على طاولة "تنفيذ"

 

 

 

 

فايزة سويلم الكلبانية

تتباين الآراء ووجهات النظر بين  مؤيد ومعارض عاقدين الرهان حول رؤاهم في مدى نجاح مُخرجات البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي "تنفيذ" ، البعض نجده يعقد على " تنفيذ" آمالاً كبيرة، وتطلعات مستقبلية بنظرة متفائلة، وبروح إيجابية وإيمان بأنّ أبناء عمان بتكاتفهم، قادرون على "صنع التغيير" بتفعيل المُخرجات التي توصلوا إليها سواءً من حلقات المختبرات، أو تلك التي سيتم التعديل عليها في مرحلة المُشاركة المجتمعية، ليبدأ تنفيذها وفق جدول زمني مُحدد وخطة عمل مدروسة، والبعض الآخر يعتبره الفرصة الأخيرة أمام عُمان لتبدأ نهج التنويع الاقتصادي وإيجاد مصدر بديل للنفط الناضب لا محالة، والخروج من تداعيات الأزمة الاقتصادية وتراجع أسعار النفط وتأثيراته، وفي المُقابل لا ننكر وجود فئة أخرى تنظر للبرنامج نظرة تشاؤم يسودها القلق، خوفاً من أن يكون "تنفيذ"  نسخة من  الدراسات والخطط والإستراتيجيات طويلة أو قريبة المدى التي لم ير لها تفعيلا يُذكر في ظل حاجتنا الماسة لاستحضارها اليوم.. لأنَّ عدم تنفيذ خطة العمل المُتفق عليها في الوقت المُحدد سيُعدُ إحباطاً للمشاركين والمترقبين، وإحباطاً لميزانية السلطنة فيما تمَّ صرفه على هذا المشروع ولكن نبقى متفائلين بأنَّ القادم على عُمان وأهلها أجمل في ظل القيادة الحكيمة لجلالة السلطان قابوس بن سعيد المُعظم – حفظه الله ورعاه..

****

ما يُثلج الصدَّر اليوم في "تنفيذ" تفعيل ثقافة الحوار بين مُختلف القطاعات الحكومية والخاصة والأفراد والجهات العسكرية من خلال الجلوس على طاولة "تنفيذ"، للاستماع والنقاش بعد أن كان البعض يرى غياب هذه الثقافة والانسجام بين مُختلف المؤسسات والقطاعات في ظل مناشدات المستثمرين محلياً وخارجياً بضرورة تبسيط القوانين والإجراءات والتشريعات، وتفعيل ثقافة العمل الحُر، لأنَّ الأكيد بأن القطاع الخاص المعول عليه بشكل أساسي في تنفيذ هذه المشاريع المقترحة بنسبة 80% من رؤوس الأموال يرغب بالمشاركة في عملية التنفيذ، ولكن في المُقابل يطالب بضرورة تسهيل الإجراءات ليتسنى لهؤلاء المستثمرين المساهمة وتحويل الأفكار والمقترحات إلى واقع، وهذا التبسيط في الإجراءات الذي يُنادي به الجميع ليس بالصعب، والبعض يؤكدون بأنّ المال ليس عائقًا، فانعدام الانسجام وحلقة التواصل المُنظمة بين مختلف الجهات المعنية عائقهم الأكبر، ولذا فهناك حاجة إلى إعادة النَّظر في القوانين والشروط الموضوعة وفقاً لتغيرات السوق وبشكل أكثر مرونة والعمل على تبسيطها لتسهيل الاستثمار لكل من يرغب في إقامة استثمار حقيقي بداية بأصحاب الأعمال العمانيين، ومرورا بالمستثمرين الأجانب، بأقل التكاليف وفي ظل ما يُعانيه القطاع الخاص من ضغوطات نتيجة للتعديلات التي طرأت مؤخرًا.

****

هناك حقيقة لا يُمكن لأحدٍ منِّا أن ينكرها خلال المرحلتين السابقتين وهي أنّ هناك جهوداً جبارة مبذولة من الفريق القائم على هذا البرنامج وبتكاتف مختلف الجهات من أكاديميين وشباب وقطاع خاص وخبراء ومسؤولين، وجهات عسكرية وغيرها، وكانت الخطوة الثانية من البرنامج والمُتمثلة في حلقات العمل (المختبرات) استمرت لمدة ستة أسابيع شارك فيها أكثر من 250 مشاركًا، يمثلون أكثر من 160 مؤسسة، وخرجت حلقات العمل  بـ 121 مشروعًا ومبادرة في القطاعات الثلاثة التي تمّ التركيز عليها من القطاعات الخمسة المُعتمدة في خطة التنمية الخمسية التاسعة شملت (الصناعات التحويلية، والسياحة، والخدمات اللوجستية) بالإضافة إلى قطاعين ممكنين لها وهما (قطاع المالية والتمويل المبتكر، وقطاع سوق العمل والتشغيل)، كما سيتم استكمال القطاعين الآخرين وهما (الثروة السمكية والتعدين) في مرحلة لاحقة.

****

من المتوقع أن تكون هذه المشاريع قادرة على توليد إنفاق رأسمالي بقيمة 16.3 مليار ريال عُماني، منها 86% من القطاع الخاص، و14% من القطاع القطاع العام في حال تنفيذ المشاريع والمُبادرات التي سيبدأ تطبيقها مطلع العام القادم، كما أنَّ هذه المبادرات التي ستخرج عن البرنامج يتوقع أن توفر 30 ألف فرصة عمل، كما يتوقع أن تعمل مُبادرات تنفيذ مع بدء تنفيذها على زيادة الناتج المحلي الإجمالي وخفض عجز الموازنة التراكمي مما سيُسهم وبشكل فاعل في تطور الاقتصاد العماني وتقليل اعتماده الكبير على قطاع النفط، ولكن كل هذا يتطلب أيضًا أن يواكبه إصدار عدد من القوانين التي ما زالت قيد الدراسات والتعديلات بالجهات المختصة وعلى رأسها " قانون العمل" و" قانون الاستثمار الأجنبي".

*****

قد لا يُفاجأ البعض بنتائج  تقرير تمكين التجارة العالمية لعام 2016، والذي أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي مؤخرًا، حيث حلّت السلطنة الخامسة عربياً، أما عالمياً فحلّت عُمان في المركز السادس والأربعين، وذلك بتراجع سبعة مراتب عن مركزها في التقرير الفائت لعام 2014، والآمال معقوده على انتعاش واستعادة السلطنة لقواها الاقتصادية وازدهار حركة السوق بمختلف قطاعاته، وسط  تأثيرات تراجع أسعار النفط، وغيرها من التحديات وتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية ومنها على سبيل المثال ارتفاع تسعيرة النفط الشهرية.

 

faiza@alroya.info

الأكثر قراءة