التعديلات الدستورية في تركيا ترسخ "إدمان السلطة" لدى إردوغان وتهدد بتدمير "إرث أتاتورك"

◄ استطلاعات الرأي ترجح كفة "نعم".. وإقرار التعديلات تبقي إردوغان في سدة الرئاسة حتى 2029

◄ الأتراك لن يتخلصوا من الشرخ المجتمعي عقب إعلان النتائج

◄ مخاوف من "بطش السلطة" بالمعارضين

◄ القبض على 47 ألفا وإقالة 120 ألفا عقب "الانقلاب الفاشل"

◄ اتهامات للرئيس التركي بترسيخ نظام "الرجل الواحد"

◄ إردوغان لجأ لـ"أساليب شعبوية" لقيادة الرأي العام دون شرح حقيقي للتعديلات

◄ ضحايا التطهير في تركيا يخشون حملات أشرس بعد الاستفتاء

 

 

 

أنقرة، إسطنبول- الوكالات

 

 

تقترب تركيا من تغييرات جذرية عميقة في هيكلية النظام الحاكم، وذلك في حال إقرار الناخبين للتعديلات المقترحة على الدستور التركي ويتبناها الرئيس رجب طيب إردوغان، وقد انطلقت عملية فرز الأصوات أمس الأحد عقب يوم طويل من التصويت، شهد مشاركات واسعة، قدرت بنحو 86 في المئة من جملة الناخبين بالبلاد.

وأغلقت مراكز الاقتراع في الساعة الخامسة مساء بالتوقيت المحلي (1400 بتوقيت جرينتش)، وحتى مثول الجريدة للطبع، كان من المتوقع إعلان النتائج بنهاية يوم أمس، فيما ستعلن النتائج النهائية اليوم الإثنين. وفتحت مراكز الاقتراع في شرق البلاد ساعة قبل الموعد في باقي تركيا وأغلقت أبوابها في الرابعة مساء (1300 بتوقيت جرينتش). وأظهرت استطلاعات الرأي تقدما بفارق طفيف للمعسكر المؤيد للتصويت بنعم الذي من شأنه أن يحل نظاما رئاسيا قويا محل الديمقراطية البرلمانية وربما يشهد بقاء إردوغان في السلطة حتى عام 2029 على الأقل.

وستحدد النتيجة أيضا شكل علاقات تركيا المتوترة مع الاتحاد الأوروبي. وقلصت تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي تدفق المهاجرين خاصة الفارين من الحرب في سوريا والعراق إلى الاتحاد الأوروبي لكن إردوغان يقول إنّه قد يراجع هذا الاتفاق بعد الاستفتاء.

وهتف حشد باسم إردوغان وصفق بينما صافح الرئيس أناسا بعد تصويتهم في مدرسة قرب منزله في اسطنبول. وقدم العاملون معه هدايا لأطفال وسط الحشد. وقال إردوغان في لجنة الاقتراع بعد أن أدلى بصوته "إن شاء الله أنا على ثقة في أن شعبنا سيقرر فتح الطريق لتطور أسرع بكثير". وأضاف "أنا واثق في الفطرة الديمقراطية السليمة لشعبي".

ويبلغ عدد الناخبين الذين يحق لهم التصويت نحو 55 مليون شخص وأدلوا بأصواتهم في 167140 مركز اقتراع بجميع أنحاء تركيا.

تصويت يقسم البلاد

وأثار الاستفتاء انقساما كبيرا في صفوف الشعب. ويقول إردوغان وأنصاره إن هذه التعديلات ضرورية لإصلاح الدستور الحالي الذي كتبه جنرالات في أعقاب انقلاب عسكري عام 1980 ولمواجهة تحديات أمنية وسياسية أمام تركيا وتفادي الحكومات الائتلافية الهشة التي تشكلت في الماضي.

وقال بيرم شاكر (42 عاما) بعد أن صوت بنعم في إسطنبول "هذه فرصتنا لاستعادة السيطرة على بلادنا". وأضاف "لا أعتقد أن حكم الفرد أمر مفزع. كانت تركيا يحكمها فرد في الماضي"، مشيرا إلى مصطفى كمال أتاتورك مؤسس تركيا الحديثة.

ويقول المعارضون إنها خطوة نحو المزيد من الاستبداد في بلد ألقي القبض فيه على نحو 47 ألف شخص كما تمت إقالة 120 ألف شخص أو وقفهم عن العمل في حملة أعقبت انقلابا فاشلا في يوليو الماضي مما أثار انتقادات من حلفاء تركيا في الغرب وجماعات حقوقية.

