المشاركون يدعون إلى إعداد مناهج تدريبية وتأهيلية للأشخاص ذوي الإعاقة

"ندوة الرؤية" توصي بوضع استراتيجية وطنية لاستنهاض طاقات المعاقين.. وتطالب بتعزيز دعم الجمعيات الأهلية

...
...
...
...
...
...
...
...
...

 

 

 

د. نادية العجمي: مفهوم دمج المعاقين ليس تعليميا في المدرسة فقط بل سياسي واقتصادي واجتماعي

 

د. محمد اللواتي: المعاق جزء من المجتمع وليس عبئاً عليه وفي الدول المتقدمة يُقبل في المدارس العادية مع تهيئة البيئة

 

م. فؤاد الكندي: يجب أن تكون هناك خطط قصيرة وطويلة المدى وعدم ترتيب الأشياء يخلق عشوائية

 

أحمد القاسمي: الفرق التطوعية تعاني من عدم وجود تشريعات تعمل تحت مظلتها أو تمويل كافٍ

 

 

مختار الرواحي: نحتاج إلى توجهات وخطط مدروسة لإعطاء الفرص لذوي الإعاقة حتى يحظوا بحقهم في العيش الكريم

 

 

 

 

 

أوصت ندوة الرُّؤية بالعمل على وضع استراتيجية وطنية لخدمة المُعاقين، يتم من خلالها تحديد الرؤى والأهداف المستقبلية ووسائل تحقيقها والعمل على توزيع الأدوار بين القطاع الأهلي والحكومي ضمن خطة محكمة محددة الموارد والمسؤوليات والإطار الزمني للتنفيذ تغطي كل أنواع الإعاقة والأعمار والمناطق في السلطنة وتشمل التعليم والتأهيل على المهارات الحياتية والتأهيل المهني والدمج والرعاية الصحية.

كما أوصت الندوة بتفعيل الفصل الثالث من قانون رعاية وتأهيل المعاقين والخاص بإنشاء "اللجنة الوطنية لرعاية المعاقين" مع التأكيد على مُشاركة الجمعيات الأهلية والقطاع الأهلي بتلك اللجنة وبالطريقة التي تسمح بمشاركتهم في تنفيذ اختصاصات اللجنة.

وتضمنت التوصيات التأكيد على أهمية تلقي الجمعيات الأهلية الدعم الفني اللازم من الجهات الحكومية المسؤولة خاصة في مجال وضع الخطط وإعداد المناهج والتدريب وأن يكون ذلك الدعم بمستوى أداء الجمعيات الأهلية والتقدم المتحقق فيها ومتطلبات العمل وأن يكون وفق آليات تعتمد الحوار والرأي الآخر والتخصص وفي إطار مؤسسي بعيد عن الاجتهادات الفردية.

كذلك أوصى الخبراء المشاركون بالندوة بوضع التشريعات اللازمة ومظلة يندرج تحتها عمل الفرق التطوعية، والعمل على تطوير أساليب رفع الوعي المجتمعي وتغير توجهاته السلبية تجاه قضية الإعاقة والأشخاص ذوي الإعاقات وتحقيق التكامل والتواصل بين الهيئات المختلفة التي تقوم بدورها .

واختتمت التوصيات بالتأكيد على أهمية إنشاء مركز التشخيص المبكر للإعاقات على المستوى الوطني وضرورة عرض سياساته وخططه والبرامج المعتمدة التي تعكف الوزارة عليها.

 

شارك في الندوة التي أقامتها الرؤية حول المعاقين كل من الدكتورة نادية العجمي مدير مركز الأمان للتأهيل بوزارة التنمية الاجتماعية، والدكتور محمد اللواتي ناشط في مجال حقوق الطفل المعاق، والمهندس فؤاد الكندي وهو عضو فاعل في العديد من مؤسسات المجتمع المدني، وأحمد القاسمي الناشط في إحدى الفرق التطوعية بولاية السويق ومختار الرواحي مؤسس جمعية المعاقين.

