بيروت – رويترز
قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إنّ طائرات حربية قصفت مدينة حلب في شمال سوريا أمس للمرة الأولى منذ بدء سريان هدنة مدتها سبعة أيام قبل نحو أسبوع. وذكر المرصد أنّ صواريخ أصابت أحياء كرم الجبل وكرم البيك وصاخور والشيخ خضر. ووردت تقارير عن وقوع إصابات.
وقالت روسيا إنّ الغارة الجوية التي شنتها قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة شرقي سوريا وقتلت العشرات من قوات الحكومة السورية تعرض للخطر اتفاق الهدنة الهش بالفعل للخطر.
وقال فيتالي تشوركين مبعوث روسيا لدى الأمم المتحدة إن الهجوم يضع "علامة استفهام كبيرة جدا" بشأن مستقبل الهدنة. وأعلن الجيش الروسي أن 62 من قوات الحكومة السورية على الأقل قتلوا في ضربات جوية وقعت في مدينة دير الزور.
وأعربت الولايات المتحدة عن أسفها عن مقتل الضحايا بصورة غير متعمدة. وقالت إن طائرات التحالف أوقفت ضرباتها لدى إبلاغها بوجود القوات السورية في المنطقة.
وفي اجتماع طارئ لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، دعت إليه روسيا لمناقشة الهجوم الجوي، قال فيتالي تشوركين مبعوث روسيا إن الهجوم هدد اتفاق وقف إطلاق النار الهش في سوريا.
ولكن سامانثا باور سفيرة الولايات المتحدة اتهمت موسكو بمحاولة تحقيق مكاسب سياسية "رخيصة". وقالت واشنطن إن الهجوم استهدف تنظيم "الدولة الإسلامية".
وأقر التحالف بزعامة الولايات المتحدة أن طائراته شنت هجوما على شرقي سوريا قال الجيش الروسي إن 62 من عناصر الجيش السوري على الأقل قتلوا فيه وهم يقاتلون مسلحي تنظيم "الدولة الإسلامية".
ومن جانبها، قالت الولايات المتحدة إنّ طائراتها أوقفت الهجوم على دير الزور عندما علمت بوجود القوات السورية. وأعرب متحدث باسم الإدارة الأمريكية عن "أسفه عن العمل غير المقصود الذي أدى لوفاة" الجنود السوريين.
ودخل اتفاق الهدنة الذي وافقت عليه الولايات المتحدة وروسيا حيز التنفيذ في سوريا يوم الإثنين، لكن بنودا مهمة للاتفاق من بينها نقل المساعدات بصورة آمنة لم تُنفذ حتى الآن.
وتسبب الهجوم الجوي في نزاع حاد بين الولايات المتحدة وروسيا في مجلس الأمن ليل السبت، وغادر مندوب كل دولة أثناء تصريحات للمندوب الآخر.
وانتقدت سامنثا باور مندوبة الولايات المتحدة روسيا بسبب دعوتها لاجتماع عاجل في المجلس، وهو ما وصفته بأنّه "مغرض وينم عن النفاق."
وقالت في تصريحات للصحفيين إن روسيا بالفعل بحاجة إلى وقف سعيها "لتسجيل نقاط سياسية رخيصة والتفاخر واستخدام الحيل والتركيز على الأمور المهمة، وهو تنفيذ شيئا تفاوضنا بشأنه بنية طيبة معهم."
