المنامة - الوكالات
أكْمَلت مملكة البحرين استعداداتها لاستضافة أعمال الدورة السابعة والثلاثين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، والتي ستُعقد غدا وبعد غد في العاصمة المنامة.
وقال مَعَالي الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، إنَّ قمة البحرين تكتسب أهمية خاصة في ظل الظروف التي تعيشها المنطقة، وما تشهده من تطورات وتحديات تحتاج إلى التشاور المستمر وتبادل الرؤى والأفكار لكيفية مواجهة كافة التحديات التي تواجه المنطقة على مختلف الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية.
وحول جدول أعمال القمة الخليجية، قال الزياني -في تصريح لصحيفة الأيام البحرينية- إنَّ الجدول سيكون حافلاً بالعديد من الموضوعات والملفات منها ما يتعلق بالعمل الخليجي المشترك في جوانبه السياسية والدفاعية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى القضايا الإقليمية والصراعات الدائرة فيها، وعلاقات دول مجلس التعاون مع الدول والمجموعات الدولية، والجهود الدولية لمكافحة الإرهاب.
وقد رُفِعت أعلام دول مجلس التعاون وصور القادة في الطرقات والأماكن القريبة من انعقاد القمة احتفاء بالوفود المشاركة في أعمال مؤتمر القمة.
من جانبه، أعرب مَعَالي علي الرميحي وزير شؤون الإعلام البحريني، عن ثقته في خروج القمة الخليجية السابعة والثلاثين بقرارات تدعم مسيرة العمل الخليجي المشترك على طريق التكامل والترابط الأخوي في جميع المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعسكرية والأمنية.
وأكَّد مَعَاليه حرص وزارة الإعلام البحرينية على تهيئة الأجواء المثالية من تسهيلات فنية وتقنية وإعلامية أمام أكثر من 350 صحفيًا وإعلاميًا يمثلون 52 وكالة أنباء ومؤسسة صحفية وإعلامية خليجية وعربية ودولية.
ومن المقرر أن يتم افتتاح المركز الإعلامي والمعرض المصاحب للقمة السابعة والثلاثين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية اليوم الاثنين بفندق الخليج بالمنامة. ويشتمل المعرض على جناح لكل دولة من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وعدد من الاجنحة للمؤسسات الخليجية الاخرى يتضمّن إصدارات وكتبا ووثائق وصورا تبرز مسيرة التكامل بين دول المجلس وإنجازاتها في شتى المجالات السياسيّة والثقافيّة والاقتصاديّة.
ومن المقرر أن يناقش القادة عدداً من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، إلى جانب مسيرة العمل الخليجي وسبل الخروج بقرارات تدعم طريق التكامل في كل المجالات، تجسيداً للروابط التاريخية والمصيرية بين قادة وشعوب دول المجلس.
مناقشة التطورات
وكان وزراء خارجية دول مجلس التعاون عقدوا في نوفمبر الماضي في المنامة، اجتماعاً تحضيرياً للقمة بحثوا خلاله آخر التطورات السياسية الإقليمية والدولية ومستجدات الأوضاع الأمنية في المنطقة، بما في ذلك الأوضاع في سورية والعراق وليبيا واليمن والجهود الدولية المبذولة لمكافحة الإرهاب.
وعلى المستوى الأمني، تبذل دول الخليج جهوداً حثيثة لمواجهة التهديدات الإرهابية التي عانت منها بعض دول المجلس منذ ثمانينات القرن الماضي وحتى الوقت الحاضر. وتبنت إستراتيجيات وخططاً لمواجهة خطر ما يُسمى بتنظيم (داعش) وغيره من التنظيمات الإرهابية، بخاصة بعد تصاعد العمليات الإرهابية التي تعرضت لها أخيراً، سواء تلك التي نُفّذت أو تلك التي اُحبطت. كذلك تواجه دول المجلس تحدياً أمنياً كبيراً يتمثل بالتغيرات السياسية والعسكرية التي تشهدها بعض دول المنطقة مثل اليمن وسورية، وعدم استقرار الأوضاع في العراق الى جانب القضية الفلسطينية التي ظلت دوماً على أجندة اجتماعات القادة.
من جهته، أشاد أحمد بن إبراهيم الملا رئيس مجلس النواب البحريني، بالنهج الحكيم لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية القائم على تعزيز مسيرة العمل الخليجي المشترك، ودعم جهود معالجة القضايا التي تهم المنطقة وتوطيد العلاقات بين دول مجلس التعاون بما يحقق تطلعات الشعوب الخليجية نحو مزيد من التكامل والترابط.
