أكدوا أن الضوابط الحالية لا تمنع الاحتكار .. والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة عرضة للخسارة بسبب "الكبيرة"

خبراء: الاستفادة من الشمس في توليد الكهرباء تعزز كفاءة منظومة الطاقة بالسلطنة وتخلق فرصا عديدة للنمو الاقتصادي

البوسعيدي: السلطنة لا تزال متأخرة في مشاريع الطاقة الشمسية .. وحاجة ماسة للتوسع

السعيدي: 3 تحديات رئيسية أمام نمو قطاع الطاقة المتجددة بالسلطنة

العلوي: استخدامات الطاقة الشمسية متعددة .. وتأثيراتها إيجابية على البيئة

الدعوة لتبني تدريب الكوادر العمانية وتأسيس "صف ثاني" من المتخصصين

مطالب بزيادة التوعية وإعداد البحوث التطويرية ودعم الابتكارات

الرؤية- أحمد الجهوري

أكَّد مختصون وخبراء بقطاع الطاقة الشمسية أنَّ الاستفادة من الشمس في توليد الطاقة الكهربائية بالسلطنة يُسهم في تعزيز كفاءة منظومة الطاقة بشكل عام في البلاد، علاوة على ما ستُوفره هذه الصناعة المُتميزة من فرص لنمو الأعمال والاقتصاد كذلك.

وقال الخبراء إنَّ الاستفادة من الطاقة الشمسية في توليد الكهرباء قابلة للتحقق بصورة مثالية، بفضل ما تتمتع به السلطنة من شمس ساطعة على مدار العام بصورة نقية، حيث تستقبل سماء البلاد يوميًّا الإشعاع الشمسي الذي يتراوح بين 5500 إلى 6000 واط ساعة/متر مربع في اليوم خلال شهر يوليو، ويصل إلى ما بين 2500 إلى 3000 واط ساعة/متر مربع في اليوم خلال شهر يناير، مما يجعلها واحدة من أعلى كثافات الطاقة الشمسية في العالم. وأوضحوا أنَّ رؤية "عمان 2020" حددت هدفًا لإنتاج 10% من متطلبات السلطنة من الكهرباء من موارد الطاقة المُتجددة بحلول ذلك العام.

وأعلنت هيئة تنظيم الكهرباء خلال الفترة الماضية الانتهاء من صياغة المعايير والمواصفات الخاصة بأنظمة الخلايا الشمسية الكهروضوئية الموصولة بالشبكة، وسوف تحدد المواصفات الجديدة أهم المتطلبات الفنية لتوصيل أنظمة الخلايا الشمسية بشبكات التوزيع والتي ستعمل بالتوازي معها، كما تمَّ وضع ضوابط للتوصيل من شأنها أن تساهم في توفير المعلومات للمشتركين والاستشاريين والمقاولين حول الجوانب الأساسية التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار عند توصيل أنظمة الخلايا الشمسية الكهروضوئية بشبكات التوزيع.

مصادر جديدة

وقال إسماعيل البوسعيدي المُدير التنفيذي لشركة يوريكا إن استهلاك الطاقة يزداد سنوياً بمعدلات تتراوح بين 8-12 في المئة من إجمالي الاستهلاك السنوي، أي ما يعادل بين 500-600 ميجا واط، ما يستدعي الحاجة إلى إنشاء مصادر جديدة لإنتاج الطاقة. وأضاف أنَّ الطاقة المتجددة تمثل أحد الحلول المقترحة خلال العام الجاري للتركيز عليها، كما إن الطاقة المتجددة من الحلول المتقدمة التي تخضع للدراسة من قبل الدول المتميزة في هذا المجال، مشيرًا إلى أنَّ الطاقة الشمسية في السلطنة تتميز بالكفاءة العالية في إنتاج الكهرباء عن طريق الخلايا الكهروضوئية (Photovoltaic).

