"صافي حركة الحسابات الحكومية" يمول 3.234 مليار ريال من إجمالي العجز

2.53 مليار ريال فارق بين الإيرادات التقديرية والفعلية في "الحساب الختامي لـ2015".. وتهاوي أسعار النفط أبرز الأسباب

 

 

101.2 مليون ريال زيادة في المصروفات الاستثمارية

دعم فوائد القروض التنموية والإسكانية يهبط من 35 مليون ريال إلى 24.5 مليون

زيادة دعم الكهرباء بأكثر من 106 ملايين ريال مع نمو الطلب

تراجع الدعم التشغيلي للشركات الحكومية من 180 مليون ريال إلى 44.2 مليون

ضغط الإنفاق العام إلى 13.7 مليار والعجز الفعلي يتجاوز 4.63 مليار

 

الرؤية - نجلاء عبد العال

 

أظهر الحساب الختامي للسنة المالية لعام 2015 الفارق الكبير بين التقديرات والأرقام الفعلية الخاصة بالإيرادات والنفقات وبينهما عجز الميزانية، فبعد التراجع الحاد في أسعار النفط وما أفرزه من انخفاض بالمصدر الرئيس للدخل في السلطنة، نتج نقص بحوالي 2.53 مليار ريال من قيمة الإيرادات العامة التي توقعتها الميزانية في بداية ذلك العام، أما الإيرادات الجارية فجاءت فأقل من المقدر لها بأكثر من نصف مليار ريال، كما تراجعت الإيرادات الرأسمالية إلى 14 مليون ريال فقط.

وفي جانب الإنفاق العام، شهدت المصروفات الجارية خفضاً بنحو 412 مليون ريال، مع زيادة قدرها 62.2 مليون ريال في مصروفات الدفاع والأمن، وزيادة بمقدار 25.5 مليون ريال في مصروفات إنتاج النفط الجارية، بينما جاء الانخفاض على حساب مصروفات الوزارات المدنية والتي نقصت 443.4 مليون ريال.

وفي المقابل، زادت المصروفات الاستثمارية عن المقدر لها بحوالي 101.2 مليون ريال، ففي حين كان المقدر 3.214 مليار ريال كانت المصروفات الاستثمارية الفعلية 3.315 مليار ريال، وكانت الزيادة الأكبر في المصروفات الإنمائية للوزارات المدنية، والتي زادت من 1.65 مليار ريال إلى 1.82 مليار ريال.

الدعم والشركات الحكومية

ومن حيث الإنفاق على المساهمات والدعم، فقد تراجع بحوالي 90 مليون ريال، وفي بنوده كان التراجع في دعم المواد النفطية نزولاً من 580 مليون ريال ليصل الدعم الفعلي للمنتجات النفطية إلى 479.3 مليون ريال. وهنا تجدر الإشارة إلى أنّه يجري بيع المنتجات النفطية للمستهلك النهائي من قبل الشركة العمانية للمصافي والصناعات البترولية (أوربك) وذلك بالأسعار المحلية المثبتة من قبل الحكومة لكل منتج، وفي المقابل تقوم الحكومة بتعويض الشركة عن قيمة الفارق بين الأسعار المحلية للمنتجات التي تم بيعها من المصفاة وبين الأسعار العالمية لتلك المنتجات، وهو ما يمثل إجمالي الدعم المالي للمنتجات النفطية.

وفي الدعم أيضًا تراجع دعم فوائد القروض التنموية والإسكانية من 35 مليون ريال كتقدير ببداية السنة المالية ليصل إلى 24.5 مليون ريال كدعم فعلي بالحساب الختامي، ويمثل هذا البند الدعم الذي تقدمه الحكومة لفوائد القروض التنموية التي يقدمها بنك التنمية العماني والبنوك التجارية في إطار مراسيم الدعم المالي للقطاع الخاص في المجالات الاقتصادية المختلفة. كما يتضمن هذا البند دعم فوائد القروض الإسكانية التي يقدمها بنك الإسكان العماني للمواطنين؛ حيث يتراوح دعم الفائدة ما بين (2- 5 في المئة) سنوياً وفقاً لشرائح الدخل للمقترضين من البنك الذين يتحملون ما بين (1- 4 في المئة) سنوياً، أما بالنسبة لبنك التنمية العماني، فتتحمل الحكومة دعم الفائدة بنسبة 3 في المئة، بينما يتحمل المقترض 3 في المئة سنوياً.

