الاستفادة من التجارب العالمية وعلى رأسها النموذج الماليزي لزيادة الناتج المحلي الإجمالي

"تنفيذ" يؤذن ببدء التطبيق الفعلي لأهداف "الخمسية التاسعة".. و"القطاعات الخمسة" مفتاح التنويع الاقتصادي

...
...
...

 

 

البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي "تنفيذ" يرسم آلية تحقيق غايات الخطة

الخطة الخمسية التاسعة خلاصة عمل أكثر من 40 ورشة عمل

إيجاد فرص عمل منتجة ومجزية للمواطن بصدارة أهداف الخطة

العمل على تشجيع الاستثمار الخاص إلى 52% من إجمالي المستهدف

 

الرؤية - فايزة الكلبانية

 

 

تتميز الخطة الخمسية التاسعة للسلطنة، بأنّها الخطة الأولى التي تُصاحبها خطة عمل تنفيذية؛ حيث ستبدأ بالبرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي "تنفيذ"، والذي يؤمل أن ينتج عنه حزمة من القرارات، سيبدأ تنفيذها في يناير 2017.

قامت السلطنة وبعد دراسات مستفيضة بالعمل على تنمية الاقتصاد الوطني من خلال إطلاقها للبرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي "تنفيذ"، والذي جاء بمباركة سامية من لدن جلالة السلطان المعظم- حفظه الله ورعاه- وبدأ الإعداد له في مايو الماضي.

ويأتي "تنفيذ" كآلية عمل لتحقيق أهداف الخطة الخمسية التاسعة، وذلك من خلال تصحيح أبرز أوجه القصور في بيئة الاقتصاد، والتغلب على العوائق التي تحول دون تحقيق أهداف التنويع الاقتصادي، ونمو حجم الاقتصاد العُماني، بما في ذلك إجراء التعديلات اللازمة على القوانين واللوائح، وتحديد الأولويات، وتوفير التمويل اللازم للمشاريع، والاتفاق على المهام والمسؤوليات ومواعيد الإنجاز، وصولاً إلى زيادة الناتج الإجمالي المحلي، وتعزيز استثمارات رؤوس الأموال، وتوفير فرص وظيفية للمواطنين، وجعل القطاعات المستهدفة في الخطة الخمسية التاسعة بديلاً فاعلاً عن الاعتماد شبه الكلي على النفط،. ويعمل "تنفيذ" على صياغة آلية عمل واضحة المعالم ووفق جدول زمني محدد، ومؤشرات لقياس الأداء، يبدأ تطبيقها مع مطلع العام القادم.

 

 

ومن أجل مزيد من الضمانات لنجاح البرنامج ؛ فقد تمت صياغته بالاستفادة من الخبرات والتجارب العالمية، وعلى رأسها النموذج الماليزي الذي نجح – بعد تطبيقه- في زيادة الناتج المحلي الإجمالي للفرد بمقدار يتجاوز ثلاثة أضعاف بنهاية 2015 مقارنة بعام 2010 عند بدء تنفيذ البرنامج.

ويتلخص البرنامج في ثمان خطوات، تبدأ بتحديد نطاق العمل من خلال تعريف المجالات الإستراتيجية التي سيتم التركيز عليها، ثم حلقات عمل (مختبرات) يحضرها جميع المعنيين بالمجال أو القطاع لتطويره وإيجاد حلول مناسبة له، على أن تمثل الجهات الحكومية بما لا يزيد عن 40% في المختبرات، مقابل 60% من ممثلي القطاع الخاص والأكاديميين والمجتمع المدني والشباب. وتتمثل الخطوة الثالثة في مشاركة نتائج حلقات العمل مع الجمهور والحصول على آرائهم تجاهها. ويتم خلال الخطوة الرابعة مشاركة الجمهور خارطة الطريق، وما سيتم القيام به وذلك عبر وسائل الإعلام المختلفة. وتحدد الخطوة الخامسة مؤشرات قياس الأداء الرئيسة لمتابعة التطبيق طوال مدة الخطة الخمسية. وفي الخطوة السادسة يتم تطبيق ما تم التوصل إليه من قرارات، وتليها خطوة التحقق من نتائج القرارات عبر الاستعانة بأطراف خارجية. وسيتم خلال الخطوة الثامنة والأخيرة نشر ما يتم تحقيقه وإنجازه في كل عام من خلال تقارير سنوية مُتاحة للجمهور.

