حاملا ورد السلام معرض رسالة الإسلام يصل سراييفو

رئيس العلماء والمفتي العام بالبوسنة والهرسك: العلاقات بين السلطنة ودول العالم تتصف بالسكينة والاعتدال والحكمة والتسامح

المعرض يمثل حركة التجديد التي أطلقتها وزارة الأوقاف برعاية سامية من صاحب الجلالة ورمز التسامح العماني في الفكر الإسلامي يتمثل في سماحة الشيخ أحمد الخليلي

المستشار العلمي بمكتب وزير الأوقاف: المعرض صوت عمان في نشر ثقافة التعايش والدعوة إلى الحكمة والسلم

الدكتور صبحي وسيم تادفي: توصيل رسالة التفاهم والتسامح لكي تكون حاجزا أمام من يريدون إثارة الفتن والصراعات بين الناس

رئيس المنتدى الإسلامي بميونخ: من أول المعارض التي تقام في هذه المدينة من دولة خليجية

مسقط - الرؤية

من أجل نشر وتعزيز ثقافة التعايش المشترك والتفاهم السلمي بين الأمم والثقافات والشعوب يواصل معرض (رسالة الإسلام) جولاته في مختلف دول العالم، حيث انطلقت في مكتبة الغازي خسروبك الإسلامية في عاصمة البوسنة والهرسك (سراييفو) فعاليات المعرض بالتعاون مع رئاسة المشيخة الإسلامية في البوسنة والهرسك وبرعاية كريمة من سماحة الشيخ الدكتور حسين كفازوفيتش رئيس العلماء والمفتي العام للبوسنة والهرسك وسط حضور رسمي وشعبي وإعلامي كبير من المهتمين بالقيم المشتركة، ويستمر حتى نهاية أبريل الحالي.

المعرض يقام لأول مرة باللغة البوسنية، ويأتي في سياق الجهود التي تبذلها السلطنة في مجال نشر القيم الإنسانية الرفيعة، وإيصال رسالة السلام في العالم، وسط أجواء من التوترات الإقليمية، وامتداد رقعة التطرف والإرهاب والعنف، ليكون صوت (رسالة السلام) ردا على كل هذه الممارسات اللاإنسانية والتي تتعارض مع تعاليم الأديان والثقافات المحبة للرحمة والسلام..

في مستهل الفعاليات ألقى سناد تشيمان ممثل سماحة الشيخ حسين كفازوفيتش المفتي العام في البوسنة والهرسك كلمة قال فيها: "يشرفني باسم سماحة الشيخ حسين كفازوفيتش، رئيس العلماء والمفتي العام في البوسنة والهرسك، أن أرحب بإخواننا وأصدقائنا الأعزاء من سلطنة عمان العزيزة، وأن أشكرهم على اختيارهم مدينتنا وبلدنا لإقامة هذا المعرض القيّم والجميل، الذي يعبق برسالة قوية عن السلام والتعايش على الطريقة العمانية.

وأشار ممثل رئيس العلماء إلى أن العلاقات بين السلطنة ودول العالم تتصف بالسكينة والاعتدال والحكمة والتسامح، وتشهد على ذلك مجلة "التسامح" التي تصدرها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بسلطنة عمان منذ عام 1423هـ/ 2003، إلا أن السلطنة اشتهرت وبشكل خاص بالمؤتمر الإسلامي السنوي "تطور العلوم الفقهية"، وقد كان لبلدنا منذ البداية حضور في هذا المؤتمر من خلال مشاركات كل من رئيس العلماء ومفتي عام البوسنة والهرسك وأمين الفتوى في البوسنة والهرسك، ويمكننا القول أنّ هذا المعرض يمثل حركة التجديد التي أطلقتها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بسلطنة عمان برعاية سامية من حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد -حفظه الله ورعاه- ولا يفوتنا القول أنّ رمز التسامح العماني في الفكر الإسلامي يتمثل في سماحة الشيخ أحمد الخليلي المفتي العام لسلطنة عمان، الذي يأسر الناس ببساطته وصفاء فكره.