وفي مقابل خفض هذا النوع من الدعم المقدم للقروض التنموية، ارتفع دعم قطاع الكهرباء بأكثر من 106 ملايين ريال وذلك مع زيادة إنتاج الكهرباء خلال العام، -وبحسب وزارة المالية- فإنّ إجمالي الدعم المالي المنفق فعليًا لدعم قطاع الكهرباء في عام 2015 بلغ 386.4 مليون ريال عماني، مما يعكس الزيادة في التكلفة الاقتصادية، وذلك لدعم الطلب المتزايد على الكهرباء. ولعل هذا ما وراء بدء الحكومة لبحث رفع دعم الكهرباء خاصة للقطاع غير السكني. وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ السبب الرئيسي لزيادة دعم الكهرباء يعود إلى ارتفاع إجمالي الدعم المالي لشركة كهرباء المناطق الريفية لسنة 2015 بنسبة 40 في المئة مقارنة مع عام 2014، وتعكس هذه الزيادة النمو المتوقع في إجمالي تكاليف التزويد ورسوم التوصيل واستخدام شبكة النقل والتوزيع وشراء الطاقة، والزيادة الكبيرة في النفقات الرأسمالية في بناء شبكة نقل جديدة في مسندم (132 كيلو فولت).

وتراجع دعم السلع الغذائية الأساسية إلى الربع تقريباً مقارنة مع المُقدر له في بداية السنة المالية؛ حيث كان من المقدر أن يكون بقيمة 35 مليون ريال ونقصت على أرض الواقع إلى 6.8 مليون ريال فقط، ويأتي ذلك مع تراجع أسعار السلع على مستوى العالم وكذلك تراجع كلفة النقل نتيجة انخفاض قيمة الوقود.

ومن اللافت للنظر التراجع الكبير لقيمة الدعم التشغيلي للشركات الحكومية، حيث كان من المقرر أن تنفق الدولة 180 مليون ريال على هذا البند، بينما ما جرى فعليًا كان إنفاق 44.2 مليون ريال ولم تظهر البيانات أسباب القدرة على تحقيق هذا الخفض الكبير، وما إذا كان السبب هو توقف بعض أعمال الشركات الحكومية؟ أم أنّه كان هناك تقدير أكبر من الحجم الحقيقي لحاجة عمل هذه الشركات؟ ما يستدعي الحاجة إلى إعادة النظر بجدية تجاه أداء هذه الشركات.

ويبلغ عدد الشركات التي تمتلكها الحكومة إما كلياً أو جزئيًا نحو 77 شركة محلية وخارجية، ويعمل جزء منها في أنشطة تجارية مثل شركة المطاحن العمانية وأسمنت عمان، في حين أنَّ الجزء الآخر يقوم بتنفيذ وإدارة وتشغيل بعض المرافق الخدمية مثل شركة الكهرباء القابضة وشركاتها التابعة وشركة بريد عمان والشركة العمانية لإدارة المطارات، وذلك بحسب البيانات المتوفرة من وزارة المالية التي أكدت أن جزءًا من هذه الشركات يحقق أرباحًا والجزء الآخر قد لا يحقق ربحية على المدى القصير ولكن ينظر إليه من منظور تنموي، على أساس أنها شركات تحقق أهدافاً اقتصادية واجتماعية وإنمائية وبيئية على المدى البعيد. وفي هذا البند تضمنت الميزانية العامة للدولة مبالغ مدرجة تحت بند المصروفات الإنمائية بمبلغ 180 مليون ريال عماني، وتتضمن مبالغ تكاليف إضافية على الشركات الحكومية لإدارة وتشغيل المرافق الحكومية نيابة عنها للعام المالي 2015، على سبيل المثال قطاع الصرف الصحي للمناطق، ولإنشاء مركز المؤتمرات والمعارض نيابة عن وزارة السياحة، وتوفير المياه الصناعية لشركة النفط العمانية، ومنطقة صحار الحرة، وتمويل إنشاء شبكة المخلفات الصناعية المعالجة بالمنطقة الحرة، ولإدارة النفايات بمحافظة مسندم والمرادم الهندسية للنفايات الخطرة بالمنطقة الصناعية بولايتي صحار والدقم. وفيما يخص المبالغ المدرجة ضمن الدعم التشغيلي، فإنها تتضمن تغطية الخسائر التشغيلية، بهدف معادلة الفرق بين إيرادات الشركة ومصروفاتها. وتبلغ التكلفة الاستثمارية لهذه الشركات والمؤسسات 4.2 مليار ريال عماني، بينما تبلغ القيمة الدفترية لهذه الاستثمارات نحو 5.9 مليار ريال عماني، كما تم تقدير الدعم التشغيلي المُقدم لعدد من الشركات الحكومية بمبلغ إجمالي 190 مليون ريال عماني ضمن الميزانية العامة للدولة لعام 2015.

