2016 .. عام مزدحم بالأزمات والجرائم والأحداث المصيرية في أمريكا وأوروبا

...
...
...
...
...
...
...
...

الرؤية - وكالات

كانت 2016 من أكثر السنوات ازدحاماً بالأحداث السياسية الهامة في القارة الأمريكية والأوربية، أبرزها فوز ترامب بانتخابات الرئاسة وهي النتيجة التي سببت هزة على كافة المستويات، وانفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوربي وتولي رئيسة وزراء جديدة مقاليد الحكم، إضافة لكوارث العنف والإرهاب التي اجتاحت عددا من البلدان إضافة إلى الكثير والكثير من الأحداث المهمة.

على سطح صفيح ساخن

شهدت الولايات المتحدة الأمريكية جملة من الأحداث بدت خلالها وكأنها على سطح صفيح ساخن، كان أبرزها يحمل اسم ترامب لكن سبق ذلك بشهور تحديداً في يوليو الغضب الذي اشتعل في الشوارع احتجاجاً على العنف الذي تمارسه الشرطة ضد السود حيث شهدت مدن أميركية سلسلة مظاهرات، في وقت تعيش البلاد حالة صدمة بعد أحداث دالاس التي قتل فيها خمسة من الشرطة وجرح 14 آخرين برصاص قناصة خلال احتجاجات على مقتل رجلين أسودين برصاص الشرطة في ولايتي مينيسوتا وأريزونا.

وعلى خلفية تلك التطورات قرر الرئيس الأمريكي باراك أوباما اختصار زيارته إلى أوروبا والعودة إلى واشنطن، والتوجه بعد ذلك إلى دالاس ليندد بالحادث، وأمر بتنكيس الأعلام لخمسة أيام حدادًا على الضحايا.

وقتل المشتبه به الرئيسي في المسؤولية عن الهجوم -ويدعى ميكا جونسون (25 عاما)- على يد قوات النخبة في الشرطة عبر تفجير قنبلة أدخلها رجل آلي إلى حيث كان يتحصن، وأكدت وزارة الدفاع الأمريكية أنّه كان جنديا في القوات البرية الأمريكية وخدم بشكل خاص في أفغانستان.

وقال قائد شرطة دالاس ديفد براون إن المتهم القتيل قال قبل مصرعه إنّه غاضب بسبب حوادث القتل التي يتعرض لها السود بأمريكا، مؤكدا أنّه لا يرتبط بأي مجموعة وإنما نفذ الهجوم من تلقاء نفسه.

الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، كان حديث العام والخاص منذ مطلع السنة بتصريحاته النارية المثيرة للجدل، لدرجة أنه استحق لقب شخصية العام، في النسخة السنوية من مجلة تايم الإخبارية الصادرة في الولايات المتحدة، التي تقوم بتمييز شخص أو مجموعة أو فكرة أو شيء ما "يمتلك الأثر الأكبر في أحداث العام، سواء كان ذلك للأحسن أو الأسوأ".

وقد نجح مرشح الحزب الجمهوري، دونالد ترامب، في الولوج إلى البيت الأبيض، ليصبح بذلك الرئيس الـ45 للولايات المتحدة الأمريكية، بعد تفوقه على منافسته الديمقراطية، هيلاري كلينتون، عقب السباق الطويل والمضني نحو البيت الأبيض.

رحيل كاسترو

وفي القارتين الأمريكيتين هناك المزيد من الأحداث الهامة خلال العام على رأسها وفاة الرئيس الكوبي الشيوعي، فيدال كاسترو، الذي انتزع السلطة في ثورة 1959، وحكم كوبا 49 عاماً.

وعرف فيدل كاسترو، الذي توفي يوم الجمعة 25 نوفمبر 2016 عن 90 عاماً بأنه الرجل الذي أدخل نصف الكرة الأرضية الغربي في الحرب الباردة منذ عام 1959، ومن ثمّ تحدى الولايات المتحدة الأمريكية لقرابة نصف القرن، معاصراً 11 رئيساً أمريكياً، ومسبباً لهم الإزعاج.