وقال رئيس مجلس النواب إن استضافة مملكة البحرين للدورة الـ37 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، تأتي في ظل ظروف دولية بالغة الخطورة وتستلزم العمل وفق تنسيق خليجي مشترك للحفاظ على المكتسبات الحضارية والانجازات التي حققتها دول مجلس التعاون بفضل الرؤى الحكيمة لقادة دول مجلس التعاون، مشيراً إلى أن المنطقة تزخر بالقضايا الإقليمية ذات الصراع التي تتطلب تنسيق الجهود الخليجية، فضلاً عن أهمية تحديد طبيعة علاقة دول مجلس التعاون مع كافة دول العالم والمجموعات الدولية، وما يتطلبه ملف محاربة الإرهاب من جهود وإجراءات تحتم على دول مجلس التعاون العمل ضمن فريق عمل مشترك.
مشاركات خارجية
إلى ذلك، تشهد القمة مشاركات خارجية؛ حيث تعتزم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي حضور القمة؛ وذلك في أول زيارة لها إلى المنطقة بعد استلامها رئاسة الحكومة البريطانية. وقال المتحدث باسم الحكومة البريطانية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إدوين سموأل -في تصريح صحفي- إن حضور ماي القمة الخليجية "يؤكد أن انخراط بريطانيا ودورها الفاعل في المنطقة لا يزال قويا ولم يتأثر بالتصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبي، كما يظهر أن العلاقات البريطانية الخليجية كانت قوية في الماضي وستبقى كذلك الآن ومستقبلا". وأضاف بأن مما لا شك فيه أن اختيار ماي الخليج ليكون هو الجهة الأولى التي تزورها في الشرق الأوسط، ومشاركتها في أعمال القمة الخليجية؛ يدل على متانة العلاقة التي تربط بريطانيا بالخليج. وأشار إلى أن لندن تسعى لتعزيز علاقاتها مع الحلفاء والشركاء، كما أنها تعتبر أن أمن ورخاء دول الخليج أولوية للحكومة البريطانية، فعلاقاتنا تتعدّى المصالح الاقتصادية والتجارية إلى علاقات إستراتيجية وشراكات في مختلف المجالات. وكان ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة قد وجّه دعوة رسمية لرئيسة الوزراء البريطانية للحضور ضيفة شرف في قمة مجلس التعاون، وذلك خلال لقائمها في لندن في 26 أكتوبر الماضي.
مسيرة التعاون
وبحسب تقرير إخباري أصدرته الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، بمناسبة انعقاد الدورة السابعة والثلاثين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، فإنَّ دول الخليج حققت تقدما في مختلف المجالات من حيث تحقيق التكامل والتعاون المشترك.
ففي الشؤون السياسية والمفاوضات، حرص المجلس منذ إنشائه على تعزيز وتطوير علاقاته الاقتصادية والتجارية مع أهم شركائه التجاريين، وسعى إلى تطوير هذه العلاقات، من خلال عدة آليات أهمها الحوار الإستراتيجي، والاتفاقيات الاطارية، والتعاون الفني، ومفاوضات التجارة الحرة، وخطط وبرامج عمل مشتركة تهدف إلى تحقيق شراكة إستراتيجية خاصة، وتراعي المعايير التالية: العمل على تحقيق شراكة إستراتيجية تخدم المصالح المشتركة للطرفين. وسعى قادة التعاون إلى تحقيق طموحات وآمال الشعوب، وتعزيز أواصر الصداقة والتواصل بينها. والتعريف بالثقافة والتاريخ المشترك. والعمل على تعزيز الشراكة الاقتصادية والتبادل التجاري وتشجيع الاستثمارات بين الجانبين.
وفي قطاع الشؤون الاقتصادية والتنموية، حققت دول الخليج التعاون في مجال الزراعة والثروة السمكية، فتماشياً مع ما تتطلع إليه منظومة العمل الخليجي المشترك تسعى لجنة التعاون الزراعي لتوحيد آلية لشراء الأدوية واللقاحات البيطرية على غرار الشراء الجماعي الموحّد للأدوية واللقاحات البشرية، ونتيجة لذلك فقد وافقت لجنة التعاون الزراعي في اجتماعها السابع والعشرون؛ على طرح مناقصات الأدوية واللقاحات البيطرية من خلال المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون، إضافة إلى وضع آلية عمل مشتركة من خلال اللجنة الدائمة للثروة الحيوانية بشأن إعداد المواصفات وشروط المناقصات ليتم طرح هذه المناقصات عام 2017. ومن جهة أخرى يجري العمل على إعداد دليل للاستزراع السمكي في الخليج العربي وبحر عمان.
