المدرب الوطني يكسر عقدة الخواجة

 

 

خالد الخوالدي

 

تحقيق مُنتخبنا الوطني العسكري لكأس العالم 2017 هو إنجازٌ كبيرٌ وغير مسبوق، أدخل البهجة إلى قلوب الجميع في السلطنة بعد سنوات عجاف. وبعد الفرح الذي هو حقٌّ للجميع يجب أن يقف المختصون والرياضيون وجميع اتحادات الكرة والألعاب الرياضية المختلفة، وحتى المؤسسات الأخرى -خاصة القطاع الخاص- مع هذا الفوز موقفَ المتفكِّر والمحلِّل والمستنتج والمتبصِّر للواقع الرياضي الذي نعيشه، والواقع العام الذي سيطرت عليه عقد الخواجة؛ فقد سيطرتْ علينا عقدة الخواجة منذ عقود، وجعلناه الأفضل والأنسب والأجدر، ونسينا ابن الوطن أو تنسيانه، وجعلناه احتياطيا أو مساعدا، أو لا شيء أمام الوافد الخبير والفطين والمجتهد.

إنَّ المدربَ الوطنيَّ للمنتخب العسكري كسر الفكر الذي يرى أنَّ المدرب الأجنبي هو الأفضل، وهو من سيأتي بالإنجازات التي ندفع ثمنها غاليا؛ فمدرب المنتخب الوطني الأول الأجنبي الذي تمَّ تعيينه قبل أشهر راتبه ومكأفاته وسكنه وسيارته وغيرها من المصاريف تكفي لتوظيف عشرات الشباب الباحثين عن عمل، وشباب الوطن أوْلَى منه في التأهيل والتدريب؛ فلو تم تأهيل عدد من المدربين الوطنيين براتب الأجنبي لشهر أو شهرين أو ثلاثة بالكثير، سيكون لدينا عدد من المدربين المتميزين الذين سيدربون بمبلغ مالي أقل بكثير، وسيكون لديهم الإحساس الوطني والغيرة على سمعة البلد أكثر من المدرب الأجنبي، الذي لا يهمه سوى راتبه آخر الشهر.

إنَّ هذا ينطبقُ تماماً على وجود الوافد الأجنبي بالمناصب العليا في شركات القطاع الخاص، في الوقت الذي نعاني فيه من تكدس الباحثين عن عمل، ونضرب كفًّا بكف في معالجة هذه الإشكالية، إنَّ قضية النظرة للنفس بنقص ودونيتها مقابل إعظام الخواجة والثقة فيه، هو ما يجعلنا نتخبَّط هذه التخبطات، ولن تستقيم لنا قائمة إذا ظلت هذه العقدة تسيطر علينا، ولم نعطِ الثقة للمواطن حتى يُبدع ويزيل كلَّ التكهنات التي ترسَّخت في عقول البعض من أنَّ العُماني غير مُهيَّأ وليس لديه الإمكانيات الفكرية والعقلية والخبرة التي اكتشفنا أخيرا أنها تأتي على رأس العمل.

إنَّ فوز المنتخب الوطني العسكري لابد أنْ نتعلَّم منه الدروس والعبر، ولا يكفي الرقص والتغني والفرح فقط، وأعظم درس تعلمته من تحقيق هذه البطولة أنَّ الوطن لا يُقيم أركانه إلا المواطن المخلص الوفي، وأنَّ الخير كل الخير في ابن الوطن مهما فشل في تجربة أو مسابقة، لابد يوما أن ينجح. أمَّا الخواجة الذين نعقد عليه الأمل، فلا توجد لديه الوطنية العُمانية الخالصة؛ فأول ما يفشل نبحث عن غيره؛ فلماذا لا يكون ابن الوطن هو الكل في الكل، وهو السد المنيع الذي يمكن أن نعتمد عليه في الشدة والرخاء، وأقول لمن ترسَّخت لديه عقد الخواجة أنْ يلغيها؛ فقد أثبت الشباب العُماني في أكثر من ميدان أنَّه قادر على تقديم التميز متى ما مُنِح الفرصة والثقة، وعلينا أن نلغي فكرة المثل السائد "زامر الحي لا يطرب"، فقد توفَّرت كل الإمكانيات والسبل التي تجعل زامر الحي يطرب ويتفنن في الطرب.

وأخيرا.. نرفع اسمي آيات التهاني والتبريكات للمقام السامي لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- القائد الأعلى للقوات المسلحة؛ لحصول منتخب السلطنة العسكري على كأس العالم 2017، كما نتقدَّم لكل فرد في القوات المسلحة والأجهزة الأمنية بالشكر والتقدير على التنظيم الرائع والأداء المشرف، ونقول للاعبي المنتخب العسكري "ما قصرتم، ورفعتم رؤوسنا"، ونبارك للجميع هذا الإنجاز، ونشد على أيدي الجهات المختصة بمنح المواطن الثقة الكاملة لتحقيق المزيد من الإنجازات لهذا الوطن الغالي، بعيدا عن عقد الخواجة... ودمتم ودامت عُمان بخير!

Khalid1330@hotmail.com