الرئيس القمري يشيد بقوة العلاقات الثنائية مع السلطنة.. ويثني على مواقف جلالة السلطان الداعمة لجزر القمر

انطلاق أعمال المؤتمر الدولي الخامس "علاقات عمان بدول القرن الإفريقي".. و46 ورقة عمل و200 وثيقة تبحر في أعماق الروابط التاريخية

...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...

 

 

 

الضوياني: اهتمام العمانيين بإخوانهم في الساحل الشرقي الإفريقي تأكيد للمبادئ السامية ونشر الطمأنينة والأمان

كرهيلا: المؤتمر حلقة وصل بين عُمان وجزر القمر

 

 

موروني (جزر القمر)- مدرين المكتوميّة

 

افتتح فخامة الرئيس عثمان غزالي رئيس جمهورية القمر المتحدة، أمس، بالعاصمة القمرية موروني أعمال المؤتمر الدولي الخامس "علاقات عمان بدول القرن الإفريقي" والمعرض المصاحب، بحضور عدد من أصحاب المعالي والسعادة والمسؤولين والباحثين والمهتمين والمختصين في مجال الثقافة والإعلام، الذي تستضيفه جمهورية القمر المتحدة، وتنظمه هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنيّة بالتعاون مع وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بجمهورية القمر المتحدة، يأتي تنفيذه بناءً على التوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه - والذي تستمر فعالياته حتى يوم غد الخميس بمقر البرلمان الاتحادي.

تشارك في المؤتمر الدولي نخبة من الأساتذة والباحثين يمثلون١١ دولة مختلفة، منها أمريكا وبلجيكيا وروسيا وبريطانيا والجزائر وكينيا ومصر وتنزانيا واليمن. المؤتمر يعرض 46 ورقة عمل ضمن خمسة محاور تناقش علاقة السلطنة ودورها في دول القرن الافريقي بمختلف الجوانب التاريخية والاقتصادية والاجتماعية والحضارية والثقافية، حيث اتسمت هذه العلاقة بروابط متينة ربطت عمان بدول القرن الافريقي منذ القرن الأول.

يبث المؤتمر الدولي بأربع لغات، فإلى جانب اللغة العربية يبث باللغة الفرنسية والانجليزية والقمرية طيلة أيام الفعاليات.

 

العلاقات العمانية القمرية

وقد صرّح فخامة رئيس جمهورية القمر المتحدة عثمان غزالي لوسائل الإعلام قائلا: مؤتمر علاقات عمان بدول القرن الإفريقي، يهمنا أكثر من غيرنا ونبذل قصارى جهدنا في العمل على إنجاحه وإيصال رسالته الهادفة كما يسعى ويهدف المنظمون، خاصة وأن علاقتنا نحن كقمريين تعد الأقوى مع العمانيين، ونحن ضمن القرن الإفريقي إلا أننا نجد أنفسنا في مقدمة هذه الدول قربا من عمان.

وأضاف فخامته: العلاقات العمانية القمرية قوية منذ القدم، حتى الرئيس في الفترة الأولى كان يعزز تقوية هذه العلاقات، وأمنيتي أن تتطور وتتقدم هذه العلاقات بشكل كبير ودائم، حتى تصل إلى علاقات أبدية، كما نتمنى أن تمتد إلى العلاقات الفنية والتعليمية ومختلف المجالات الأخرى، وأن تكون هناك علاقات سياحية تجذب الكثير من المستثمرين إلينا.

السلام والتسامح

وفي تصريح خاص للرؤية قال سعادة صالح الحارثي السفير العماني في كينيا إن المؤتمر يأتي تجسيداً للعلاقات العمانية مع دول القرن الإفريقي وتأكيداً على أهميتها، وعلى ضرورة تفعيل قيم التعاون البناء بين مختلف الدول.

وأضاف سعادته أن صفحات التاريخ مليئة بالكثير من الأحداث الهامة والعلاقات المترابطة بين السلطنة ودول العالم ومثل هذه المؤتمرات تكتسب أهمية كبيرة لكونها تعكس وتوثق هذا التاريخ المهم، وتضعه بين يدي الأجيال الجديدة للاستفادة من دروسه وإنجازاته، وتؤكد على الدور العماني في نشر ثقافة التسامح والسلام في إفريقيا والعالم.