وأضاف: جاء هذا المعرض نتيجة للتسامح العماني الذي يدعو إليه نداء عمان لتجديد الفقه الإسلامي وفق متطلبات العصر الجديد، والمفتي العام العماني الذي أهدى قلبه وفكره للعالم أجمع، ومن هنا فإن هذا المعرض العماني قد جاء في الوقت المناسب والمكان المناسب، لأن البوسنة والهرسك تجسد كل ما تتضمنه هذه الرسالة العمانية، بأنه لا بديل عن السلام والتسامح لإنقاذ البشرية.

ومن جانبه عبر محمد بن سعيد المعمري المستشار العلمي بمكتب وزير الأوقاف والشؤون الدينية المشرف العام على معرض رسالة الإسلام عن شكر وتقدير الوزارة للمشيخة الإسلامية في البوسنة والهرسك على رعايتها ودعمها لإقامة المعرض في سراييفو والذي يسهم بلا شك في تعزيز العلاقات وتوثيق أواصر الأخوّة، وتعميق التعاون المشترك من أجل القيم الإنسانية وكرامة الإنسان، مضيفا أن المعرض يحمل صوت عمان في نشر ثقافة التعايش وتقبل الآخر والدعوة إلى الحكمة والسلم وحفظ الحقوق الأساسية للبشر أينما كانوا.

 ثقافة الغرب والشرق

أما مستشار سماحة المفتي للشؤون الإعلامية الدكتور محمد يوسيتش فيقول: نحن في المشيخة الإسلامية في البوسنة، وشعب البوسنة نتشرف بفرصة الاطلاع على ثقافة وحضارة سلطنة عمان، نحن حقيقة لا نعرف الكثير عن عمان وإن كنا سمعنا عنكم بأنّها حضارة تعتمد على التسامح، وهذا المعرض بالنسبة لنا أول فرصة لكي نكتشف هذه الدولة والشعب الشقيق إخواننا في عمان.

مضيفا: نحن في أوروبا نعيش أزمة بسبب قيام اليمين المتطرف بتشويه صورة الإسلام والمسلمين، فبالنسبة لنا وجود هذا المعرض يساعدنا على كشف الشبهات وعلى نشر صورة صحيحة عن الإسلام والمسلمين لأننا كشعب بوسني نعتبر أنفسنا جسرا بين الثقافتين، ثقافة الغرب لأننا من الأوروبيين الأصليين، وثقافة الشرق لأننا ننتمي إلى دين الإسلام.

 رسالة التفاهم والتعايش

الدكتور الشيخ الدكتور صبحي وسيم تادفي منسق العلاقات مع العالم الإسلامي في رئاسة المشيخة الإسلامية في البوسنة والهرسك يقول: رسالة المعرض أو رسالة الإسلام من عمان.. الحقيقة هي فكرة جديدة لم أطلع عليها شخصيا من قبل، وأنا أعيش في البوسنة منذ 37 عاما، وأصولي من سوريا.

مضيفا: اليوم عندما رأينا هذه الرسالة، ورأينا المعرض الذي يقدم رسالة التفاهم والتعايش والتسامح والسلام، وجدنا أنها تلبي وتعالج أشد الابتلاءات التي تعاني منها البشرية اليوم في مختلف المناطق في هذا العالم.

وأشار تادفي إلى أن المشروع سيكون له الدور الكبير في توصيل رسالة التعايش والتفاهم والتسامح لكي تكون حاجزا أمام من يريدون إثارة الفتن والاختلافات والصراعات بين الناس.

أمّا مفتي المشيخة الإسلامية البوشتاقية في ألمانيا فضيلة الشيخ باشو فيتيتش فيقول: يسعدني أن أحضر اليوم الاحتفال الرسمي بافتتاح هذا المعرض القادم من عُمان حاملا رسالة التسامح والتفاهم والتعايش بين الناس على اختلاف ثقافاتهم ودياناتهم. مؤكدا أن العالم كله بحاجة لنشر رسائل التعاون والسلام والتعايش والتسامح بين الناس، وهنا في الغرب، وخاصة في جمهورية ألمانيا الاتحادية حيث يعيش المسلمون البشانقة وغيرهم من المسلمين.

