في العدد الـ17 من "الوشق"

"الوطني للبحث الميداني" يحذر من صيد السلاحف ويرصد المخاطر التي تهددها

...
...
...
...
...

مسقط – الرؤية
أصدر المركز الوطني للبحث الميداني التابع لديوان البلاط السلطاني العدد الـ 17 من نشرة الوشق الشهرية، والذي تضمن التحذير من صيد السلاحف ورصد المخاطر التي تهددها في تحقيق حمل عنوان: "سلاحفنا البحرية في خطر كبير"، وتضمن رواية أحد المواطنين حول الوضع الذي آلت إليه بعض التصرفات غير المسؤولة لدى بعض المواطنين والوافدين في صيدهم الجائر للسلاحف البحرية واستغلالها في عملية البيع بطريقة تنافي كل قوانين حماية الحياة الفطرية في السلطنة.
وأشار التحقيق إلى كيفية خروج القوارب لتجوب مناطق تواجد السلاحف في بعض النقاط من سواحل السلطنة، لتعود محملة بمجموعة كبيرة منها، ثم تقوم بعد ذلك بعملية تقطيع لحوم هذه السلاحف وبيعها، وهو ما يشكل جرس إنذار خطير يلفت إلى الخطر الذي يُهدد تواجد هذه الكائنات البحرية النادرة التي تتخذ من شواطئ السلطنة مأوى طبيعياً لها، خلافاً للتشريعات البيئية والجهود الكبيرة التي تبذلها مختلف الجهات الحكومية في الحفاظ على هذه الكائنات البحرية من الانقراض والتدهور.

هناك مجموعة من المخاطر أيضاً تهدد حياة السلاحف البحرية في بعض المناطق في السلطنة تتمثل في وقوع أعداد من هذه السلاحف في شباك الصيادين المرماة في البحر لفترات طويلة في طريقة الصيد المسماة محلياً بالمسكر أو "سكار" وهي عبارة عن إغلاق جوانب معينة من الخور بإمداد الشباك فيها لوقوع الأسماك في هذه الشباك وبالتالي فإن هذه السلاحف أثناء مسيرها تعلق بهذه الشباك ولا تستطيع الخروج منها مما يؤدي إلى موتها ومن ثم تقذفها التيارات البحرية على الشواطئ، وأنه تمت ملاحظة آثار الشباك على هذه السلاحف، كما أن التيارات البحرية قد قذفت في بعض المواقع عددا من السلاحف وهي ميتة داخل شباك الصيد، لذلك نؤكد على ضرورة تعاون وتكاتف المواطنين والصيادين في هذا الجانب في عدم ترك شباك الصيد لفترات طويلة في البحر دون مراقبة، كما أنه في حالة العثور على السلاحف وهي عالقة في الشباك يجب الإسراع في تخليصها وإرجاعها إلى بيئتها الطبيعية.

 ومن المهددات الأخرى التي تتعرض لها السلاحف البحرية على شواطئ السلطنة قيام بعض المواطنين والوافدين بتجميع بيض السلاحف من الحفر الخاصة بها التي تضع فيها بيضها مما يُقلل من تكاثرها، إلى جانب سياقة السيارات على الشواطئ البحرية مما يعرض السلاحف لحالات دهس مباشرة، إضافة إلى أنه تم رصد موت الكثير من السلاحف البحرية بأكياس بلاستيكية تم رميها في عرض البحر وعلى الشواطئ وحملتها أمواج البحر لتكون غذاء لهذه السلاحف لأنّها تشبه قنديل البحر الذي يعتبر الغذاء الأساسي للسلاحف وينتج عنه اختناق هذه الكائنات البحرية وموتها مباشرة.

