البنوك المحلية تتسابق على توفير برامج مع جوائز قيمة والأسرة العمانية تهتم بغرس الثقافة في نفوس أطفالها

اقتصاديون: الادخار وسيلة أساسية لتوفير النفقات المستقبلية .. والعماني يتميز بعدم الإسراف

أكد عددٌ من الاقتصاديين على أهمية الادخار في الفترة الحالية، مشيرين إلى كونه سلوك تعود عليه الكثير من المواطنين من خلال فتح حساب مُستقل يحتفظ فيه بالفائض من الدخل الشهري أو عن طريق "الجمعيات" التي تؤسس عادة بين أفراد العائلة أو زملاء العمل، وأكدوا على أن الادخار هو الحل العاجل المطلوب البدء في الاعتماد عليه على مستوى الفرد والمؤسسة والدولة، لتوفير تغطية للنفقات في المُستقبل.

يأتي ذلك بعد أن أشارت الإحصائيات إلى أن جملة الادخار المحلي (ويشمل ادخار الأفراد والمؤسسات وادخار الدولة) كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي انخفض من 50% في العام 2010 إلى 39% في العام 2015 وهذا الانخفاض الكبير في الادخار مرتبط بتطورات سعر النفط وتأثيره على الإيرادات، وذلك في ظل المتغيرات التي شهدها العالم مؤخراً وعلى رأسها تراجع أسعار النفط وما تبعها من تأثيرات سلبية على الموازنة العامة للسلطنة، وكذلك على الموازنات العامة للشركات والمؤسسات وما يعنيه ذلك من تأثير على الميزانية الخاصة للفرد، كما تشير البيانات .

الرؤية – أحمد الجهوري 

وقال الدكتور سعيد الصقري رئيس الجمعية الاقتصادية العمانية: نحن بحاجة إلى الادخار في كل وقت. والادخار لا يقتصر على الأفراد وإنما يشمل المؤسسات التجارية والحكومات، والادخار مهم للأفراد لتغطية النفقات في المستقبل، وخاصة الكبيرة منها ولتجنب الاعتماد على الآخرين أو على الحكومة، وبالنسبة للمؤسسات التجارية فادخار رأس المال يمكنها من التمويل والاستثمار في التوسع والنمو، فضلاً عن ذلك، يزيد من قدرتها على توظيف المزيد من الباحثين عن عمل. وكذلك الحال بالنسبة للحكومات، الادخار يمكنها من الاستثمار في البنية التحتية والخدمات الاجتماعية مثل المدارس والمستشفيات والمساكن الشعبية.

وبلغة علم الاقتصاد الدخل أو الناتج المحلي الإجمالي هو حصيلة الاستهلاك والادخار وعليه ولزيادة الدخل يجب أن يزيد الادخار والذي بدوره يمكن المؤسسات التجارية من الاستثمار وبالتالي توسيع قاعدة الإنتاج الاقتصادي.

وأضاف الصقري: البيانات تشير إلى أنّ جملة الادخار المحلي (ويشمل ادخار الأفراد والمؤسسات وادخار الدولة) كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي انخفض من 50% في العام 2010 إلى 39% في العام 2015، وهذا الانخفاض الكبير في الادخار مرتبط بتطورات سعر النفط وتأثيره على الإيرادات. والبيانات المنشورة لا توضح تفاصيل ادخار الأفراد من المؤسسات ومن ادخار الدولة ولنشر ثقافة الادخار نحتاج إلى بعض البيانات التفصيلية التي توضح نسبة ادخار الأفراد من المؤسسات ومن الحكومة. مقابل ذلك، البنوك تعتمد على القروض الشخصية بنسبة كبيرة تصل إلى 60% وهذا ربما يشير إلى انخفاض نسبة الادخار عند الأفراد وبأن وزنه النسبي من جملة الادخار المحلي هامشي.

