أنقرة - الوكالات
لوَّح أنصار الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بالأعلام في الشوارع بينما قرع مُعارضوه القدور والأواني في منازلهم للاحتجاج بعد أن منح فوز بنسبة ضئيلة في الاستفتاء منصب الرئيس التركي سلطات واسعة وكشف عن الانقسامات في البلاد. وسيتمخض الاستفتاء عن أكبر تغيير في المشهد السياسي التركي منذ تأسيس الجمهورية الحديثة ليلغي منصب رئيس الوزراء ويركز السلطات في يد الرئيس.
وأظهرت نتائج غير رسمية، قالت المعارضة إنها ستطعن عليها، انتصارا بنسبة ضئيلة لمعسكر "نعم" بنسبة 51.4 في المئة من الأصوات.
ويحكم إردوغان، السياسي الشعبوي الذي ترجع جذوره إلى الأحزاب الإسلامية، تركيا بلا منافس حقيقي منذ 2003 وصعدت بلاده خلال تلك الفترة لتصبح واحدة من أسرع القوى الصناعية نموا في أوروبا والشرق الأوسط.
وأصبح إردوغان في محور السياسة الدولية إذ يقود ثاني أكبر جيش في حلف شمال الأطلسي على الحدود من مناطق حرب في الشرق الأوسط مما أتاح لتركيا استقبال ملايين اللاجئين السوريين والتحكم في تدفقهم على أوروبا.
ونجا إردوغان من محاولة انقلاب العام الماضي ورد بحملة قمع سجنت 47 ألف شخص وعزلت أو أوقفت عن العمل أكثر من 120 ألفاً من وظائف حكومية مثل المعلمين والجنود وأفراد الشرطة والقضاء وآخرين.
وقد تبقيه تلك التغييرات في السلطة حتى عام 2029 أو ما بعد ذلك ليصبح بسهولة أهم شخصية في التاريخ التركي منذ أقام مصطفى كمال أتاتورك الجمهورية الحديثة على أنقاض الإمبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى.
وفي مؤشر على المسار الذي يخططه للبلاد قال إردوغان إنه سيدعو لإجراء استفتاء بشأن إعادة العمل بعقوبة الإعدام ليسدل الستار بشكل نهائي على محاولات تركيا منذ عقود الانضمام للاتحاد الأوروبي والتي كانت قوة الدفع وراء أعوام من الإصلاحات.
ولطالما قال إردوغان إن التعديلات على الدستور ضرورية لإنهاء عدم الاستقرار المزمن الذي أصاب البلاد على مدى عقود عندما حاول الجيش مرارا انتزاع السلطة من حكومات مدنية ضعيفة. وقال في خطاب الفوز "للمرة الأولى في تاريخ الجمهورية نغير نظامنا الحاكم من خلال سياسات مدنية."
لكن الفوز بنسبة ضئيلة قد يكون في حد ذاته مؤشرا على عدم استقرار في المستقبل ففي حين نالت التغييرات تأييدا قويا في المناطق الريفية المحافظة فقد قوبلت بمعارضة شديدة في اسطنبول ومدن أخرى بالإضافة إلى جنوب شرق البلاد المضطرب الذي تسكنه غالبية كردية.
ولوح آلاف من الأنصار بالأعلام ونفخوا الأبواق في الساعات الأولى من يوم الاثنين احتفالا برجل يقولون إنه غير مستوى معيشة الملايين من الأتراك المحافظين الذين تم تهميشهم لعقود على يد النخبة العلمانية.
ووقعت احتجاجات مُتفرقة على النتيجة لكنها كانت متقطعة. وفي بعض الضواحي العلمانية الراقية بقي المعارضون في بيوتهم واكتفوا بقرع القدور والأواني في مؤشر على الاعتراض الذي انتشر على نطاق واسع خلال الاحتجاجات المناهضة لإردوغان في 2013 والتي سحقتها الشرطة.
وقالت المعارضة الرئيسية إن التصويت شابته مخالفات وإنها ستطعن على النتيجة. وقال عبد القادر سلفي وهو كاتب عمود مؤيد للحكومة في صحيفة حريت "تحقق الفوز في الاستفتاء لكن هذا ليس انتصارا. النتائج لم تتمخض عن "نعم" ذات مغزى."
وأكدت لجنة الانتخابات العليا في وقت متأخر يوم الأحد أن النتائج أظهرت أن معسكر "نعم" متقدم بفارق 1.25 مليون صوت عن معسكر "لا". ومن المتوقع صدور النتائج الرسمية خلال 12 يوما.
وطالب حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة بإعادة فرز ما يصل إلى 60 في المئة من الأصوات مستشهدا بقرار لجنة الانتخابات في اللحظة الأخيرة احتساب بطاقات الاقتراع غير المختومة من المسؤولين باعتباره مخالفة محتملة.
وقال إردوغان إن 25 مليون شخص دعموا الاستفتاء الذي سيبدل نظام تركيا البرلماني بنظام رئاسي قوي. ويشكل هذا الرقم هامش انتصار أقل من الفوز الحاسم الذي كان يروج له إردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم بقوة
وعلى جانب آخر، قال ممثل بعثة المراقبة التابعة للجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا أمس إن الاستفتاء التركي لم يرق إلى مستوى معايير المجلس مشيرا إلى تطبيق إطار قانوني غير مناسب وتعديلات متأخرة على طريقة احتساب الأصوات.
وصوت الأتراك يوم الأحد بغالبية ضئيلة بلغت 51.4 في المئة لصالح تعديل الدستور ومنح الرئيس رجب طيب إردوغان صلاحيات أوسع. وطالب حزب المعارضة الرئيسي في تركيا بإبطال نتيحة الاستفتاء معتبرا أن عملية التصويت شابها الكثير من المخالفات.
وأدلى سيزار فلورين بريدا رئيس بعثة الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا التي كانت تراقب التصويت بتصريحاته خلال مؤتمر صحفي في أنقرة. وانضمت إلى بريدا في المؤتمر الصحفي تانا دي زولويتا رئيسة فريق آخر من المراقبين الدوليين التي قالت إن الاستفتاء لم يرق إلى المعايير الدولية. وكانت لجنة الانتخابات العليا قررت في اللحظة الأخيرة يوم الأحد احتساب مظاريف الأصوات غير الممهورة بختمها.