محافظ مسندم رعى اختتام فعاليات الافتتاح

متحف بيت الغشام جاهز لإثراء الحركة الثقافية والسياحية

...
...
...
...
...
...
...
...
...
...

 

 

 

الفهدي: العرض الفني اتخذ سمة العالمية بمشاركة أطفال وشباب من 30 دولة

 

النعماني: تجربة ثقافية وسياحية فريدة ومشروع ثقافي واعد

 

 

الرؤية – مدرين المكتومية

 

رعى أمس سعادة السيد خليفة بن المرداس محافظ مسندم اختتام فعاليات افتتاح متحف بيت الغشام، وسط حضور عدد من المهتمين والمؤلفين والمخرجين الذين أثنوا على افتتاح المتحف الذي من شأنه أن يساهم بالقدر الكبير في إثراء الحركة الثقافية والسياحية حيث تم تجهيزه بكفاءة عالية ولم يبق سوى افتتاحه للجمهور.

وقال الدكتور صالح الفهدي المشرف العام على فعالية افتتاح المتحف أنه لابدّ لكلِّ عملٍ فنيٍّ أن ينطلقَ من فلسفةٍ معيّنة، أو ما يسمّى في المسرحِ "المقدّمة المنطقية" لكي يكون للحدثِ مسارٌ يتّجهُ نحو إبراز الفكرةِ المرسومة له، ولأجلِ ذلك اتكأ عرض الافتتاح الرسمي لمتحفِ بيت الغشّام على عدّة مرتكزات فلسفيّةٍ ذات معانٍ عميقةٍ في مفهومِ الهويّةِ والإنتماءِ الوطني.

وأضاف: لقد نحوتُ في العملِ منحى المسرحِ الشعري، ليس لأنني أعشقُ التحليقَ في هذا الفضاء وحسب بل لأنني وجدته الأنسبُ لمثل هذه العروض لعدّةِ مبرراتٍ فنيّة منها قوّة الشعرِ في التعبير عن الأفكارِ، وسمّو ألفاظه في رسمِ المعاني، فضلاً عن عشق العمانيين للشعرِ وعلى رأسهِ شعرُ الحكمةِ، والفخرِ، والحماسة، الأمر الذي يفسّر حفظهم لأشعارِ أبو الطيب المتنبي، بيدَ أنني طعّمتُ العملَ إلى جانبِ الشعرِ بأصنافٍ فنيّةٍ أُخرى تضفي للعمل قيمةً عميقةً، فالغناءُ الشعبي حاضراً بفنونهِ وإيقاعاته، والصورة الدرامية ماثلةٌ في الشاشات التي تضيفُ بُعداً للحدثِ على المسرحِ، والشعرُ الشعبي غناءً وإلقاءً كان له نصيبٌ وافرٌ من العرض كذلك. وتبرزُ جمالياتٌ أُخرى تطرّز جماليات العرضِ كالرسم الطفولي، والخط العربي، والموسيقى التأثيريةِ، والفروسية، والمبارزة، وتصميم الملابس، وفن الجرافيكس. كلّ هذه القوالبُ الفنية يقدمها على المسرحِ ممثلين لهم تجاربَ مشهودة في الدراما، وفرقٍ شعبيةٍ له صيتها في الفنون الشعبية، وأطفالٌ من أعمارٍ متفاوتةٍ أضافوا جمالية رائعة بمشاركتهم المختلفة.

 

سمة العالمية

 

وتابع: سعيتُ في أن يتّخذ العرضُ سمة العالمية فأشركتُ في بعضِ مفاصل العملِ أطفالٌ وشباب ينتمون لأكثر من ثلاثين دولة أسهموا بدورهم في إبراز إحدى الأفكار التي ارتكز عليها العرض؛ الرسالة الحضارية لمتحف بيت الغشّام،كما إنني قدّمتُ الجوقة أو ما يسمى بـ"المجاميع" بصورةٍ مختلفةٍ دوراً وأداءً، فهي تجسّدُ دور الراوي كما أنّها حركتها التعبيرية للتعبير عن الفكرة المسرحية مصاحبة بالأداء الشعري الملحّن حيثُ أضافَ ذلك إلى العرضِ ألقاً فريداً نوّع في جمالياته، وكلّ هذه المنمنمات الفنية جعلت من العرض أشبه بالفسيفساءِ الأنيقةِ في منظرها، الرائقة في مشهدها، شكّلها الممثلون، والراقصون التعبيريون، والملحّنون، والموزعون الموسيقيون، والمطربون، والرسّامون، ومؤدو الفن الشعبي، والمصورون، وفنانو الجرافيكس، ومخرجو الأداء المسرحي، ومخرجو التقنيات الفنية والأفلام، ومصممو الملابس التقليدية والحديثة، بإسنادٍ من فريقٍ من الإداريين والفنيين.

