الصناعات النسيجية في سمائل.. تراث عريق بأيد عمانية

...
...
...
...
...

 

 

سمائل - العمانية

النسيج من الحرف التقليدية التي امتهنها العمانيون على مر العصور حيث كانت وما زالت مصدر دخل ثابت، وصناعة تقليدية عريقة أولتها حكومة السلطنة اهتماما كبيرا لإحيائها وتطويرها لتواكب العصر الحديث. وأنشأت جهة حكومية تقوم بأدوار كبيرة من أجل المحافظة على هذه الصناعات وتطويرها وهي الهيئة العامة للصناعات الحرفية.

وقطعت الهيئة العامة للصناعات الحرفية شوطا كبيرا في هذا المجال حيث يعد مركز تدريب وإنتاج النسيج والتطريز بولاية سمائل بمحافظة الداخلية الذي أنشأته الهيئة واحدا من المراكز التي تعمل على صقل المواهب العمانية، ويوجد العديد من الدوائر والبيوت الحرفية المنتشرة في مختلف محافظات السلطنة المعنية بتدريب وصقل المواهب العمانية المتخصصة في مجال الصناعات النسيجية بمختلف أنواعها.

وتشمل حرفة النسيج العديد من الصناعات المختلفة باختلاف المنتج المراد تصنيعه وفي السلطنة توجد أنواع كثيرة من الصناعات القائمة على الغزل الصوفي والقطني، ويشتهر سكان البادية بصناعة النسيج الصوفي لوفرة المادة الخام (الغزول) لهذه الصناعة من الصوف المستخرج من الماشية وما زالوا ينتجون الملابس المختلفة من الصوف والمفارش والسجّاد و(الحصائر) والخيام والميداليات ويصنعون من شعر الماعز الحبال والأثاث المنزلي ومن وبر الإبل صناعات أخرى مثل المناسيل والبشوت والحقائب والأحزمة.

 

وفي هذا الصدد قال ناصر بن سيف بن سعيد الحاتمي مدير مركز تدريب وإنتاج النسيج والتطريز بسمائل إن مرحلة نسيج الصوف تتم بواسطة آلة "النول" وغالبا ما تكون مسطحة على الأرض وتعتمد على خطوط الطول الرئيسية الثابتة ثم تبدأ عملية الحياكة مع خيوط العرض والترصيص أولا بأول حتى النهاية فيظهر المنتج كاملا بالشكل المطلوب ومن خلال الترصيص يمكن إضافة لمسة جمالية تعرف محليا باسم "الرقم" وهي نقوش وزخارف ومساحات خطية لونية جميلة تمتد على طول المنتج النسيجى لتعطيه اللمسة الجمالية ودلالات مربوطة بالهوية العمانية، أما بالنسبة للنسيج القطني فتكثر صناعته عند الحضر وتتداول منتجاته في الأسواق ويكثر عليه الطلب وكان مستخدما في الماضي حيث يتم نسج القطن بواسطة المغازل والأنوال اليدوية المصنوعة من الخشب.

 

وتتميز مفردات المنسوجات العمانية بين أوزرة وأردية وعمائم وسباعيات ذات جودة عالية وخواص عملية وجمالية تتمثل في رقة ملمسها وجمال أشكالها وثبات ألوانها وجودة صناعتها ويطلق على هذه المنسوجات مسميات مختلفة مثل: الأوزرة "الصحاري والسمائلي والجابري والسعيدي" وهذه التسمية تأتي من العائلة المصنعة أو المنطقة التي تشتهر بصناعة المنتج وكان الإقبال على هذه المنتجات في دول شرق إفريقيا وآسيا نشطا خلال حركة التبادل التجاري عبر السفن العمانية.

وقال ناصر بن سيف بن سعيد الحاتمي مدير مركز تدريب وإنتاج النسيج والتطريز بسمائل أن عملية صناعة الإزار القطني تبدأ بواسطة آلة يطلق عليها "الكارجة" وهي مصنوعة من أخشاب الأشجار المحلية ومثبتة على الأرض أسفلها حفرة  يصل عمقها إلى متر واحد ليأخذ الصانع مكانه فيها عند الإنتاج، وهي تتكون من محركات يدوية يقوم الصانع من خلالها بضبط الحركات الأفقية والسفلية مع طوي المنتج في المطوى وهي القطعة الخشبية الأمامية من النول وسحبه وإرخاء الغزول وتكرر حركة سير العمل والاستمرار في صنع خيوط العرض من خلال  "المكوك أو الكريب" ورصها من خلال القطعة الخشبية التي تحمل المشط حتى يتم الوصول الى القطعة المنسوجة  (الإزار).

