على هامش الموقف المصري في مجلس الأمن ...

أزمة النفط المصرية السعودية ... سياسية أم اقتصادية ؟!

 

 

استمرت تداعيات الموقف المصري في مجلس الأمن – على المستوى الإعلامي - بعد أن صوتت مصر بالموافقة على المشروع الروسي في مجلس الأمن، وبعد رد الفعل السعودي الذي اعترض على تصويت مصر لصالح القرار متهماً القاهرة بأنها خرجت عن الصف العربي، على الرغم من أن وزارة الخارجية المصرية حرصت عقب التصويت في مجلس الأمن أن توضح الأمرعلى لسان المتحدث الرسمي باسم الوزارة أحمد أبو زيد، والذي أكد أن القرار يطالب بوقف إطلاق النار وإيصال المساعدات إلى الشعب السوري ومحاربة التنظيمات الإرهابية في سوريا، وهذا لا يتعارض مع الموقف العربي، وأشار أبوزيد إلى أنّ مصر لن تعارض مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات إلى الشعب السوري، مضيفًا أنّ مصر لا تنظر إلى الجهة التي تطرح المشروع ولكنها تنظر إلى المقصد والهدف من هذا القرار.

كان أهم التداعيات خلال الساعات الأخيرة الماضية ما اهتمت بنشره وسائل إعلام مختلفة الإعلان عن توقف أو تعطيل الإمدادات البترولية السعودية لمصر، حيث تداولت بعض المحطات والصحف والمواقع الإلكترونية خبراً مفاده أن المملكة العربية السعودية ممثلة في شركة النفط الحكومية السعودية أرامكو، قررت وفي رد فعل سريع أن توقف العمل بالاتفاق الذي يقضي بتزويد أرامكو مصر بنحو 700 ألف طن شهرياً من المواد البترولية لمدة خمس سنوات، والذي تم توقيعه هذا العام، وبموجب هذا الاتفاق تشتري مصر شهريًا منذ مايو من أرامكو 400 ألف طن من زيت الغاز (السولار) و200 ألف طن من البنزين و100 ألف طن من زيت الوقود على أن يتم السداد على 15 عامًا.

وقال مسئول حكومي أمس الأول الإثنين أن أرامكو أبلغت الهيئة المصرية العامة للبترول شفهياً بالتوقف عن إمدادها بالمواد البترولية

وأضاف المسؤول أن مصر ستطرح عددا من المناقصات لشراء احتياجات السوق المحلي من الوقود، مشيرًا إلى أن هيئة البترول في مصر ستعمل على تدبير أكثر من 500 مليون دولار مع البنك المركزي لشراء الاحتياجات.

وبوضوح نفت الحكومة المصرية وجود أي طابع سياسي وراء قرار شركة النفط السعودية (أرامكو) تعليق توريد النفط إلى مصر. ونقلت وكالة فرانس برس عن حمدي عبد العزيز، المتحدث باسم وزارة النفط المصرية، قوله إن قرار شركة أرامكو جاء قبل التصويت في مجلس الأمن.

وقال عبد العزيز "أعلمتنا أرامكو بهذا الأمر قبل اجتماع مجلس الأمن. هذه قضية تجارية وليست سياسية. من الطبيعي أن تتأخر بعض الشحنات".

وأكد أن العقد التجاري مع السعودية ما زال سارياً، ولكنه لم يدلِ بتعليق بشأن ما إذا كان سيستأنف العمل به في وقت قريب.

ولازالت مختلف وسائل الإعلام تواصل نشر تأكيدات بوجود أزمة حقيقية بين البلدين الشقيقين رغم عدم صدور تصريحات رسمية تؤكد ذلك، وبعد مرور شهور قليلة على زيارة تاريخية للعاهل السعودي إلى القاهرة شهدت الكثير من قرارات واتفاقيات التعاون المشترك بين البلدين، كان أهمها إعلان القاهرة في أبريل الماضي عن اتفاق لترسيم الحدود البحرية مع المملكة نقلت بموجبه تبعية جزيرتين بالبحر الأحمر للسعودية وتسبب ذلك الاتفاق في احتجاجات شعبية وتظاهرات.

وقضت محكمة إدارية ببطلان الاتفاق في يونيو الماضي قبل أن تعلق أخرى تنفيذ ذلك الحكم. ومن المنتظر أن تقرر محكمة ثالثة مصير الجزيرتين.

في هذا السياق يرى بعض المراقبين أن الأزمة التي تتحدث عنها بعض وسائل الإعلام غير موجودة أو حقيقية خاصة وأن طبيعة العلاقات بين الرياض والقاهرة تتضمن الحرص على عدم الإعلان عن التطورات الإيجابية أو السلبية في العلاقات بين البلدين إلا بعد فترات زمنية وفي أوقات تراها كل من العاصمتين مناسبة، كما أن المواقف المحسوبة على المملكة حتى الآن وتفسر بأنها ضد مصر لم تكن رسمية بل اتخذت من خلال بعض الشخصيات العامة السعودية الذين انتقدوا مصر علنًا بسبب موقفها، وذهب البعض إلى أن المملكة تقلص مساعداتها نتيجة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها، وأن ربط الرياض قطع المساعدات بتصويت مصر في مجلس الأمن ماهو إلا حجة للتملص من المساعدات التي لن تستطيع المملكة بأي حال الإيفاء بها في المستقبل لا لمصر ولا لغيرها؛ فالمملكة التي دخلت مرحلة تقشف اقتصادي وتطلب مثلها مثل القاهرة قرضا من صندوق النقد .

 إلا أنّ هذا لا ينفي احتمالية تفاقم الخلاف وترجمة ذلك بمواقف رسمية، خاصة مع وجود اختلافات بين مصر والمملكة العربية السعودية فيما يتعلق بأسلوب التعامل مع الأزمات في الشرق الأوسط، ومنها تعامل الرياض مع بعض القوى الإسلامية في اليمن والعراق على سبيل المثال، أو الموقف الشعبي المصري الرافض لإعادة ترسيم الحدود بين البلدين.

وقبل أيام قال وزير الخارجية المصري سامح شكري في مقابلة له مع صحيفة "نيويورك تايمز" إن بلاده تختلف مع السعودية بشأن ضرورة تغيير نظام الحكم والقيادة السورية، حيث كانت الرياض تأمل من مصر مشاركتها في قيادة حلف عسكري للتعامل مع سوريا واليمن، كما كانت تأمل في مساندة مصرية لموقفها ضد إيران.

 

 

 

 

 

تعليق عبر الفيس بوك