وسوف يتم العمل في البرنامجِ وفق خطة عملية منهجية، تقوم على جمع وتحليل البيانات والمعلومات، ومتابعة وتقييم مؤشرات الأداء الرئيسية، وتحديد جهات التنفيذ وإدارة المشاريع، من خلال فرق عمل من الكوادر العُمانية والخبراء المتخصصين من داخل وخارج السلطنة، في قطاعات محددة في المرحلة الأولى تشمل (السياحة، والصناعات التحويلية والخدمات اللوجستية)، بالإضافة إلى الممكنات الداعمة وهي (قطاع التشغيل وسوق العمل، وقطاع المالية والتمويل المبتكر) وستغطي المرحلة الثانية من البرنامج قطاعي (الثروة السمكية- التعدين).

وتتلخص أهمية (تنفيذ) في أنَّ عناصره الرئيسية مستوحاة من التجربة الماليزية وتقوم على عدة مرتكزات، هي: الالتزام، والمتابعة مباشرة من الحكومة، ونشر جميع التفاصيل والخطط والبرامج وتقارير المتابعة للرأي العام، والمرونة التشغيلية لوحدة متابعة تنفيذ القرارات، والاستقلالية في استقطاب أفضل الكفاءات، مع تنظيم عالي الجودة.

الأوضاع العالمية

كان للأوضاع الاقتصادية العالمية الناجمة عن تدهور أسعار النفط في النصف الثاني من عام 2014، تأثير لا يُمكن تجاهله على القرارات الاقتصادية في دول العالم ككل والمنطقة على وجه الخصوص، وذلك نظرًا لاعتمادها الأساسي على النفط كسلعة اقتصادية أساسية للدخل الحكومي. ولم تكن السلطنة بمنأى عن هذا التأثر، ولذلك برز الاتجاه لإيجاد حلول تمتص تأثيرات الأزمة المالية على الاقتصاد الوطني قدر المستطاع من جهة، وإيجاد خارطة طريق مستقبلية تجعل اقتصاد السلطنة أكثر قدرة على المقاومة والتكيف مع تقلبات الاقتصاد العالمي من جهة أخرى.

ولذا يمكن القول إنّ الخطة الخمسية التاسعة وفقاً للمنهجية التي وضعت عليها والغايات والأهداف التي تضمنتها؛ هي نتاج للمرحلة الاقتصادية الصعبة التي واجهتها الخطة الخمسية الثامنة خلال السنتين الأخيرتين منها، حيث شكلت الانعكاسات الصعبة لانهيار أسعار النفط والضغوط الحاصلة على الموازنة العامة للدولة وعلى اقتصاد السلطنة إبان مرحلة العمل على إعداد الخطة الخمسية التاسعة، عوامل قوية دفعت نحو وضع خطة تنموية واضحة المعالم والتوجهات، ومرتبطة بأرقام وخطط زمنية مُحددة ومركزة تساهم في وضع العلاجات الكفيلة بحماية الاقتصاد الوطني من الهزات الناجمة عن تقلبات أسواق النفط العالمية.