 

 

 

 

الرؤية – مدرين المكتومية – محمد قنات

جاءت الندوة في إطار اهتمام جريدة الرؤية بمُناقشة قضايا حيوية من خلال حوار مجتمعي موسع، خاصة وأن العملُ التطوعيّ الموجّه إلى فئة المعاقين شهد في الآونة الأخيرة ثورةً على جميع الأصعدة بدايةً من إعادة النظر إلى مفهوم ومصطلح الإعاقة، وصولاً إلى تطوير برامج التأهيل والتدريب، ونهايةً ببناء برامج ثقافية عالية الجودة تستهدف إدماج المُعاقين في مشاريع التنمية ورفع معدلات الإنتاجية والاستثمار في مهارات هذه الفئة.. وفي هذه الندوة نسعى إلى الإجابة عن بعض التساؤلات الإستراتيجية التي يمكن الانطلاق منها في دعم ثقافة العمل التطوعي في مجال الإعاقة، والتمثّل بالمعايير العالمية والاستنفار المجتمعي في تحقيق الاستفادة القصوى من المُعاقين وإدماجها في برامج التنمية المستدامة.

 

 بيئة مُحفزة

يبدأ المُكرَّم حاتم الطائي بتعريف المُشاركين في النَّدوة والتَّرحيب بهم وتوجيه الشكر لهم على اهتمامهم بقضايا التَّوحد والعمل على تذليل الصعاب التي تواجههم، ومن بينها ما يتعلَّق بمدى وعي المُجتمع خاصة وأنَّ التوجه العالمي وفي المجتمعات المتحضرة هو الاستفادة من المُعوقين وإمكانياتهم في مُختلف المجالات باعتبارهم ثروة موارد البشرية لأي بلد ويُمكن أن يحملوا مسار التنمية والتَّقدم، ومن الضروري أن تكون هنالك بيئة محفزة لإدماج المُعوقين في المجتمع لكي يقوموا بدورهم كاملاً في العمل والحياة بصورة عامة، إضافة إلى أهمية أن ينعم المعوقون بحقوقهم كاملة.

ويشير الطائي إلى أنَّ الهدف من الندوة هو محاولة إزالة الكثير من سوء الفهم لدى بعض أفراد المجتمع بأن المعوق شخص غير قادر على العطاء، فالكثير يجهل أنهم جزء من ثروة الوطن متى ما وجدوا البيئة المناسبة حتى يخرجوا جميع إمكانياتهم التي يُمكن أن تخدم المجتمع بصورة كبيرة، وهذه الإمكانيات يجب ألا تضيع نتيجة لوجود قصور في الفهم لدى البعض، وهناك أمثلة لقصص نجاح تحققت على أرض الواقع حيث استطاع الكثير من المُعوقين في السلطنة وفي الخارج أن يُحققوا إنجازات وبطولات عندما هيئت لهم البيئة المُناسبة للنجاح وهي نجاحات وإنجازات شرفت الوطن.

 

 دمج المُعاقين

وبدوره يؤكد مختار الرواحي مؤسس جمعية المعاقين أنَّ وزارة التنمية ومن خلال اللجنة الوطنية والجمعيات الأهلية ساعدت بشكل كبير في دمج المعاقين من جميع الفئات وفي عام 1989 وقعت عُمان على اتِّفاقية حقوق ذوي الإعاقة والاتِّفاقية من خلال بنودها التي تُعطي المعاقين حقوقهم ومن هذا المنطلق بدأت الأمور تسير في الاتجاهات الصحيحة من قبل الجهات الحكومية في إعطاء الفرصة للأشخاص ذوي الإعاقة في دمجهم في المجتمع إلى جانب حقوق فرص العمل وغيرها من الحقوق.

ويتوقع مُختار أن يكون هنالك مزيد من التَّعاون بين وزارة التنمية الاجتماعية ووزارة الصحة والجمعيات الأهلية في خدمة المعاقين وتهيئة البيئة التي يحتاجونها، واستدرك أنَّ الإعاقة ستكون موجودة طالما أنَّ هناك حوادث وأطفال يولدون معاقين وفي كل مرة يحتاجون إلى الدمج والذي يحتاج بدوره إلى توجهات وخطط مدروسة لإعطاء الفرص لذوي الإعاقة حتى يحظوا بحقهم في العيش الكريم، وأعاب مختار العمل خلال الفترات السابقة لأنّه لم يُوجد خططا واضحة يُمكن أن يحصل المُعاق من خلالها على حقوقهم حيث كانت المدارس غير مُؤهلة والبيئة أيضًا بصورة عامة، وخلال السنوات الماضية صدرت بعض القوانين من أجل إعطاء الفرص للمُعاقين ومما ساعد كثيراً على ذلك وجود اهتمام حقيقي من قبل وزارة التنمية بإجراء التغييرات التي من شأنها أن تخدم المُعاقين وفقاً لالتزامها بالاتفاقية الدولية.