رواتب وبدلات

وفي بند الرواتب والبدلات، فإنّه يشتمل على ما نسبته 66 في المئة من إجمالي الإنفاق الجاري والرأسمالي في تقديرات الميزانية للعام 2015، حيث تمَّ تقدير إجمالي الزيادة التي شهدتها الرواتب خلال الخطة الثامنة عن مستواها في نهاية 2010 بحوالي 133 في المئة. لكن في الحساب الختامي لسنة 2015 جاء تفصيل الإنفاق في بنود الرواتب والأجور والبدلات والمستحقات وغيرها وكان المجموع 3.41 مليار ريال منها 1.614 مليار ريال رواتب وأجور، و1.31 مليار ريال بدلات، و196 مليون ريال في بند المستحقات الأخرى، والتي تشمل الأجور الإضافية ومكافآت المحالين إلى التقاعد، والمكافآت وبدلات ومصروفات السفر. أما حصة الحكومة في نظام معاش موظفي الحكومة العمانيين فبلغ 289 مليون ريال، ويشمل مبالغ تدفعها الحكومة عن موظفي مجلس البحث العلمي والادعاء العام.

ضغط الإنفاق

وشمل ترشيد الإنفاق في المصروفات الإنمائية للوزارات المدنية غالبية الوزارات وكان أكبرها في قطاع الأسماك والنفط الخام والصناعات التحويلية، وبدلا من إنفاق 285 مليون ريال كمصروفات تقديرية في قطاع الإنتاج السلعي، بلغ الإنفاق الفعلي 85.6 مليون ريال فقط بنهاية العام. كما تراجع الإنفاق الإنمائي الفعلي في قطاع الإنتاج الخدمي إلى أقل من الثلث، فبدلاً من إنفاق 1.747 مليار ريال فقد ضغط الإنفاق ليصل إلى 332 مليون ريال، ويضم القطاع المشاريع الخاصة بوزارات الإسكان والتجارة والكهرباء والمياه والاتصالات والسياحة.

وبلغت تقديرات المصروفات الإنمائية لقطاع الهياكل الاجتماعية التي تشمل التعليم والصحة ومراكز الشباب والتدريب المهني 2.228 مليار ريال تقريبًا، لكنها فقدت 382 مليون ريال فقط بما يعني أن خفض الإنفاق في هذا القطاع كان أقل من 20 في المئة من المستهدف إنفاقه في الخطة المالية للسنة. وضغط الإنفاق الإنمائي على قطاع الهياكل الرئيسية الذي يشمل الطرق والموانئ والمطارات والري والبيئة وتخطيط المدن وغيرها، من نحو 6.2 مليار ريال كتقدير للإنفاق الإنمائي إلى أقل من 1.05 مليار ريال كانفاق إنمائي فعلي. ونتج عن هذا الضغط الكبير للمصروفات الإنمائية وصول إجمالي المصروفات الإنمائية للوزارات المدنية والوحدات الحكومية والهيئات العامة على مدار عام 2015 إلى 1.822 مليار ريال بدلاً من 10.43 مليار ريال رصدتها خطة الموازنة. وهنا يشار إلى أنّ المصروفات الإنمائية للوزارات المدنية كبند تقديري بلغت 1.6 مليار ريال، لكن ما يصنف على أنه تمويل مشروعات إنمائية قطاعية تبلغ تقديرات كلفته في العام المالي 2015، نحو 10.43 مليار ريال.

