كرة القدم

 

محمد العليان

 

كرة القدم أو المستديرة أو المجنونة كما يطلق عليها العالم ككل، هي لغة الشعوب يمارسها ويهواها وينفعل ويفرح مع أحداثها الجميع، ولها ميزة بأنها لا تفرق بين مجتمع وآخر، يتساوى فيها الجميع ويلعبها الجميع في النهار والليل، في كل مكان كبير وصغير في البيت والشارع والشاطئ وفي الزقاق والملاعب والأندية والجامعات والكليات والمدارس.. ويشارك فيها أيضا الغني والفقير، تهواها الأغلبية لحد الهوس والجنون وحتى التعصب في بعض الأحيان.

تظل طول عمرها تجري وتلهث دون أن تدري أو تعلم أن كل من يحبها أو كل العالم الذي يعشقها يجري ويلهث خلفها أنّها محبوبة ومعشوقة الجميع (كرة القدم) ارتباطها بالإنسان غريب وعجيب يعشقها الطفل ويركلها لسهولة حركتها والشاب إشباعا لرجولته وحبا في التحدي ورغبة في النصر والفوز، تجمع بين كل طبقات المجتمع يمارسها ويستمتع بها الجميع بكل سهولة ويسر حتى في الأحياء الشعبية الفقيرة والصغيرة.. هي الطريق إلى الثراء والحياة والشهرة والمال والمستقبل، فبعض لاعبيها الذين أنجبتهم كانوا من الفقراء وخرجوا من الأحياء الفقيرة فأصبحوا بعد ذلك من الأغنياء بين ليلة وضحاها ومن مشاهير العالم فالناس في كل مكان تعرف اللاعبين أكثر من رؤساء الدول؟ يمكن أيضًا أن يحدث انقسام عائلي في لعبة كرة القدم بين الأبناء على تشجيع فريق وآخر، وكذلك اللعب لفريقين مختلفين، وكذلك تكون كرة القدم حديث المجالس والمقاهي والشوارع والأصدقاء.. الفائز ينتشي ويفرح والخاسر ينال الحسرة؟ تتفرق ميول وتشجيع الجميع بين أندية الدولة ولكن يتفقون كيد واحدة على تشجيع منتخب بلادهم.

كرة القدم وسيلة لتكوين العلاقات ولم تقتصر على تحسينها من الداخل بل امتدت كرة القدم لتلعب دورًا رئيسيا دبلوماسيا مهمًا لإعادة العلاقات بين الدول المتناحرة.. كما أن لكرة القدم دورا بارزا استخدمته بعض الدول لإلهاء الشعوب عن السياسة وما يجري فيها.. وأخيرًا انتصرت كرة القدم عندما استطاعت أن تشد المرأة إليها لمتابعتها وممارستها ومنافسة الرجل فيما بعد، بل تقام لها بطولات مختلفة داخلية وخارجية ودولية وإقليمية..

نُدمن كرة القدم لدرجة قد تصل بنا إلى البكاء أو الحزن؛ فكم مرة بكى فيها الرجال حزنا على ضياع هدف أو عدم تأهل فريق أو منتخب أو ضياع بطولة أو حتى إحراز بطولة.. أيضا هناك بكاء الفرح عند تحقيق إنجاز كالصعود لكأس العالم مثلا أو الفوز ببطولة قارية أو دولية..

بالنسبة لنا كرة القدم هناك أمور تحد من طموحنا وشغفنا بها، منها أن كرة القدم تمارس عندنا كهواية فقط فيما سبقنا الآخرون للاحترافية.. اللاعب عندنا مسكين هو موظف ولاعب وعليه التزامات أخرى اجتماعية وأسرية ووظيفية، بينما يعيش الآخرون ومهمّتهم الوحيدة كرة القدم أي أصبحت مهنة ومصدر رزق.. ورغم كل ذلك إلا أنّ المستديرة تُقرّب و لا تُبعد، تمتع ولا تتعصب، إنّها كرة القدم، عشق الملايين وعصبها الآن أصبح المال الذي يسيرها إلى العالمية.. كرة القدم أصبحت المتنفس الوحيد للملايين من الشعوب تجمعهم في جلسة وعلى طاولة واحدة.. إنها أكسجين الحياة.

آخر الكلمات (قبطانان على سفينة واحدة أسهل وسيلة لإغراقها)