وبصحة متدهورة منذ سنوات، ظل كاسترو يقود ويدبر ما يأمل أن يكون استمراراً لثورته الشيوعية منذ أن تنحى في عام 2006 لأخيه الأصغر راؤول كاسترو البالغ من العمر الآن 85 عاماً، وأعقبها بعامين أن أعلن استقالته رسميًا من رئاسة كوبا.

فنزويلا تختنق

في منتصف العام تقريبا اقتربت فنزويلا من حافة الانهيار الاقتصادي، في ظل سيطرة شبح السياسات الاقتصادية الفاشلة في بلاد تمتلك أكبر احتياطيات نفطية في العالم، غير أنّ الصورة السوداوية قلبت الموازين رأساً على عقب في أصعب محنة اقتصادية شهدها الشعب الفنزويلي على الإطلاق.

فإلى جانب الهبوط الحاد في أسعار النفط، الذي يعد محرك النشاط الاقتصادي في البلاد، عانت فنزويلا من أزمة سياسية كبيرة مع سعي المعارضة التي تشغل غالبية مقاعد البرلمان إلى تنظيم استفتاء لعزل رئيس الدولة نيكولاس مادورو.

هذان العاملان شكلا جوهر الأزمة الفنزويلية، في وقت أشارت فيه التقديرات إلى ارتفاع معدل التضخم إلى 500%، في 2016 وتوقعت أن يصل إلى 1600% في 2017، بينما يواجه السكان نقصاً خطيراً في مواد أساسية وغذائية إلى جانب فقدان أكثر من 70% من الأدوية، مع استهلاك احتياطي العملات الأجنبية المخصص للاستيراد، ما يدفع بالشعب إلى الوقوف في طوابير طويلة لساعات لشراء احتياجاتهم من المتاجر في مشهد أقل ما يمكن وصفه بالمأساوي.

الخروج البريطاني والعنف

على المستوى الأوربي ورغم ما شهدته القارة من أحداث عنف واسعة النطاق إلا أن القرار التاريخي بالخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي كان الحدث الأبرز الذي أدى إلى تغيير في خارطة أوربا الاقتصادية، وبتداعياته على الاتحاد نفسه وعلى السياسة البريطانية الداخلية، وذلك بعد 43 عاماً من العضوية.

وقد صوّت 51.9% من الناخبين البريطانيين مع خروج المملكة المتحدة من الاتحاد، مقابل 48.1% عبروا عن تأييدهم للبقاء فيه.

وودعت بريطانيا رئيس وزرائها ديفيد كاميرون، الذي قدم استقالته تاركاً منصبه لوزيرة الداخلية، تيريزا ماي، بعد أن فازت بزعامة حزب المحافظين، فيما اعتبر أول خطوة في التغييرات التي فرضت نفسها سياسياً بموجب متطلبات الخروج من الاتحاد الأوروبي.

 الدم والارهاب

شهد المسرح الأوربي عدداً من التفجيرات الإرهابية والاعتداءات خلال سنة 2016 كانت أكثرها دموية تفجيرات بروكسل في شهر مارس، حيث قتل 34 شخصاً، وأصيب 135 آخرون في تفجيرين وقعا في مطار بروكسل، صباح يوم دامٍ وآخرين استهدفا محطتين للمترو في العاصمة البلجيكية. وقد تبنى تنظيم "داعش" الهجمات.

وبعد أقل من ساعة، هزّ انفجار جديد محطة قطارات قرب مبنى للاتحاد الأوروبي في العاصمة البلجيكية لدى وصول القطار إلى المحطة أثناء ساعة الذروة الصباحية، ما أسفر عن مقتل أشخاص عدة.

كما وقع تفجير رابع في محطة مالبيك أو محطة شومان المجاورة، حيث مقرات الاتحاد الأوروبي، أسفر عن مقتل 15 شخصاً وإصابة 40 آخرين.