 

المجتمع للجميع

ويُوضِّح دكتور مُحمد اللواتي ناشط في مجال حقوق الطفل المُعاق أن أي عمل حتى ينجح لابد أن يكون له برامج وإطار فكري مُسبق ودراسة الاحتياجات وهو ما سلكه العمل في مجال المُعاقين حيث كان المجتمع المدني هو السبَّاق والآن وصلنا إلى مرحلة أن نعمل في إطار فكري وأن نضع تعريفاً علمياً للدمج ومن ثم نوفر مقومات هذا المصطلح، ويضيف أنَّه عندما نتحدث عن الدمج نعني الدمج الثقافي والاجتماعي والتعليمي وهي جميعها مصطلحات يُمكن أن تختصر في فكرة المُجتمع للجميع، حيث لا توجد أي حواجز في المجتمع تمنع الدمج الثقافي وذلك يتضح من خلال جميع المؤسسات القائمة على العمل الثقافي وهي - أي المؤسسات - تعتبر أن المُعاق جزء من المجتمع وليس عبئاً عليه وله فكر وعلم يجب أن ينظر إليه، وألا ينظر إلى عدم قدرته على الحركة، وأن الدول المُتقدمة والمتطورة أصبح الطفل المُعاق يقبل في المدارس العادية مع تهيئة المدرس والبيئة المدرسية.

ويتفق اللواتي مع ما ذهب إليه مختار بأن ما أنجز يُعتبر عملاً كبيرًا وعطاءً ملموساً ما بين الحكومة والقطاع الأهلي، وحان الوقت أن يُؤطر هذا العمل نظرياً وعملياً، ويتساءل: أين نحن من الإستراتجية الوطنية للمُعاقين التي أعدتها "اليونسيف"؟

 ويتابع: إلى الآن العمل يتم في ظل غياب الإستراتيجية الوطنية للمُعاقين التي من خلالها تتحدد رؤية العمل والأهداف العامة وتتحدد السياسات والبرامج وخطط العمل حتى يمكن أن نصل إلى الدمج بمفهومه الاجتماعي والتعليمي والاقتصادي والثقافي، وقد حان الوقت لوجود الإستراتيجية لتطوير وتفعيل العمل خاصة وأن الإمكانيات العقلية البشرية موجودة إلى جانب الإمكانيات المادية التي تتمثل في المنشآت والمباني وربما نحتاج فقط إلى التنظيم والإدارة.

ويتطرق إلى تجربة جمعية الأطفال المُعوقين في وقت سابق والتي نجحت في دمج أعداد من الأطفال المعوقين في المدارس الحكومية، ورغم هذا النجاح لم يكن الدمج في إطار قانون ولائحة ورؤية على مستوى الوطن بل كان الدمج يتم بواسطة جهود فردية، واستدرك أن الجميع يسمعون أنَّ وزارة التربية لديها برامج للدمج، ولكن هل هذا الأمر معروف بالنسبة للمجتمع وهل هو – أي البرنامج يعتبر أحد أدوات سياسة التنمية الاجتماعية في السلطنة، وعند الإجابة على هذه الأسئلة سنجد أن البرنامج محدود ولكن بالجهود الذاتية استطعنا أن ندمج بعضاً من أطفال الإعاقة السمعية وكل هذه الجهود تكون في إطار مؤسسة مع مؤسسة وليست في إطار سياسة عامة.

 

 إدماج الأطفال

ويقول المهندس فؤاد الكندي إنَّ ما أُنجز حتى الآن فيما يتعلَّق بالأطفال المعوقين يعتبر مرضياً إلى حد ما ونتطلع إلى إنجاز الكثير في إدماج الأطفال، لأنَّ الوقت يمضي وأعمار الأطفال تمضي أيضاً ويجب على الذين يضعون السياسات ألا يفكروا في جيل واحد بل يجب أن يفكروا في أكثر من جيل، لأنَّ الإعاقة لا تتوقف ويجب أن تكون هناك خطط قصيرة وطويلة المدى لأنَّ عدم ترتيب الأشياء يخلق عشوائية حتى في وقت التنفيذ وإنه بسبب التأخير يمكن أن يفقد الأطفال الزمن أو السنوات التي يمكن أن يستفيدوا منها إذا ما تمَّ دمجهم.

