الرُّؤية - مُحمَّد علي العوض
"مِنَ العَيْن إلى القلب".. هذا أنسب وَصْف لتصوير الحالة الشعورية، وأنت غارقٌ من رأسك إلى أخمص قدميك، ومنجذبٌ تُتابع بكل جوارحك برنامج "فكرة" الأسبوعي على شاشة تليفزيون سلطنة عُمان. هل جرَّبت يومًا أن تكون جزءا من "اللوكيشن" تهيِّئ الديكور هنا، وتُثبِّت الميكرفون هناك، وتضبط إعدادات الكاميرا في تصوير حركة السحب، أو تثبِّت رافع الكاميرا لتصوير أحد المشاهد هناك؟! ستشعُر لوهلةٍ من الزمن أنَّك جُزء أصيل من فريق العمل، مُساهم أساسي في صنع الحدث وتركيب المشاهد حين تعيش بعينيك تفاصيل الكواليس وأجمل اللقطات والقفشات، ستضحك، ستتعرق وأنت تبذل جَهْدك معهم في إعادة بعض المشاهد و"كلاكيت ثاني مرة"؛ فمشاهد التحضير وتجهيز المواقع بما فيها من كوميديا وروح عمل الفريق الواحد ومشاهد طريفة، تُكْسِب اللحظة حيوية ودينامية غاية في المتعة، كما تَرْفَع الحاجز المعنوي بين المتلقي والفكرة؛ الأمر الذي يَضْمَن إيصال مضامين وفلسفة البرنامج بصورة مميَّزة.
وللأمانة، اللحظة تستحق أنْ تُواظِب عليها أسبوعيًّا لتشعُر أنَّك أحد صُنَّاع الفكرة والسيناريو، بجانب اكتساب فوائد معرفية أخرى.
اختصر برنامج "فكرة" الكثيرَ من المسافات والأنماط البرامجية؛ فهو بدأ من حيث انتهت التكنولوجيا الرقمية وآخر فتوحاتها؛ فهو يُعْنَى بإبراز أنشطة وأفكار الشباب من أصحاب القنوات اليوتيوبية (البرامج والأفلام)؛ مما يعني أهمية هذا النوع من الإعلام الذي أصبحت تتعاطى معه شريحة واسعة من الشباب، ويُواكِب روح العصر والميديا الجديدة فهو يعتمد على تقديم المواد الإعلامية المختلفة بطريقة إلكترونية بحتة. ويمكن القول إنَّ "فكرة" عبارة عن برنامج مُتخصِّص في عرض الإبداعات والتجارب الشبابية في مضمار الأعمال المشاهدة إلكترونيًّا؛ سواء كانت هذه المواد أفلاما سينمائية أو برامج مختلفة التناول والموضوعات.
التنوُّع في الطرح إحدى ميزات البرنامج؛ فمرة يعرِضُ حلقة عن الإبداعات الطلابية -ممثلة في شركة رينوفا "الهندسية" الطلابية بجامعة السلطان قابوس- كنموذج لابتكارات وإبداعات الشباب، وبحثهم الدائم عن إيجاد حلول مُستدامة للمشكلات الحياتية التي يُواجِهها المستهلك، وتسليط الضوء على منتجها القاضي بحل ارتفاع درجة حرارة السيارة.
ومرَّة أخرى يَعْرِض حلقة في مجال مُغاير؛ وهو: مجال العمل القانوني؛ حين عَرَض حلقة عن برنامج "منشوري" (اليوتيوبي) الذي يُعِدُّه فريقُ "أثر" وهو مجموعة من الشباب العُماني يسعون لنشر الثقافة القانونية في المجتمع، في إطار مُتجدِّد يُواكب التطوُّر السريع في اكتساب المعرفة.
أيضًا من الحلقات المميزة المتنوعة في البرنامج استضافته لفرقة "شموخ منح" المتخصِّصة في صناعة الأفلام القصيرة التي خصصت لنفسها قناة على موقع "يوتيوب" لعرض أفلامها.. وتحدَّث أعضاء الفرقة عن تقنيات التصوير المستخدمة في الأفلام، وآليات إنتاج العمل، ومراحل تحضير الفيلم بدءا بالفكرة وكتابة السيناريو وانتهاء بمراحل التصوير والعرض.
لم يقتصرُ التنوُّع على نوعية المادة المطروحة في البرنامج، بل شَمِل مواقع التصوير والمشاهد والأماكن التراثية من قلاع وحصون، إلى الأماكن الطبيعية من جبل وسهل وبحر، وهي رسالة واضحة تعكس ثراء السلطنة حضاريا وتعدد مكنوناتها السياحية.
يُذكر أنَّ البرنامج يُعْرَض الأحد من كل أسبوع على شاشة تليفزيون سلطنة عمان، وهو من إعداد عمر القائدي، وإخراج عبير الحجيَّة.