وكان الإزار العماني ينتج بـ (الكارجة) على قطعتين (مرتوق) نظرا للحد الاقصى لعرض النول (الكارجة) الذي يتسنى للنساج من خلاله تناول المكوك الذي يحمل الخيوط العرضية (اللحمة)، وبتطور الكارجة (النول) أصبح باستطاعة النساج إنتاج الإزار قطعة مستطيلة واحدة يحدها من الأسفل والأعلى شريط ذو ألوان حسب نوع الصنفة، ومن اليمين واليسار علامة وهي دلالة على بداية الإزار ونهايته متمثلة في خطوط لونية. ومن أهم المنسوجات التي تنتج "الشاذر والسباعية والسيحة والشيلة والحزام القطني وحزام الخنجر والحضية" والستائر. و"الشاذر" هو عبارة عن قطعة قطنية منسوجة مستطيلة الشكل ذات خطوط لونية رأسية تضاف إليها أحيانا خطوط أفقية ولا تكون محددة بألوان معينة وتتميز بتنوع وتناسق ألوان مختلفة ويبلغ طول الشاذر 290 سم وعرضه 170 سم ويسمى محليا "الشرشف" وهو غطاء السرير.

أما "السباعية" فهي عبارة عن رداء طويل غير مخيط ذي خطوط لونية مختلفة وتوجد على طرفيه خيوط مهدبة وهو منسوج قطني خالص طوله 275 سم وعرضه 136 سم ويغلب على "السباعية" اللون الأزرق الغامق وتوجد بها تقسيمات منظمة وتوزيع معين للألوان حسب مراحل تدرج الألوان بطريقة تسلسلية بينما في الوسط توجد تقسيمات متباعدة على مساحة أوسع وتستخدم لأغراض مختلفة ولها خصوصية عند الرجل العماني إذ يتخذها عمامة ورداء في فصل الشتاء بينما تستخدم كغطاء خفيف في فصل الصيف فهي تتميز بالنعومة ولطافة الملمس.و"السيحة" هي مفرش أو سجادة تقليدية تستخدم لأغراض متعددة تصنع من الصوف الحيواني الخالص وبتصاميم جمالية زاهية حسب نوع الصوف المستخدم فهناك الصوف الاسود والأبيض والأحمر وتنسق هذه الأنواع من الصوف عند غزل السيحة وإنتاجها بطريقة فنية وبرموز ورسومات هندسية جميلة، وتستخدم غطاء أو لحافا في فصل الشتاء كما تستخدم فراشا على الأرض ويبلغ طولها 130 سم وعرضها 60 سم، والألوان السائدة المستخدمة في صنعها هي الأحمر والأسود والأبيض.

 

و"الحضية" هي شريط مزخرف له أهداب طويلة وملونة تتزين به المرأة عند جانبي لحافها وتستخدمه عند خروجها من المنزل وفي المناسبات الوطنية والدينية ويطلق عليه محليا (الليسو) أو الشيلة.

وتعد الستائر من أثاث المنزل وكمالياته، وتصنع من القطن الخالص ولها أهمية خاصة فهي إضافة إلى كونها عنصر جمالي في المنزل تعد عنصرا مهما للتقليل من حرارة الشمس في فصل الصيف ولها ألوان مختلفة ويبلغ طولها 270 سم وعرضها 80 سم وتتخذ الشكل المستطيل.

وأوضح الحاتمي قائلا: "يتم خلال التدريب إيجاد جيل حرفي شاب يمتلك المعرفة والمهارة العملية من خلال إدخال تقنيات حديثة في عملية الصناعات النسيجية مثل الأنوال اليدوية التي تحاكي عمل الكارجة التقليدية والأنوال الآلية واستخدام خامات من الغزول، وتطور تصميم المنتجات النسجية من حيث الجانب الجمالي والوظيفي مع المحافظة على الهوية العمانية التي أنتجت العديد من الصناعات  النسيجية الحرفية التي تناسب الاستخدامات العصرية سواء في الأزياء الرجالية مثل أحزمة الخنجر المطرزة بالنسيج والزخارف العمانية والألوان المتنوعة والمصر القطني الذي يأخذ شكل وألوان السباعية العمانية والأزياء النسائية مثل الشيلة والأحزمة القطنية التي تضيف اللمسة الجمالية على العباية والملابس النسائية".

تعليق عبر الفيس بوك