 

 

 شراكة مع المؤسسات

وتُوضِّح دكتورة نادية العجمي مُدير مركز الأمان للتأهيل بوزارة التنمية الاجتماعية أنَّ أغلب أدوار وزارة التنمية تكون في شكل شراكة مع المؤسسات الأخرى المعنية، مثل وزارة الصحة والتربية والجمعيات الأهلية والمراكز وتضيف أنَّ المُعاق جزء لا يتجزأ من المجتمع ولا أحد يستطيع نكران وجوده ولا يجب أن يتم التعامل معه كأنه من كوكب آخر .

وحول دور وزارة التنمية قالت: إنَّ هذا الدور خلال السنوات الماضية كان به بعض البطء فيما يتعلق بالخدمات وتوصيلها، خاصة وأنَّ عمان دولة مُترامية الأطراف ولكن منذ عام 2013، بدأت الأدوار تتضح بشكل كبير وذلك بفضل الجهود التي تبذل من قبل العديد من الجهات إلى جانب رغبة الأسر في توفير وتطوير الخدمات وفي تلك الفترة كانت الأسر التي تأتي إلى الوزارة تقول رأيها بصراحة، وتشعر أن لديهم دوافع خلقت حراكاً على مستوى تدريب الكوادر وتدريب الأسر نفسها، إضافة إلى إنشاء المؤسسات وتوسعة وفتح المجال للمستثمرين لإنشاء مراكز خاصة وصل عددها إلى ما يفوق 22 مركزا خاصا واستدركت لازلنا ننتظر ثمار هذا الحراك الذي من المؤكد لا يمكن أن نجنيه في نفس اليوم فالدمج يحتاج لوقت أطول ولجهد وتأهيل للأفراد العاديين لأنهم هم من يتقبلون الأشخاص المُعاقين.

 

وتشير إلى أنَّ مفهوم الدمج ليس فقط في المدارس بل هنالك دمج سياسي بأن يكون المعاق في مجلس الشورى أو الدولة وغيرها من الجوانب السياسية، وأيضاً يمكن دمجه في الجانب الاقتصادي بإعطائه الفرصة للدخول في مشاريع خاصة بذوي الإعاقة إلى جانب الدعم المجتمعي عن طريق البرامج والأنشطة وتهيئة البيئة ولفتت إلى أن الحدائق صممت لفئات محددة وأغفلت المعاق خاصة وأن هذه الأشياء تم إنشاؤها منذ فترة ولكن لم يكن هنالك محور للمعاق ويجب تأهيل هذه الأمكنة من أجل دمج المعاقين .

وأضافت أنَّ وزارة التربية تبذل جهودًا مقدرة إلا أن خطة الدمج لا تزال تنفذ وفق اجتهاد أفراد وفي كثير من الأحيان يواجه المعاقون الذين يتم دمجهم مشاكل بأن يجدوا أن بعض المدارس غير مؤهلة لدمجهم – أي بمعنى هنالك عراقيل أخرى تؤخر عملية الدمج، أما عن عملية دمجهم في سوق العمل فعملت وزارة التنمية على دمجهم وتشغيلهم وخلال الفترة الماضية هنالك حوالي 150 معاقاً تم دمجهم في مؤسسات خاصة وقطاع العمل وتأسفت لأن بعض المؤسسات تقوم بتوظيف المعاق اسمياً باعتبار أن معاقاً يعمل لديها .

 

 غياب رؤية إستراتيجية

ويُؤمِّن الدكتور محمد على ما ذهبت إليه الدكتورة نادية ويقول إنِّه منذ عام 2013 هنالك تغير نوعي فيما يتعلق بالدمج وأنه بفضل التواصل مع الجهات الحكومية وبفضل هذا التواصل تحققت أمور كثيرة تصب جميعها في مصلحة المعاقين، ولكن ما يتم إنجازه الآن يحدث وسط خلال غياب رؤية إستراتيجية .

