توقعات بانخفاض أسعار الغاز الطبيعي بالأسواق العالمية بضغط من الزيادة المفرطة في الإنتاج

 

 

الرؤية - خاص

توقع تقرير اقتصادي أن تشهد أسواق الغاز الطبيعي المُسال انخفاضًا في الأسعار في غضون السنوات القادمة مقارنةً مع تلك التي اعتادت عليها حتى منتصف 2014، وذلك على الرغم من التأثيرات الإيجابية التي أعقبت تحركات الدول المصدرة للنفط "أوبك".

وقال تقرير صادر عن مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب في الشرق الأوسط إن السبب الرئيسي في ذلك يعود إلى الزيادة المفرطة في الطاقة الإنتاجية ونمو الطلب الذي على الرغم من ازدياده القوي إلا أنه غير كاف لاستيعاب التخمة الجديدة في المعروض التي تشهدها الأسواق. الأمر الذي يعني ازدياد الضغط على أسعار الغاز الطبيعي المُسال، التي تعاني بالفعل ضغوطات كبيرة نتيجة الافتقار إلى التوازن بين الطلب والعرض. ولقد ازداد المعروض من الغاز الطبيعي المُسال حول العالم بنحو 9 في المئة على أساس سنوي منذ العام 2001 وحتى العام 2011. ومنذ ذلك الحين، كان الإنتاج العالمي ثابتًا ويحوم حول 320 مليار متر مكعب سنويًا. ومع ذلك، من المتوقع أن يستمر المعروض من الغاز بالنمو بشكل أكبر خلال السنوات القليلة القادمة. وقد بلغ عدد محطات تسييل الغاز الطبيعي التي أمنت قرار الاستثمار النهائي (FID) ومن المُقرر أن تبدأ عمليات الإنتاج في غضون السنوات الخمس المقبلة، 13 محطة حول العالم. وستضيف المحطات الجديدة هذه طاقة إنتاجية إضافية بنحو 185 مليار متر مكعب من الغاز المُسال سنويًا، أي ما يعادل 57 في المئة من إجمالي الإنتاج العالمي في عام 2014.

إضافةً إلى ذلك، يوجد أكثر من 270 مليار متر مكعب سنويًا من الغاز المُسال القابل للاستخراج في مشاريع قيد التنفيذ. وعلى الرغم من ذلك، من غير المحتمل أن تبصر هذه المشاريع النور في المدى القريب نظرًا لانخفاض توقعات ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي المُسال في غضون السنوات القادمة، فضلًا عن ازدياد نقاط التعادل ما بين الإيرادات والتكاليف في مشاريع التسييل الجديدة.

وازداد النمو في الطلب على الغاز الطبيعي المُسال حول العالم بنحو 9 في المئة على أساس سنوي منذ العام 2001 وحتى العام 2011. ومن ذلك الحين شهدت الأسعار استقرارًا إلى حدٍ كبير ومن المتوقع أن يستمر نمو الطلب باتجاهٍ تصاعدي في غضون السنوات القادمة. ويفترض السيناريو الأساسي لدينا استمرار النمو السنوي في الطلب على الغاز الطبيعي المُسال بنحو 5 في المئة إلى 6 في المئة اعتبارًا من 2015 وحتى عام 2025. وتأتي العوامل الرئيسية لهذا النمو من الصين والهند وجنوب شرق آسيا، والتي ستشكل مجتمعة نحو 75 في المئة من إجمالي نمو الطلب.

غير أنّ التقرير يرى أنّ ثمة مخاوف قد تؤثر في ارتفاع الطلب النهائي أو انخفاضه، بما في ذلك سياسات الطاقة والنمو الاقتصادي والمنافسة من أنواع الوقود البديلة أو مصادر إمدادات الغاز مثل الإنتاج المحلي أو واردات خطوط الأنابيب. على سبيل المثال، كما يمكن أن تؤدي عودة اليابان للاعتماد على الطاقة النووية إلى انخفاض الطلب بشكل كبيرٍ على الغاز الطبيعي المُسال.