ويضيف: الكثير من الناس يظنون أنه لا وجود للتسامح والتعايش إلا في أوروبا، لذا من المهم جدا أن تأتي من المشرق، من جزيرة العرب وبالتحديد من سلطنة عمان، مثل هذه الرسالة الرائعة عن التعاون والتعايش والتسامح بين الناس وبين الأديان المختلفة. نأمل نحن البشانقة المسلمون في ألمانيا أن تتاح لنا الفرصة لنستضيف إخواننا من عمان وأن يقام هذا المعرض في ألمانيا.

آفاق التعاون

فضيلة الشيخ الدكتور بنيامين إدريس رئيس المنتدى الإسلامي في ميونخ ـ ومنسق معرض رسالة الإسلام في دول البلقان قال إنّ معرض رسالة الإسلام من عمان في عاصمة البوسنة والهرسك سراييفو فتح آفاق التعاون خاصة في المجال الثقافي مع سلطنة عمان، وهذه مبادرة طيبة من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية يشكرون عليها وعلى القائمين على هذا المعرض الناجح، ويعتبر من أول المعارض التي تقام في هذه المدينة من دولة خليجية، ومن شعب عريق مثل الشعب العماني الذي يتميز بالأصالة والرزانة وبعد الأفق، والذي يبعث الأمل ليس في المنطقة، وإنما في العالم كله، فرسالة التسامح ورسالة التفاهم والتعايش السلمي ليس لها بديل، وهذا المعرض أكد على هذه الرسالة السامية.

٥٠ لوحة تلخص رسالة الإسلام

اشتمل المعرض على 50 لوحة لمعرض رسالة الإسلام والتي تعرض لأول مرة باللغة البوسنية معبرة عن أوجه الحياة العامة في سلطنة عُمان وما شهدته من نهضة حديثة وتطور مستمر تحت القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه، كما اشتمل المعرض على لوحات من الفن التشكيلي العماني والخط العربي بالإضافة إلى عرض بعض التحف العمانية وملامح الحياة العامة في السلطنة ماضيا وحاضرا.

إصدارات عمانية لتعزيز التواصل

كما أقيم على هامش المعرض عرض بعض الكتب العمانية المهتمة بالتواصل الحضاري وتعميق الفهم المشترك للقيم الإنسانية. بالإضافة إلى استعراض عدد من صور الكتب العمانية المتعلقة ببعض المعارف الدقيقة كعلم الفلك وعلم البحار وعلم الطب وغيرها، وذلك من أجل إبراز مساهمات وجهود العمانيين في السياق العالمي للمعرفة والثقافة والعلوم.

فن الظلال

واشتمل المعرض الذي يقام في واحد من أهم المكتبات في سراييفو على لوحات من (فن الظلال) والذي يقدم للجمهور قيما روحية بالدمج بين عدد من الفنون، كفن الخط العربي والزخرفة وعامل الضوء، اذ تشكل في مجموعها لوحة فنية معبرة، وقدم المشروع لوحات مستمدة من الدعاء والسلام والأخلاق.

من عُمان للعالم

كما اشتمل المعرض على "رسائل عالمية" وهي عبارة عن حملة إعلامية عالمية تهدف إلى نشر ثقافة التعايش والسلام؛ والتسامح والوئام؛ عبر نشر بطاقات تعبر عن هذه القيم في وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية بمختلف اللغات.

وتمثلت الحملة المصاحبة للمعرض عبارة: "افعل شيئا من أجل التسامح" والتي تهدف إلى تمكين كل شباب وفتيات العالم من ابتكار الأفكار والأطروحات والتجارب والجهود التي يمكن أن تسهم ولو بشكل بسيط في نشر ثقافة التسامح في المجتمعات الإنسانية، وتقديمها كمبادرات فردية وجماعية ومؤسساتية يكون لها إطارها العملي في المحيط الذي هي فيه.