إلى جانب التعاون في مجال التخطيط والتنمية، حيث إن الغاية المحورية لإستراتيجية التنمية الشاملة المطورة بعيدة المدى لدول مجلس التعاون خلال الفترة (2010-2020) تتمثل في تحقيق مسيرة تنموية مستدامة ومتكاملة لدول المجلس في كافة المجالات، وتحقيق الهدف الأساسي من إستراتيجية التنمية التكاملية لدول المجلس يتم في إطار المفهوم الشامل للتنمية المستدامة. وتجري متابعة تنفيذ إستراتيجية التنمية الشاملة المطورة بعيدة المدى من قبل اللجنة الوزارية للتخطيط والتنمية في دول مجلس التعاون، والتي رأت في هذا السياق أن يتم تطوير التقرير الموحّد (لمتابعة تنفيذ الإستراتيجية في الدول الأعضاء) بحيث يتضمن تحليل إحصائي ورسوم بيانية وعمل مقارنات بين الدول، على أن يسند ذلك لجهة استشارية متخصصة.
كما تم التأكيد على التركيز على العمل الخليجي المشترك وحث اللجان الوزارية مراعاة ما ورد منه في إستراتيجية التنمية الشاملة المطورة بعيدة المدى عند إعداد إستراتيجيات عملها. إضافة إلى موائمة الخطط الوطنية بما يسهم مع تفعيل العمل الخليجي المشترك مع أهداف التنمية المستدامة.
التخطيط والتنمية
ومن جهة أخرى، تم الاتفاق على عقد عدد من ورش العمل حول الموضوعات المتعلقة بالتخطيط والتنمية مثل ورشة عمل حول (تأثير تقلبات أسعار النفط على واقع ومستقبل التنمية في دول المجلس وكيفية مواجهتها) والتي ستعقد في دولة قطر في الربع الأخير من العام 2016، وورشة عمل حول (توظيف الدراسات المستقبلية واستشراف المستقبل في الخطط الإنمائية) في دولة الإمارات العربية المتحدة خلال العام 2017، على أن يتم التنسيق مع الأمانة العامة لتحديد موعد عقدها والمحاور التي ستتضمنها، وورش أخريات خلال العام 2017 أيضاً، مثل ورشة عمل حول الشراكة مع منظمات المجتمع المدني في إعداد الخطط الإنمائية في المملكة العربية السعودية، وورشة حول المؤشرات الدولية في خطط التنمية في دولة الكويت. كما تم إدراج موضوع الاقتصاد القائم على المعرفة ضمن أولويات عمل اللجنة الوزارية للتخطيط والتنمية في المرحلة المقبلة.
وفي مجال السياسات السكانية في دول مجلس التعاون فإن الأمانة العامة تعمل على إعداد تقرير تحليلي موجز وموحّد للدول الأعضاء عن ما تم تنفيذه بشأن محاور الإطار العام للإستراتيجية السكانية، وفي نفس السياق ستعُقد ورشة عمل في دولة قطر حول (أفضل الممارسات وأبرز التحديات لإعداد وتطوير التقارير في المرحلة القادمة للدول الأعضاء)، ويجري التنسيق مع الأمانة العامة لتحديد موعد عقدها والمحاور التي ستتضمنها.
وشمل التعاون كذلك المجال التجاري والصناعي، فاستكمالاً للمنظومة التشريعية الاقتصادية وافقت لجنة التعاون التجاري على مشروع القانون (النظام) الموحّد لمكافحة الغش التجاري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وأوصّت برفعه للمجلس الأعلى في دورته القادمة لاعتماده كقانون إلزامي موحد، وفي نفس الوقت تم تكليف لجنة القوانين التجارية بإعداد مسودة اللائحة التنفيذية لهذا القانون (النظام). وفي الإطار ذاته، تم إعادة مشروع قانون (نظام) المنافسة الموحّد لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى لجنة القوانين التجارية لمراجعته في ضوء ما يرد للأمانة العامة من ملاحظات حوله، على أن يعاد رفعه للجنة التعاون التجاري.وعلى خطى التجربة الناجحة التي مارستها وزارة التجارة والصناعة في المملكة العربية السعودية في التحول الإلكتروني لتسجيل العلامات التجارية منذ نهاية عام 2013، فقد طلبت لجنة التعاون التجاري من وزارة التجارة والاستثمار بالمملكة العربية السعودية إعداد دراسة حول إنشاء منصة إلكترونية لتسجيل العلامات التجارية بدول مجلس التعاون ( تعرض على اللجنة بعد الانتهاء منها).
ومما لا شك فيه أن دول مجلس التعاون تولي اهتماماً بالغاً للمجال الصناعي، وتماشياً من ذلك التوجّه فقد أكّدت لجنة التعاون الصناعي على استمرار اعفاء مدخلات المنشآت الصناعية من الضرائب (الرسوم) الجمركية لدول مجلس التعاون لتشجيع الصناعة الوطنية في دول المجلس، وتعزيز قدرتها على المنافسة وتخفيض تكاليفها الإنتاجية، واستمرار الإعفاء للصناعة الخليجية بشكل مطلق دون تحديد مدة للإعفاء أو تمييز بين تلك الصناعات، بغرض تشجيع الصناعات الوطنية لزيادة قدرتها على المنافسة.