وقد أعدت "بوسطن كونسلتينج غروب" سيناريوهات (منخفضة ومستقرة ومرتفعة) للمعروض مقابل الطلب للأعوام 2018 و2025، وتشير ثمانٍ من أصل تسع سيناريوهات لعام 2018، إلى احتمالية توفر فائضٍ كبيرٍ من الغاز الطبيعي المُسال، الأمر الذي سيؤدي إلى ازدياد الضغط نحو انخفاض أسعار الغاز الطبيعي المُسال بشكلٍ كبير.

وفيما يتعلق بالتخمة في المعروض (أكثر من 90 مليار متر مكعب سنويًا)، يرى التقرير أنه قد تستقر أسعار الغاز الطبيعي المُسال في أوروبا عند قيم استبدال الفحم لتوليد الطاقة (4.6 دولار / مليون وحدة حرارية بريطانية على افتراض أن سعر الفحم 45 دولارا/ للطن وسعر ثنائي أوكسيد الكربون 25 دولارا/ للطن).

وفي حالة حدوث زيادة متوسطة في المعروض (أقل من 90 مليار متر مكعب سنويًا)، فمن الممكن أن تستقر أسعار الغاز الطبيعي المُسال في أوروبا حول تسعيرة هنري هاب السوقية في الولايات المتحدة + الرسوم المفروضة ورسوم النقل (7 دولارات/ مليون وحدة حرارية بريطانية على افتراض أن سعر هنري هاب 5 دولار/ مليون وحدة).

وفي حال ازدياد السيولة في أسواق الغاز الطبيعي المُسال، يمكن لهذه الأسعار المنخفضة أن تدفع أعدادًا متزايدة من المستهلكين لطلب إعادة تفاوضٍ بشأن عقود الغاز الطبيعي المُسال طويلة الأجل. وهذا السيناريو يمكن أن يكون مرجحًا أكثر في ظل أسعارٍ مرتفعة للنفط (أسعار العقود الآجلة المُدرجة في مؤشر برنت تحقق زيادةً كبيرة) إلى جانب وجود فائض كبير في سوق الغاز الطبيعي المُسال.

أمّا بالنسبة للدول المصدرة للغاز الطبيعي المُسال في الشرق الأوسط مثل قطر، والتي شهدت تراجعًا في أرباح صادراتها بسبب حالة سوق الغاز الطبيعي المُسال، فإّن هذه الفترة تعد مثالية للاستثمار في تطوير السوق. وينبغي على تلك الدول أن تستكشف وتبحث عن أسواق نامية جديدة (مثل الفلبين في جنوب شرق آسيا)، ومحاولة تنويع أسواقها لتصبح أكثر مرونة في سوقٍ يعاني من تخمة في المعروض مقارنة مع المنافسين الذين يقدمون إمدادات طاقة بديلة.

لكن من ناحيةٍ أخرى، يمكن للدول المستوردة للغاز الطبيعي المُسال مثل دولة الإمارات والكويت الاستفادة من وفرة المعروض في السوق لإعادة التفاوض على العقود الآجلة أو الحصول على عقود جديدة بسعرٍ مناسب. بالإضافة إلى ذلك، ربما يشكل هذا السيناريو فرصةً جيدة لاختبار السوق مع استثمارات منخفضة وأسعار مناسبة للواردات المحتملة من الغاز الطبيعي المُسال بالنسبة لدول محددة في مجلس التعاون الخليجي.

وخلص التقرير إلى أنّه يمكن للنظرة التشاؤمية لسوق الغاز الطبيعي المُسال أن تجلب فرصًا للمصدرين والمستوردين في الشرق الأوسط ممن يلعبون دورًا رئيسيًا في سوق الغاز العالمي. وبما أن تنفيذ استراتيجيات الغاز الطبيعي المُسال قد يستغرق وقتًا طويلًا، فإن البائعين والمشترين في الشرق الأوسط يجب عليهم أن يبدأوا من الآن بمراجعة استراتيجياتهم والاستفادة من التذبذب والأحوال المتقلبة في سوق الغاز الطبيعي المُسال.

 

تعليق عبر الفيس بوك