ويتابع يجب أن يكون هنالك تعريف واضح للإعاقة والخدمات التي تقدم في إطارها من شديدة إلى متوسطة والجسدية والبصرية والخطوة التي تليها، يجب أن نعرف التوزيع الجغرافي لأعداد المعاقين وأعمارهم، وفوق كل ذلك لا توجد لدينا المراكز الكافية لذوي الإعاقة الشديدة حيث يوجد مركز واحد مؤهل للإعاقة الشديدة وهو مركز الأمان للتأهيل .

ويضرب مثالاً بجمعية الأطفال المعاقين ويقول: لديها عشرة مراكز تهتم بالأطفال من ست سنوات إلى ستة عشر عاماً بإعاقة (أ-ب-ج) وهذا العمل يتم برؤية متكاملة من خلال منظومة يعمل بها، ومن الضروري أن هنالك رؤية استراتيجية متكاملة للمعاقين.

 

ويتطرق الدكتور محمد إلى الهيئات المسؤولة عن رعاية المعاقين في السلطنة ويقول إن العلاقة مع بعض الجهات هي علاقة تنافسية ولابد من بلورة مفهوم التأهيل المرتكز على المجتمع مع تطوير الهيئات الرسمية والأهلية والخاصة العاملة في مجال الإعاقة بعلاقة تكاملية وتوسيع دائرة خدماتها لتشمل كل أنواع الإعاقة والأعمار وتوزيعها الجغرافي والمناهج التعليمية والمعينات وتدريب العاملين وتحقيق أهداف الاستراتيجية.

ويضيف أن جمعية الأطفال المعاقين لديها نقص في الكادر الأكاديمي الذي يستطيع أن يعطي المعلومة والمهارة الصحيحة للطفل إلى جانب نقص المنشآت ووسائل النقل والمعينات.

ويكمل بالقول: بدلاً من مساعدة الجمعية في استكمال هذه الأشياء يتم إنشاء مركز بالقرب منها وبسبب افتتاح هذه المراكز بدأت الأعداد تتناقص في الجمعية، وذلك أن الأم العمانية اليوم تختلف عن تلك التي كانت قبل عشر سنوات، فقد كان كل همها في الماضي ينحصر في كيفية التخلص من وجود هذا الطفل بالمنزل ولكن الآن أصبحت على وعي وبدأت تسأل عن تواجد الموجه التربوي والعلاج الطبيعي والنطق وغيرها من الأشياء وأصبحث تبحث عن ذلك في المراكز الأخرى.

 

 

ويقول مختار الرواحي إنَّ اللجنة الوطنية لحقوق المعوقين تعمل بصورة جيدة والآن هنالك لجنة فرعية وهي تعمل أيضاً على تطوير العمل وعلى العديد من المواضيع من بينها التأهيل والتوظيف وتوقع أن تتغير الأمور باعتبار أن هناك إستراتيجية واضحة لوزارة التنمية مع عدد من الجهات تستهدف المعاقين، خاصة أن الإعاقات كثيرة لا تتوقف وهي تحتاج مبالغ تصرف لنواحي التعليم والتأهيل، ويضيف أن هنالك عملا ملموسا يصب نحو التغيير إلا أن هذا التغير يسير ببطء، خاصة وأنَّ هنالك إعاقات بسيطة ولكن بعض الإعاقات الشديدة تحتاج إلى تدخل بصورة أسرع خاصة وأن بعض الإعاقات تكلف مبالغ ولا توجد علاوات.

 

وبدوره يتحدث الدكتور عن اللجنة الوطنية ويقول:هناك مرجعية تتمثل في قانون رعاية وتأهيل المعاقين حيث يتحدث الفصل الثالث من القانون عن أن اللجنة تختص بدراسة وإعداد الخطة العامة لرعاية وتأهيل المعاقين ووضع البرامج الخاصة برعايتهم وتأهيلهم والتوعية بجميع أنواع الإعاقة على أن تقوم اللجنة بالتنسيق والتعاون مع الجهات المعنية لإجراء الدراسات والبحوث وجمع وتسجيل البيانات والإحصاءات، وتبصير المجتمع بالإعاقة وتيسير وتسهيل الحصول على الإعانات، ويتابع الجميع يُريد أن يعرف انعكاس هذه الأشياء على عمل الجمعية، واستدرك أنه عندما أنشئت الجمعية كان جميع رؤساء مجالس الجمعيات الأهلية أعضاء فيها حيث تجاوزهم التشكيل الجديد.

