تفاؤل بفرص استثمار لا محدودة في ندوة "آفاق الفرص في مجالي النفط والغاز"

الرمحي: نستهدف رفع معدل الإنتاج اليومي من الخام .. وإقبال جيد على مناطق الامتياز المطروحة

 

 

 

 

السفير الفرنسي: 1.2 مليار يورو حجم الاستثمارات الفرنسية في السلطنة ونشجع على المزيد

الزدجالي: 3 مشاريع عملاقة لشركة النفط العمانية تدخل حيز الإنتاج خلال العام المقبل

 

 

الرؤية – نجلاء عبد العال

 

قال معالي الدكتور مُحمد بن حمد الرمحي وزير النفط والغاز إنّه مُتفائل بالسنوات الخمس المقبلة، مشيراً إلى أنّ أزمة أسعار النفط تعد فرصة غير مسبوقة للإسراع في العديد من المحاور التي ستنعكس إيجابياً على مستقبل الاقتصاد العماني، موضحاً أنّ السلطنة تستهدف رفع معدل الإنتاج اليومي خلال العام المقبل بنحو 50 ألف برميل يوميًا وهو ما يعتمد على الظروف الفنية للحقول، وذلك بعد أن تمكنت بالفعل من رفع متوسط الإنتاج خلال العام الجاري إلى مليون برميل يوميًا، مشيرا إلى أن الإعلان عن معدل معتمد للإنتاج لابد أن يكون مستدامًا وليس لأشهر، على الأقل لثلاث سنوات متوالية.

وجاء ذلك خلال رعاية معاليه لندوة بعنوان "من الأزمة الى آفاق الفرص في مجالي النفط والغاز" التي أقيمت بفندق جراند حياة مسقط ونظمتها جمعية الصداقة العمانية الفرنسية، وسلطت الضوء على آثار تراجع أسعار النفط، وآليات تحويل الأزمة إلى فرص.

وخلال كلمة افتتاحية ألقاها معالي محمد بن حمد الرمحي أكد أنّ العمل في قطاع النفط والغاز في السلطنة لم يتراجع مطلقاً بل على العكس فإنّه على مستوى الاستكشاف فإنَّ العمل في الاستكشاف يجري على قدم وساق في غالبية الشركات العاملة في النفط بالسلطنة، وهو ما يُمكن أن يُفيد الاقتصاد الوطني ليس فقط خلال السنوات القليلة القادمة بل على مدار العقود المُقبلة، لأنَّ الاستكشاف الآن يعني الإنتاج مستقبلاً. وأوضح أن العمل في أفضل حال وأسرع وتيرة لإضافة المزيد من الإنتاج، كما أن هناك صناعات مثل البلاستيك والذي تم توقيع العقد لإنشائه وتمويله في وقت وصف بالأزمة النفطية، وقال إن الوضع بالتأكيد ليس سهلاً على شركات النفط أن تعمل على خفض التكاليف الإنتاجية خاصة إذا كانت طبيعة النفط تتطلب ذلك، لكن على الجانب الآخر فإنّ ما يمكن وصفه بـ"المنحة الإلهية" مثّل عامل تحفيز قوي للتسريع بخطط ترشيد الإنفاق وزيادة الإنتاج.

وخلال جلسة مناقشات الندوة، أوضح معالي الرمحي أنّ النفط عندما كان يمثل عنصرًا مهماً بالنسبة للميزانية العامة وأن الوضع الحالي لأسعار النفط لا يمثل أزمة بقدر كونه فرصة لأن نفعل المزيد بإنفاق أقل، وحتى الآن لم نجد أن الأزمة كان لها تبعات في تخفيض نفقات الأيدي العاملة أو التوقف عن العمل كما رأينا في بعض الشركات النفطية العملاقة في العالم، مضيفاً أن هناك دائماً احتمالات موجودة بأن يذهب سعر البرميل إلى 100 دولار أمريكي أو يذهب إلى 30 دولارا أمريكيا، وقال "إن العمل لا ينبغي أن يتوقف على عنصر لا يمكننا التحكم به، لذلك يمكن النظر إلى تراجع أسعار النفط باعتباره محفزاً للتشجيع على التصرف بسرعة وبشجاعة، وهو ما رأينا الحكومة تقوم به بالفعل"، مشيراً إلى أن برنامج "تنفيذ" يعطي حماساً للجميع بجدية التحرك والعمل، وقال: "رغم أن النفط والغاز ليسا من القطاعات التي كانت ضمن البرنامج إلا أنّه فتح الباب أمام تحسين كبير في أداء الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص وهذا ينعكس بالنهاية على الاقتصاد الكلي ويؤكد أننا في الطريق الصحيح".