إعداد التقديرات

وقد روعي عند إعداد تقديرات هذه الخطة الأوضاع المالية الفعلية خلال السنوات السابقة، والأداء المالي خلال العامين 2014م و2015م في ضوء تراجع الأسعار العالمية للنفط مقارنة بالأسعار السائدة قبل منتصف عام 2014 بحوالي 67%، كما تمّ الأخذ في الاعتبار الالتزامات الحتمية المترتبة على السياسات والقرارات المتبعة خلال السنوات السابقة والتي عكستها تقديرات موازنة عام 2015 (سنة الأساس لخطة التنمية الخمسية التاسعة). وروعيت الواقعية والتحوط عند إعداد تقديرات الخطة، إضافة إلى أهمية اتساق الإطار المالي مع إطار الاقتصاد الكلي، والأهداف الاقتصادية الرئيسية للسلطنة من استقرار وتنويع اقتصادي، وتوفير فرص عمل مُنتجة ومجزية للمواطنين، وتطوير سياسات التنمية الاجتماعية في إطار متكامل وشامل.

وتولي خطة التنمية الخمسية التاسعة (2016- 2020) أهمية للتنمية العمرانية بالاستغلال الأمثل للموارد والفرص الاستثمارية التي تتمتع بها محافظات السلطنة، كما تولي اهتماماً خاصاً بتنمية المحافظات، بهدف تحقيق نمو متوازن وتوزيع شامل لثمار التنمية على المواطنين في مختلف أرجاء البلاد، كما تقوم الخطة على سياسات تهدف إلى اضطلاع القطاع الخاص بدور رائد في دفع معدلات نمو الاقتصاد الوطني وتوفير فرص العمل للمواطنين، وذلك من خلال مواصلة تحسين بيئة الأعمال والإسراع في تنفيذ برنامج التخصيص وتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتم اختيار قطاعات (الصناعة التحويلية، النقل والخدمات اللوجستية، والسياحة، والثروة السمكية، والتعدين) لتكون قطاعات اقتصادية واعدة سيتم التركيز عليها خلال الخطة، لكي تساهم في عملية التنويع الاقتصادي بجانب القطاعات الأخرى الداعمة لهذه القطاعات الخمسة، كالتعليم، والصحة، وبيئة الأعمال، والشباب، والبيئة، ورفع أداء الجهاز الحكومي، والاتصالات، وتقنية المعلومات.

التوجيهات السامية

وقد أوضح البيان الصادر عن المجلس الأعلى للتخطيط مطلع العام الحالي وبعد صدور المرسوم السلطاني رقم (1/2016) باعتماد خطة التنمية الخمسية التاسعة (2016- 2020)؛ بأنّه عند انطلاق الإعداد لخطة التنمية الخمسية التاسعة (2016- 2020)، أخذًا في الاعتبار التوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم- حفظه الله ورعاه- والتي يأتي في مقدمتها ضرورة أن تركز الحكومة في خططها المستقبلية على التنمية الاجتماعية، وبخاصة في جوانبها المتعلقة بمعيشة المواطن وبما يتيح المزيد من فرص العمل وبرامج التدريب والتأهيل ورفع الكفاءة الإنتاجية والتطوير العلمي والثقافي والمعرفي، كما تمّ خلال مراحل إعداد الخطة إشراك شرائح مجتمعية واسعة، شملت القطاع الخاص، ومؤسسات المجتمع المدني، والشباب من خلال المؤسسات التي ينتمون إليها، إضافة إلى مختلف الوزارات والهيئات الحكومية، وذلك بهدف أن تأتي الخطة معبرة عن تطلعات كافة شرائح المجتمع، وللتأكد من مدى مصداقية أهدافها ومرتكزاتها. وأشار البيان إلى أنه تمّ عقد حلقات نقاشية امتدت لأكثر من 40 حلقة، استهدفت التعرف على مرئيات الوزارات ومختلف الهيئات فيما يتعلق بالأهداف والمرتكزات المقترحة للخطة، كما تم تنظيم حلقات عمل بمشاركة خبراء دوليين ومنظمات الأمم المتحدة، للوقوف على التجارب الدولية الناجحة واستخلاص الدروس المستفادة التي تلائم ظروف وأوضاع السلطنة، إضافة إلى الحوار مع الجهات المسؤولة عن الإستراتيجيات القطاعية طويلة المدى، خاصة تلك المتعلقة بالقطاعات الواعدة التي سوف تشملها الخطة.

