الكاميرات الفخيّة ترصد وجود 35 نمراً في جبال ظفار

مكتب حفظ البيئة يستعرض جهود حماية النمر العربي من الانقراض

 

الرؤية – محمد قنات

استعرض مكتب حفظ البيئة الجهود الحكومية لحماية النمر العربي والنظرة مستقبلية للمحافظة على أعداده المتبقية من الانقراض، وذلك خلال محاضرة أقيمت أمس بنادي الواحات تحت عنوان (الدراسات الميدانية للنمر العربي وجهود السلطنة لحمايته من الانقراض) بحضور عدد من مسؤولي ديوان البلاط السلطاني والمهتمين والباحثين في مجال البيئة، حيث بينت نتائج الدراسات والأعمال الميدانية التي قام بها مكتب حفظ البيئة خلال الفترة الماضية والتي تشمل الكاميرات الفخية ودراسة الجينات الوراثية للنمر والنظام الغذائي للنمر  وجود ما يقارب 35 نمرًا في جبال محافظة ظفار.

جاء ذلك في المحاضرة التي قدّمها هادي بن مسلم الحكماني أخصائي حياة برية بمكتب حفظ البيئة وهو من أوائل المشاركين من مكتب حفظ البيئة في مشروع مسح النمر العربي في سلسلة جبال ظفار، حيث ألقى الضوء في ورقته على عدة محاور أبرزها جهود السلطنة في حماية النمر العربي منذ عام 1986م وحتى اليوم ولمدة ثلاثة عقود من الجهد المخلص الدؤوب بعد أن وجه مولانا جلالة السلطان أبقاه الله بأسر عدد (4) نمور عربية من جبل سمحان بمحافظة ظفار لتشكل المجموعة الأولى من هذا النوع التى يتم أسرها والنواة الأولى لبرنامج الإكثار  تحت الأسر لهذا النوع النادر والمهدد بخطر الانقراض حسب تصنيف القائمة الحمراء التي يصدرها الاتحاد الدولي لصون الطبيعة (IUCN).

وتطرق الحكماني إلى الوضع الراهن للنمر العربي في السلطنة حسب آخر الإحصائيات والدراسات الميدانية، مشيرا إلى الأسباب التي أدت إلى هجرته من أماكن انتشاره كالصيد غير المشروع للنمر العربي وفرائسه الطبيعية، واستنزاف الموارد الرعوية وشق الطرق في بيئته وإقامة الكسارات والمحاجر التي تؤثر سلبا على استقرار النمر العربي والحيوانات البرية الاخرى التي تعيش معه ويتغذى عليها كالوعل النوبي والغزال العربي.

وتطرق إلى التدابير الأولية التي اتخذتها السلطنة لحماية النمر العربي من الانقراض والتي ذكر من أهمها إصدار تشريعات بمنع صيد النمور منذ عام 1976م، وإنشاء مركز لإكثار ها في الأسر وتدشين مشروع معني بحمايتها في الطبيعة وإنشاء محمية جبل سمحان التابعة لإدارة وزارة البيئة والشؤون المناخية.

تضمنت المحاضرة عرض مجموعة صور وفيديوهات حديثة وحصرية التقطتها الكاميرات الخفية للنمر العربي وفرائسه كصور فريدة للوعل العربي والغزال العربي وبعضا آخر من الحيوانات البرية الأخرى التي يقوم مكتب حفظ البيئة بجهود لحمايتها من خطر التهديد بالانقراض.

وأوضحت نتائج مشروع المسوحات الميدانية للمحمية أن النمر العربي تواجد أسفل المنحدر الجبلي وبالقرب من التجمعات السكانية ولعلّ ذلك ما يفسر زيادة بلاغات المواطنين عن حالات افتراس لمواشيهم في هذه المنطقة من قبل النمر العربي.

الجدير بالذكر أنّ السجلات العلمية الأولية عن وجود النمور العربية في سلطنة عمان تعود إلى الرحالة الأوروبيين في القرن التاسع عشر، إلا أنّ النمور كانت دائما معروفة لدى العمانيين حيث تعايشوا معها، والنقوش الصخرية القديمة خير شاهد على تلك العلاقة القائمة بين الإنسان والنمر، حيث تصوّر النمور التي تمّ العثور عليها في جبال الحجر وسلسلة جبال ظفار.

هذا ويعد النمر العربي من الكائنات البرية النادرة التي لها دور كبير في عملية الاتزان البيئي حيث يدل وجوده في منطقة معينه على صحة النظام البيئي وسلامته في تلك المنطقة كما أنّه رمز من رموز البيئات الجبلية في شبه الجزيرة العربية. ويصنف عالميًا من الحيوانات المهددة بالانقراض بالدرجة الحرجة حسب تصنيف الاتحاد الدولي لصون الطبيعة لحالة الأنواع، وتقدر أعداده المتبقية في البرية بأقل من 200 نمرٍ إذ تعد سلسلة جبال محافظة ظفار الواقعة في جنوب السلطنة أهم وآخر المعاقل الرئيسية له.

ونظرا للوضع الحرج للنمر العربي فقد قامت السلطنة ممثلة بمكتب حفظ البيئة بديوان البلاط السلطاني في بداية التسعينيات من القرن الماضي بتدشين برنامج علمي لدراسة وصون النمر العربي في بيئاته الطبيعية حيث قام فريق من الخبراء والمختصين في الحياة البرية بتركيب عددٍ من الكاميرات الفخية وتطويق مجموعةٍ من النمور العربية بأجهزة التعقب اللاسلكي بهدف جمع بيانات علمية لفهم النظام البيئي للنمر العربي في سلطنة عمان وبفضل الجهود المبذولة تتوفر اليوم ثروة من المعلومات العلمية عن النمر العربي في السلطنة وما يجب علينا فعله من أجل الحفاظ عليها في مناطقها الطبيعية. 

وقد قام مكتب حفظ البيئة بمجموعة من الجهود التوعوية لاطلاع المجتمع بأوضاعه الراهنة وضرورة التعاون لا بقائه في موائله الطبيعية كالتواصل مع المجتمعات المحلية والمدارس وأماكن تجمع الأهالي، وإنتاج فيلم وثائقي يوثق حياة النمر العربي ويبرز التهديدات التي تواجهه وقد حصد عام 2010 جائزة مجلس التعاون لأفضل الأعمال البيئية وتم عرضه في أكثر من محطة تلفزيونية محلية وعالمية.

كما أصدر المكتب في الفترة الأخيرة كتابا علميا يعد توثيقا جيدا يستند إلى الدارسات الميدانية المبنية على أسس علمية، ضمن خطة مشروع صون النمر العربي في بيئته الطبيعية في محافظة ظفار.

 

تعليق عبر الفيس بوك