باريس – رويترز
صوت الفرنسيون أمس في الانتخابات الرئاسية للاختيار بين سياسي وسطي مؤيد للاتحاد الأوروبي ويمينية متطرفة متشككة في الاتحاد ومناهضة للهجرة لقيادة البلاد في السنوات الخمس المقبلة فيما تشير الأرقام الأولية إلى أنّ الإقبال قد يكون ضعيفا لكنه أعلى من أحدث التوقعات. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن ماكرون، وهو وزير اقتصاد سابق عمره 39 عامًا، سيفوز في الانتخابات على حساب منافسته مارين لوبان، زعيمة الجبهة الوطنية، بعد حملة انتخابية صاخبة حفلت بالفضائح والمفاجآت.
وانتهى التصويت في الساعة الثامنة مساء بالتوقيت المحلي (1800 بتوقيت جرينتش) على أن تعلن مؤسسات استطلاع الرأي التقديرات الأولية بعد ذلك بفترة وجيزة. وأظهرت أحدث استطلاعات رأي أجريت يوم الجمعة الماضي أن ماكرون قد يحصل على ما بين 61.5 و63 بالمئة من الأصوات. وأثبتت استطلاعات الرأي دقتها في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة الشهر الماضي والتي تنافس فيها 11 مرشحا.
وذكرت وسائل إعلام بلجيكية نقلا عن استطلاعات للرأي أجريت أمس أن أكثر من 60 في المئة من الناخبين أدلوا بأصواتهم أو يخططون للتصويت للمرشح إيمانويل ماكرون في انتخابات الرئاسة الفرنسية. وقالت صحيفة لو سوار "سيكون إيمانويل ماكرون وفقا لثلاثة معاهد مختلفة الأوَّل في الانتخابات الرئاسية بنتيجة تتجاوز 60 في المئة".
وأفاد راديو وتلفزيون بلجيكا الناطق بالفرنسية بأن استطلاعات الرأي تضع نسبة الأصوات التي حصل عليها ماكرون بين 62 و64 في المئة. ومنافسته هي القومية مارين لوبان. ولم يتسن لرويترز التحقق من هذه المعلومات. ولا يسمح القانون الفرنسي لمؤسسات استطلاع الرأي بنشر استطلاعاتها قبل انتهاء التصويت.
وفوز ماكرون الذي يريد تحرير الاقتصاد وتعميق التكامل داخل الاتحاد الأوروبي قد يتعارض مع المد الانعزالي ومناهضة العولمة اللذين أظهرتهما نتائج انتخابات حديثة كالتي أخرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وجاءت بدونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة.
لكن إذا حدثت نتيجة غير متوقعة وفازت مارين لوبان مرشحة حزب الجبهة الوطنية فإنّ مستقبل الاتحاد الأوروبي قد يصبح على المحك نظرًا إلى رغبتها في إغلاق الحدود والتخلي عن العملة الأوروبية وإلغاء اتفاقات التجارة.
وحتى لو هزمت لوبان (48 عاما) فإن من المتوقع أن تزيد نسبة الأصوات التي ستحصل عليها بمقدار المثلين تقريبا عن التي أحرزها حزبها في آخر مرة وصل فيها إلى الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة في عام 2002 مما يظهر نطاق استياء الناخبين من التيار السياسي الرئيسي في فرنسا.
وكان المرشحان قد أدليا بصوتيهما بحلول منتصف يوم الأحد. فماكرون صوت في لو توكيه على الساحل الشمالي ولوبان في بلدة هينان بومونت الشمالية.
وقالت وزارة الداخلية الفرنسية أمس إن 28.23 من المؤهلين للإدلاء بأصواتهم شاركوا في الانتخابات حتى منتصف يوم الأحد وهو أدنى مستوى إقبال منذ انتخابات 2002 عندما بلغت النسبة 29.19. وأظهر استطلاع رأي يوم الجمعة بلوغ نسبة الإقبال النهائية 75 بالمئة انخفاضا من 80 بالمئة أو أكثر في أعوام 2002 و2007 و2012.
وتتوقع مؤسسات استطلاع الرأي ارتفاعا في نسب الامتناع عن التصويت بين الناخبين اليساريين الذين يشعرون أن المرشحين في الانتخابات لا يمثلانهم.
ولم يعرف بعد حجم الإقبال النهائي أو تأثيره على نتائج الانتخابات. كما لم يعرف عدد الأصوات الباطلة.
