وثائق لا تقدر بثمن

 

 

يُمثِّل المَعرضُ الدائم للوثائق والمحفوظات الوطنية الذي أزيح السِّتار عنه أمس، واحداً من أهم الأحداث الثقافية التي تشهدها السلطنة قبل أن تودع عام 2016، فالمعرض الذي يضم في جنباته وثائق لا تقدر بثمن، نظراً لقيمتها التاريخية الكبيرة ومكانتها الأدبية العظيمة، يكشف جهداً جديدًا لهيئة الوثائق والمحفوظات.

فالهيئة ومنذ نشأتها وهي تسعى سعياً حثيثاً لإرساء نظام وثائقي مميز من حيث الأداء والتقنيات المستخدمة والآليات وكذلك منهجية الأرشفة والحفظ وفق أعلى معايير الجودة العالمية. وفي هذا الصدد لا تتوانى الهيئة عن إيلاء جانب التدريب والتأهيل للموظفين كل الاهتمام اللازم، من خلال تنظيم الدورات التدريبية وعقد البرامج التأهيلية التي ترتقي بأداء الموظف في مختلف دوائر العمل في هذه الهيئة. ولا شك أنَّ مثل هذه الجهود والفعاليات المتنوعة من قبل الهيئة تبرز حجم التطلعات والأهداف التي تسعى الهيئة إلى إنجازها، لاسيما فيما يتعلق بجوانب التوثيق للجوانب الحضارية والتاريخية للسلطنة، وتسليط الضوء على الإسهامات العمانية في الحضارة الإنسانية على مر العصور، إذ إنّ الوثائق تعد حجر الزاوية في البحث العلمي والإبداع الفكري.

ويسهم المعرض الدائم في توفير مادة متاحة طوال العام لجموع الباحثين في التاريخ العماني، وأولئك الذين يسبرون أغوار الماضي واكتشاف جواهره الكامنة بين طيات الكتب والوثائق والصور التاريخية.

المعرض يمثل أيضًا متحفًا مفتوحًا لما يزخر به من وثائق وصور ورسائل ومكاتبات على مر العصور الماضية، ومن المميز في هذا المعرض أنه يضم بين جدرانه النسخ الأصلية لكثير من الأعمال المعروضة، علاوة على عرض الأدوات المستخدمة في الكتابة والأحبار أيضاً. وتماشيًا مع ما توليه الهيئة من اهتمام لاستخدام التقنيات الحديثة، فإنّ المعرض مزود بمنضدة إلكترونية تتيح للباحثين إمكانية البحث والتنقيب في الوثائق عبر شاشات إلكترونية تعرض النتائج بآلية زمنية دقيقة.

لقد أثبت العُماني على مر العصور والحقب أنَّه صانع للتاريخ بفضل تحركاته في الأرض شرقاً وغرباً وامتداد الدولة العمانية قديماً نحو آسيا شرقاً وإفريقيا غربًا، وبالتالي كان الاهتمام بكتابة تاريخ مجيد كتبه أجدادنا في عصور متباعدة ومتباينة من حيث استخدام أدوات الكتابة ووسائلها.

إنَّ الاهتمام بالماضي والتاريخ التليد لدولتنا الضاربة في عمق الحضارة الإنسانية لهو عمل يستحق الإشادة والتقدير، لذا على مؤسسات التعليم بمختلف صنوفها أن تسعى لتنظيم رحلات إلى هذا المعرض المميز لتتعرف الأجيال الجديدة على تاريخ أجدادهم وماضيهم المُشرِّف.

تعليق عبر الفيس بوك