بيروت - رويترز
انتزعَ الجيشُ السوريُّ -والجماعات المتحالفة معه- منطقةً إلى الشمال من حلب، أمس؛ فأحكم حصاره على شرق المدينة الخاضع لسيطرة المعارضة في ظل قصف جوي مكثف وهجوم كبير تدعمه روسيا. وتمثل السيطرة على مخيم حندرات الواقع على بُعد بضعة كيلومترات عن حلب أول تقدم بري كبير للحكومة في الهجوم الذي أعلنته يوم الخميس. ويقول سكان الشطر الخاضع لسيطرة مقاتلي المعارضة إن الطيران الحربي يقصف بقوة لم يسبق لها مثيل.
وبذلك يكون الجيش قد سيطر على مخيم للاجئين الفلسطينيين على ربوة مرتفعة تشرف على أحد الطرق الرئيسية المؤدية لحلب. وظل مخيم حندرات في قبضة مقاتلي المعارضة لسنوات. وقال مسؤول في إحدى جماعات المعارضة الرئيسية في حلب لرويترز "سقطت حندرات". وجاء في بيان للجيش يؤكد تقدمه في المنطقة أن "أعدادا كبيرة من الإرهابيين" قتلوا.
وأفادتْ أنباء بمقتل العشرات في شرق حلب منذ أن أعلن الجيش عن الهجوم الجديد في وقت متأخر يوم الخميس؛ مما بدد ما تبقى من أمل في إحياء وقف لإطلاق النار توسطت فيه الولايات المتحدة وروسيا.. وظل وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، يناشد روسيا -الأسبوع الماضي- وقف الضربات، لكنَّ النداء قوبل بالتجاهل. ويمثل انهيار جهود صنع السلام وقرار الرئيس السوري بشار الأسد بدء هجوم شامل على آخر منطقة حضرية كبيرة في أيدي المعارضة نقطة تحول على ما يبدو في صراع يصيبه الجمود منذ سنوات. ويبدو الأسد وحلفاؤه أكثر عزما مما مضى على سحق المعارضة المسلحة التي بدأت قبل قرابة ستة أعوام.
ويقول سكان شرق حلب إنهم يتعرَّضون لأشرس قصف منذ بدء الحرب، وإنه تستخدم فيه قنابل أقوى. وذكر مسؤولون في المعارضة أن ضربات جوية عنيفة أصابت أربع مناطق على الأقل في شرق حلب، أمس، وإنَّ طائرات روسية تنفذ أغلب الضربات. وأظهرت لقطات فيديو لمواقع الانفجارات حفرا عميقة وواسعة.
وتقول قوى غربية ومنظمات إغاثة دولية إنها تخشى على حياة أكثر من 250 ألف مدني يعتقد أنهم محاصرون في المنطقة الخاضعة لسيطرة المعارضة في حلب المنقسمة منذ سنوات إلى جزء تسيطر عليه المعارضة وآخر تحت سيطرة الحكومة. ويقول الجيش إنه لا يستهدف إلا المقاتلين. وقال عمار السلمو مدير الدفاع المدني في شرق حلب لرويترز، صباح أمس: "الآن هناك طيران في الجو." وأضاف بأنَّ فرق الدفاع المدني تتعامل مع الأحداث لكنها لا تكفي لتغطية هذا الكم الكارثي.
وقتل 25 شخصا في سلسلة غارات جوية على مدينة حلب السورية، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان المعارض. وبحسب متطوعين في حلب، فإن المواقع التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة في المناطق الشرقية من المدينة تتعرض لهجمات مكثفة. وتفيد تقارير بأن مئات من الناس علقوا تحت الأنقاض وأن المستشفيات تجد صعوبة في استقبال الضحايا. وتقول الأمم المتحدة إن نحو مليوني من سكان حلب أصبحوا بدون ماء.
ومنعت ضربات مكثفة شهدتها المدينة يوم الجمعة إصلاح محطة ضخ تزود المناطق الشرقية من حلب بالماء الصالح للاستخدام، بحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف). وأضافت اليونيسف أن محطة أخرى تزود المناطق الغربية بالماء أغلقت ردا على قصف محطة الضخ الأولى. ويقول الجيش السوري إنه مصمم على استعادة المناطق التي تسيطير عليها المعارضة من حلب بعد انهيار اتفاق وقف إطلاق النار يوم الإثنين الماضي.
وقال ناطق باسم اليونيسف كيران دوير لـ"بي.بي.سي": "لم يعد الماء يضخ إلى الناس في شرقي وغربي حلب، في جميع مناطق حلب، نحو مليونين من السكان محرومون من الماء". وأضاف الناطق قائلا إن هذا الوضع يمكن أن يكون "كارثيا" بالنسبة للسكان الذين سيضطرون إلى استهلاك الماء الملوث وبالتالي سيكونون عرضة للإصابة بالأمراض. ومضى قائلا إن الماء أصبح يستخدم كسلاح في الحرب من قبل جميع الأطراف.
وقال دوير إن محطة الضخ التي تزود المناطق التي يسيطر عليها المسلحون لحقت بها أضرار الخميس والضربات التالية جعلت إصلاحها أمرا مستحيلا. وأضاف الناطق إن "هذه المحطة تضخ الماء إلى سكان المناطق الشرقية من حلب أي نحو 200 ألف شخص. وفي إجراء انتقامي، أغلقت عمدا محطة أخرى تزود أكثر من 1.5 مليون شخص في المناطق الغربية من المدينة بالماء".