وتساءل: كيف يُمكن أن تخرج القطاع الأهلي من اللجنة وتطلب منه أن يساهم إلى جانب أن المسؤولين والموظفين في الحكومة هم أشخاص مثقلون بأعبائهم ولا يمتلكون من الوقت ما هم مكلفين به رسمياً لذا لا يُمكن أن نكلفهم بأعباء أخرى في اللجنة الوطنية.

ويرى أن ما أنجزته اللجنة الوطنية متواضع جداً ولا يرقى لما أنيط بها من مهام ومسؤوليات بموجب المرسوم السلطاني السامي والذي حدد اختصاصات اللجنة الوطنية في الفصل الثالث.

 

 تحت مظلة واحدة

فيما ذهبت دكتورة نادية إلى أن اللجنة الوطنية يرأسها مَعَالي الشيخ وزير وزارة التنمية الاجتماعية لكن هنالك لجنة منبثقة تعد فرعاً ولها اجتماعات أكثر من اجتماعات اللجنة الأساسية برغم أنّ السنوات الماضية لا يوجد بها حراك إلا أنه خلال العامين الماضيين بدأ الحراك وبدأت اللجنة في تجميع الجهات تحت مظلة واحدة، من أجل حلحلة بعض الأمور التي تتعلق بالإعاقة إلى جانب التعريف بالأدوار كما أن هنالك لجنة ستقدم تنويراً للمؤسسات الحكومية للتعريف بأدوارهم تجاه المعاق وأن التعريف أيضاً يكون بنص القوانين وهو دور هام أن يتم تبصير المؤسسات الحكومية بأدوارها التي ينبغي أن تقوم بها تجاه المعاق.

 

وتضيف أنه حتى الآن لا توجد استراتيجية عامة للمعاقين إلا أن وزارة التنمية الاجتماعية بدأت في وضع تلك الاستراتيجية والتي تحتوي على فصل كامل يفتح المجال للمعاقين، وذهبت إلى أن المراكز الحكومية الخاصة بالمُعاقين موزعة على السلطنة ولايوجد أي تكدس ولكن فيما يتعلق بالتصاريح للمدارس الخاصة في كثير من الأحيان لا يراعى المكان الجغرافي وهذا يُمكن التغلب عليه من خلال الحرص على أن يجاور المؤسسات الحكومية مركز خاص ونضع بين يدي المستفيدين عدة بدائل يختاروا منها، خاصة وأن المراكز الحكومية بها إمكانيات وتضخ فيها أموال كثيرة ولكن الفكر السائد لدى الكثيرين من ذوي الإعاقة يجعلهم يفضلون المراكز الخاصة، وفي الفترة الأخيرة أصبحت هنالك كثير من المراكز الخاصة وهو أمر جيد إذا ما تمت مراعاة الجوانب الجغرافية، وتتابع أن بعض أولياء الأمور عندما يقبل أبناؤهم في مراكز حكومية يرفضون ويفضلون المراكز الخاصة، وأن الوزارة ستسعى إلى أن يكون الخيار الأول هو المراكز الحكومية والثاني المراكز الأهلية والثالث يكون الخاص وأن هذا الأمر يحتاج إلى تفعيل حتى نعطي الثقة بهذه المؤسسات فالوزارة حالياً تدعم هذه المراكز من خلال التأهيل على نفقة الوزارة.

وتؤكد أن وزارة التنمية تعمل حالياً على موضوع مراقبة المراكز كما أن هناك معايير لاعتماد المراكز ومن ثم مراقبتها وأن هذه المعايير لابد أن تكون واضحة ومُعتمدة من قبل مؤسسات أكاديمية والخدمة يجب أن تقدم على حسب حاجة الطفل وأن ينظر إلى المكان الذي يناسبه.

