المعتصم البوسعيدي
قد أختصر قراءتي لرواية "ساق البامبو" للكاتبِ الكويتي سعود السنعوسي بأنها رحلة الكلمة المُقتبسة في بدايةِ الرواية لإسماعيل فهد إسماعيل "علاقتك بالأشياء مرهونة بمدى فهمك لها"، بالرغم ان هذا الفهم سيكون الهاجس الممتلئ بالغربة والحيرة والفهم واللا فهم والأحلام المعلقة بالرغبات، "كل شيء يحدث بسبب ولسبب" في أي مكان، في أي زمان، ولأي أمر كان سياسيًّا، اجتماعيًّا، دينيًّا، أو حتى لأبسط الأمور، هناك مغزى نركض خلفه دون أن ندري لأي مُنتهى يقودنا إليه، فقط علينا المحافظة على التوازن كما قال بطل الرواية في النهاية "النتيجة مُرضية بالنسبة لي. المتبقي من زمن المباراة يزيد عن نصف الساعة لست أرغب بمتابعتها. لا أريد أن أفقد توازني. لا أريد أن أخسرني أو أكسبني. بهذه النتيجة أنا متعادل".
"ساق البامبو" تتجذر في رياضتِنا العُمانية؛ فالبحث لا يزال جاريا عن هويتِها، عن البنية التحتية "الأسمنت الخالص" الذي وإن سد الجوع، إلا أنه بلا طعم ولا رائحة، عن محلية وضعنا حدود "وهمية" تجعلها عاجزة عن التحليقِ نحو فضاء عالمي رحب يتسع لها، عن إحصائيات مطرزة بجمال المنظر خالية من القيمة الأثمن ـ إن صح التعبير ـ البطل العالمي أو الأولمبي، رياضتنا أشبه ببطل رواية "ساق البامبو" (عيسى/هوزيه) الذي تاهَ حتى في اسمهِ كما نحن تائهون في رياضةٍ تبحث عن حقيقتِها وسر وجودها، حتى إن "الغياب شكل من أشكال الحضور" مقولة تنطبق علينا؛ فغيابنا بات حضورنا المعتاد. فيا للأسف!!
وانتهى قبل أيام "طواف عُمان" الأمل الذي يُطارد يأسنا ويزيد من حيرتنا كذلك؛ فبعد كل نسخة من هذا الحدث العالمي الراقي نسأل: ماذا عن رياضيينا في هذا المجال؟! أم إن الحديث عن أبطال في الدراجات الهوائية يحتاج لوقت أطول؟! وفي التنس ودعت نجمة التنس العُمانية فاطمة النبهانية بطولة دبي مبكرًا على مستوى الزوجي وفاطمة الصوت "الجميل" الذي لا نسمع غيره منذ عهد في كرتِنا الصفراء، ومع اجتهادها المُقدر إلا ان السؤال الذي يطرح نفسه، ماذا بعد؟! وهل من جديد؟! وبالأمس القريب رأينا جماهير الهلال السعودي من الجماهير العُمانية يصل إلى 13 ألف على مدرجات مجمع السلطان قابوس ببوشر، فيما لم يكن عدد واحد من هذا الرقم حاضرًا لمساندة صحم ممثل الوطن في كأس الاتحاد الآسيوي مع شقيقه المحرق البحريني في ذات التوقيت باستاد السيب، والأمر ليس محل خلاف بقدر محل تأمل عن هذا الاستقطاب وكيفية استثماره، وعن ذلك الفقد وآلية معالجته، هناك "ضياع" وغربة، فهل وصلنا إلى ما وصل إليه بطل الرواية"؟! "كنت غريبًا، ولا أزال. حاولت بشتى السُبل أن أتآلف مع كل شيء، رغم صعوبة كل شيء"!!
"شعرت فجأة أن هذا المكان ليس مكاني، وأنني كنت مخطئًا حين حسبت ساق البامبو يضرب جذوره في كل مكان" وكم سأكون سعيدًا إن كانت وجهة نظري خاطئة؛ حيث لا "ساق بامبو" برياضتنا يجعل منها غريبة في وطنها، ولا حزن برياضتنا كذلك الحزن الموصوف بالرواية: "الحزن مادة عديمة اللون، غير مرئية، يفرزها شخص ما، تنتقل منه الى كل ما حوله، يُرى تأثيرها على كل شيء تُلامسه، ولا تُرى" سأسعد حقًا إنْ عاودنا الالتفات للوراء حتى نتقدم خطوة للأمام، بدءًا من البنية التحتية التي تحتاج "للابتكار" وانتهاءً بصناعة الأبطال العالميين والإيمان بوجودهم قبل ذلك.