وبالعودة الى التسلسل الزمني هناك الكثير من الحوادث المشابهة من تركيا إلى أمريكا إلى العديد من دول العالم، لكن هجوم نيس الفرنسية سيظل الأكثر رسوخاً في ذاكرة العالم، فقد وقع ما لا يقل عن 84 قتيلاً وأكثر من 100 جريح، إثر اندفاع شاحنة صوب جمع من الناس كانوا محتشدين لمشاهدة الألعاب النارية بمناسبة احتفالات العيد الوطني، فدهستهم على امتداد كيلومترين. وقد بينت التحقيقات أن منفذ الهجوم من أصل تونسي يدعى محمد لحويج بوهلال، في الـ 31 من العمر مقيم في نيس.

توسيع.. ورفع عقوبات

شهد 2016 توقيع الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما تشريعا يهدف إلى توسيع العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية ردا على تجارب نووية قامت بها، أعقب ذلك قرار تبناه مجلس الأمن بالإجماع لتوسيع تلك العقوبات، وفي رد على القرار وتحد له في آن معا أعلن رئيس كوريا الشمالية "كيم يونغ أون" نجاح بلاده في تطوير قنبلة نووية صغيرة الحجم يمكن للصواريخ حملها.

قبل ذلك كان كل من الاتحاد الأوروبي وأمريكا قرروا رفع العقوبات الدولية المفروضة على إيران بعد تأكيد الوكالة الدولية للطاقة الذرية التزام إيران بالحد من أنشطتها النووية وفقا لاتفاق لوزان بين أيران ومجموعة "5 + واحد" واتفقت الدولتان "أمريكا وإيران" على عملية لتبادل السجناء حيث أفرجت طهران عن أربعة سجناء أمريكيين فيما منحت واشنطن عفوا عن سبعة سجناء إيرانيين لديها.

وبالتوازي قرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنهاء العقوبات الاقتصادية التي فرضتها بلاده على تركيا، فيما مدد الاتحاد الأوروبي العقوبات الاقتصادية على روسيا حتى 31 يناير 2017 بسبب الأزمة الأوكرانية.

يوم 15 يوليو التركي

حمل هذا التاريخ حدثاً لن ينساه الجميع في تركيا، وقتها تفاجأ العالم بخبر عاجل طارئ قرأته مذيعة على قناة تي آر تي التركية يفيد بنجاح محاولة انقلاب على النظام الحاكم بتركيا، وعقب ساعات قليلة ظهرت المذيعة ذاتها لتعلن فشل المحاولة بعد أن نجحت القوات الموالية للحكومة في استعادة السيطرة على الوضع بالمحطة التلفزيونية.

بعدها ظهر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، ليطل في سابقة من نوعها عبر أحد تطبيقات التواصل الخاصة بشركة أبل وهو فايس تايم، اتهم من خلاله ما سمّاه بالكيان الموازي قاصداً رجل الدين فتح الله كولن الذي يتخذ من الولايات المتحدة الأمريكية مقراً له، بالوقوف وراء محاولة الانقلاب.

كما دعا إردوغان الشعب التركي إلى هبة حاشدة في الشوارع والميادين للاعتراض على ما حدث.

وحقن إردوغان الحماس في نفوس مؤيديه للنزول وكبح وحدات من الجيش التي حاولت الانقلاب على نظام حكمه، فكان له ما أراد.

وأعقب محاولة الانقلاب حملة اعتقالات سُميت بالتطهيرية طالت رؤوساً كثيرة من كبار المسؤولين في الجيش، وكذلك في العديد من القطاعات وموظفين عاديين، للاشتباه بضلوعهم بما حدث.

وقبل أسبوعين على انتهاء السنة، دوى في منابر الإعلام خبر اغتيال السفير الروسي في أنقرة، جراء إطلاق نار استهدفه خلال زيارته لمعرض فني بالعاصمة التركية.

لم يكن هذا الاغتيال ليأخذ كل هذا الزخم لولا الصورة التي انتشرت لحظتها كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي، ليأتي بعدها الفيديو موثقاً عملية الاغتيال.

أمّا ملتقط صور القاتل، فكان مصوراً تركياً يعمل لصالح وكالة "أسوشييتد برس".

ولم يكن المصور برهان أوزبيليسي يستوعب ما يحدث، إلا أنّه اختبأ وراء جدار، محاولا تصوير المشهد، بعد أن كان قد اقترب لالتقاط صور أوضح للسفير أثناء حديثه.