وقال حميد ياز (34 عاما) وهو قبطان سفينة بعد أن أدلى بصوته في إسطنبول "صوت بلا لأنني لا أريد أن يحكم فرد واحد هذا البلد بسلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية. فهذا لن يزيد من قوة تركيا بل سيضعف ديمقراطيتنا".

وتدهورت العلاقات بين تركيا وأوروبا إلى مستوى متدن خلال حملة الاستفتاء عندما منعت دول بالاتحاد الأوروبي من بينها ألمانيا وهولندا وزراء أتراكا من تنظيم لقاءات جماهيرية للدعاية للتعديلات الدستورية.

ووصف إردوغان هذه التحركات بأنّها "أفعال نازية" وقال إن تركيا قد تعيد النظر في العلاقات مع الاتحاد الأوروبي بعد سنوات كثيرة من سعيها للانضمام إليه.

إلى ذلك، قالت مصادر أمنية تركية إنّ مسلحين من الأكراد قتلوا حارسا في هجوم على سيارة كانت تقل مسؤولا من حزب العدالة والتنمية الحاكم في جنوب شرق تركيا الليلة قبل الماضية. وأضافت المصادر أنّ مسلحي حزب العمال الكردستاني شنوا الهجوم الليلة قبل الماضية في منطقة مرادية بإقليم فان بجنوب شرق تركيا. وذكرت أنّ حارسا آخر للمسؤول أصيب واعتقل 17 شخصا فيما يتعلق بالهجوم.

وقالت مصادر أمنية أخرى إنّ شخصين قتلا في مدينة ديار بكر بجنوب شرق تركيا وأصيب آخر بجروح في تبادل لإطلاق النار بساحة مدرسة بها لجنة اقتراع. ولم يتضح على الفور سبب الاشتباك.

وظهر إردوغان عشية الاستفتاء في أربعة تجمعات انتخابية بمدينة إسطنبول وحث أنصاره على الإقبال بقوة على التصويت قائلا إنه سيكون "نقطة تحول في تاريخ تركيا السياسي".

واتهم كمال قليجدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض إردوغان بالسعي إلى نظام "الرجل الواحد" قائلا إن التعديلات المقترحة ستجعل تركيا في خطر. وأضاف في آخر تجمع انتخابي له بالعاصمة أنقرة "ليس للأمر علاقة باليمين أو اليسار... إنها قضية وطنية... سنتخذ اختياراتنا مع وضع أبنائنا والمستقبل في الاعتبار".

وتقضي التعديلات وعددها 18 بإلغاء منصب رئيس الوزراء ومنح الرئيس سلطة وضع مسودة الميزانية وإعلان حالة الطوارئ وإصدار المراسيم للإشراف على الوزارات دون موافقة البرلمان.

استفتاء تاريخي

وقد يأتي الاقتراع على هذا الاستفتاء التاريخي- الذي شهد إدلاء ملايين الأتراك بأصواتهم لاتخاذ قرار بشأن استبدال نظام الديمقراطية البرلمانية برئاسة تنفيذية- بأكبر تغيير في نظام الحكم في بلادهم منذ تأسيس الجمهورية التركية الحديثة على أنقاض الامبراطورية العثمانية قبل نحو قرن من الزمان. وستكون لنتائج الاستفتاء تبعات تتخطى حدود تركيا.

ولم تكن تركيا، وهي واحدة من دولتين مسلمتين فقط في حلف شمال الأطلسي، في أي وقت في التاريخ الحديث محورية بهذا الشكل مثل الآن فيما يتعلق بالشؤون العالمية من الحرب ضد تنظيم داعش في سوريا والعراق إلى أزمة المهاجرين في أوروبا وتأرجح ولاءات أنقرة بين موسكو وواشنطن.

وقسمت الحملة الانتخابية الدولة التي يقطنها 80 مليون نسمة وامتدت الانقسامات إلى الجاليات التركية الكبيرة التي تعيش في أوروبا. واتهم إردوغان قادة أوروبيين بالتصرف مثل النازيين لمنعهم مؤتمرات انتخابية على أراضيهم متعللين بأسباب أمنية فيما قال معارضوه في الخارج إنهم تعرضوا للتجسس على شؤونهم.

ويرى مؤيدو إردوغان المتحمسون أن مسعاه للحصول على صلاحيات أوسع هو مكافأة مستحقة لزعيم أعاد "القيم الإسلامية" إلى قلب الحياة العامة وساند الطبقة العاملة المتدينة وأنشأ مطارات ومستشفيات ومدارس.