وأشار معالي الرمحي إلى أنّ دور القطاع الخاص في مرحلة الأزمة ينبغي أن يصبح نقطة الانطلاق، وقال إنّ "الشراكة بين القطاعين تحتاج إلى تحسين ونحن نعمل في الحكومة على هذا من جانبنا عبر إعادة هيكلة العلاقة بحيث لا تقوم الحكومة بتنفيذ وقيادة المشروعات العملاقة بل تصبح في شراكة حقيقية مع القطاع الخاص، بحيث يكون هناك توازن ولا يكون على حساب أعمال القطاع الخاص، وربما لو أن أسعار النفط ظلت فوق 100 دولار أمريكي ربما ما كنّا حققنا هذه الأفكار وبدأنا تفعيلها، لذا فربما كانت وراء الأزمة فرصة حقيقية".

وفي ختام الندوة، أكد معاليه في تصريحات صحفية التجاوب مع فرص الاستثمار في مناطق الامتياز التي طرحتها السلطنة مؤخراً للاستكشاف والإنتاج بحسب المقاييس التي تضعها الوزارة، وقال إنّ تحديد سعر النفط في الموازنة هو عمل جهات أخرى، مضيفاً في رد على استفسار "الرؤية" أنّ النقاش مازال مستمرًا بين عدد من الجهات و"هناك جهات ودراسات وجلسات تبحث في السعر الأنسب للنفط في الميزانية للعام المقبل، وأترك الرد على هذا السؤال للجهات المعنية".

وقال الرمحي إنّ هناك ثلاثة عناصر تحفز على التفاؤل خلال السنوات المُقبلة وذلك بالنظر إلى السعي نحو زيادة الإنتاج النفطي، من جانب ومن جانب آخر فإنّ الوضع دفع نحو المزيد من التسريع في الشراكات بين القطاعين الخاص والحكومي وجعل القطاع الخاص في المُقدمة، وهو ما يعني مزيداً من فرص العمل في مجالات جديدة.

وفيما يتعلق بتوقعات أسواق النفط العالمية، أوضح معاليه أنَّ الاجتماعات ربما لم تُسفر عن جديد في مجال حجم الإنتاج لكن في نفس الوقت فإنَّ الأسعار لديها مؤثر آخر وهو الطلب، وأشار إلى أنَّ المؤشرات توضح تزايد الطلب خاصة من جانب الصين والهند وأفريقيا وهي أسواق تنمو باضطراد مما ينبئ بإمكانية ارتفاع الطلب بمقدار مليون برميل يوميًا بنهاية العام المُقبل. إلى جانب التفاؤل بتحسن معدل فرص العمل للمواطنين، وشرح أن الأزمة فرضت تعاملاً جديدًا مع توفير فرص العمل بما لا يشكل عبئاً على المستثمرين لذا فإنّ التعامل أصبح عبر توفير المهارات الوطنية المدربة والمتخصصة في المجالات التي تحتاجها الأعمال بما يجعل المواطن جاهزا للعمل ويبحث أصحاب العمل عنه وليس العكس.

وأكد معاليه أنَّ شركة تنمية نفط عمان تتحول إلى جزء من صناعة الطاقة المتجددة لكنها لن تتحول إلى شركة للطاقة المتجددة فقط، كما أشار إلى أنّ هناك كثيراً من المستثمرين يجري الحديث معهم حول الاستثمارات في الدقم، وكثير من المشروعات التي تتشكل لضمان التنوع الاقتصادي في السلطنة وهو ما يؤمن تفاؤلاً بالمرحلة المقبلة.

