرروا تطويرها لتشمل أكبر عدد من المحبوسين في شهر رمضان من كل عام، وبدأنا التطبيق وتم الإفراج عن 44 محبوسا في 2013 وفي النسخة الثانية 2014 شمل معظم محاكم السلطنة، ونحن نركز على المحاكم لأننا نأخذ قوائم المحبوسين من هناك وليس بشكل مباشر من الأشخاص، والشخص المعسر لابد أن يكون صادرا بحقه حكم وهناك أمر تنفيذ بالحبس.

وقد تمّ غلق 432 ملفا في النسخة الثالثة، الآن نحن في النسخة الرابعة التي دشنت في 11 مايو الجاري وذلك في مسقط جراند مول، برعاية معالي عبدالله بن محمد السعيدي وزير الشؤون القانونية رئيس مجلس إدارة الجمعية العمانية للأعمال الخيرية، وأقيم معرض ستتم إقامته مرات أخرى حيث سنستمر لمدة شهرين على أن ننتهي في 11 يوليو وسيكون هناك معرض آخر في صحار غدا الخميس ويستمر 3 أيام وفي صلالة جاردنز مول 1 يونيو، بعد ذلك هناك محطتان للمعرض بمحافظة مسقط، في سيتي سنتر السيب 8 يونيو وأفينيوز مول، 15 يونيو.

وتقوم جمعية المحامين بهذا الدور بشكل تطوعي كامل ومن خلال فريق يزيد عن 100 محامي على مستوى السلطنة بالكامل حيث نستهدف الآن كافة المحاكم في المحافظات، والتبرعات تأتي من الأفراد والمؤسسات على رقم الحساب الخاص بالمبادرة على بنك مسقط باسم الجمعية أو بالدفع المباشر من خلال الجمعية أو خلال المعارض التي تتم إقامتها.

** منذ عدة سنوات تقدمت الجمعية بمشروع قانون جديد للمحاماة.. إلى أين وصلت التطورات في هذا الأمر؟

بالنسبة لقانون المحاماة الحالي 108/96 في عام 2011 برزت الحاجة إلى إجراء تعديلات على قانون المحاماة وتقدمت جمعية المحامين بمسودة مشروع قانون محاماة تم تقديمه إلى مجلس الوزراء وعلى ضوء هذا الحراك من قبل الجمعية كلف مجلس الوزراء وزير العدل بتشكيل لجنة لإعداد مسودة مشروع قانون المحاماة ولم يؤخذ بالمسودة التي قدمتها الجمعية، هذه اللجنة مثل جمعية المحامين فيها محامي واحد فقط لاغير من أصل 7 أعضاء وكانت برئاسة وكيل وزارة العدل وانتهت إلى إعداد مشروع وتم رفعه، وللأسف فإنّ هذا المشروع لا يحمل جديد يمنح المحامي صلاحيات جديدة تمكنه حتى من إدارة شؤون مهنته بوضع أفضل مما هو عليه وظلت الصلاحيات كاملة لوزارة العدل، لدرجة أنّ ممثل جمعية المحامين في اللجنة اعتذر عن التوقيع على التقرير النهائي للجنة تحفظا على المواد التي تم صياغتها.

نحن استلمنا الجمعية في أبريل 2014 والآن مرت 3 سنوات وشهرين لم نر هذا المشروع ولا نعرف ماذا صار بشأنه وهل تم تقديمه إلى مجلس عمان أم لا.. اللجنة انتهت من المشروع ويفترض أنّ معالي وزير العدل رفعه إلى مجلس الوزراء لكن لا نعلم عنه شيئا حتى الآن.

** ما هي أهم التحديات التي يواجهها المحامي العماني والجمعية بوجه عام؟

 المحامي يبحث عن مظلة قانونية تحميه ويعمل من خلالها وجمعية المحامين ليست بالمظلة الوحيدة والحصرية، ولهذا فإنّه يواجه الكثير من الصعوبات، فهو لا يعمل في جهة أو مؤسسة لكي تحميه مثلا عندما يحتاجها، و95% من مكاتب المحاماة صغيرة وخاصة تتكون من صاحب المكتب أو معه محامي آخر، مثلا إذا احتاج المحامي إلى قرض بنكي أو تأمين صحي لا يحصل عليه كذلك لا يوجد صندوق خاص بالمحامين لمواجهة ظروف الطوارئ مثل الحوادث وحالات الوفاة.

والتحديات التي تواجه جمعية المحامين أهمها عدم وجود مصادر دخل أو صلاحيات قانونية للجمعية لتسهيل القيام بدورها، عدم وجود مقر ملائم يضم المحامين، المقر الحالي متواضع بسبب عدم وجود مصادر دخل جيدة إضافة إلى مسألة التعمين من التحديات التي تواجهها خاصة وقد تبنت خط التعمين منذ البداية، إضافة إلى عدم وجود صيغة لإلزام المحامي بالانضمام إلى الجمعية، كما أن قانون المحاماة لا يعطي المحامي صلاحيات تساعده على إدارة مهنته.

تعليق عبر الفيس بوك