وأضاف البوسعيدي أنَّه على الرغم من أهمية هذا المورد المُتجدد، إلا أنَّه لا يوجد تقدم ملحوظ في مجال الطاقة المُتجددة بالسلطنة، عدا ما تم في العام الماضي عندما تبنى بعض المشاريع التابعة لشركات مثل شركة شل على هذه الطاقة، مثل مشروع تركيب الألواح الشمسية على أسطح المباني، والذي لم ينته حتى الآن، لتركيب ما يقارب 400 كيلوواط من الألواح الشمسية، وأيضًا هناك مشروع "أمل" الذي تنفذه شركة تنمية نفط عمان وتستخدم فيه تقنية CSP لتبخير الماء بدلاً من استخدام الغاز وضخه في آبار النفط لتسهيل عملية استخراج الخام. وأوضح البوسعيدي أن المشروع يجري تنفيذه على عدة مراحل، وتم تركيب ما يقارب 7 ميجاواط من الألواح الشمسية، وفي بداية هذا العام قامت شركة تنمية نفط عمان بتنفيذ مشروع آخر لتركيب ألواح شمسية على مواقف السيارات لتشغيل المقر الرئيسي للشركة بطاقة 4 ميجا واط. وأكد البوسعيدي أن هذه المشاريع تمثل انطلاقة جيدة في مجال الطاقة المتجددة بالسلطنة، لكن في واقع الحال عمان تعد من أقل الدول العربية في استخدام الطاقة المتجددة كمصدر للطاقة، وقد يكون ذلك نتيجة قلة الوعي بأهمية الطاقة النظيفة ومدى فائدتها على البيئة وتقليل استخدام الوقود الأحفوري والغاز في إنتاج الطاقة الكهربائية.

وأوضح البوسعيدي أن من الأسباب المهمة لهذا التأخير الضوابط والمعايير لعمل مشاريع الطاقة المتجددة من قبل هيئة تنظيم الكهرباء؛ حيث تم الانتهاء منها في بداية هذا العام، لكن هذه المعايير لازالت قيد التطوير لضبط الجودة للمنتجات المستخدمة، مؤكداً أيضًا ضرورة توظيف الشركات العاملة في هذا المجال لمهندسين ذوي كفاءة ومدربين على أعلى درجة. وتابع البوسعيدي أن من المخاوف التي قد تحدث للشركات الصغيرة والمتوسطة دخول شركات كبيرة من دول أخرى تنافسها في هذا المجال، وتقديم عطاءات لتنفيذ هذه المشاريع بتكلفة أقل من السوق، وقد يوافقون التعرض للخسارة بهدف التحكم في السوق، مشيرًا إلى أن الضوابط الحالية لا تمنع الاحتكار الذي من الممكن أن يحدث في عمان خلال الفترة المقبلة. وزاد أن وزارة البيئة والشؤون المناخية تسهم بدور مهم جدًا في تحديد الضوابط والمعايير لتركيب الألواح الشمسية، لأنها الجهة التي يجب أن تصدر موافقات تركيب أي مشروع في مجال الطاقة المتجددة وتسجيله في الوزارة، وأن تنفذ إحصاءً منتظما ودقيقا للطاقة وتقيس نسبة التوفير من إجمالي الطاقة المستخدمة، موضحاً أن الوزارة تزخر بخبراء معنيين في احتساب النسبة المئوية للكربون وتأثيره على البيئة، ومدى أهمية خفض هذه النسبة لعمان وللعالم. ودعا البوسعيدي هيئة تنظيم الكهرباء ووزارة البيئة والشؤون المناخية إلى القيام بالدور المنوط بهم في توعية المجتمع بأهمية ترشيد استهلاك الطاقة، واستخدام الطاقة المتجددة كمصدر نظيف للطاقة.

3 تحديات

وقال عبد الله السعيدي الرئيس التنفيذي لشركة "نفاذ للطاقة" إنَّ الطاقة الشمسية في السلطنة تواجه ثلاثة تحديات رئيسة وهي: بطء إصدار التشريعات والقوانين المنظمة لقطاع الطاقة الشمسية، مشيراً إلى أنه حتى الآن لا توجد تشريعات منظمة، وأن الحديث عن مسودة القرار وأنها ستصدر في مارس 2017.