جهود الحماية

تواصل مختلف الجهات الحكومية جهودها الحثيثة في الحفاظ على الأحياء البحرية وخصوصا السلاحف البحرية لما تزخر به بيئة السلطنة من تنوع أحيائي فريد بالغ الثراء بحكم امتداد شواطئها لأطوال تبلغ 3165 كم، وتعدد الأنواع المختلفة من السلاحف البحرية التي تجد في شواطئ السلطنة الموئل الآمن للتكاثر والغذاء الوفير في البيئات البحرية المختلفة والمتباينة للمياه الإقليمية العمانية. حيث بدأت الدراسات والإجراءات الهادفة لحماية السلاحف البحرية بالسلطنة منذ فترات طويلة بعدما وضحت الأهمية التي تتمتع بها الشواطئ والمياه العمانية التي تأوي خمسة أنواع من هذه السلاحف منها أربعة أنواع تعشش في شواطئ السلطنة وهي: السلحفاة الخضراء، السلحفاة ريدلي الزيتونية، السلحفاة الشرفاف، السلحفاة الريماني  (الرماني) وهناك نوع خامس وهي السلحفاة النملة التي تعيش وتتغذى في المياه المتاخمة لسواحل السلطنة ولكنها لا تعشش بهذه السواحل.

تتوافر للسلاحف البحرية بالمياه الإقليمية العمانية إجراءات الحماية اللازمة لها بناء على القوانين والتشريعات الصادرة في هذا الشأن والتي توجت بصدور قانون المحميات الطبيعية وصون الحياة الفطرية بموجب المرسوم السلطاني رقم6/2003 فضلاً عن الأهداف والبرامج التي تضمنتها الإستراتيجية الوطنية لحماية البيئة العمانية والإستراتيجية الوطنية وخطة عمل التنوع الأحيائي اللتين تشكلان الأطر العملية لحماية كافة الأنواع والموارد الأحيائية بالبيئة العمانية. كما أن هناك ثلاث مناطق رئيسية بالسلطنة اكتسبت شهرة وأهمية عالمية كمواطن للسلاحف البحرية وهي سواحل منطقة رأس الحد التي تعتبر من أشهر مناطق تعشيش السلاحف البحرية بالسلطنة وتكتسب أهمية متميزة على المستوى العالمي حيث تجتذب أكبر التجمعات الثلاثة من السلاحف الخضراء الموجودة بالمحيط الهندي التي تقدر سنويا بين6000-13000 سلحفاة تفد إلى السلطنة من مناطق بعيدة مثل الخليج العربي والبحر الأحمر وشواطئ شرق جزيرة مصيرة التي تأوي أكبر عدد من السلاحف المعششة من فصيلة السلحفاة الريماني ( الرماني ) في العالم والتي يصل عددها إلى حوالي 30000 سلحفاة سنوياً تتركز في الساحل الشرقي للجزيرة، وجزر الديمانيات وهي محمية طبيعية تعشش بها أعداد من سلاحف الشرفاف.
 وإلى جانب هذه المواقع المهمة والمعروفة بتعشيش السلاحف البحرية تعتبر سواحل محافظة ظفار من الأماكن المهمة لتعشيش السلاحف الخضراء التي تصل ذروة تجمعاتها في جزر الحلانيات خلال شهري يوليو وأغسطس، فضلاً عن اعتماد سلاحف الشرفاف والخضراء على سواحل المحافظة في غذائها أثناء هجرتها بين الشمال والجنوب.

محمية السلاحف

تتويجاً للجهود الهادفة التي تسعى السلطنة من خلالها إلى المحافظة على حماية الأنواع النادرة من الكائنات البحرية التي تزخر بها البيئة العمانية أهمها السلاحف البحرية تم الإعلان عام 1996م عن إقامة محمية بحرية طبيعية في مُحافظة جنوب الشرقية بولاية صور وتسمى "محمية السلاحف برأس الحد" تمتد لتشمل مساحة 120 كيلومترا مربعا من الشواطئ والأراضي الساحلية وقاع البحر وخوري جراما والحجر لتكون بذلك مأوى طبيعيا وآمناً لآلاف السلاحف النادرة التي تأتي إلى هذه المنطقة لتعيش وتتكاثر لكون هذه الشواطئ مواقع تجتذب أكبر عدد من السلاحف الخضراء المعششة في السلطنة والمهددة بالانقراض حيث يبلغ عدد السلاحف التي تعشش في هذه المنطقة كل عام حوالي 6000- 13000 سلحفاة تفد إلى السلطنة من مناطق أخرى بعيدة مثل الخليج العربي والبحر الأحمر وشواطئ الصومال.

