عودة إتاوة الاتصالات 12% تثير التساؤلات حول تأثر الأسهم في البورصة وتداعيات الزيادة على المستخدمين

الرؤية - نجلاء عبدالعال

التفاعل القوي الذي صاحب حملة مقاطعة شركتي الاتصالات في نهاية أكتوبر الماضي لم يكن يشي بأنّ الموضوع سيتوارى بعد أيام قليلة؛ لكن هذا ما حدث، وانشغل مستخدمو شبكتي الاتصالات بالتواصل والاتصال أكثر من المشغلين، ولكن بعد شهرين جاء قرار الحكومة المفاجئ بتحصيل إتاوة الاتصالات بدون تخفيض أو استثناء ليعيد للواجهة موضوع شركات الاتصالات، ويطرح معه تساؤلات جديدة تتعلق بالقرار الحكومي بتحصيل الإتاوة بنسبة 12% وليس 7% كما كان متبعا منذ عام 2007، ومن سيدفع ثمن هذا القرار.

مفاجأة القرار كانت أولا في توقيته والذي جاء في آخر يوم عمل في سنة 2016، وكذلك في أن الخبر لم يتم الإعلان عنه على نطاق واسع، ولولا أن إدارة سوق مسقط للأوراق المالية أوقفت التداول على السهمين لما عرف كثيرون عن القرار شيئا، ويثير توقيت القرار أيضا تكهنات حول مدى علاقة زيادة الإتاوة بتوصيات اللجان واللقاءات التي عقدتها الجهات المعنية أثناء حملة المقاطعة، وما إذا بالفعل كانت الجدية والسعي لرفع جودة خدمة الاتصالات هي السبب الوحيد خلف القرار، أم أن القرار معد قبل فترة طويلة لرفع الإيرادات الضريبية للدولة من قطاع الاتصالات خلال السنة المالية المقبلة؟ وهو ما قد تكشف عنه تفاصيل بنود الموازنة المرتقب الإعلان عنها.

وحسب زاوية النظر للقرار يمكن الحكم بمدى تأثيره فمن ناحية الشركتين كان إيقاف التداولات وراء سرعة تقديم الإدارة في كلتا الشركتين لتقدير أولى عن التأثيرات على الأرباح، ونوهت الشركتان إلى استلام كل منهما إشعارا من هيئة تنظيم الاتصالات يبلغها رسميا بقرار مجلس الوزراء بإعادة نسبة الأتاوة المفروضة على مشغلي الأتصالات لمعدلها السابق، والبالغ 12% اعتبارا من 1 يناير 2017، وذلك عوضا عن النسبة الحالية البالغة 7%، ويبدو أن الإدارتين لم تكن لديهما تفاصيل تطبيق القرار وهل سيتم تحصيل الإتاوة بناء على أعمال 2016 أم أنه سيبدأ العمل بالنسبة الجديدة على أعمال 2017 التي سيبدأ القرار التفعيل خلالها، لذلك جاءت الحسابات سريعة واحتمالية؛ فقالت شركة عمانتل إنه "حال تطبيق قرار رفع الأتاوة على التسعة أشهر الأولى من عام 2016م، سيترتب على ذلك خفض صافي الأرباح بمبلغ 16 مليون ريال عماني".

أمّا "أريدُو" فقالت: "حسب تقييمنا، فإنه لو تم تطبيق نفس الزيادة في النسبة (12%) في الأشهر التسعة الأولى من عام 2016، فإن التأثير هو انخفاض قيمة صافي الدخل إلى 8.7 مليون ريال عماني أو بنسبة 23.3%".

وبين تعبير "في حال" الذي استخدمته عمانتل، و"لو" الذي استخدمته أريدو، فإن الواقع أن إحدى الشركتين لن تكون عرضه للخسارة؛ ستنقص الأرباح نعم، لكن لن تتعرض الشركة ككل لخسارة، لكن الشركة ليست كيانا جامدا يتألف من مبان وأبراج وشبكات، بل كون كلتا الشركتين مساهمة عامة فإننا نتحدث عن ملايين الأسهم التي يمتلكها مئات أو آلاف من الأفراد، وهؤلاء قد يدفعون بعض الثمن؛ سواء بشكل فوري من خلال انخفاض في أسعار ما يملكونه من أسهم في رأسمال الشركة، أو من خلال انخفاض ما يحصلون عليه من أرباح دورية.

وبنظرة تفصيلية على الوضع المالي للشركتين من خلال تقاريرهما المالية، يتضح أن عمانتل حققت إجمالي أرباح صافية خلال الفترة من بداية 2016 وحتى نهاية سبتمبر -بعد خصم الضرائب- بلغ 95.1 مليون ريال مقارنة مع 90.8 مليون ريال حققتها في ذات الفترة من عام 2015، وبلغ عائد السهم الواحد خلال الأشهر التسعة 127 بيسة مقابل 121 بيسة. وهنا لابد من الإشارة إلى أهمية سهم عمانتل بالنسبة للمستثمرين في سوق مسقط خاصة الأفراد منهم حيث يجري توزيع أرباح مرتين في العام وخلال 2016 وزعت الشركة ارباحا بلغت 100% من سعر السهم الأساسي والذي يبلغ 100 بيسة. فيما وصل سعر السهم في آخر تداول له قبل قرار إيقاف التداول إلى 1.515 ريال.