وقال فرانسوا سافاري وهو مدير استثمارات في شركة برايم بارتنرز لإدارة الصناديق في جنيف "زدنا من استثماراتنا في الأسهم وأضفنا بعض الأسهم الفرنسية بعد الجولة الأولى. المخاطرة السياسية الكبرى المتمثلة في احتمال فوز لوبان تتلاشى فيما يبدو".
وفي حملة انتخابية شهدت سقوط المتصدرين واحدا تلو الآخر جعلت لوبان اليمين المتطرف أقرب إلى السلطة من أي وقت مضى في غرب أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
وحتى لو ثبتت دقة استطلاعات الرأي وانتخبت فرنسا أصغر رئيس سناً بدلاً من أول امرأة للرئاسة فإن ماكرون نفسه لا يتوقع الحكم دون منغصات.
ويقول نحو 60 بالمئة ممن يعتزمون التصويت لماكرون إنهم سيفعلون ذلك لمنع انتخاب لوبان لقيادة ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو وليس لاتفاقهم التام على المصرفي السابق الذي تحول إلى السياسة.
وقالت دونيز دوليان المُعالجة النفسية التي أدلت بصوتها في أنيسي في جنوب شرق البلاد "لا اتفق بالضرورة من أي من المرشحين".
وأضافت "لكنني أريد أن أدلي بصوتي لأقول إنني حضرت حتى ولو لم أكن راضية في حقيقة الأمر عما يجرى في البلاد وإنني أرغب في رؤية غباء أقل وأموال أقل وأخوية أكثر".
وعلى أي حال لن تضع انتخابات يوم الأحد نهاية للمعركة بين التيار الرئيسي والسياسات الأكثر تطرفًا في فرنسا إذ ستستمر مع إجراء الانتخابات البرلمانية التي تحظى بنفس الأهمية الشهر المقبل. فبمجرد انتهاء انتخابات الرئاسة سينصرف الاهتمام على الفور إلى ما إذا كان الفائز قادرا على اقتناص أغلبية برلمانية. وأظهر أول استطلاع رأي بشأن الانتخابات البرلمانية نشر هذا الأسبوع أن بوسع ماكرون اقتناص تلك الأغلبية.
وسيعتمد الأمر كثيرا على نسبة التصويت التي سيحصل عليها ماكرون ولوبان يوم الأحد. وقالت ماريون مارشال لوبان ابنة شقيق لوبان لصحيفة لوبينيون إن نتيجة 40 بالمئة ستكون بالفعل "انتصارا هائلا" للجبهة الوطنية.
وسيفتح الفائز فصلا جديدا في السياسة الفرنسية بعد أن حكم الحزبان اليساري واليميني الرئيسيان، وهما الحزب الاشتراكي وحزب الجمهوريين، فرنسا لعقود. ومني الحزبان بهزيمة مهينة في الجولة الأولى من الانتخابات.
وتعرضت الحملة الانتخابية لمفاجأة أخرى يوم الجمعة قبيل فترة الصمت الانتخابي مباشرة التي يحظر فيها على الساسة التعليق إذ قالت حملة ماكرون إنها تعرضت لعملية اختراق إلكتروني ضخمة شملت رسائل إلكترونية ومعلومات عن تمويل الحملة على الإنترنت.
وينتشر ما يربو على 50 ألف شرطي لتأمين الانتخابات. والأمن مصدر قلق رئيسي في أعقاب سلسلة من هجمات لمتشددين في باريس ونيس وغيرهما في السنوات القليلة الماضية والتي أسفرت عن مقتل ما يزيد على 230 شخصا في العامين ونصف العام الماضيين.
ويشار إلى أن وزارة الداخلية الفرنسية قالت إن بيانات الإقبال على التصويت في الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة أظهرت نسبة مشاركة بلغت 65.30 بالمئة بحلول الساعة 1700 بالتوقيت المحلي (1500 بتوقيت جرينتش). وهذا مستوى أقل منه في المرحلة نفسها من الاقتراع في ثلاث انتخابات رئاسية سابقة. فبلغ الإقبال في مثل هذا الوقت من يوم انتخابات عام 2012 نسبة 72 بالمئة وفي انتخابات 2007 نسبة 75.1 بالمئة وفي انتخابات 2002 نسبة 67.6 بالمئة.
وأظهرت أربع استطلاعات رأي يوم الأحد أن النسبة النهائية للامتناع عن التصويت في الجولة الثانية ستتراوح على الأرجح بين 25 و27 بالمئة. وقدر استطلاع أجرته مؤسسة إيفوب-فيدوشيال النسبة عند 25 بالمئة. وقدرت استطلاعات مؤسسات إيبسوس وسوبرا ستيريا وإلابي النسبة عند 27 بالمئة.