وقال معاليه إنّه مع الاتجاه إلى رفع دعم الكهرباء عمَّن لا يستحق الدعم، مشيرًا إلى أنّ الدعم بصفة عامة يحتاج إلى المراجعة بحيث تباع كل خدمة وكل سلعة بتكلفتها الحقيقية التي تتكلفها الحكومة، طالما أن المستهلك يمكنه أن يدفع ثمن تكلفتها، أما من لا يستطيع فهؤلاء هم من يستحقون الدعم وعندها يكون هناك طرق لمساعدتهم في أن يدفعوا ثمن التكلفة وبالتالي يذهب الدعم مباشرة لمن يستحقه.

وكشف معالي الرمحي عن أنّ الكميات الجديدة من الغاز ستضخ في المنظومة خلال أغسطس أو سبتمبر من العام المقبل، مشيرًا إلى أنّه لا يتوقع أن يكون خط أنابيب الغاز جاهزاً في هذا الوقت، لذا فربما يتأخر قليلا في الوصول إلى صحار والدقم.

 

رؤى الخبراء والمختصين

وأعرب عدد من الخبراء والمختصين المشاركين في الندوة عن تفاؤلهم بمستقبل الاقتصاد العماني مؤكدين أن تراجع أسعار النفط فرصة أكثر منها أزمة إذا ما أحسن استغلالها عبر مزيد من الشراكة مع القطاع الخاص.

 

وقالت هند بنت سهيل بهوان، رئيس مجلس إدارة جمعية الصداقة العمانية الفرنسية، إنّ إنشاء الجمعية جاء لدعم علاقات التعاون بين الشركاء حيث تُتاح لهم فرصة تعزيز الابتكار وإضفاء قيمة مضافة على مستويات اقتصادية واجتماعية مختلفة وتهدف إلى تعزيز وتوسيع آفاق العلاقات العمانية الفرنسية من خلال العمل على تنمية التبادل التجاري والثقافي والاقتصادي والاجتماعي، كما تم خلال الندوة مناقشة الحلول والبرامج التي من شأنها أن تعزز الفرص الاستثمارية ومن الممكن أن يتم تنفيذها في مجال النفط والغاز.

وأشاد سعادة رولان دوبرتران، سفير فرنسا لدى سلطنة عمان بإطلاق جمعية الصداقة العمانية الفرنسية ووصفها بالخطوة الممتازة، وقال إن هذا الفعالية العامة الأولى للجمعية كانت مهمة جداً خاصة مع مناقشة الفرص الاقتصادية المُتاحة، وفيما يخص العلاقات الاقتصادية بين فرنسا والسلطنة أوضح أنَّ حجم التَّبادل التجاري بين البلدين بلغ في المتوسط حوالي 600 مليون يورو سنوياً وفي عام 2015 بلغ 500 مليون يورو نظرًا لظروف الاقتصاد العالمي، فيما يبلغ حجم الاستثمارات الفرنسية في عمان نحو 1.2 مليار يورو وهو ما يعكس أهمية الاستثمار في السلطنة بالنسبة للشركات الفرنسية.

وكشف المهندس عصام الزدجالي الرئيس التنفيذي لشركة النفط العمانية أنَّ استثمارات الشركة نيابة عن الحكومة كانت خلال العاملين الماضيين مشجعة للغاية، وقال إنّ هناك 3 مشاريع عملاقة تعمل الشركة على أن تدخل حيز الإنتاج خلال الفترة القادمة مشروع الأمونيا وصلالة للغاز النفطي المسال والصناعات الكيماوية في صحار، موضحاً أنَّ شركة النفط العمانية تعمل على أن يكون المشاريع الثلاثة ممولة من الشركة ذاتياً بدون دعم حكومي.