التغيرات الاقتصادية وأهمية الادخار

ودعا ناصر الإسماعيلي إلى أهمية الادخار في الفترة الحالية وذلك لما تُعانيه الحكومة من عجز في الموازنة العامة، وتأثير بعض القرارات المباشر على المواطنين منها رفع الدعم عن المحروقات، ولعل المخاوف لا تزال باقية في ظل الأوضاع الراهنة والتي إلى الآن لم تتعاف فيها أسعار النفط، وهي فترة يتخوف فيها كثيرا أصحاب الأموال المغامرة من الدخول في مشاريع جديدة، مما يدفعهم إلى ترقب الوضع قبل المجازفة بكل ما هو جديد.

وتابع: تبقى مسألة الادخار أهم وسائل إسعاف المدخر في حالة وجود أي عارض أو أزمة له مع الوقت، ولدينا ثقافة التوفير والادخار بوفرة عند المواطن العماني والذي يسعى إلى استقطاع جزء من راتبه أو دخله شهريا في حساب بنكي مستقل بهدف بناء بيت أو شراء عقار أو شراء سيارة أو بهدف تدريس أبنائه في إحدى الجامعات أو الكليات الخاصة.

وقد تسابقت الكثير من البنوك المحلية على توفير برامج مختصة للادخار مع جوائز قيمة للمدخرين وذلك لإيمان المصارف بأهمية التوفير والادخار، كما نجد أن الأسرة العمانية تهتم بغرس تلك الثقافة في أطفالها من نشأتهم وذلك من خلال شراء (الحصالات) وهي وسيلة تساعد الأطفال على إدراك ومعرفة الاحتفاظ بالأموال وعدم التبذير.

ومن أهم المقالات التي قرأتها مؤخرًا حول الادخار مقال لرجل الأعمال عبدالله صادق دحلان الذي عرف الادخار على أنه "علم وفن، وعادات وتقاليد، وفي علم الاقتصاد الادخار هو تجنيب الفائض من الدخل سواء للفرد أو المؤسسة أو الشركة أو الدولة، وذلك بهدف تكوين احتياطي يستثمر في مكان آمن بعيداً عن المخاطرة حيث يلجأ الفرد أو الأسرة إلى إيداع فوائضهم في البنوك كودائع بفوائد آمنة أو استثمارها عن طريق الصناديق الاستثمارية، والبعض يلجأ إلى استثمارها عن طريق بعض المستثمرين وهناك من يحتفظ بها دون استثمار.

وتلجأ الحكومات إلى وضع جزء من فوائضها في استثمارات آمنة مثل سندات الحكومة الأمريكية، وبعض الدول تضع فوائضها في بنوك أجنبية تطلعاً لعوائد أفضل، وجميع هذه السياسات الادخارية تستهدف حفظ الفوائض لأزمات المستقبل يعاد استخدامها لسد عجز في ميزانية أو تطوير عمل تنموي أو استكمال مشاريع أساسية تعجز الميزانية عن تحقيقها".

تحديات الادخار

من جانبه قال العقاري موسى بن سليمان أصبح من الصعب التوفير والادخار في الأيام الحالية في ظل وجود وسائل الترفيه المتنوعة وخيارات التسوق المغرية من الوجبات والمركبات وخيارات السفر وغيرها من الأمور التجارية التي نجحت إلى حد ما في استقطاب شريحة كبيرة من المستهلكين من خلال العروض والحوافز الإعلانية.

وأضاف أن المتابع لاستهلاك الفرد خلال السنوات العشر الأخيرة يجد أنه تضاعف، حيث نجد أن خيارات التسوق أصبحت متنوعة ووسائل الترفيه كذلك، كما أن المصروفات على الهواتف وما يتعلق بحزم البيانات أصبحت كذلك تستهلك أكثر من السابق بسبب وجود وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، وكل ذلك بلا شك من التحديات التي تواجه الفرد في البقاء والمحافظة على الادخار الشهري.

كما نجد أن الكثير لجأ إلى الاشتراك في "الجمعيات" وهي إحدى الوسائل التي تجبر الفرد على الانضباط بدفع مبلغ شهري لمدة محددة من الزمن يحصل على إثرها على مبلغ متراكم دفعة واحدة، وهي أحد الحلول الناجعة التي نجدها منتشرة بين أفراد العائلة أو زملاء العمل.

تعليق عبر الفيس بوك