 

 

تراث إنساني عريق

بدأ حفل افتتاح المؤتمر بكلمة ألقاها سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية قال فيها: "من دواعي سرورنا أن نرحب بكم أجمل ترحيب، ونحييكم تحية طيبة في بلد طيب عزيز نفتخر بأهله، إخوة كرام أشقاء ربطتنا بهم روابط القربى فكان ارتباطاً وثيقاً على مدار الحقب التاريخية التي شهدت النشاط والتبادل التجاري والهجرات الفردية والجماعية، إلى منطقة دول القرن الإفريقي، وتعاظم هذا الدور وتعزز الوجود العماني بظهور الإسلام الذي جمعنا للتعايش المشترك وتأسيس ثقافة يسودها الاحترام والسلام بين الجميع انطلاقا من علاقات وطيدة مع عمان، فكان هذا البلد الخيّر موطئاً لحركة عبور واتصال وتواصل، تمتد من عمان إلى زنجبار، ليتراكم عبر السنين تراث إنساني زاهر وعريق على امتداده وتواجده الحضاري، مسجلاً الأحداث والإنجازات، فيبقى تراثاً إنسانياً خالداً، ومن هذا المنطلق تزداد أهمية إحياء تلك السمات البارزة والمعالم القائمة بحثاً في أعماق التاريخ العماني والكشف عن آثاره الحضارية ومعالمه التراثية، سنرى هنا وهناك مجداً عظيماً وإنجازاً غنياً مليئاً بالمواقف المشرفة والوقائع الخالدة والأعلام البارزة والعلوم النافعة والمعارف الواسعة والمحفوظات والمدونات القيمة إنّها ثمرة جهود إنسانية تمتد جذورها وأصالتها إلى حياة العمانيين وتاريخهم وتاريخ أشقائهم في دول القرن الإفريقي، تجمعنا جميعاً قواسم مشتركة وهوية إقليمية ممتدة، فعمان تلتقي بكم كونها دولة بحرية تمتد من بحر عمان والمحيط الهندي؛ كل ذلك منحها ومنحكم تكاملا ثقافياً واجتماعياً ارتبط بخصوصية طبيعية واقتصادية ساهمت في امتداد العلاقات التجارية في عمق الأراضي الآسيوية والأوروبية والإفريقية، وحظيت إفريقيا باهتمام في علاقات العمانيين بإخوانهم في الساحل الشرقي الإفريقي لتؤكد المواقف النبيلة والمبادئ السامية الرفيعة لحسن التعامل وثوابت المواقف، ومد المحبة والسلام ونشر الطمأنينة والأمان، فسار الركب على هذا النهج الممتد، منذ وطأت أقدام العمانيين هذه المناطق لتصل إلى ذروتها في عهد السلطان سعيد بن سلطان في القرن التاسع عشر، الذي أرسى العلاقات الخارجية وعقد المعاهدات الدولية وتبادل التمثيل السياسي والدبلوماسي وإرسال السفراء إلى رؤساء وزعماء العالم، وأوجدت عُمان توازناً في العلاقات مع الدول الأوروبية في إطار الاحترام المتبادل، وقد ساهمت تلك السياسة في خلق الأمن والاستقرار وأسهمت في ازدهار الحضارة، ليصل هذا الالتزام الثابت في النهج الحكيم إلى ذروته وتمكينه وتأسيسه، وفق المبادئ التي أرساها مولانا جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - واتسمت سياسة سلطنة عُمان بحب الخير للإنسانية جمعاء بقلوب صادقة ومؤمنة، مدركة أن أفعال وأعمال الخير ثمرة تُجنى وعطاء يبذل وينبت على الأرض نباتاً طيباً.

 تكاتف الشعوب

وأضاف سعادته: "يشهد العالم اليوم حالة من التقارب والتكاتف بين الشعوب والأجناس المختلفة، وكل ذلك يصب لصالح الإنسانية في مجالات التنمية المختلفة، نتيجة للتقدم العلمي والتكنولوجي ولهذا فإن التقارب والروابط المتينة بين العمانيين والقمريين ودول القرن الإفريقي في الثقافة والدين والعادات والتقاليد والمصاهرة، فضلاً عن اسهامات القمريين والعمانيين في المجالات الأدبية والعلمية وتواصل العلماء والمفكرين، كل ذلك كان أثره جلياً من خلال مساهمة القمريين في حكومة سلطنة زنجبار، فأدوا دوراً قيادياً في حركة التنمية الاجتماعية والثقافية، إضافة إلى مشاركتهم في التركيبة الهيكلية الحكومية، هذا ما أدركناه وعرفته الأجيال وبعضه الآخر ما زال مجهولاً، موزعاً على أرفف وخزانات المكتبات، وهو يختزن مساهمات فكرية وفنية مما يدعونا إلى الحرص حفاظاً على التراث ونشره والاستفادة منه، وتشكل الوثائق والمخطوطات الدليل الأهم على وجود هذا الينبوع، لفهم الثقافة العمانية والقمرية في مختلف ميادينها والمرآة التي تعكس صورة الإنسان الذي أسهم بذاته في إنتاج حاضره ومستقبله".

وأكمل سعادته بالقول: "انطلاقاً من ذلك يعقد المؤتمر الدولي الخامس "علاقات عُمان بدول القرن الإفريقي" في رحاب بلدكم والذي جاء بناءً على التوجيهات السامية لمولانا جلالة السلطان قابوس المعظم -حفظه الله ورعاه- لتحتضن موروني هذا الحدث العلمي والحضاري والتاريخي، تأكيداً على العلاقات الطيبة والمتينة التي تجمع عمان ببلدكم الشقيق، فأنتم يا فخامة الرئيس وحكومتكم الموقرة خير عون ودعم وترحيب، وقد حظينا بالتقدير وتسهيل الإجراءات، وبناءً على توجيهاتكم الكريمة عملت اللجنة الرئيسية في الإعداد والتحضير والإشراف والمتابعة وصولاً لهذا اليوم، الذي نتشرف فيه بحضور فخامتكم الكريم، فتحية إجلال وتقدير لكم وتحية احترام وثناء لأعضاء اللجنة الرئيسية من الجانب القمري والتي يرأسها معالي الدكتور حامد كرهيلا ولكافة الأعضاء، كما أتوجه بالتقدير لمعالي الدكتور رئيس البرلمان الاتحادي على حُسن الترحيب والتعاون ليكون البرلمان مقراً لانعقاد المؤتمر، والمعرض الوثائقي المصاحب له، والشكر موصول لجميع الجهات الحكومية في جمهورية القمر المتحدة على التعاون والتنسيق الشامل لتسهيل الإجراءات، تحية خاصة إلى كافة أعضاء الوفد من هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية وجميع الجهات الحكومية والخاصة في سلطنة عُمان على حُسن المشاركة في هذا الحدث المبارك، وفي الختام نسأل الله جلّت قدرته أن ينعم علينا بدوام فضله ونعمه ويحقق لوطننا دوام التقدم والازدهار، حفظ الله مولانا جلالة السلطان المعظم وأدام عليه نعمة الصحة والعافية والعمر المديد داعياً الله سبحانه وتعالى أن يمد فخامتكم بعونه وتوفيقه لخدمة بلدكم الشقيق لما تصبون إليه من تقدم وازدهار، وأن يكتب الله تعالى الطمأنينة والآمان لشعبكم الشقيق.

عمق العلاقات

ثم ألقى الدكتور حامد كرهيلا وزير الدولة والمكلف بالشؤون العربية بوزارة الخارجية كلمة أكد فيها على عمق العلاقات بين البلدين وعلى أهمية هذا المؤتمر الذي تحتضنه العاصمة موروني، والذي سيتناول مجموعة كبيرة من أوراق العمل التي تتحدث عن العديد من الجوانب المهمة والتي تربط البلدين، وتمنى أن يكون المؤتمر بمثابة حلقة وصل دائمة بين عمان وجزر القمر تتبعها علاقات في مجالات أخرى مستقبلا.

منعطف تاريخي

ثم ألقى فخامة الرئيس كلمة قال فيها:" إنّ انعقاد الدورة الخامسة للمؤتمر الدولي حول علاقات عمان مع الدول القرن الإفريقي في موروني يعد منعطفا تاريخيا يقودنا إلى الحلم، وتخيل هذا التاريخ الجميل والطويل، الذي يتقاسمه شعب سلطنة عمان وجمهورية القمر المتحدة، وإعادتها في الوقت الحاضر حتى نتمكن من رسم صورة لمستقبل زاهر ومشترك للدولتين الشقيقتين.

إنني أجد هذا الحفل الافتتاحي المكان المناسب لأتوجه أصالة عن نفسي ونيابة عن حكومة وشعب جمهورية القمر المتحدة بخالص الشكر وعظيم الامتنان إلى جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه – على مبادرته الكريمة في تنظيم هذا المؤتمر الذي نتفاعل معه بكل شرف وسرور وفخر في العاصمة القمرية موروني".

إشادة مستمرة

وأضاف فخامة الرئيس: " أود أن أشيد بمواقف جلالته واستعداده الدائم والمستمر لمساندة جزر القمر من أجل سلامة أراضيها والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، وسعيه الدائم إلى حفظ علاقات التعاون الأخوية التاريخية، التي تجمع عمان بجزر القمر، والشكر موصول إلى جميع المسؤولين بسلطنة عمان الذين بذلوا قصارى جهدهم منذ عدة أشهر من أجل توفير مناخ أخوي تعاوني مع الحكومة القمرية من أجل ضمان نجاح هذا المؤتمر".

واختتم فخامته بالقول:" نحن ورثة لثقافة شعبين امتلكا تاريخا غنيا منحوتا في أحجار قصورنا الملكية وعلى أسوار مدننا التي ترجع إلى القرون الوسطى كشعبين شريكين في صفحات مليئة بالإنجازات والأبطال من بداية التاريخ المؤثر لنبي الله أيوب عليه السلام ومروراً بالقصة الجميلة لملكة سبأ إلى البحار سندباد وإلى ماركو بولو.

 

توطيد العلاقات

يهدف المؤتمر إلى الوقوف على حجم العلاقات العمانية بدول القرن الإفريقي (ومنها جزر القمر، وإثيوبيا، ومدغشقر، وموريشيوس، وجيبوتي، والصومال، بالإضافة إلى "سقطرى") في خدمة القضايا الإفريقية وسبل توطيد العلاقات وتقييم دور سلطنة زنجبار وارتباطها بدول القرن الإفريقي وتحليل الأبعاد التاريخية والحضارية في آسيا وإفريقيا، ودراسة الأبعاد والمحددات الدبلوماسية العمانية ودول القرن الإفريقي بالإضافة إلى التركيز على الدور الحضاري الذي لعبته عمان على مدى الحقب التاريخية. كما سيلقي الضوء على التحولات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية في مناطق دول القرن الإفريقي، والدور العماني وتأثيراته في هذه المجالات ودراسة هجرات القبائل العمانية، ودورها في التقارب والتنوّع السكاني بمناطق دول القرن الإفريقي، وتحليل دور العلاقات الأوربية مثل الفرنسيّة والبريطانية بسلاطين عمان في زنجبار، وتأثيرها على العلاقات العمانية مع دول القرن الإفريقي وتأثير الحضارة العمانية والإسلامية في شرق أفريقيا ودول القرن الإفريقي، فيما يتعلق بالمواقع الأثرية، والنشاط البحري العماني، العمارة، الفنون، الكتابات، النقوش، والمنشآت المدنية مثل المساجد والقصور، والعسكرية، مثل القلاع، والأسوار العلاقة التجارية التي أوجدوها بين الموانئ في شرق إفريقيا ودول القرن الإفريقي وتقييم الإنتاج الفكري بمختلف أشكاله في شرق إفريقيا ودول القرن الإفريقي ودراسة أبعاد العلاقة السياسية والاقتصادية بين سلطنة زنجبار ودول القرن الإفريقي.

 

جلسات المؤتمر

تضمنت الجلسة الأولى 7 أوراق عمل وترأسها الدكتور عبد الواحد النبوي، حيث استهلت بورقة معالي الدكتور حامد كرهيلا وزير الدولة المكلف بالتعاون مع العالم العربي، والتي تحمل عنوان "الوجود العماني في جزيرة مايوت القمرية قبل الاستعمار الفرنسي لها عام 1841" حيث عرّف الباحث مايوت أو جزيرة الموت، بأنّها إحدى الجزر الأربعة المكونة للأرخبيل القمري، وعرفت هذه الجزيرة التي تبلغ مساحتها 375 كم2 الوجود العماني العريق في بدايات تاريخها ونظامها السياسي. حيث تشير بعض المصادر التاريخية إلى أنّ النباهنة العمانيين قد حكموا هذه الجزيرة لمدة 195 سنة، وذلك ابتداء من تولي السلطان بوانا فوم النبهاني الحكم في حوالي عام 1595م وانتهاء في عام 1790م، سنة وفاة السلطان بوانا كومبو بن سالم (سالم الأول). وقد انتقل الحكم بعد هذا التاريخ إلى أسرة عمانية أخرى أقامت ببلدة شينجوني، الحاضرة القديمة لجزيرة مايوت، وكانت هذه الأسرة ذات ثروة وتجارة ناجحة، وأحسنت استعمالها في وجوه الخير والبر، مما أكسبها سمعة طيبة واحتراماً عظيما لدى الناس، وقد تزوج واحد من أفراد هذه العائلة واسمه صالح بن محمد المنذري بابنة سلطان مايوت، وتقلد مقاليد الحكم خلفا له من عام 1790 إلى 1807م، وأصبح منذ عام 1891 يعرف بسالم الثاني، باعتبار والد زوجته الذي ورث منه الحكم سالم الأول.

 

 

الذاكرة العمانية

الورقة الثانية قدّمها سعادة الشيخ أحمد بن سعود السيابي، أمين عام مكتب الإفتاء، بعنوان "سقطرى في الذاكرة العمانية" وفيها عرف الشيخ السيابي بموقع جزيرة سقطرى في بحر العرب جنوب المهرة من أرض اليمن، وتشتهر بالصبر أو دم الأخوين، وهو شيء سائل، لذلك يقال له الصبر القاطر، ولأهميّة جزيرة سقطرى ومنتجها المذكور أشار الفيلسوف اليوناني أرسطاطليس على الإسكندر المقدوني باحتلالها وهو الأمر الذي قام به الإسكندر فقد استولى عليها وأسكن بها مجموعة من اليونانيين الذين اعتنقوا المسيحية فيما بعد، ثمّ زحفت إليها القبائل العربية من مهرة وغيرها فسكنتها، وبما أنّ عمان ما قبل الإسلام وما بعده كانت تمتد على مساحة واسعة من الأرض تبدأ جنوباً من جزيرة سقطرى وشمالاً إلى أرض اليمامة، فمن هنالك كانت سقطرى واقعة ضمن المساحة الجغرافيّة العمانية آنذاك، ولعلّ السؤال الذي يدور لدى محرّك البحث في الإنسان أنّه متى كانت بداية تبعية الجزيرة لعمان؟ ويجيب: في رأي الباحث: أن ذلك كان قد تزامن مع حكم آل الجلندى، ولعله كان إبـّان حكم الجلندى بن المستكبر لأنّه هو الذي أنشأ الأسطول البحري العماني في عهد ما قبل الإسلام، ونتيجة لذلك فإنه ربما وسّع من نفوذه البحري فاستولى عليها.

 

طريق الحرير

فيما حملت الورقة الثالثة للباحث الأستاذ الدكتور مارك هورتون من جامعة بريستول البريطانية، عنوان "استكشاف طريق الحرير البحري الجنوبي جزر القمر، وساحل شرق إفريقيا وعمان 700-1200م" حيث حدد العمل الميداني الأثري الحديث أنّ التجارة البحرية لمسافات طويلة معقدة بين شرق أفريقيا وسلطنة عمان بدأت من حوالي 700م، وهي تمتد حتى جزر القمر وساحل موزمبيق ومدغشقر الشمالية، والعديد من الحفريات الرئيسية ومنها كميات من السيراميك والزجاج والخرز الزجاجي الخليج مكنت علماء الآثار من تحديد حجم واتجاه هذه التجارة والرحلات التي من شأنها أن تكون قد غطت أكثر من 6000 ميل (حوالي 10000 كيلومترا). فالباحث يكشف عن بعض من هذه الأدلة الجديدة لرحلات المسافات الطويلة، ووضعها في سياقها التاريخي، وعلى وجه الخصوص يؤكد أن الفترة الأولى كانت واحدة من فترات التجارة البحرية المكثفة ولمسافات طويلة مع إفريقيا مع المجتمع الإباضي في بلدة قنبولة Qanbalu))، التي يشير بعض العلماء إلى أنها تقع في جزر القمر.

 

إمارة آل بوسعيد

وجاءت ورقة الدكتور سعيد بن محمد الهاشمي، أستاذ مشارك، بقسم التاريخ بجامعة السلطان قابوس، تحت عنوان: "إمارة آل بوسعيد في جزيرة موهيلي القمرية 185م -1898م" حيث تعد جزيرة موهيلي (Moheli) من أهم الجزر الأربع القمرية استقلالا، وأصغرها مساحة (290كم2)، ويطلق عليها الأوروبيون "الجزيرة الخضراء". تقع في شمال قناة موزمبيق تعاقبت على حكمها ممالك عربية منذ العصور الأولى للإسلام.

وألقى الدكتور الهاشمي الضوء على حكم السيد سعيد بن محمد وأولاده بجزيرة موهيلي، وإلى أي مدى فرضوا سلطتهم في ظل الأطماع الفرنسية على الجزيرة، ولتحقيق هذا الهدف عالجت الورقة الموضوع في مبحثين، أولها الأسباب التي أوصلت السيد سعيد بن محمد إلى الجزيرة وزواجه من صاحبة السمو فاطمة بنت عبد الرحمن رومانيتكا الملغاشي، وثانيهما كيف نجح سعيد بن محمد أن يحكم الجزيرة ثم أبناؤه من بعده في ظل الأطماع الفرنسية.

طرق التجارة

أمّا الورقة الخامسة للأستاذ الدكتور كزافييه لوفان، أستاذ اللغة العربية والأدب العربي بجامعة بروكسل الحرة بلجيكا، فجاءت بعنوان "التواجد القُمُري بالكونغو في فترة ما قبل وبداية الاستعمار (القرن التاسع عشر - 1908): دور طرق التجارة العُمانية" سلط الباحث الضوء فيها على تواجد القُمُريين في الكونغو مُنذ البدايات الأولى لتوسع المجتمعات الإسلامية به خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر، والدور الذي لعبته كل من عُمان وزنجبار في حركة الهجرة هذه، حيث إن القُمُريين كانوا يعملون بصفة عامة مع التجار العُمانيين والسواحليين في شرق ووسط إفريقيا، كما أقاموا في زنجبار حيث ترسّخت جالية قُمُرية، ويقول الباحث الدكتور كزافييه، إنّ هناك ما لا يقل عن 3 أنواع من المصادر المختلفة التي تشير إلى وجود القُمُريين ضمن المجتمع الإسلامي في الكونغو خلال فترة ما قبل وفي بدايات فترة الاستعمار: منها المصادر التاريخية العربية والسواحيلية كالـ "المعيشة" لتيبو تيب المرجبي، والشهادات العُمانية التي جمعها كتاب "جهينة الأخبار في تاريخ زنجبار"، لسعيد المغيري، وكذلك المصادر الاستعمارية الأوروبية (كتقارير ومقالات الملازم توباك)، وأخيراً المخطوطات العربية والسواحيلية التي عُثِر عليها في الكونغو والمحفوظة حالياً في بلجيكا.

وتضمنت الورقة السادسة "موروني: مدينة قمرية على تخوم الجزيرة العربية وإفريقيا" للدكتور أحمد أولاديي، محاضر بجامعة جزر القمر، الدور العماني في جزيرة موروني بما تزخر به من تراث ثقافي وحضاري، كما أنّها تعكس شخصيتها من خلال عمارتها القديمة وحجارتها المتميزة وأزقتها الضيقة وأبواب أبنيتها الخشبية الثقيلة المنحوتة بعبارات قرآنية.

علاقة الثقة

واختتمت الجلسة الأولى بالورقة السابعة للدكتور طبيبو علي محمد بمركز تشابنتيه الدولي للغات في جاتينو، بكندا، وعنونها "السكان القمريون في زنجبار وأسرة البوسعيد العمانية (1832-1964) علاقة قائمة على الثقة" حيث قام الباحث بتحليل قضايا العلاقات الضاربة في القدم التي وحدت أسرة البوسعيد العمانية والسكان القمريين في زنجبار حتى عام 1964، كما ركز الباحث على الخصوصية التجارية بين الأمتين والتي مثلت فيها زنجبار نموذجا للعديد من القمريين. فبعد وفاة السيد خليفة بن حارب سلطان زنجبار قام المفكر والأديب أحمد قمر الدين، الذي كان يعمل حينها بمكتب وزير العمل مع رئيس حكومة جزر القمر، بتأليف لحن جنائزي عبّر من خلاله عن الأسى والحزن الذي انتاب سكان جزر القمر بسبب مأساة وفاة السلطان التي أصابت أسرة البوسعيد العمانية، ومنذ أن قام السلطان سعيد بن سلطان بفتح الباب أمام القمريين في زنجبار في عام 1832 قامت الحكومة المركزية ببناء علاقات قائمة على الثقة معهم، مما جعلهم موظفين يتمتعون بامتيازات خاصة، حيث كان لبعضهم دور هام في نقل المعرفة الدينية، في حين أنّ آخرين كانوا يعملون لتحقيق العدالة، وفي الوقت نفسه كان القمريون يتوافدون إلى زنجبار للتعرف على الإسلام، فمنذ القرن التاسع عشر أصبح أرخبيل زنجبار بمثابة مركز لنشر الإسلام.

 

 

 

الجلسة الثانية

الجلسة الثانية ترأسها الدكتور نور الدين محمد باشا، وتضمّنت 7 أوراق عمل، استهلتها الدكتورة الباحثة أسمهان سعيد الجرو، أستاذة التاريخ القديم المشارك بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية جامعة السلطان قابوس، بورقة تحمل عنوان "أرخبيل سقطرى: أهمية استراتيجية وتحديات دولية" وناقشت خلالها الأهمية الاستراتيجية والبيئية لأرخبيل سقطرى اليمني، والتحديات الدولية التي واجهتها منذ العصور القديمة وحتى التاريخ الحديث. حيث تحظى جزيرة سقطرى بأهمية خاصة منذ العصور القديمة وحتى الوقت الراهن بسبب موقعها الاستراتيجي حيث تقع في الممر الدولي البحري الذي يربط بين دول المحيط الهندي بالعالم، بسبب ما تحظى به من تنوع بيولوجي مع الحياة النباتية والحيوانية الغنية والمتميزة وفي القرن الأول قبل الميلاد ذكر مؤلف كتاب "الطواف حول البحر الأريتيري عن جزيرة سقطرى أنها تتبع ملك حضرموت، وإن سكانها خليط من العرب والهنود والإغريق.

الطليان والسفن العمانية

وقال ناصر بن سعيد بن العتيقي عضو الدراسات والمتابعة، بوزارة التربية والتعليم في ورقته الثانية والتي تناولت "مصادرة الطليان للسفن العمانية في السواحل الصومالية" أنّ الإيطاليين سيطروا على السواحل الصومالية وسنوا القوانين التي تضمن فرض وجودهم على المنطقة، ومن أهم القوانين التي سنوها منع تجارة الأسلحة في الصومال، وحادثة السفينة العمانية الخضراء تأتي كنموذج على نوعية تعامل سلطة الاحتلال الإيطالي مع السفن العمانية في تلك الفترة، حيث تم اكتشاف وجود أسلحة في السفينة الخضراء من نوع البغلة التي يملكها مبارك بن خميس بن راشد التمامي العلوي من سكان صور.

ساحل البنادر

وقدم الباحث أحمد بن خلفان بن علي الشبلي عضو فني امتحانات وشؤون طلبة بالمديرية العامة للتربية والتعليم، الورقة الثالثة بعنوان "دور إيطاليا وبريطانيا في اقتطاع ساحل البنادر (الصومال) من سلطنة زنجبار في نهاية القرن 19م" حيث شهد بداية العقد الثامن من القرن التاسع عشر للميلاد مرحلة جديدة من التنافس الأوروبي على منطقة أفريقيا الشرقية، فيما كان التنافس قبل ذلك محصورا على فرنسا وبريطانيا، دخلت كل من ألمانيا وبلجيكا مدفوعتين بالرغبة في التوسع خارج القارة الأوروبية، كما سعت إيطاليا للحصول على موانئ لها مطلة على المحيط الهندي، وقد جاء مؤتمر برلين الذي عقد في الفترة من نوفمبر 1884 إلى فبراير 1885م، لينظم عملية تقسيم القارة الإفريقية بين المتنافسين الأوروبيين، بما فيها الأجزاء الشرقية منها، وعلى الرغم من أنّ قرارات مؤتمر برلين لم تقر لإيطاليا أيا من أراضي شرق إفريقيا، والتي هي في الأصل ضمن أملاك سلطنة زنجبار، إلا أنّ الإيطاليين، وبالتواطؤ مع بريطانيا استطاعوا انتزاع ساحل البنادر الصومالي (مقديشو، وارشيخ، مريكه، براوة) من أملاك سلطنة زنجبار.

الولاة العمانيون

وقدم الباحث مالك بن سليمان العامري، المدير العام المساعد للمديرية العامة لتنظيم الوثائق، الورقة الرابعة بعنوان "دور الولاة العمانيين في تعزيز الحضور العماني في مناطق القرن الإفريقي" ولاة دولة آلبوسعيد في دول القرن الإفريقي، وذكر فيها أنّ توسع الدولة العمانية إلى شرق إفريقيا جاء بناء على طلب من سكانها، وذلك لمساعدتهم في طرد الاستعمار، وتعد فترة دولة البوسعيد الماجدة أزهى فترة للوجود العماني في شرق إفريقيا، مما أدى إلى الاستقرار السياسي للوجود العماني صاحبه وجود إدارة محلية متمثلة بالولاة ومعاونيهم.

وتكمن أهمية الدراسة في كونها تكشف الدور الكبير الذي قام به الولاة في توطيد النفوذ العماني في مناطق القرن الإفريقي، وأهم الأعمال التي قاموا بها، وذلك من خلال القراءة التاريخية التحليلية الوصفية للوثائق والمخطوطات والكتب التي ترصد ذلك خلال فترة دولة آل بوسعيد.

سلطنة بات النبهانية

وقدمت الباحثة الغالية بنت سالم المغيرية، من جامعة السلطان قابوس، الورقة الخامسة بعنوان "سلطنة بات النبهانية في شرق إفريقيا" وركّزت فيها على دور النباهنة العُمانيين في نشر الدعوة الإسلامية في مستوطنة بات بأرخبيل لامو (كينيا حاليا)، وأوضحت من خلالها طرقهم وأهميّة نشرهم للإسلام في تلك المنطقة الإفريقية، حيث شهد التاريخ اتصال عُمان بشرق أفريقيا منذ القدم، وتوالت الهجرات العُمانية للشرق الإفريقي نتيجة معرفة العُمانيين بالطريق إليها، إضافةً إلى وجود علاقات تجارية ضاربة بين الطرفين منذ الأزل، وكانت قبيلة النباهنة هي إحدى القبائل التي هاجرت إلى شرق إفريقيا منذ أوائل القرن السابع الهجري الثالث عشر الميلادي، حيث أقامت تلك القبيلة سلطنة إسلامية لها في (بات) في أرخبيل لامو (كينيا حاليا) وظلّت موجودة حتى عام 1861م، حيث أقامت هذه المستوطنة تزامنا مع الحكم النبهاني لعُمان، وتولت حكم جانب كبير من هذا الساحل الإفريقي، وأقام النباهنة حكما مستقلا خاصا بهم واستطاعوا إخضاع العديد من المدن الساحلية الواقعة شمالي (بات)، وقد نشطت الحركة التجارية في مستوطنة بات ازدهارًا كبيرا، وشهدت تطورًا حضاريا تمحور حول مجالات عدة منها الجانب المعماري والثقافة والعلوم واللغة والأدب.

عمان الحضارة

واختتم اليوم الأول من المؤتمر بجلسة الأستاذ الدكتور أمجد يوسف علي مدرس مادة التاريخ، معهد الإرشاد الثانوي بجمهورية القمر المتحدة بعنوان "سلطنة عمان ودورها في منطقة شرق إفريقيا.. جزر القمر نموذجا" والتي ذكر فيها أنّ عمان عاشت ولم تزل منذ قدم التاريخ مركزا حضاريا وتجاريا وبحريا واستراتيجيا بسبب ما هباها الله من موقع استراتيجي حيوي ربط بين العالم العربي والإفريقي خاصة منطقة شرق أفريقيا منذ وقت مبكر

جلسات اليوم الثاني

وتتضمن فعاليات الغد للمؤتمر "علاقات عمان بدول القرن الافريقي" جلستين بواقع 16 ورقة عمل، تبدأ في الثامنة والنصف صباحًا بتوقيت العاصمة القمرية موروني، وتستمر حتى الثانية والنصف، وستتطرق أوراق اليوم إلى عناوين عديدة، منها: جسور العلاقات التاريخية بين عمان وجزر القمر، و الأثر الفرنسي في علاقة عمان بدول القرن الأفريقي، و دور السلاطين وعلماء عمان في تنشيط الحركات العلمية في دول شرق إفريقيا والقرن الأفريقي، والعمانيون في جزر القمر وأبعاد الأثر والتأثير، ودراسة أهمية المدن التي أسسها المهاجرون العمانيون بشرق إفريقيا، ودول القرن الإفريقي.

 

المعرض الوثائقي

يحتوي المعرض على أكثر من 200 وثيقة تجسّد علاقة السلطنة بدول القرن الإفريقي إلى جانب صور ووثائق تتعلق بارتباط السلطنة بجمهورية القمر المتحدة، و15 مخطوطا، وعدد من الصور والخرائط إضافة إلى مجموعة من المخطوطات العمانية القديمة، تتناول حقبا زمنية وتاريخية مختلفة بداية من القرن الخامس عشر وحتى القرن العشرين، التي بدورها تعكس جوانب مضيئة من الحضارة العمانية العريقة في مختلف المجالات، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وعلاقات الشراكة الدولية التي تربط السلطنة بدول العالم المختلفة، بالإضافة إلى عرض عدد من الخرائط للطرق التجارية والسواحل العمانية وخرائط للمدن، مثل خريطة توضح ساحل عمان طبقا لرحلة استكشافية قامت بها سفينة هولندية (ميرلات 1666)، ويشمل المعرض أيضا صور الزيارات الرسمية بين سلطنة عمان وجمهورية القمر المتحدة، كما يشتمل المعرض على نماذج من المخطوطات العمانية القديمة التي تتحدث مواضيعها عن الفلك والفقه وغيرها من المواضيع مثل مخطوط (مسالك الأبصار في ممالك الأنصار 1408م)، كما يشتمل أيضًا على مقالات تاريخية للصحف العالمية التي تتحدث عن عمان وسلاطينها والحياة الاجتماعية فيها، إلى جانب عرض مجموعة من الصور لبعض الإنجازات في السلطنة منها أبرز المشاريع الاقتصادية والمواقع الأثرية والسياحية، والصناعات التقليدية والفنون الشعبية وأيضا صور عن إسهام المرأة العمانية في مسيرة التنمية في جميع المجالات.

تعليق عبر الفيس بوك