 

 

 

تجربة ثقافية

 

وأوضح سعيد بن خلفان النعماني أن اللحظة المرتقبة لافتتاح متحف بيت الغشام أتت بعد 5 سنوات من العمل الدؤوب، وهاهي قرية الشلي الجميلة سوف تصحو كل يوم والزوار يؤمون فلجها وأزقتها، وطرقها التي تحتضنها أشجار النخيل والبيوت الطينية القديمة، والبيوت الحديثة في امتزاج تاريخي جميل يتناسق مع تاريخ هذه الولاية العريقة ومقوماتها الطبيعية التي ترفد السياحة بالكثير من الافكار الجميلة، وننتظر هذه اللحظات الرائعة ليَفتح متحفُ بيت الغشام أبوابه أمام الجمهور في تجربة ثقافية وسياحية فريدة، فلا ينظر إليه كمتحف فحسب ولكنه مشروع ثقافي واعد، يحمل بين جنباته الكثير من الأفكار والرؤى التي نفذ جزء منها حتى قبل افتتاحه، وعرضت على خشبة مسرحه المفتوح مسرحيات جذبت الكثير من الجمهور.

وأضاف عندما بدأنا تجهيز متحف بيت الغشام بتُحَفِهِ ومقتنياتِهِ الأثرية التي نراها الآن وقد ازدان بها المكان، ووهبها البيتُ أبهةً وروعةً، شرعنا بوضع التصور المتكامل لكي يكون هذا البيت مُتحفاً بدًأ بواجهته الجميلة وجدرانه الخارجية ونهايةً بالغرف الأرضيةِ والعلويةِ وكذلك المرافق الاخرى كالمجلس والمصلى، والتقطنا صوراً فوتوغرافيةً مركزةً على جميع غرفِ المبنى وماتحتويه كلُّ غرفة من (روازن)، مفردها روزنة، وهي عبارة عن كوة، نافذة هلالية صغيرة مغلقة من الخارج، وهي بمثابة الشكل الداخلي المجوف الذي توضع فيه آنية المنزل وما يستخدم تُحفةً او زينة، سواء كانت مزخرفة، أو بدونها، وذلك كي نحدد نوع وعدد التحف والمقتنيات التي يستحسن وضعها في كل موقع، فتجهيز البيوت ليس كتجهيز الحصون والقلاع وان كانت تتفق في كثير من الأحيان في استخدام الآنية والأسلحة بمختلف أنواعها .

وتابع:" تطلعنا بداية الى ما يحتفظ به المهتمون من تراث البلاد من خلال زيارتنا لأغلب ولايات السلطنة وللمتاحف الشخصية، فوجدنا اهتماما كبيراً بالحفاظ على ما تبقى من تراث واستمعنا الى حكايات جميلة حملت اعتزازاً بالموروثِ الثقافي وتفاؤلا بأي مشروع حضاري يعنى بهذا الجانب مفعما بالرغبة الأكيدة للمساهمة فيه قدر استطاعتهم، وفي نفس الوقت لم نستطع اقناعَ أغلبهم بشراء مقتنياتهم أو حتى وضعها مختومة بأسمائِهم بالمتحف، فهم أيضاً يتطلعون لعمل متاحف خاصة بهم، فيعتبرون كل قطعة تحفة نفيسة لا تُقدر بثمن ويرفضون المساومة عليها، مع أننا خسرنا استقطاب مقتنياتهم التراثية ولكننا ربحنا أصدقاءَ لهم نفس اهتمامنا، مما يزيدنا رغبة لإيجاد شبكة معلوماتية تجمعهم كي يتم التواصل واللقاء وتبادل التحف وكتابة تاريخها وكأنّهم تحت سقف واحد.