 

 هموم مشتركة

من جهته قال أحمد القاسمي الناشط في إحدى الفرق التطوعية: عملت في المجال التطوعي في عدة قطاعات اجتماعية وثقافية، وجميع النقاط التي تمت مناقشتها هي نقاط وهموم مُشتركة في عملية دمج ومشاركة وتأهيل المعاق، ولكن ما نواجهه دائماً هو التشريعات التي لا تجد فيها الفرق التطوعية أي احتواء، ولا يوجد هناك أي قانون وتشريع تعمل تحت مظلته الفرق، فعلى سبيل المثال،هناك برامج معينة لدمج المعاقين وتأهيلهم وتدريبهم ولكن دائمًا ما يكون هناك صدام مع الجانب التشريعي، فإذا ذهبت اليوم للهيئات الخاصة أو المؤسسات أو أصحاب الأيادي البيضاء لتقديم الدعم للفرق التطوعية لتقديمها للمعاقين، دائماً ما نجد الرد... بأي صفة تحدثوننا..؟ فإذا لم تحملوا صفة رسمية لا يُمكننا التعامل معكم.

ويكمل القاسمي: من ضمن التحديات التي تواجه الفرق التطوعية هو ما يتعلق بالتمويل والذي لا يُمكن توفيره إلا إذا تم توفير الجانب التشريعي، ولدينا في المجال التطوعي مبادرات يتم خلالها تحويل نظرة المجتمع للمعاق من عبء على المجتمع إلى شخص منتج، على سبيل المثال لدينا إحدى العائلات جميع أفرادها مُعاقين والمبادرة التي قدمناها لهم كانت عبارة عن فرن طبخ لنجعلهم يعتمدون على أنفسهم، عندما نذهب للتنمية يحدثوننا بأنهم في انتظار القانون، وعندما نذهب للأندية التي لا يُمكن أن تحتضننا، ولا يُمكن الحصول على المادة خوفاً من أن تذهب تلك الأموال إلى أي جانب وجهة غير رسمية ويتم إنفاقها على غير الهدف المرجو منها.

من جهته يقول الدكتور محمد اللواتي: للأسف الشديد الجمعيات التي أعرفها، تحولت من مفهوم العمل الاجتماعي ومن الخدمة الاجتماعية إلى موظفين ومؤسسات، العمل التطوعي الذي تحدث عنه أحمد قد انتهى، جمعية الأطفال المعوقين تضم 130 موظفة يتقاضين مُرتبات شهرية ولديهن إجازات وتمَّ توقيع عقود عمل لهن وتأمينات اجتماعية وهو ما حول العمل الاجتماعي إلى عمل مؤسسي مهني فقد مفهوم العمل التطوعي، وذلك كان سبباً في ظهور مشكلة أخرى، تتمثل في أنَّ المتواجدات في هذا العمل تحولن من متطوعات إلى موظفات لهن الحق في الانتساب لعضوية الجمعية وبالتالي أصبحت هناك فئتان تتنافسان على رأس المال، والذي يُعد محدودا، وهناك غياب تام لولي الأمر وحينما تأتي الانتخابات يبدأ الصراع.

 

 التربية حق لكل طفل

ويتطرق المهندس فؤاد الكندي إلى التربية ويقول إنها حق لكل طفل، فالمُعاقون مشكلتهم التربية والصحة أي علاج وتأهيل اجتماعي، فلديهم أكثر من مطلب، والطفل العادي لديه فقط مطلب التربية، أما الطفل المعاق فهو بحاجة إلى عاطفة تستقبله وتتقبله، ولو أخذنا مجال الصحة على سبيل المثال، وذكرنا أن الدولة لن تقدم العلاج لمرضى القلب وطلبوا منّا أن نقوم بإنشاء جمعية ويتم خلالها تقديم الدعم اللازم والبسيط كمعونات، فهل يمكن تقبل الأمر، الأمر كذلك مع المُعاق، فالدولة لا تختار بين أن تقدم العلاج أو لا تقدمه.

 

ويقول مختار الرواحي: في السابق كان ولي الأمر هو من يتدبر أمر طفله المُعاق، فعندما نجد أنّ هناك طفلا ولد في أحد البيوت وحصل على حقوقه كاملة من تعليم وغيرها، وآخر ولد لديه مشاكل واختلافات، فعلى الحكومة لعب دور في إعطاء هذا الطفل حقوقه وتوفير الخدمات اللازمة لأسرته ولا تكون هناك أي تفرقة، ولا نعتمد اعتمادا كاملا على الجمعيات الأهلية والتبرعات بل أن تكون شيئاً إضافيا، ويجب العمل على تشجيع وتحفيز الشباب على العمل في مجال التطوع.

