واشنطن تتحمل مسؤولية تدهور علاقاتها مع الرياض (1-2)

 

 

عبيدلي العبيدلي

أعْلَن المتحدِّث باسم الخارجية الأمريكية جون كيربي "أن واشنطن بدأت بمراجعة برامج مساعداتها للرياض بعد الغارة الدامية على دار للعزاء في صنعاء. وشدَّد كيربي على أن بلاده تقوم بمراجعة برامج مساعدتها لدول أجنبية بانتظام. مشيرا إلى أن الإجراء تناول السعودية أيضا، في الأشهر الأخيرة".

لم يكن ذلك التصريح العلني الأول بشأن إعادة واشنطن النظر في علاقتها مع الرياض؛ فقبل يومين من ذلك التصريح، وتحديدا في التاسع من أكتوبر 2016، أفصحت الإدارة الأمريكية، على لسان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض نيد برايس، عن "تراجع دعمها للتحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن "في ضوء الحادثة وغيرها من الحوادث الأخيرة، (مضيفا) بأنَّ التعاون الأمني الأمريكي مع السعودية ليس شيكا على بياض".

ليس هنا مجال مناقشة أي شيء آخر سوى التطورات السلبية التي عرفتها العلاقات الأمريكية السعودية ومدلولاتها الحالية، واحتمالاتها المستقبلية.

أوَّل ما تعكسه تلك التصريحات، هو تردِّي العلاقات بين واشنطن والرياض، دون أن تكون هذه الأخيرة هي الطرف المسؤول عن هذا التدهور في العلاقات. تكفي الإشارة للزيارة التي قام بها في أواخر أبريل 2016 الرئيس الأمريكي إلى الرياض، والتي وصفت بأنها تأتي "في ظل توتر غير مسبوق في العلاقات بين البلدين يهدد بفك آخر عرى الشراكة الإستراتيجية بينهم، لتزامنها  مع تحركات في الكونجرس الأمريكي حينها لسن قانون يحظر بيع الأسلحة إلى السعودية، وآخر يحمل المملكة المسؤولية عن هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001؛ مما دفع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إلى التهديد، حسب صحيفة "نيويورك تايمز"، بأن تبيع الحكومة السعودية أصولها الأمريكية البالغة 750 مليار دولار". ولم يقف الأمر عند تلك الحدود. ولهذا شهد العالم تصاعدا في الخلاف "بين واشنطن والرياض بعد توقيع الاتفاق النووي مع إيران، لوجود قناعة لدى النخب السياسية السعودية بأن الاتفاق يأتي لتعزيز وضع إيران الإقليمي، وأنه جاء على حساب العلاقات مع بلدان مجلس التعاون الخليجي. كما تنظر الرياض بعين الريبة إلى إستراتيجية أوباما للانسحاب من المنطقة نحو الصين والمحيط الهادئ".

الأمر الثاني الذي نستشفه من تلك التصريحات، هو ما جاء في مقالة مطولة كتبها موفد الصحيفة الإسرائيلية "معاريف" في واشنطن "نداف إيل"، مشخصا أسباب الانهيار السريع في نموذج العلاقات السعودية-الأمريكية، الذي أشاده الطرفان عبر عقود من الزمان. يرى "إيل" أن هناك "عدة أسباب على رأسها النجاح الميداني النسبي لحزب الله وإيران في سوريا، وعدم قدرة المتمردين السوريين والعالم السني على الإجهاز على الأسد، دفع بأمريكا إلى التوصل لاستنتاج مؤسف- كسر الحلف الشيعي سيكون طويلا، فادح الثمن، وربما أخطر مما يمكن تخيله. وتطرُف المتمردين، الذين ينتمي جزء منهم إلى مجموعات أكثر تطرفًا من القاعدة، دفع بمتخذي القرار في واشنطن أن يصبحوا أكثر برودة إزاء إمكانية تغيير قريب في نظام الحكم بسوريا، إلى درجة أن الشعارات التي يمكن تبريرها بشأن المذابح التي يرتكبها الاسد ضد الأبرياء في سوريا قد تم استبدالها بسياسة واقعية، أمريكية كلاسيكية، باردة ومحسوبة؛ هكذا تحولت المذبحة الرهيبة التي ارتكبها الأسد بواسطة الغاز إلى فرصة دبلوماسية انتهت باتفاق بتفكيك السلاح الكيماوي".