كما تمّ الأخذ بعين الاعتبار في وضع الخطة حسب المتغيرات الاقتصادية على المستوى العالمي وما يتعلق منها بالتقلبات في أسعار النفط العالمية، والأوضاع الجيوسياسية الإقليمية وتأثيرها على المستوى الدولي والانعكاسات السلبية على الأوضاع المالية للسلطنة، مما يستدعي مواجهة ذلك بإجراءات مناسبة تضمن استدامة الأوضاع المالية، وتوفير مناخ اقتصادي كلي مستقر، بجانب توفير فرص العمل الكافية لاستيعاب الباحثين عن عمل حاليًّا والمنضمين لسوق العمل خلال فترة الخطة، مع ضرورة العمل على تسريع وتيرة التنويع الاقتصادي بما يساهم في التقليل من اعتماد الاقتصاد الوطني على النفط، والتقليل من تداعيات الصدمات الخارجية الناجمة عن التذبذب في أسعار النفط في السوق العالمية.

إنجازات النهضة

وكان من بين توجهات ومرتكزات الخطة العمل على المحافظة على الإنجازات التي تحققت على مدى 45 عاماً من مسيرة النهضة المباركة والبناء عليها وفقاً لما حددته الرؤية المستقبلية 2020 من أهداف تتعلق بتوفير فرص عمل منتجة ومجزية للشباب العماني، وتركيز الجهود على تحسين الاندماج الاجتماعي من خلال تعزيز التعليم والتدريب والصحة وتنمية الموارد البشرية وصولاً إلى هدف التشغيل الكامل للقوى العاملة الوطنية، إضافة الى تعميق التنويع الاقتصادي من خلال تطوير القطاعات الواعدة كالصناعة التحويلية، والخدمات اللوجستية والنقل، والسياحة، والثروة السمكية، والتعدين.

وأكد بيان المجلس أنّ الخطة تستهدف تحقيق معدل نمو حقيقي سنوي للناتج المحلي في حدود 3% في المتوسط خلال فترة الخطة، وتحقيق الاستثمارات الإجمالية متوسطا يبلغ (2ر8) مليار ريال عماني سنويا بمتوسط معدل نمو 5%، كما يتوقع أن تنمو الأنشطة غير النفطية بنحو (3ر4)% ، بينما يقدر أن تشهد الأنشطة النفطية ارتفاعًا محدودا يبلغ (2ر0)%، كما تهدف الخطة لخفض مساهمة قطاع النفط والغاز في الناتج الإجمالي المحلي لنسبة 26%، مقارنة بـ44% في الخطة الخمسية الثامنة.

وأكد البيان أن الخطة الخمسية التاسعة تتضمن برامج تعنى بتوفير فرص العمل للمواطنين، إذ تعكس التقديرات ارتفاع أعداد العمانيين الباحثين عن عمل خلال فترة الخطة بمعدلات متصاعدة نتيجة التركيبة السكانية بالسلطنة، والتي تتمثل في وجود هرم سكاني معظمه من الشباب أي نحو 65% ، بمعنى أن ثلثي سكان السلطنة دون سن الثلاثين، أي ما بين (15  39)، بالإضافة الى الزيادة المستمرة في أعداد ونسب مشاركة المرأة في سوق العمل، وارتفاع أعداد الخريجين، وأوضح البيان أنه على الرغم من هذه التحديات التي تواجه الخطة الخمسية التاسعة، إلا أنها تتيح في الوقت نفسه فرصاً للاقتصاد العماني للنمو بشكل متسارع ومستدام.

