"جوهرة صور" و"سلطان" و"المكري".. أبرز أعماله

الغيلاني يجذب الشباب إلى المعرفة التاريخية بين سطور الروايات

 

 

 

مسقط - العُمانيَّة

لا يُحبِّذ الكاتب والباحث والمؤرخ حمود الغيلاني وصفه بـ"الأديب"، رغم أنه يكتب الرواية، مُكتفياً بالقول إنه وظّف الرواية في إيصال المعلومات التاريخية بعد أن لاحظ عدم إقبال الشباب على الكتب المرجعية في مجال التاريخ. ويقول الغيلاني إنه ارتأى كتابة الرواية التاريخية لـ"إيصال المعلومات التاريخية" للشباب الذين يبدون أقرب إلى قراءة الرواية، خاصة متوسطة الحجم التي لا يتجاوز عدد صفحاتها المائة صفحة، فخلال رحلة بالسيارة من صور إلى مسقط مثلاً، يستطيع المرء قراءة الرواية كاملة، وبذلك "يحصل على كمّ جيد من المعلومات التاريخية عن السلطنة".

ويؤكد الغيلاني أن هذا المنهج دفعه لقراءة آلية كتابة الرواية التاريخية، والتعرف على خصائصها، وكيفية إدخال المعلومة التاريخية في ثنايا الرواية. وهو ما يتجلى في رواياته "جوهرة صور" و"سلطان" و"المكري"، التي تتناول أحداثاً تاريخية بحريّة وبريّة.

وتعكس رواية "جوهرة صور" واقع المرأة العمانية في ولاية صور، ودورها في الحفاظ على التماسك الأسري، والتضحيات التي تقدمها من خلال عنايتها بأسرتها في فترة سفر الآباء في رحلاتهم البحرية التي تمتد أحياناً إلى تسعة أشهر، وهذا الدور الذي تقوم به المرأة "إيجابي، وينمّ عن إدراكها لواجباتها واضطلاعها بمسؤولياتها الحياتية باقتدار".

أما رواية "سلطان"، فتعكس الفكر العملي في مدينة صور للحياة عموماً، فالآباء -كما يوضح الغيلاني- يعايشون واقع العمل من أجل توفير حياة أفضل لأبنائهم، والفتية يقومون بأدوار مهمة في العناية بأسرهم أثناء سفر الآباء أو غيابهم، كما تتطرق الرواية إلى المناهج العملية في التدريب التي يوليها ربابنة البحر في المدينة ليشبّ أبناؤهم ربابنةً يستطيعون إكمال المسيرة، ومن جهة أخرى تعكس طبيعة الحياةَ على سطح السفينة والأحداث التي تشهدها أثناء رحلتها.

وتجسِّد رواية "المكري" الحياة في "صور" أثناء فترة الصيف والانتقال من المدينة إلى المناطق الزراعية؛ حيث يعمل أفراد الأسرة كفريق متكامل في جني المحاصيل، كما تمثلُ الرواية "رحلة للاسترخاء من العمل الطويل في البحر"؛ إذ تتطرَّق أحداثها التي ترافق الرحلة بواسطة الجِمال إلى جلسات السمر وتبادل الأشعار والروايات.

ويُوضِّح الغيلاني أن مجموعته القصصية "يلال بو كبيش" تضم حكايات من التراث الشعبي العُماني بولاية صور، وهي تمثل جانباً أدبياً بما تحمله من رسائل تحاول الأمهات أو الجدات إيصالها إلى الأبناء والبنات، كسلوكيات أخلاقية وقيم مجتمعية تعمل الأسر على حث أطفالها على التمسك بها والحفاظ عليها.

وحول السبب الذي دفعه لخوض غمار التاريخ البحري لعُمان، يوضح الغيلاني أن عُمان دولة بحريّة، ومعظم تاريخها الحضاري تاريخ بحري يمتد إلى أكثر من سبعة آلاف عام، كما أن مدينته "صور" هي مهد التاريخ البحري العماني، حتى يندر أن نجد فيها أسرة لا يعمل أفرادها بالبحر. وحول الخصوصية التي تنطوي عليها "صور" والتي دفعته لتكريس عدد من مؤلفاته وأبحاثه لها، يقول الغيلاني إن هذه المدينة تمثل "البُعد البحري" في التاريخ العماني قديماً منذ حضارات وادي السند بالهند الجغرافية وحضارات بلاد الرافدين، وما تلاها بعد ذلك من حقب تاريخية متلاحقة. فأهل "صور" كانوا حتى بداية سبعينات القرن الماضي يمارسون الملاحة البحرية مع العراق والهند واليمن والبحر الأحمر وشرقي إفريقيا، كما أنَّ هذه المدينة تمثل بداياته في التأليف، وبالتالي كان لا بد من الانطلاق منها إلى كتابة التاريخ العماني البحري عموماً.

ويقرُّ بأنَّ ما تم إصداره من كتب حتى الآن في هذا المجال تمثل جزءاً بسيطاً من التاريخ البحري والملاحي العُماني، كاشفاً عن أن هناك الكثير من المشاريع التي يعمل على إصدارها لإثراء التاريخ البحري العماني عموماً، ككتاب "العلوم البحرية عند العمانيين"، وكتاب "النشاط الاقتصادي البحري" وكتاب "تأثير الملاحة البحرية في اللهجة الصوري"، وهي تضاف إلى كتبه الأربعة التي صدرت سابقاً: "التاريخ الملاحي وصناعة السفن في مدينة صور العمانية"، و"التاريخ البحري المروي لمدينة صور" (بالتعاون مع د.محمد بن حمد العريمي)، و"أسياد البحار" و"سنّة النواخذة".

وبوصفه مشاركاً فاعلاً في المؤتمرات والندوات والمحاضرات المحلية والعربية والدولية، يرى الغيلاني أن هذه الأنشطة تتيح الفرصة لـ"اللّقاء بأساتذة ومؤرخين وباحثين يمكن الاستفادة من خبراتهم العملية"، إلى جانب "إيصال التاريخ البحري العُماني برؤية عمانية علمية للتعريف والنشر فيما بعد من خلالها".

تعليق عبر الفيس بوك