هل تصمد الهدنة اليمنية؟!

 

 

لا يزال اليمنُ يئنُ تحت نيران القصف المُتبادل بين الأطراف المُتناحرة فيه، ففي الوقت الذي أعلن فيه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الأسبوع الماضي عن هدنة وبدء مسار تفاوضي يؤسس لقيام حكومة وحدة وطنية تنتشل البلاد من براثن الحرب الأهلية التي تمر بها، رفضت أطراف أخرى الهدنة، بل وزادت من عمليات القصف.

غير أنَّ الأطراف الفاعلة في المشهد اليمني أعلنت عن بدء هدنة جديدة من جانبها لمدة 48 ساعة، في تحرُّك نأمل أن يلتزم به الجميع، فالأهم في هذه الأوضاع وقف نزيف الدَّم الذي يراق يومياً، ومنع عمليات القصف العشوائية التي تتم ليلا ونهارا، وتستهدف المدنيين، بما فيهم النساء والأطفال. فلا بد لصوت العقل أن يعلو على ما سواه وأن تتوقف الحناجر الداعية لمزيد من التدمير، حتى يتسنى لهذا الشعب الشقيق أن ينهض من كبوته التي طالت، والخوف كل الخوف ألا تكون كبوة وتتحول إلى سقوط مدوٍ يقضي على ما تبقى من هذه الدولة.

لقد بلغ السيل الزبى في اليمن مع تصاعد الأعمال القتالية بين جميع الأطراف، لكن المؤكد أنَّ الشعب اليمني هو وحده القادر على حل مشكلاته الداخلية وتجاوز الشقاق الذي يُهدد نسيجه الاجتماعي، فكم يحتاج اليمن من وقت أو دماء تنهمر في الشوارع ومدن تباد عن بكرة أبيها، حتى يعود الجميع إلى رشده ويجلسون إلى طاولة مفاوضات لا تستقوي بالخارج ولا تضع أجندات خاصة بدول إقليمية أو مُجاورة.

ولعلّ من المُبشر في هذه الهدنة الأخيرة ترحيب جماعة أنصار الله وحزب المؤتمر الشعبي العام بمُختلف الجهود الساعية لإحلال السلام في اليمن، إذ يمهد مثل ذلك الترحيب المسار نحو عمل تفاوضي حقيقي، يجلس فيه الفرقاء على طاولة واحدة ويطرحون مختلف القضايا بكل شفافية تعلي مصلحة المواطن اليمني فوق أيّ مصالح أخرى.

كما إن إعلان قوات التحالف أنّ الهدنة تأتي استجابة لرغبة الحكومة اليمنية والمجتمع الدولي في دعم جهود السلام في اليمن، دلالة على أنَّ جميع الأطراف تريد لهذه الحرب أن تضع أوزارها، بيد أنّه يتبقى اتخاذ الخطوة المقبلة وهي التوافق على خارطة طريق واضحة المعالم، تضع في مقدمة أولوياتها إعلان حكومة وحدة وطنية لا تستبعد أيّ طرف، حتى يستعيد اليمن لقبه "السعيد".

تعليق عبر الفيس بوك