العجز المالي

ويعرف العجز المالي للميزانية بأنّه الفرق بين إجمالي الإيرادات المتوقعة والنفقات المتوقعة خلال السنة المالية الواحدة، ونظرا لكون الإيردات الفعلية في العام المالي 2015 تراجعت إلى 9.067 مليار ريال وأن الإنفاق العام كان 13.7 مليار ريال تقريباً، فإنّ العجز العجز المالي الفعلي في الميزانية العامة للدولة لعام 2015 كان 4.63 مليار ريال، بزيادة أكثر من ملياري ريال عمّا كان مقدرًا، وقد تم تمويله من خلال الاقتراض الخارجي بمبلغ 390.2 مليون ريال، فيما سددت السلطنة 85 مليون ريال، واقترضت داخلياً 750 مليون ريال. ووفق الموازنة التقديرية للعام كان من المتوقع لجوء الحكومة لاستخدام الفوائض المالية لتغطية العجز والتمويل من الاحتياطيات بإجمالي مبلغ 1.7 مليار ريال عُماني، منها 700 مليون ريال سحباً من الاحتياطيات ومليار ريال استخدام لفوائض من أعوام سابقة. لكن ما حدث أن الحكومة لم تسحب المليار ريال من فوائض الحسابات، بل سبحت 234.6 مليون ريال فقط وفق البند 24. وفي جانب التمويل من الاحتياطي، فلم يكن هناك سحب فعلي حسب ما جاء في البند 25، لكن الحكومة حصلت على 3.234 مليار ريال تقريباً من "صافي حركة الحسابات الحكومية" وهو ما لم تفصل طبيعته وزارة المالية في الحساب الختامي للسنة.

أين الزيادة والنقصان؟!

وعلى المستوى القطاعي، فقد تراجعت إيرادات قطاع الخدمات العامة عن المقدر في بداية السنة المالية بنحو 61 مليون ريال، رغم أن كثيراً من مكونات القطاع حقق زيادة في الإيرادات عن المقدرة، إلا أن الإيرادات الجارية من وزارة المالية كانت أقل من المقدرة بحوالي 50 مليون ريال، كما كانت إيرادات مجلس المناقصات أقل بمليوني ريال.

وفي قطاع الأمن والنظام العام كان الإيراد الجاري أقل من المقدر بنحو 91 مليون ريال، وكانت معظمها نتيجة تراجع حصيلة شرطة عمان السلطانية والادعاء العام، أما قطاع التعليم فكانت الإيرادات الفعلية أكبر من التقديرات بحوالي مليوني ريال وجاءت الزيادة في غالبيتها من وزارة التعليم العالي وقطاع التعليم التقني والتدريب المهني بوزارة القوى العاملة. وفيما كانت موازنة 2015 ترصد 248 مليون ريال كإيرادات جارية من قطاع الضمان والرعاية الاجتماعية فقد جاءت الإيرادات أقل بأكثر من 60.5 مليون ريال.

ووصلت جملة الإيرادات الجارية من قطاع النفط والغاز عبر الوزارة إلى ما يربو على 19 مليون ريال، في حين كان من المقدر تحصيل 6.7 مليون ريال فقط، فيما تسبب تراجع الإيرادات من هيئة تنظيم الاتصالات وقطاع النقل بوزارة النقل والاتصالات، في تدني الإيرادات الجارية الفعلية خلال 2015 عما كان مستهدفاً من قطاع النقل والاتصالات بمقدار النصف تقريبًا؛ حيث ادخل خزينة الدولة نحو 95 مليون ريال فيما كان المستهدف أن يدخل 182 مليون ريال تقريبًا.

وعلاوة على تراجع الإيرادات الجارية في غالبية القطاعات، فإنّ المستهدف من إيرادات جارية في بند تمويل مؤسسات أخرى تراجع من 534 مليون ريال ليحقق فعلياً 341 مليون ريال فقط، وهذه البنود مجتمعة أدت الى تراجع الإيرادات الجارية المتوقعة خلال العام من 2.38 مليار ريال إلى 1.86 مليار ريال وبما يمثل 78 في المئة فقط من المستهدف.

وهبطت الإيرادات الرأسمالية للدولة خلال العام إلى أقل من 14 مليون ريال، فيما كان يفترض أن تصل إلى 25 مليون ريال، وكذلك كان الحال بالنسبة للاستردادات المالية التي انخفضت في بند استرداد القروض من هيئات ومؤسسات عامة من 35 مليون ريال إلى نحو 5 ملايين فقط، لكن في الإجمالي حققت الدولة إيرادات رأسمالية بما يقارب 48 مليون ريال وذلك نتيجة بيع استثمارات بقيمة 42.8 مليون ريال تقريبًا.

تعليق عبر الفيس بوك