ويخشى معارضون من ميل إلى الاستبداد تحت حكم رئيس يرونه أدمن السلطة ولا يتسامح مع المعارضة ومن انسحاب تدريجي من المبادئ العلمانية التي أرساها مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك ومن إبعاد بلادهم أكثر عن القيم الغربية بشأن الديمقراطية وحرية التعبير.

وقال إرجين كولونك (65 عاما) وهو مهندس مدني يرأس رابطة مساجد في اسطنبول تمول الجامع الجديد على تل جامليجا بالمدينة "على مدى الخمسة عشر عاما الماضية حقق كل شيء اعتبر من قبل مستحيلا بالنسبة للأتراك.. سواء في ذلك الجسور.. الأنفاق تحت البحر.. الطرقات.. المطارات".

وأضاف وصوت إردوغان يتردد من جهاز تلفزيون في الزاوية يبث أحد مؤتمراته الانتخابية اليومية "أفضل ما يميز الزعيم أنه قريب من الناس. رأيته في تجمع مؤخرا يصافح حرفيا ما يقرب من ألف يد. لا يفعل ذلك من أجل السياسة. هذا يخرج من قلبه".

وفي مكتب كولونك على تل جامليجا، الذي كان يوما منطقة للصيد للعثمانيين الأثرياء والآن أصبح موقعا للاستمتاع بمشهد يطل على المدينة يرتاده الكثيرون، حمل الجدار صورة موقعة لإردوغان بجوار لوحتين لأتاتورك والسلطان عبد الحميد العثماني. لكن معارضي إردوغان الذين يشملون ليبراليين علمانيين وأكرادا يميلون نحو اليسار وحتى بعض القوميين يعتبرون أن إحكام قبضته على السلطة يشكل ما قد يكون خطرا وجوديا.

وقالت نورتين كاياجان (61 عاما) وهي ربة منزل من مدينة إزمير على بحر إيجه وهي تحضر تجمعا صغيرا رافضا للتعديلات الدستورية في ميناء للعبارات في إسطنبول "إنه يحاول تدمير الجمهورية وإرث أتاتورك". وتابعت قائلة "إذا فاز معسكر "نعم" فنحن متجهون للفوضى. سيكون رئيسا لنصف البلاد فقط".

 نظام الرجل الواحد

واعتلى إردوغان الرئاسة في 2014 وهو منصب شرفي إلى حد كبير وقتها بعد أن ظل رئيسا للوزراء لأكثر من عقد من الزمن وبقي منذ ذلك الحين مهيمناً على السياسة بقوة شخصيته ولم يخف طموحه في امتلاك صلاحيات أوسع. وركب موجة من الوطنية منذ محاولة انقلاب فاشلة في يوليو مصورا بلاده في صورة المعرضة للخطر من خليط من قوى خارجية وبحاجة لقيادة قوية للدفاع عنها في وجه تهديدات من داعش والمسلحين الأكراد وأعداء بالداخل سعوا للإطاحة به وداعميهم الأجانب.

وأظهر استطلاع للرأي بعد أسبوعين من محاولة الانقلاب الفاشلة أنّه يحظى بنسبة تأييد تبلغ الثلثين تقريبا وهي الأعلى التي يحظى بها على الإطلاق لكن استطلاعات أجريت في الآونة الأخيرة تشير إلى سباق أشد احتداما. وأشار استطلاعان للرأي الأسبوع الماضي إلى أن أغلبية بسيطة ستصوت بنعم إذ قدرا التأييد له بأكثر قليلا من 51 بالمئة.

ويقر القائمون على استطلاعات الرأي بأن هناك أصواتا رافضة قد تكون مختفية في نتائجهم بين مؤيدين تقليديين لحزب العدالة والتنمية الحاكم القلقين من نزعات إردوغان السلطوية وهي أرقام يصعب تقديرها خاصة بعد فصل أكثر من 120 ألف موظف مدني أو إيقافهم عن العمل منذ محاولة الانقلاب الفاشلة.

وقال إتيان محجوبيان الذي كان مستشارا لرئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو، وهو شخصية رئيسية في حزب العدالة والتنمية الحاكم، لصحيفة قرار إنّه سيصوت برفض التعديلات.