وبحسب بيان المجلس فإن الحكومة تسعى إلى تشجيع المشاريع الممولة ذاتياً لتعزيز النمو الاقتصادي، والاستعانة على نحو فعال باستثمارات القطاع الخاص التي تدفع عجلة التنمية، وذلك لرفع نسبة استثمارات القطاع إلى 52% من إجمالي الاستثمارات مقارنة بما نسبته 42% في الخطة الخمسية المنتهية في عام 2015. وفي هذا الإطار بذلت الحكومة جهودًا حثيثة لتعزيز سهولة تنظيم وممارسة الأنشطة التجارية، وتشجيع استثمارات القطاع الخاص، إلا أن النتائج قد أظهرت أن هذه الإجراءات إما غير معروفة حتى الآن في السوق، أو لا يزال هنالك المزيد من الإجراءات التي يزمع القيام بها لضمان قدرة السلطنة على المنافسة الإقليمية والعالمية، وتستهدف الخطة التاسعة أن يبلغ حجم الاستثمارات نحو 41 مليار ريال عماني، مقابل 38 مليار في الخطة الثامنة.

القطاعات المحفزة

في مجال الصناعات التحويلية يركز القطاع في السلطنة بشكل كبير على مجال البتروكيماويات، بما يتماشى مع الميزة التنافسية للاقتصاد المحلي، إلا أن مساهمته بالتنويع الاقتصادي بعيدا عن النفط والغاز تعتبر متدنية، ومساهمته في الناتج المحلي متواضعة مقارنة ببقية القطاعات الأخرى، ولذلك هنالك حاجة فعلية إلى تحديد قطاعات بديلة تحمل ذات الميزة التنافسية، مع توفر الطاقة ذات التكلفة المعقولة والتنافسية، والخدمات العامّة والأراضي، من أجل ضمان استدامة الأنشطة التصنيعية القائمة، وحفز نمو قطاع التصنيع بشكل عام في السلطنة، كما أنه من الضروري وجود بيئة حديثة كفيلة بتمكين الاستثمار في قطاع التصنيع، والتغلب على العوائق التي تقف أمامه، فضلاً عن الحاجة إلى فهم الفجوة القائمة بين العرض والطلب لتقييم احتياجات القطاع ومتطلباته العامة، لاسيما في ظل محدودية مشاركة القوى العاملة الوطنية في هذا قطاع .

كما يعد القطاع السياحي في السلطنة من القطاعات الواعدة التي تم التركيز عليها في الخطة الخمسية التاسعة 2016 2020، من أجل زيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي للسلطنة، والعمل على أن يصبح من مصادر الدخل القومي الرئيسة للبلاد، وذلك على ضوء استراتيجية السياحة 2016- 2040، التي تعد بمثابة خارطة طريق لهذا القطاع الواعد، والتي تهدف إلى تعزيز المكانة السياحية للسلطنة عالميا، ووضعها على طريق التحول إلى وجهة عالمية للضيافة المتميزة، وجذب الاستثمارات، بما يساهم في تعزيز التنويع الاقتصادي، وتوفير فرص عمل للمواطنين، ورفع قيمة المعالم الطبيعية والثقافية للسلطنة، ويضمن استدامتها، ويوفر الإيرادات الضرورية لحفظ وحماية واستدامة التراث وحماية البيئة.

 وبالرغم من الاهتمام القائم بالقطاع ومحاولة إبرازه وجعله من القطاعات الواعدة؛ إلا أنّ السلطنة لا تُعد الوجهة السياحية الأولى ضمن دول مجلس التعاون الخليجي، ويُعزى انخفاض معدل السياحة المحتمل إلى محدودية الربط الجوّي وانخفاض طاقته الاستيعابية، وعدم كفاية شبكة البنى التحتية الأساسية لدعم نمو القطاع، فضلاً عن قصور إدارة العملية التسويقية لجذب واستقطاب السياح .