 وتضم محمية السلاحف العديد من المواقع الأثرية المتنوعة ذات الأهمية التاريخية في مواقع متفرقة في كل من شبه جزيرة رأس الحد وخور جراما، وكذلك في منطقة رأس الجنز ورأس الخبة. وتعتبر السلاحف البحرية من أهم الموارد الإحيائية بالمحمية حيث تعشش غالبيتها على امتداد شريط ساحلي يبلغ طوله حوالي 45 كم من المنطقة الممتدة من رأس الحد إلى رأس الرويس. كما يتميز خور جراما بالإضافة إلى السلاحف بوجود مجموعات من أشجار القرم الصغيرة ومجموعات المرجان المنتشرة في الشواطئ الصخرية، ووجود بيئة خصبة لتكاثر الأسماك لاحتوائها على العديد من القشريات والكائنات الحية الدقيقة التي تصلح كغذاء لهذه الأسماك.

 كما تعد المسطحات الطمية المحيطة بخور جراما مناطق تغذية مهمة للطيور الشتوية، إلى جانب المرتفعات الصخرية الساحلية التي تشكل مواقع تعشيش للعديد منها حيث تم تسجيل ما يزيد على 130 نوعا من الطيور المهاجرة والمستوطنة وأهمها طيور النورس والخرشنة، إضافة إلى ذلك فإن هذه المحمية تعد موطنا لأعداد أخرى من الحيوانات البرية كالثعلب الأحمر وبعض الغزلان والقنفذ الأثيوبي والأرنب البري.
 
حماية وإدارة السلاحف

تقوم عدد من الجهات الحكومية وفي مقدمتها وزارة البيئة والشؤون المناخية وجمعية البيئة العمانية بجهود متواصلة لحماية السلاحف البحرية في المياه الإقليمية العمانية حيث تم تنفيذ برنامج لحصر السلاحف (الريماني) بولاية مصيرة بهدف الحفاظ على عناصر البيئة البحرية وتعتبر السلطنة من أهم المواقع لتعشيش سلاحف الريماني على مستوى العالم وتضع أكثر من 30 ألف سلحفاة بيضها على شواطئ ولاية مصيرة، ويهدف هذا البرنامج إلى تقدير وإحصاء عدد السلاحف التي تعشش أو تبيض على امتداد سواحل جزيرة مصيرة حيث يتم ترقيم بعض السلاحف أثناء وضعها للبيض من أجل التعرف على بيانات جديدة عن حياة السلاحف وأماكن انتشارها بعد انتهاء موسم التعشيش والفترة التي تستمر فيها السلاحف لتبيض وكذلك التأكد من عودتها للشاطئ الذي تعيش فيه ومعرفة عدد المرات التي تبيض فيها بالموسم الواحد.

كما أطلق لأول مرة على مستوى السلطنة مشروع حيوي بجزيرة مصيرة وهو مشروع مراقبة سلاحف الرماني البحرية عن بعد عبر الأقمار الصناعية حيث يهدف المشروع إلى دراسة وصون فصائل السلاحف البحرية التي تتخذ من شواطئ جزيرة مصيرة أعشاشا لها في مختلف أوقات السلطنة، كما يهدف بشكل أساسي إلى اقتراح خطة إدارية عامة تعتمد على التنمية المستدامة التي يمكن من خلالها المحافظة على المنظومة البحرية والساحلية الأصلية لجزيرة مصيرة. وتكمن أهمية هذا المشروع في أن إمكانية مراقبة السلاحف البحرية أمر مهم جدا لعمليات صون السلاحف وحفظ توازن البيئة البحرية حيث يمكن من خلال هذا المشروع معرفة الأماكن التي تقضي فيها السلاحف معظم أوقاتها ومقارنتها بالمواقع البحرية التي يمكن للإنسان استخدامها مثل نقاط صيد الأسماك، وتقديم التوصيات المهمة للتقليل من عدد السلاحف التي تتعرض للإصابة والقتل، إلى جانب توضيح الأهمية الدولية لتجمعات السلاحف لأنها تقطع آلاف الكيلومترات من المياه البعيدة لتصل إلى دول أخرى لضرورة حمايتها والعمل على المحافظة عليها من كل الأخطار.

تعليق عبر الفيس بوك