وأوضح لـ"الرؤية" أنَّ المشروعات الثلاث حالياً في مراحل متقدمة ويتبقى التوصية التي سترفع لمجلس الإدارة وعلى الأقل اثنين من المشاريع إن لم تكن ثلاثتها ستبدأ التنفيذ العام المقبل، وأكد أن الشركة تنظر نظرة متفائلة للمستقبل وكذلك نظرة شركاء الشركة، موضحاً أن التحديات موجودة في جميع المجالات لكن التحديات الآن ليس في المشاريع بحد ذاتها وإنما قد يكون فقط في كلفة التمويل والذي نعمل على تجاوزه نظرًا لأنّ المشاريع ممتازة وسيكون لها تأثير إيجابي على الاقتصاد ككل، مضيفاً أنّ مشاريع الشركة فيما سبق كانت تعتمد في بعض التمويل على الحكومة، لكن الآن أصبح هذا صعبًا وأصبح علينا الاعتماد على أنفسنا ودعوة المستثمرين وهذا ما يحدث، وبالفعل نجد تجاوبا هائلا من القطاع الخاص سواء المحلي أو من الخارج.

 

فرص تنمية حقيقية

وقال مصعب المحروقي الرئيس التنفيذي لشركة أوربك إن العامين الماضيين شهدا أزمة حقيقية في الاقتصاد ورغم ذلك كانا على العكس أكثر إيجابية في أعمال الصناعة البتروكيماوية، مشيرا إلى أن الكمية التي تذهب للتصنيع من النفط هي التي تحقق عائداً، وليس التي يتم تحويلها إلى وقود، لذلك فإنه مع بدء العمل على توسعة مصفاة صحار لرفع الكميات المصنعة من البتروكيماويات وكذلك بدء الإجراءات العملية لمجمع الصناعات البلاستيكية في لوى فإنّه يمكن القول بأنّ الأعوام المقبلة ستشهد جني ثمار الفرص التي استغلت بشكل جيد خلال الأزمة.

وأكد الدكتور محمد البرواني رئيس مجموعة أم بي هولدنج أنّ الأزمة بالنسبة للقطاع الخاص كانت أثناء ارتفاع أسعار النفط عندما كانت الحكومة ترى أنّها يمكنها الاستحواذ على العمل والقيام بريادة الأعمال في جميع المجالات، وكان القطاع الخاص مجرد مُنفذ ومساعد للشركات الحكومية والقطاع الحكومي بشكل عام، وفي مجال النفط على سبيل المثال كانت الأعمال عبر شركة تنمية نفط عمان وليس للقطاع الخاص سوى الحصول على عقود معها، وقال إنّ هذا الوقت كان محفزا لمجموعة البرواني لأن تسعى للحصول على أعمال في كل مكان واستطاعت أن تثبت قدرتها على العمل والنمو فأصبحت تنتج في مصر وبعض الدول الأخرى، كما أصبحت لديها أعمال منوعة ليس فقط في النفط والغاز بل في السياحة والصناعة واللوجستيات وغيرها.

وتناولت هيفاء الخايفية المديرة المالية بشركة تنمية نفط عمان أسلوب تعامل الشركة مع أزمة تراجع أسعار النفط باعتبارها فرص فقالت إنّه في صيف عام 2014 لم يكن أحد يتوقع أن تهبط الأسعار بهذا الشكل وتدوم لفترة تعد طويلة نسبيًا، لكن في شركة تنمية نفط عُمان ركزنا في مواجهة الأزمة على محورين أولهما رفع كفاءة العمل والإنتاج، وفي نفس الوقت العمل على تخفيض التكلفة، وبالفعل استطعنا أن نقدم العديد من الإنجازات في فترة الشهور الماضية التي وصفت بالأزمة، فاستطعنا أن نرفع من إنتاج الشركة لأعلى مستوى بوصول معدل الإنتاج اليومي من النفط والمكثفات إلى 1.3 مليون برميل يوميًا في 2015، وكذلك رفعنا من كفاءة العمل وفعاليته من خلال تنفيذ برنامج ليين والذي خفض المهدر في العمل من حيث الوقت والكلفة.

 

تعليق عبر الفيس بوك