وكتب يقول في الصحيفة "النموذج (المقترح) سيسبب ضررا كبيرا في المدى المتوسط للمحافظين ولتركيا". وأضاف أن التعديلات ستمهد الطريق لتأسيس "نظام رجل واحد" يمكن إساءة استغلاله. وقال "على كل عضو في حزب العدالة والتنمية أن يدافع بقوة عن الحزب وأهليته وقدرته على الحكم".

ويرفض مؤيدو إردوغان مثل تلك الاتهامات ويقولون إن التعديلات الدستورية وعددها الإجمالي 18 تعديلا والمطروحة للاستفتاء تضم قيودا وتوازنات كافية مثل بند يلزم بإجراء انتخابات رئاسية جديدة إذا ما حل الرئيس البرلمان. وركز إردوغان في المؤتمرات الانتخابية التي أقيمت مؤخرا على محاولة التهكم على زعيم الحزب العلماني الرئيسي في البلاد وهو كمال قليجدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري وعرض لقطات مصورة لأخطائه على أمل أن تعكس اتجاهات التصويت نفس ما شهدته الانتخابات العامة الأخيرة التي أجريت في نوفمبر 2015 عندما هيمن حزب العدالة والتنمية على الخريطة الانتخابية.

ومثل تلك الأساليب الشعبوية لاقت ترحيبا صاخبا ممن يؤيدونه. لكنه قضى وقتا أقل في شرح تفاصيل التعديلات الدستورية المقترحة.

وقال مراد جزيجي مدير مؤسسة جزيجي لاستطلاعات الرأي "80 بالمئة من الناخبين في تركيا يصوتون وفقا للأيديولوجية. هذا يعني أنهم سيدلون بأصواتهم في هذا الاستفتاء دون معرفة مضمونه". وقال في مكتبه في اسطنبول "إذا فاز معسكر "نعم" سيكتشفون فحسب ما الذي قالوا عليه نعم بالتجربة. وقتها فقط سيواجهون المشكلات".

ضحايا التطهير

لكن في المقابل، ثمة إشكالية كبرى تكمن في موقف إردوغان ونظامه الجديد حال إقرار التعديلات، تجاه من يتهمهم إردوغان بالوقوف أو تأييد الانقلاب الفاشل. وتقول مهتاب يوروك وهي معلمة في إحدى رياض الأطفال بجنوب شرق تركيا إنها أقيلت العام الماضي في حملة تطهير شملت عشرات الآلاف من العاملين في الدولة، وهي الآن تتعيش من بيع الدجاج والأرز من عربة بالشارع وتحلم أن تعود يوما لفصلها وتلاميذها الصغار. لكن ذلك اليوم قد لا يأتي أبدا إذا منح الاستفتاء إردوغان سلطات جديدة كاسحة، كما قالت يوروك وهي تغرف الأرز في صحن من الورق المقوى لتقدمه لأحد زبائنها. وقالت "إذا جاء التصويت في الاستفتاء "بنعم" فسيكون من الأصعب كثيرا لنا أن نرجع لأعمالنا، بل وقد يتسع نطاق هذه الإقالات".

والغالبية العريضة من هؤلاء الذين تمت إقالتهم، من أمثال يوروك، يقولون إن لا شأن لهم بمحاولة قلب نظام الحكم وإنهم ضحايا حملة تطهير الغرض منها تعزيز قبضة زعيم يسير بخطى متسارعة نحو الحكم المطلق.

وأحدث الاستفتاء انقساما كبيرا داخل تركيا. ويقول إردوغان إن تعزيز الرئاسة سيقي البلاد انعدام الاستقرار الذي تعاني منه الحكومات الائتلافية في وقت تواجه فيه تهديدات أمنية من متشددين إسلاميين وأكراد. لكن منتقديه يخشون توغلا في حكم شمولي يقوده زعيم يرون أنه عاكف على تقويض الديمقراطية في الدولة التركية الحديثة وأسسها العلمانية.

وبعد محاولة الانقلاب مباشرة أيد كثير من المواطنين عمليات الاعتقال الجماعي متفقين مع إردوغان حين اتهم رجل الدين فتح الله كولن المقيم بالولايات المتحدة بتدبير محاولة الانقلاب التي سقط فيها 240 قتيلا معظمهم من المدنيين. لكن الانتقاد تزايد مع اتساع نطاق الاعتقالات لتشمل أفرادا من مختلف أطياف الحياة مثل القابلات وحراس سجون في أجزاء نائية من تركيا وكذلك نوابا في البرلمان من المعارضة المؤيدة للأكراد مما جعل ثالث أكبر حزب في البلاد بلا قيادة فعليا.