وجاء اختيار هذا الشعار إيمانًا بأهميّة قيمة التسامح في ردم الهوة في العلاقات المتوترة، وتقريب وجهات النظر المختلفة، وإيجاد مساحات مشتركة في أجواء تمكن من الحوار والتفاهم وتحقيق السلام. مع مناسبة هذا الشعار للأفراد في محيط الأسرة وعلى مستوى المجتمعات والدول.

وتمّ حتى الآن إصدار سبعة بطاقات لهذه الرسائل: الأولى تحمل رسالة "وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا" وهي جزء من آية كريمة تقرر سنة التعارف كأساس للتعاملات بين الشعوب والقبائل؛ فهي ميزة إنسانية في غاية الأهمية تأخذ أبعادها من كون الاختلاف والتنوع عوامل تكامل وانتظام لا عوامل تفرق وانتقام.

والثانية تحمل رسالة "أحب للناس ما تحب لنفسك" وهي جزء من حديث نبوي شريف؛ يعمق في النفس الشعور بأهميّة الأنفس الأخرى وتقديرها، ويلفت نظر الإنسان إلى أنّه ضمن مجموع إنساني يتأثر ببعضه البعض، فإن كان يود لنفسه خيرا فليحب ذلك لغيره، ولو فعل كل فرد بهذا التوجيه لقلت نسب التنافس غير الشريف وما يتبعها من أخلاق مذمومة.

والثالثة تحمل رسالة "خالق الناس بخلق حسن" وهي كذلك جزء من حديث نبوي شريف وتحمل مفهومًا إنسانيًا بجعل الأخلاق هي محور التعاملات بين البشر، وأساسا للتعايش فيما بينهم، نظرا لما تمثله القيم والأخلاق من تأثير روحي ونفسي عميقين، وعلى الخصوص لدى أتباع الديانات.

والرابعة تحمل رسالة "وبالوالدين إحسانا" وهي جزء من آية قرآنية كريمة تدفع الإنسان إلى تقدير الوالدين واحترامهما، وبذل الخير لهما، والإحسان إليهما بكل جميل ومعروف، وتم اختيار هذا الشعار ضمن حملة قيمة التسامح لارتباطها الوثيق بهذا الخلق.

والرسالة الخامسة بعنوان: "أد الأمانة إلى من ائتمنك" من أجل تعزيز خلق الأمانة بين الناس، كقيمة مهمة في التعاملات الإنسانية.

والرسالة السادسة بعنوان: "لنفسك عليك حق" وذلك للإشارة على أهمية الاهتمام برفع القيم في النفس، والتركيز عليها في البناء الأخلاقي.

والرسالة السابعة بعنوان: "أفضل الناس أنفعهم للآخرين" للتأكيد على مبادئ التعاون بين الناس ونشر ثقافة العمل المشترك في مجال النفع العام والعمل التطوعي والخيري.

افعل شيئا من أجل التسامح

كما تم خلال الافتتاح إطلاق حملة: (افعل شيئا من أجل التسامح) (Act For Tolerance # ) لجمع أكبر عدد ممكن من المشاركات في هذا الإطار تعزيزا لنشر ثقافة التعايش بين قطاعات الشباب والفتيات في كل دول العالم.

رحلة حول العالم

الجدير بالذكر أن معرض (رسالة الإسلام من عُمان) تم إطلاقه من قبل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية منذ عام ٢٠١٠، وزار أكثر من ثلاثين دولة حول العالم حتى الآن، ويحمل عنوان: (التسامح والتفاهم والتعايش: رسالة الإسلام من سلطنة عُمان) ويهدف إلى نشر مظلة هذه القيم بين شعوب العالم، وقد اكتسب المعرض قبولا متناميا في الأوساط العالمية، وتم التنسيق بشأنه مع عدد من المنظمات العالمية وأهمّها منظمة اليونسكو، والعديد من المركز الدينية المهتمة بنشر القيم المعتدلة والدعوة إلى السلم والعيش المشترك بين الناس والثقافات والأديان.

تعليق عبر الفيس بوك