وفي الأثناء كانت العاصمة الألمانية برلين تعيش هي الأخرى على وقع صدمة هجوم راح ضحيتها 12 شخصاً على الأقل، وأصيب 48 آخرون بجروح إثر اقتحام شاحنة سوقاً لأعياد الميلاد في برلين.

وأعلن تنظيم "داعش" الإرهابي، مسؤوليته عن الهجوم.

إغلاق الأبواب أمام اللاجئين

وفي أوربا هناك حدث آخر لا يقل أهمية يتعلق بانخفاض أعداد اللاجئين والمهاجرين غير النظاميين خلال 2016 بنحو الثلثين، مقارنة بـ2015، وذلك في أعقاب سلسلة إجراءات لجأ إليها الاتحاد الأوروبي للحد من أكبر موجة لجوء عرفتها القارة منذ الحرب العالمية الثانية، واتخذت تلك الإجراءات شكل اتفاقات مع الدول المعنية، وإغلاق طرق الهجرة التي سلكها اللاجئون العام السابق.

وأشارت أرقام نشرتها المنظمة الدولية للهجرة قبل 3 اسابيع إلى أنه مقابل مليون و11 ألفا وصلوا أوروبا خلال 2015، فقد بلغ أراضي القارة خلال هذا العام 378 شخصا فقط، أتى 345 منهم عن طريق البحر، و23 ألفا فقط عن طريق البر.

وخلال الرحلة المحفوفة بمخاطر الغرق في مياه البحر الأبيض المتوسط، ومغامرة اللجوء إلى المهربين، مات أو فقد 4742 شخصا، قضى غالبيتهم على الأرجح غرقا في مياه المتوسط. أما من تمكنوا من الوصول بحرا فكانت وجهتهم إيطاليا وإسبانيا واليونان على التوالي، في حين اختار اللاجئون القادمون عن طريق البر التسلل من تركيا عبر حدود بلغاريا وصربيا للوصول إلى المجر أو كرواتيا وهي أقرب حدود للاتحاد الأوروبي.

وتحقق الانخفاض في عدد المهاجرين غير النظاميين جراء إغلاق الدول الواقعة على طريق البلقان حدودها أمام اللاجئين مطلع مارس، وتوقيع تركيا بعد ذلك بأيام اتفاقا مع المفوضية الأوروبية يقضي بأن تستعيد أنقرة اللاجئين العابرين حدودها بشكل غير نظامي من اليونان، مقابل استقبال الدول الأوروبية لاجئين سوريين من تركيا، وحصول أنقرة على مساعدات أوروبية بقيمة ستة مليارات يورو. هذا إلى جانب تعهد أوروبي بفتح أبواب القارة أمام الأتراك عبر إعفائهم من التأشيرة.

وعززت المؤسسات الأوروبية إجراءاتها الوقائية عبر نشر حرس حدود على الجانب البلغاري من الحدود مع تركيا. وقامت المجر من جهتها ببناء جدار ثان لصد المهاجرين، وألحقته باستفتاء للحيلولة دون إلزامها بتوطين نحو ألفي مهاجر من أصل 160 ألفا كان قادة الاتحاد الأوروبي قد توافقوا عام 2015 على استيعابهم وتوزيعهم على دوله الـ28. ولم ينجح الاستفتاء المذكور لكنه كشف عن دعم شعبي قوي لهذه السياسة التي يلتزمها رئيس الوزراء المحافظ فيكتور أوربان.

وخلال 2016، سجلت سلسلة أعمال شغب داخل مخيمات اللاجئين باليونان وبلغاريا احتجاجا على بطء إجراءات التسجيل وغموض وضع اللاجئين الذين يقيمون في ظروف معيشية بائسة. ولم يدخر اللاجئون والمهاجرون الذين تقطعت بهم السبل في صربيا محاولة لفت الأنظار إلى رغبتهم بالوصول إلى دول أوروبا الغنية وفي مقدمتها ألمانيا.

تعليق عبر الفيس بوك