 

أما نادية العجمي فتقول: الجدل مُستمر منذ زمن حول الفرق بين المتطوع والذي ينتظر الوظيفة وما بين المُوظف والمتطوع، وتحويل مراكز الوفاء إلى مراكز حكومية كان مبادرة طيبة جداً ولكن هناك جانب من التطوع مورس في الفترة الأخيرة بطريقة خاطئة، وهو ما حرك الجهات الأخرى وهناك الكثير من المتطوعين يطلبون تحويلهم إلى موظفين أسوة بغيرهم وإذا استجبنا وفعلنا ذلك وحولنا كل متطوع إلى موظف نكون قد أغلقنا باب التطوع، ونحن لا نريد القضاء على روح العمل التطوعي في نفوس الشباب.

وتكمل بالقول: فيما يخص الكلام الذي يتردد حول رفض الوزارة لموضوع التطوع، دعونا نقول إنَّ ذلك خشية من المتطوعين، خاصة وأن الكثيرين في الآونة الأخيرة، اعتمدوا باب التطوع لأجل استغلال صوتهم في الإعلام للمطالبة بالتوظيف ومطالب أخرى، فيصدم المؤسسة بأنّه كان يعمل ليل نهار لأجل أن يتم توظيفه، وهو ما جعل الوزارة تتوخى الكثير من الحذر في التعامل مع المتطوعين، وحالياً تم فتح باب التطوع ولكن وفق استمارة تعهد، وفي كثير من الأحيان تمزق هذه الورقة ويعود الشخص لوسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت نافذة للهجوم والمطالبات، وعلى سبيل المثال جاء إلينا فريق تطوعي وفي عجالة من أمره يطالبنا بالقيام بفعالية، وبعد فترة اكتشفنا أنَّ الفعالية مقامة لأجل المشاركة في مُسابقة للحصول على مبلغ مالي.

ويقول الدكتور محمد: هناك ضرورة لبلورة مفهوم التأهيل المرتكز على المُجتمع مع تطوير الهيئات الرسمية والأهلية والخاصة العاملة في مجال الإعاقة بعلاقة تكاملية وتوسيع دائرة خدماتها لتشمل كل أنواع الإعاقة والأعمار وتوزيعها الجغرافي والمناهج التعليمية والمُعينات وتدريب العاملين وتحقيق الأهداف الإستراتيجية، وهناك ضرورة لدعم الهياكل التنفيذية والإدارية والتنظيمية للأجهزة الحكومية القائمة على رعاية خطط وبرامج وأنشطة الجمعيات الأهلية والمجتمعات المحلية وجعلها قادرة على النهوض بمهامها بكفاءة وإمكانية وتخصص وقادرة على تفعيل بنود قانون رعاية وتأهيل المُعاقين بالسلطنة.

ويكمل بالقول: من الضروري تفعيل المادة (7) من قانون رعاية وتأهيل المعاقين وأن يكون "التعليم" أحد محاور الإستراتيجية الوطنية لخدمة المعاقين وذلك يتطلب إجراء مراجعة وتقييم شامل لما تقدمه وزارة التربية والتعليم ووزارة التنمية الاجتماعية والمراكز التابعة للجمعيات الأهلية من برامج تعليمية للمعاقين ومستويات وجودة ونوعية البرامج المقدمة، وتجارب الدمج التي تنتجها وزارة التربية والتعليم والارتقاء بها لتغطي جميع الأطفال المعاقين وفي جميع المدارس وتهيئة المدرسين والطلاب وأولياء الأمور.

 

وتضيف نادية العجمي: عندما تتم ولادة الطفل فإنَّ أول جهة يجب أن تحتضنه هي وزارة الصحة، التي تقدم له كل الخدمات التي يحتاجها وهناك دوائر تثقيف وتوعية وتعمل على بذل الجهود المطلوبة، خاصة وأنَّ البعض لم يتلق تعليمًا كافيًا أو حصل على شهادات علمية ولهذا يجب أن تفعل دائرة التثيقف الصحي بشكل أكبر، ومن ثم يأتي دور الأسرة في المُتابعة من خلال الجهات الصحية للاطمئنان على تطور حالة المعاق، ومن ثم تأتي الأدوار الأخرى، ولكن الدور الأساسي هو دور الأسرة.

تعليق عبر الفيس بوك