أما "أريدو" فقد حققت ارتفاعا في صافي أرباحها -بعد خصم الضريبة- ليصل إلى 37.6 مليون ريال خلال التسعة أشهر من العام 2016 مقارنة بـ 32.3 مليون ريال عماني للفترة نفسها من العام 2015. وبذلك يكون صافي الربح قد ارتفع بنسبة 16.4%، ووزعت أرباحا في أبريل 2016 بنسبة 40% من القيمة الاسمية للسهم ووصل سعر السعر في آخر تداولات قبل قرار وقف التداول إلى 660 بيسة. وبالتأكيد فإن الخصم من الأرباح سيعني تراجعا في نصيب المساهمين من الأرباح.

المشتركون قد يدفعون الثمن!

على الجانب الآخر فقد يتحمل مشتركو الاتصالات في الشركتين ثمن رفع الإتاوة ولنا أن نعلم أنّ المشتركين في كلا الشبكتين يصل عددهم إلى نحو مرة ونصف إجمالي عدد سكان السلطنة -مواطنين ووافدين- فعدد المشتركين في شبكات الاتصال حسب آخر بيانات متاحة يتجاوز 6 ملايين مشترك أو بالأحرى 6 ملايين اشتراك لأنّ الشخص الواحد عادة ما يكون لديه أكثر من اشتراك، وبلغ عدد مشتركي عمانتل وحدها بالسلطنة في كل من الخدمات الثابتة والمتنقلة نحو 3.326 مليون مشترك بنهاية سبتمبر 2016 وارتفعت قاعدة مشتركي الشركة بما فيهم المشتركين عن طريق شركات إعادة بيع خدمات الاتصالات المتنقلة ليصل إلى 4.453 مليون مشترك، فيما بلغ عملاء أريدو 2.92 مليون اشتراك.

ولا تنص مواد القانون على ما يمنع شركات الاتصال في السلطنة من رفع أسعار خدماتها؛ حيث لا تقوم الهيئة العامة لتنظيم الاتصالات بتحديد أسعار خدمات الاتصال، ويُترك ذلك للمشغلين أو مزودي الخدمة، ومع ذلك فإنّ الهيئة تقول إنّها "تعمل على تنظيم الأسعار بحيث يتم تقديم كل مقترح لأسعار الخدمات الحالية أو الجديدة إلى الهيئة للحصول على موافقتها قبل الشروع في تنفيذ مقترحات الأسعار، وتعمل الهيئة على تنظيم الأسعار لتحقيق هدفين رئيسيين هما ضمان معقولية أسعار الخدمات المقدمة للجمهور، وضمان أن تعكس الأسعار تكاليف الخدمات المقدمة قدر الأمكان، وذلك لاستبعاد أي ممارسات أو استراتيجيات منافية للمنافسة قد يلجأ إليها أي من المشغلين". أمّا الآلية التي تعمل الهيئة على ضبط الأسعار عبرها فهي ترك الأمر للمنافسة حيث ترى أنّ المنافسة تعمل على تحفيز الشركات التي تعمل في سوق الاتصالات لتصبح أكثر فاعلية، كما توفر للمستهلكين مزيدا من خيارات الخدمات التي يتم تقديمها بأسعار تقارب مستويات التكلفة، وتعمل على تحسين جودة الخدمات المقدمة للجمهور".

ولكن ما تراه هيئة تنظيم الاتصالات -رغم منطقيته- قد لا يكون على أرض الواقع مجديا، فإذا ما كان وجود شركة منافسة واحدة لم يجعل الأسعار تتراجع بالدرجة المطلوبة فإن وجود شركة ثالثة ببنية أساسية إما جدية أو مستأجرة من الشبكات الأخرى سيستغرق وقتا طويلا ليكون عند مستوى المنافسة المطلوبة.

وما أجرته هيئة تنظيم الاتصالات مؤخرا من تمديد لعملية عرض تقديم خدمة المشغل الثالث قد تكون بهدف إعطاء مزيد من الوقت والدراسة لجذب مستثمرين لهذا القطاع الذي تبلغ قدرته الاستيعابية حاليا 170%، لكن بنص ما قالته هيئة تنظيم الاتصالات فإنها تلقت العديد من الطلبات من الأطراف التي قامت بشراء وثيقة مذكرة المعلومات، الخاصة بإجراءات دخول مشغل ثالث لتقديم خدمات الاتصالات العامة المتنقلة في السلطنة، بتمديد المهلة الزمنية لتقديم عروض المزايدة، حيث قامت الهيئة بدراسة هذه الطلبات بعناية، وبناءً عليه قررت الهيئة تمديد المهلة الزمنية لتقديم هذه العروض لغاية 6 مارس 2017، ومددت الهيئة أيضا إتاحة وثيقة مذكرة المعلومات للشراء حتى تاريخ 26 ديسمبر 2016 المنصرم.

الأيام القليلة المقبلة ستحمل الكثير من التفسيرات والإجابات عن علامات استفهام يمكن أن تكون فاصلا في مستوى وأداء خدمات الاتصالات بالسلطنة مستقبلا.

تعليق عبر الفيس بوك