لكن تشوركين قال إنه لم يشهد مطلقا مثل هذه "الغلظة الأمريكية" التي أظهرتها باور. وأشار إلى أن مستقبل اتفاق الهدنة قد يتوقف على رد فعل واشنطن إزاء هذه الغارة. وأضاف: "إذا كان ما فعلته السفيرة باور اليوم يمثل أي إشارة لرد فعل محتمل من جانبهم (الأمريكيين)، فإننا إذن نواجه مشكلة خطيرة". ولا يتضمن اتفاق وقف العمليات العدائية، الذي جرى التوصل إليه بوساطة أمريكية وروسية، شن هجمات ضد تنظيم الدولة الإسلامية أو جماعات جهادية أخرى. وقالت القيادة المركزية للجيش الأمريكي إن التحالف كان يعتقد إنه يهاجم مواقع ما يعرف بتنظيم "الدولة الإسلامية" وإن الهجمات "أوقفت على الفور عندما أبلغ مسؤولون روس مسؤولي التحالف أنه منه المحتمل أن تكون القوات والمركبات المستهدفة تابعة للجيش السوري". وقال البيان "المركز المجمع للعمليات الجوية أطلع نظيره الروسي سابقا على الأهداف المقرر مهاجمتها". وأضاف "سوريا موقف معقد توجد فيه العديد من القوات العسكرية على مسافة متقاربة، ولكن قوات التحالف لن تهاجم بصورة متعمدة وحدة عسكرية سورية. سيراجع التحالف هذا الهجوم والظروف المحيطة به لتعلم الدروس المستفادة إن وجدت". وشاركت طائرات أسترالية في الغارة، وقدمت وزارة الدفاع الأسترالية التعازي لعائلات الجنود السوريين الذين قتلوا أو جرحوا. ونقل عن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية قولها إن الهجوم يظهر أن "البيت الأبيض يدافع عن (تنظيم) الدولة الإسلامية". وقالت وزارة الخارجية السورية إن الغارة الجوية كان "مخططا لها ومتعمدة"، وأشارت إلى أن هناك "تنسيقا بين (تنظيم) الدولة الإسلامية والقوات الأمريكية".واستعادت القوات السورية حاليا السيطرة على المناطق التي كانت فقدتها لصالح مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية نتيجة للضربات الجوية، حسبما ذكرت وكالة الأنباء السورية "سانا". وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره بريطانيا إن حصيلة القتلى بلغت 90 جنديا سوريا على الأقل. وإذا صمدت الهدنة الحالية، التي بدأت يوم الاثنين، لسبعة أيام، فحينها ستبدأ الولايات المتحدة وروسيا تنسيق عملياتها ضد جبهة فتح الشام، والتي كانت تُعرف سابقا باسم جبهة النصرة، وضد تنظيم الدولة الإسلامية. ولا توجد حالات مؤكدة لهجمات جوية أمريكية تستهدف القوات السورية. وفي ديسمبر الماضي، اتهمت سوريا التحالف بالهجوم على معسكر للجيش السوري بالقرب من دير الزور، ولكن الولايات المتحدة نفت الأمر. وفي وقت سابق، أعرب الجيش الروسي عن مخاوفه بشأن وقف إطلاق النار. وقال إن الجماعات المسلحة زادت من هجماتها، ودعت الولايات المتحدة أن تتخذ إجراء ملائما أو أن تكون مسؤولة عن انهيار الهدنة. وقال المسؤول الكبير في هيئة الأركان الروسية الجنرال فيكتور بوزنيخير: "رسالتنا المتكررة للجانب الأمريكي لا تجد ردا. هناك اعتقاد بأن الولايات المتحدة قادرة على التأثير على المعارضة المعتدلة التي تسيطر عليها". وتنص بنود الاتفاق على ضرورة أن تنأى تنظيمات المعارضة المعتدلة بنفسها عن الجماعات الجهادية. وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكية في وقت لاحق إن اتفاق وقف العمليات القتالية "صامد على نطاق واسع" بالرغم من "التحديات على كلا الجانبين". ويهدف الاتفاق إلى السماح بنقل آمن للمساعدات للمناطق المحاصرة في سوريا، وهناك نحو 20 شاحنة متوقفة في تركيا منذ يوم الاثنين دون أن تتمكن من الدخول إلى شرق مدينة حلب التي تسيطر عليها قوات المعارضة.