وأضاف أنَّ الدعم الحكومي للكهرباء في الشبكة دون وجود نظام حوافز مشجع للقطاع الخاص والحكومي لن يحدث فرقاً في السوق المحلي، ولن يدفع المؤسسات لتبني سياسات خضراء، لافتًا إلى تحد آخر وهو نقص توافر الكوادر العمانية المتخصصة في هذا المجال. وأوضح أنَّه لابد من وجود برامج تعلمية وتوعوية لتنشئة مهندسي الصف الثاني لقطاع الطاقة الشمسية وإعداد البحوث والدراسات في هذا المجال وتبني الابتكارات، كما لابد من التوجه لتوطين هذه الصناعة لخدمة السوق المحلي وتقنين عمليات التركيب والتشغيل والصيانة للعمانيين بهدف خلق فرص وظيفية. وأكد أنّه لا يمكن إيجاد فرص وظيفية دون تدريب وتأهيل للعاملين في القطاع بشكل عام، وهو أمر يحتاج إلى جهد أكبر في المستقبل. واعتبر السعيدي أن الطاقة المتجددة هي طاقة المستقبل والعالم يتنافس بقوة لتبني سياسات تطبيقها، مشيراً إلى أنَّ السلطنة لا تزال في موقع متأخر عن دول العالم في هذا المجال، رغم توافر المقومات، ودعا إلى اعتماد سياسات واضحة وصريحة تستهدف تحقيق نسبة إنتاج محددة من مجمل الطاقة الكهربائية المنتجة مع وضع آلية تنفيذ واضحة لذلك.

الطاقة النظيفة

وقال ماجد بن سالم بن عبد الله العلوي الرئيس التنفيذي لمؤسسة الجرف القاري للطاقة الشمسية إنَّ الشركة بدأت العمل مطلع عام 2015 لإيمانها التام بأهمية الطاقة النظيفة، وقد قدمت الشركة الكثير من المشاريع في مجال الطاقة الشمسية بالسلطنة، ورغم هذا لا تزال البلاد في حاجة ماسة إلى نشر ثقافة استخدام أنظمة الطاقة الشمسية. وأوضح أنَّ حجم الهدر في الطاقة بالسلطنة كثير للغاية، ولا يتم استخدامه، في حين أن عالم الطاقة الشمسية عالم واسع، وهناك الكثير من التخصصات في مجال الطاقة الشمسية مثل نظام الربط مع الشبكة، ونظام الطاقة الشمسية المستغل، وأنظمة ضخ المياه، وأنظمة إنارة الشوارع والكثير. وشدَّد على فوائد استخدام الطاقة الشمسية والتي من أبرزها أنها صديقة للبيئة، كما أن الطاقة الشمسية تحافظ على مواردنا غير المتجددة مثل النفط والغاز، لذلك فإن الاستثمار في الطاقة الشمسية هو استثمار مُربح بحيث ما تدفعه في البداية ستجني ثماره بعد فترة من الزمن.

وأضاف العلوي أنَّ الطاقة الشمسية تحتاج إلى طاقم فني لديه الكثير من المهارة لتركيب هذه الأنظمة وقد أخذنا الكثير من الوقت والجهد حتى نصل إلى مرحلة جيدة من المهارة، والتي اكتسبناها من خلال الوقت والممارسة في هذا المجال حيث تمكنا من تركيب أنظمة شديدة التعقيد لمختلف متطلبات الزبائن. واعتبر العلوي أن التحدي الأبرز الذي تعاني منه أغلب الشركات العاملة بالطاقة الشمسية هو تأخر القوانين والتشريعات في السلطنة، حيث لا توجد أي ضوابط إلى الآن، وهذا يصعب المهمة على جميع الشركات، خاصة في مجال الربط بالشبكة العامة للكهرباء. وأبدى العلوي ترحيبه بقرار فتح نظام الربط بالشبكة؛ حيث إن ذلك من شأنه أن يفتح المجال للكثير من رواد الأعمال العمانيين وأن يخلق سوقاً وظيفية مميزة.

وأوضح أنه كي ينتعش سوق الطاقة الشمسية يجب تنفيذ مشاريع متعددة وكبيرة، لكنه حتى الآن لا توجد مشاريع كافية تتناسب مع عدد المؤسسات العاملة في هذا المجال، مشيراً إلى أنه يتعين على المؤسسات الحكومية والمصانع أن تتوسع في استخدام أنظمة الطاقة الشمسية خاصة بعدما قل الدعم الحكومي وكذلك ارتفاع أسعار الكهرباء المولدة من المصادر التقليدية. ولفت العلوي إلى أنّه أعد دراسة كاملة عن نظام تحلية مياه البحر بالطاقة الشمسية، وأبرز الإيجابيات والسلبيات، مشيرًا إلى حجم القيمة الاقتصادية الكبيرة التي ستجنيها السلطنة، معربًا عن أمله في أن يرى هذا المشروع النور، وأن تسرع هيئة تنظيم الكهرباء في إصدار قوانين استخدام الطاقة الشمسية وأن ينعم كل بيت عماني بأنظمة الطاقة الشمسية واستخداماتها الصحية على البيئة.

تعليق عبر الفيس بوك