 

تحفة معمارية

 تجدر الإشارة إلى أنّ بيت الغشام يعد أحد المعالم الأثرية وتحفة معمارية بولاية وادي المعاول. يقع في قرية الشلّي ببلدة أفي وهو منزل السيد محمد بن احمد بن ناصر الغشّام البوسعيدي، وسُمّي البيت بالغشام نسبة إلى صاحبه السيد محمد الذي كان يُعرف بهذا اللقب، والسيد محمد بن أحمد الغشام أحد وزراء السلطان تيمور بن فيصل وواليه على مطرح، وقد كان يسكن هو وعائلته في هذا المنزل، ثم صار البيت للسيد أحمد بن هلال بن علي البوسعيدي والد المرداس بن أحمد وقد كان سكنه الدائم.

ولكبار السن قصص وأحداث معه تبيّن تواضعه وترابطه مع الناس، وقد سكن فيه أيضاً صاحب السمو السيد أسعد بن طارق بن تيمور وصاحب السمو السيد طلال بن طارق بن تيمور وأختهما صاحبة السمو السيدة نوال، وذلك عندما كانوا يأتون لقضاء الإجازة مع جدهم السيد أحمد بن هلال، ثم صار البيت ملكاً للسيد المرداس بن أحمد البوسعيدي ثم اشتراه السيد علي بن حمود بن علي البوسعيدي بهدف ترميمه وتحويله إلى متحف.

 والبيت مصمم على الطراز المعماري العماني ويحوي العديد من الغرف بالإضافة إلى الصباح والسبلة وبعض الغرف المحصنة وواحدة للاختباء بالإضافة إلى أبراج المراقبة والحوش الكبير والبئر وأماكن تخزين التمور.

 وحسب المصادر التاريخية وبناء على التنقيبات الأثرية وتتبع المكونات الرئيسية بالبيت وفحص النقوشات والشواهد الموجودة بالكتابات الجدارية وعلى النوافذ والأبواب فإنّ فترة بنائه ترجع إلى عهد السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي - أي أنّ عمر البيت تتجاوز 200 عام تقريبًا - وشملت أعمال الترميم قصبة البيت الرئيسية والمداخل والمجالس والمخازن والمرافق الخاصة بالبيت ومرابط الخيول والبئر بالإضافة إلى الساحة الداخلية والسور المحيط بها وبعض أعمال التجميل.

يتكون البيت من دورين بالنسبة للقصبة وبها سبع غرف علوية وبعضا لمداخل والأدراج التي تؤدي إليها أما بالنسبة للدور الأرضي للقصبة فيتكون من مخازن التمور وبعض غرف الخدمات.

هناك أيضًا بعض الغرف الأخرى في الجهة الشرقية ومرتبطة بالقصبة وأيضًا يحتوي على مجلس للرجال بالإضافة إلى المدخل الرئيسي وما يميز هذا البيت وجود مدخل آخر للنساء بالإضافة إلى وجود مصلى بداخله خاص بالنساء.

يبلغ طول البيت 40 مترًا وعرضه 30 مترا وهو الجزء الذي تمّ ترميمه ومجموع الغرف بداخله حوالي 15 غرفة وقد روعي في ترميمه استخدام نفس المواد التقليدية القديمة المستخدمة سابقا وهي "الطين، الصاروج العماني، الجص العماني، الحجارة الجبلية المسطحة" وقد أعيد تسقيفه بنفس الآلية السابقة حيث استخدم أخشاب الكندل والدعون والبامبو وقد روعي في أعمال الترميم أسلوب المحافظة على بعض النقوش الجصية الموجودة سابقا بالإضافة إلى ترميم الأبواب القديمة وبالأخص الباب الرئيس، كما تمّ إدخال نظام التكييف والكهرباء مع مراعاة الخصوصية في أثرية البيت.

 

تعليق عبر الفيس بوك