وقال عمر فاروق جيرجرلي أوغلو وهو طبيب وناشط حقوقي أقيل هذا العام "حملات التطهير هذه ليست حالات فردية على الإطلاق، بل هي ظاهرة غذاها مناخ انعدام القانون. وفي حالة التصويت "بنعم" ستزداد الأمور سوءا".

 

"بطل حرب يتحول إلى إرهابي"

وورد في تقرير أعدته النائبة المعارضة زينب ألتيوك أن حملة التطهير في القطاع العام منذ الانقلاب حرمت 1.5 مليون تلميذ من مدرسيهم. وأضاف التقرير الصادر الشهر الماضي أن الدولة وضعت يدها على أكثر من 600 شركة وأوقفت سريان 140 ألف جواز سفر وأقالت 65 رئيس بلدية منتخبا. وبالإضافة إلى ذلك أقيل أكثر من 2000 صحفي وأغلقت عشرات القنوات التلفزيونية والإذاعية والوكالات الإخبارية والصحف.

وقال خبراء حقوقيون بالأمم المتحدة إنّ عمليات الإغلاق تلك قوّضت فرصة الجدال القائم على المعلومات في مرحلة الاستفتاء وأن حالة الطوارئ التي فرضت بعد محاولة الانقلاب باتت ذريعة تبرر الإجراءات القمعية التي ربما تكون مجرد بداية في حالة فوز إردوغان بسلطات أوسع بعد الاستفتاء.

وقال خبراء الأمم المتحدة "نظرا للطبيعة التعسفية والكاسحة لمراسيم الطوارئ التي صدرت منذ يوليو 2016، هناك قلق كبير من احتمال استغلال مثل هذه السلطات على نحو يفاقم انتهاكات الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية القائمة".

وتعهد إردوغان أيضا بإعادة أحكام الإعدام إن حصل على تأييد للتعديلات الدستورية وهو ما يقضي بصورة شبه مؤكدة على مساعي تركيا المستمرة منذ عقود للانضمام للاتحاد الأوروبي الذي يحظر أحكام الإعدام. وكان وضع تركيا كدولة مرشحة للانضمام للاتحاد يكبحها إذ أنّه يتطلب خطوات لتحسين سجل حقوق الإنسان والشفافية.

وقالت آيسجول كاروسمان أوغلو، وهي معلمة محجبة أوقفت عن العمل ليومين بعد محاولة الانقلاب وأقيلت في سبتمبر إنّ الانقلاب بات ذريعة للحكومة كي تتخلص من معارضيها. وأضافت أن التصويت "بنعم" سيوسع على الأرجح تلك الحملة وسيعمقها. وتابعت كاروسمان أوغلو البالغة من العمر 45 عامًا إن تأييد التعديلات "قد يشيع مناخا يتيح شنق كل المعارضين أو حرمانهم من أية فرصة في الحياة.. أسمع أنّهم يفتحون سجونا جديدة كثيرة. أظن أنّهم سيودعون بها أمثالنا".

كانت كاروسمان أوغلو تتحدث في تجمع غير مألوف في إسطنبول الأسبوع الماضي ضم موظفين ممن شملتهم حملة التطهير وأقارب مسجونين تجمعوا للتعبير عن شكواهم. ورفض الحضور أي صلة لهم بمحاولة الانقلاب وقال البعض إنّهم أقيلوا لأسباب لا علاقة لها بارتكاب أي خطأ حقيقي وإنما لمجرد انتمائهم لنقابة اعتبرت مؤيدة لكولن. وكولن نفسه الذي يعيش في بنسلفانيا ينفي ضلوعه في محاولة الانقلاب. وبعد أن كان حليفا لإردوغان يوما باتت شبكته جماعة إرهابية بحسب تصنيف مجلس الأمن القومي التركي قبل شهرين من الانقلاب الفاشل.

أما أحمد إركاسلان وهو ضابط أمن سبق وإن أصيب برصاص مسلحين أكراد خلال عملية أمنية في منطقة سور في ديار بكر العام الماضي فقال إنه أقيل من عمله دون إبداء الأسباب مما جعله بين عشية وضحاها إرهابيا بعد أن كان بطل حرب. وقال "ما زالت أصوات الرصاص وأنا منبطح على الأرض تتردد بأذني". وهو يعتقد أنه سيكون من الصعب أن يعود إلى عمله مهما كانت نتيجة الاستفتاء. وأضاف: "حتى وإن توقفت الإقالات فلن يوظفوا لديهم أناسا ينتقدونهم".

تعليق عبر الفيس بوك