صليب جديد فوق المذبح.. والجنود يحرسون القداس

 

 

 

برطلة - رويترز

تدفَّق مئاتُ المسيحيين العراقيين، أمس، إلى بلدة برطلة في شمال العراق، والتي استُعيدت من تنظيم "داعش" في الآونة الأخيرة؛ وذلك للاحتفال بعيد الميلاد لأول مرة منذ 2013، لكنَّ سعادتهم شابها الحزن على انتهاك حرمة كنيستهم.

وأخليت برطلة -التي كان يعيش فيها آلاف المسيحيين الأشوريين- في أغسطس 2014 عندما سقطتْ في يد تنظيم الدولة الإسلامية. وزغردت نساء يحملن الشموع وهن يدخلن كنيسة مار شموني بالبلدة تعبيرا عن فرحتهن بالعودة إلى المكان الذي قلن إنه شهد تعميد الكثيرات منهن.

وقالتْ شروق توفيق -وهي ربة منزل عُمرها 32 عاما كانت قد نزحت إلى مدينة أربيل الكردية القريبة- "هذا أجمل يوم في حياتي. أحيانا كنت أشعر أن هذا اليوم لن يعود أبدا." ولحقت أضرارٌ جسيمة بالكنيسة أثناء فترة سيطرة الدولة الإسلامية على المدينة؛ إذ أزيلت صلبان، وتعرضت تماثيل قديسين للتشويه وأحرق مذبح الهيكل. ووُضِع صليب جديد فوق المذبح كما وُضِعت شجرة بلاستيكية كبيرة لعيد الميلاد قرب البوابة الضخمة للكنيسة. ووقف جنود في مكان قريب للحراسة وتمركز آخرون فوق الأسطح.

ودَوَتْ أصوات الأجراس وهي تدقُّ احتفالا في البلدة التي لا تزال خاوية إلى حد بعيد؛ إذ سُوِّيت منازل كثيرة بالأرض بسبب القتال الذي دار قبل شهرين.

وقال المطران موسى الشماني مطران أبرشية دير مار متى لرويترز، قبل إقامة قداس عشية عيد الميلاد: "أشعر بالحزن والسعادة لنفس الوقت. أشعر بالحزن عندما أرى ما حصل لهذا المكان المقدس بفعل أبناء بلدي ولكن بنفس الوقت نحن نشعر بالسعادة لمجرد إحياء هذا القداس الأول بعد سنتين".

ومحافظة نينوى واحدة من أقدم البقاع التي عاش بها مسيحيون، ويعود ذلك إلى حوالي 2000 عام. وأقيم القداس وأنشدت الترانيم والصلوات باللغة السريانية. وقال بهنام شمني مدير مجلة برطلي السريان الشهرية المحلية: "إنها الكنيسة التي تعمَّدت بها وتربيت فيها وتعلمت الإيمان فيها".

واستهدف تنظيم الدولة الإسلامية كلَّ الطوائف غير السنية التي تعيش في مناطق حكمه، كما أنزل عقابا شديدا بالسنة الذين لا يلتزمون بتفسيره المتشدد للدين. وخُيِّر المسيحيون في المنطقة ما بين الدخول في الإسلام أو دفع الجزية أو الموت بحد السيف. وفر أغلبهم إلى إقليم كردستان العراق شبه المستقل عبر نهر الزاب باتجاه الشرق. وسوف تستغرق عودة السكان إلى البلدة فترة من الوقت؛ إذ إنها لا تزال دون خدمات أساسية وتحمل الكثير من مبانيها آثار القتال.

وقال شمني: "لو توفرت الإمكانيات لكانت أتت كل البلدة". وجاء من حضروا القداس في حافلات ضمن قافلة خاصة من أربيل. وتحرك خط الجبهة الأمامي في المعركة لاستعادة الموصل -آخر معقل كبير لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق- بضعة كيلومترات نحو الغرب ليصل إلى أحياء شرقية يختبئ فيها المتشددون وسط المدنيين ويتصدون لتقدم وحدات القوات الخاصة العراقية بسيارات ملغومة يقودها انتحاريون وبقذائف المورتر والقناصة.

وتُشير التقديرات إلى أنَّ أكثر من مليون شخص يعيشون في المناطق التي لا تزال خاضعة لسيطرة التنظيم بالمدينة وهو ما يعقد خطط الجيش العراقي وقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة التي تقدم لها دعما جويا وبريا. وقال المطران الشماني في القداس: "إنها سحابة سوداء تغطي العراق. لكننا سنبقى في أرضنا لأن الله معنا".

 

 

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة