جائزة السلطان قابوس للعمل التطوعي تمكّن الشباب من المشاركة الإيجابية

مواطنون: العمل التطوعي دليل التماسك والتعايش في المجتمع .. وتوظيف التقنيات الحديثة يعزز المشاركات

الرؤية - سيف المعمري

يُعدُّ العملُ التطوعي أحدَ أهمِّ مرتكزاتِ الانسجامِ الاجتماعي الذي يتميّز به المجتمعُ العُماني، حيث كان ولا يزال التعاضدُ والتعاونُ بين جميع أفراد المجتمع في الأفراحِ والاتراح أحد أهم القيم النبيلة التي عززت من الرصيد الحضاري والتعايش الأخوي بين جميع أفراد المجتمع.

ويُعدّ تخصيص جائزة السلطان قابوس للعمل التطوعي دليل عملي على الاهتمام السامي لعاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم – حفظه الله ورعاه- بمجالات العمل التطوعي المتنوّعة، كونها تمكن الشباب من القيام بأدوارهم المجتمعية والمشاركة الإيجابية نحو خدمة مجتمعهم، واستثمارات طاقات الشباب بما يعود عليهم بالنفع وعلى المجتمع، كما أنّ تخصيص الخامس من ديسمبر من كل عام كيوم للتطوع العماني يأتي لإبراز مناشط وفعاليات العمل التطوعي في المجتمع.

وفي هذا الشأن قال ناصر بن عبدالله المقبالي رئيس فريق البريمي التطوعي: تأسس الفريق في التاسع عشر من أبريل من العام الجاري من أجل تنظيم العمل التطوعي في ولاية البريمي، لتوجيه الراغبين في التطوع للعمل في المجال الذي يناسبهم، ويتركّز عمل الفريق في مجال العمل الاجتماعي ويبلغ عدد المنتسبين 55 متطوعا.

ويستطرد المقبالي قائلا: يعمل الفريق على أكثر من 20 مشروعا تطوعيا، وهي مختلفة الأهداف وتصب كلها في خدمة المجتمع، كمشروع تنظيم مقبرة البريمي العامة، ومشروع البريمي أجمل، والذي يهدف إلى نشر ثقافة النظافة وأنها مسؤولية الجميع، ومشروع الحقيبة المدرسية المتكاملة والذي يهدف لتوفير الحقائب المدرسية لأبناء الأسر المعسرة، ومشروع تصدق بأضحيتك، ومشروع إفطار صائم، ومشروع تكافل، ومشروع كفالة يتيم، وغيرها من المشاريع المتنوعة التي تخدم فئات مختلفة من المجتمع.

ويضيف المقبالي: هناك فوائد كثيرة منها الأجر الثواب من الله تعالى، فقد ورد في الحديث "خير الناس أنفعهم للناس" وحديث "من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته"، وحديث "إماطة الأذى عن الطريق صدقة"، ومن الفوائد إكساب المتطوع مهارات متنوعة تساعده على التميّز في حياته الشخصية والعملية، كمهارة التواصل مع الآخرين، ومهارة تنظيم واستغلال الوقت، ومهارة القيادة، ومهارة الثقة بالنفس، ومهارة حل المشكلات، ومن الفوائد الراحة النفسية والشعور بالرضا الداخلي عندما يعمل المتطوع في مشروع لا ينتظر منه مردود مادي وإنما يبذل ويقوم بذلك من أجل إسعاد الآخرين فهو في الحقيقة يسعد نفسه.

وينبّه ناصر المقبالي إلى أنّ كثرة الفرق ظاهرة سلبية إذا كانت في ولاية واحدة، لأنّ ذلك يؤدي إلى تشتت المتطوعين، وتشتت المساهمين والداعمين لتلك الفرق، فمن المهم أن يكون هناك فريق واحد فقط في كل ولاية يعمل الجميع تحت مظلته، مما يساهم بشكل كبير في الارتقاء بالعمل التطوعي على مستوى الولاية.

وأشار إلى أنّ وسائل التكنولوجيا وشبكة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي لها مساهمة كبيرة في نشر ثقافة العمل التطوعي، وساعدت على تبادل الخبرات بين المتطوعين لسهولة التواصل فيما بينهم، كذلك ساعدت الفريق التطوعي على الترويج للمشاريع الخيرية التي يقوم بها على مستوى الولاية، مما ساعد على سرعة إنجاز تلك المشاريع.

الأمير والدراويش

بينما ذكر محمد بن عوض بن محمد الساعدي رئيس فريق إدارة ملتقى المواهب ما قاله جبران خليل جبران : "إنما الأمير هو ذاك الذي يجد عرشه في قلوب الدراويش" ليصف جمال العطاء والتطوع من أجل الإنسانية، فهو كالنهر الجاري بالخيرات لصاحبه في الدارين، مضيفاً أن العمل التطوعي هو نتاج للثقافة والإنسانية والكرم والرحمة التي تتحلى بها المجتمعات والشخصيات المتطوعة، ومكملا لجهود البناء والإعمار والتطوير للمجتمعات والأمم وأينما وجد التطوع وجد الخير والسعادة والألفة والتعاون بين أفراد المجتمع ووجد التسابق في عمل الخير، وهو تكاتف وتعاون وتآزر، ودواء لآلام الفقراء والمحتاجين في المجتمع بتعاونه وتآزره كالبنيان المرصوص أمام تحديات الحياة والمعيشة، وكما نعلم فالتطوع يعد ثقافة تعود المجتمعات على العطاء والتعاون والرحمة والمودة والتواضع والتكاتف كل هذه الخصال من تعاليم ديننا الحنيف وعاداتنا العربية الأصيلة التي توصي على التعاون والتكاتف والقوي يعين الضعيف.

ويشير الساعدي إلى أنّ العمل التطوعي يحتاج إلى التنظيم في بعض الولايات، حيث لا يوجد تنسيق مشترك بين الجهات التطوعية فيها وهذا يؤثر سلبا على المجتمع وعلى الجهات التطوعية من جهة أخرى، أما مجتمعنا فهو بحاجة لأولويات العمل التطوعي من حيث تقديم التسهيلات من الجهات المعنية والتنسيق بين الجهات التطوعية في المجتمع.

ويضيف: مجتمعنا ينعم بكثرة الجهات التطوعية وهذه ظاهرة إيجابية فكلما زادت الجهات التطوعية انتشر العطاء والتطوع في مساحة أكبر وانعكس إيجابا على المستحقين، وأيضاً يوجد نوعا من التنافس والتسابق في فعل الخير والتطوع والتنويع في المجالات التطوعية.

تقدم المجتمع

وأشار علي بن عبد الله البريكي إلى أن العمل التطوعي أحد ركائز تقدم المجتمع وظاهرة تدل على مدى ثقافة المجتمع وشعوره بأهميّة خدمة الوطن دون انتظار مردود مادي، والمجتمع يحتاج للتطوع في جميع المجالات كل حسب ما يمكن أن يقدمه ويبرع فيه، كما يحتاج العمل التطوعي إلى التنوع ودراسة احتياجات المجتمع، وربما يحتاج العمل التطوعي إلى نوع من التنظيم والعمل على أسس علمية للحصول على أفضل النتائج.

ويضيف البريكي قائلا: يحتاج العمل التطوعي إلى تدريب المتطوعين لإنجاز أعمالهم التطوعية بشكل أفضل ونشر ثقافة التطوع الصحيحة، كم أن انتشار الفرق التطوعية في السلطنة لها إيجابيات لعلّ من أهمها إنّها مؤشر لحب التطوع في المجتمع ولكن تنظيم عمل الفرق وربما دمج بعضها يؤدي إلى نتائج أفضل.

ويضيف البريكي قائلا: هناك تحديات تواجه العمل التطوعي ومن أهمها توفير الدعم والاستدامة والاستمرارية وربما تقبل المجتمع لبعض المبادرات التطوعية حيث يمكن استثمار العمل التطوعي في خدمة مجالات التنمية في السلطنة من خلال تدريب المتطوعين في مجالات مثل السياحة والتعليم وغيرها.

وبدوره قال إبراهيم بن سلام الحراصي: العمل التطوعي في السلطنة يعمل تحت مظلة عدد من الوزارات والجهات ذات العلاقة وأيضا بعض المؤسسات تعمل بنفسها على نفس المنهاج وذلك يشتت العمل، إضافة إلى وجود بعض التعقيدات عند التعامل مع بعض الجهات الحكومية ذات العلاقة، ولأن بعض الفرق تعتمد على جمع التبرعات وليس لديها مورد ثابت كاستثمار أو أوقاف معينة لخدمة الفريق في المستقبل؛ فقد تجد أعضاءها يتكاسلون عن المواصلة، وهذا واقع عايشته كتجربة شخصية منذ زمن، إلا أن لدينا في السلطنة نخبة مميزة من الشباب الواعي، ممن لديهم همم عالية ونفتخر بهم.

تعليق عبر الفيس بوك