قطاع التعدين

أما فيما يتعلق بقطاع التعدين، فهو يُعد من القطاعات الحيوية، ليس فقط لدوره في تحقيق التنوع الاقتصادي، بل كذلك لحيويته في تلبية متطلبات البنية العمرانية، ويتنج القطاع في السلطنة العديد من الخامات المعدنية ومنتجات الكسارات المختلفة، بيد أن القطاع لا يزال يواجه العديد من التحديات، إذ ثمة ضعف في الأنظمة والآليات المتبعة في استغلال الثروة المعدنية، ويوجد نقص كبير في حاجة السوق المحلية من مخرجات محاجر كسارات الرمل والكنكري، مع ازدياد عمليات التصدير لمختلف أنواع المعادن، وارتفاع حاد في أسعار مواد البناء، إلى جانب حصول الكثير من التجاوزات، سواءً في طريقة منح التراخيص أو تحصيل الرسوم والضرائب للدولة أو الرقابة على القطاع، الأمر الذي يستوجب تنظيم القطاع وتطويره وتنمية الاستثمارات فيه واستغلاله الاستغلال الأمثل ، ليأخذ مكانته الحقيقية الفاعلة في الناتج المحلي للبلاد،

ومن منطلق التعويل على هذا القطاع ليكون مساهمًا رئيسياً في الاقتصاد الوطني، فقد تزايد الاهتمام بالتعدين خلال الفترة الماضية كأحد قطاعات تنويع مصادر الدخل القومي، وفي سبيل ذلك أنشأت الحكومة الهيئة العامة للتعدين، بهدف تنظيم القطاع وتعزيز الشراكة فيه بين الحكومة والمواطن، كما تسعى في الوقت ذاته لوضع إستراتيجية شاملة، واضحة ومحددة في إدارة القطاع تضمن رفد الاقتصاد الوطني وتلبي حاجة السوق من مواد البناء، مع عدم إغفال وجود معاهد تدريبية ومراكز تدريب لقطاع التعدين للنهوض بهذا القطاع بالشكل المطلوب من خلال تدريب الشباب وإيجاد كوادر بشرية مؤهلة تساهم في النهوض بالقطاع مستقبلاً .

القطاع اللوجستي

وتسعى السلطنة في المجال اللوجستي وبشكل مستدام إلى تطوير هذا القطاع وجعله مواكبا للحركة الاقتصادية والعمرانية للسلطنة، ومسايراً للتطور العالمي في هذا المجال، ولذلك عملت الحكومة منذ بداية النهضة المباركة على العمل وبشكل جاد في ربط المحافظات والولايات بالطرق المعبدة، وتسهيل حركة التنقل، إلى جانب تطوير المطارات المحلية والدولية، وإنشاء العديد من الموانئ والمناطق الاقتصادية التي سيكون لها المردود الكبير على الاقتصاد الوطني.

وتتمثل أهداف الإستراتيجية اللوجستية التي أعلنتها السلطنة مؤخرا في زيادة مساهمة القطاع اللوجستي في نمو الناتج المحلي الإجمالي، ورفع حصة السوق العُماني من السلع التي تتدفق إلى المنطقة، وزيادة فرص العمل التي يوفرها القطاع، وتحسين ترتيب السلطنة في تصنيف المؤشرات اللوجستية والصناعية العالمية، ورفع سمعتها عالميًا فيما يتعلق بالخدمات اللوجستية؛ حيث تعتمد آليات تطبيق هذه الإستراتيجية على قطاعات الأسواق والتقنية وتسهيل التجارة والرأسمال البشري، وجميعها تسعى إلى تحليل وتحديد ورصد الفرص في الأسواق، سواء حسب القطاعات أو حسب الأماكن التي يمكن للقطاع اللوجستي في السلطنة اجتذابها، والقيام بمشاريع أو أنشطة تمكن السلطنة من تحقيق الحصة المستهدفة من سوق الشحن البحري والجوي حسب الأهداف، إلى جانب تصميم وتطوير علامة تجارية محلية وإقليمية وعالمية جاذبة ومميزة للخدمات اللوجستية، واعتماد سياسة تسويق واضحة ومكثفة محليا وإقليميا ودوليا بغية تحقيق الأهداف ومتابعة قياس ورصد نجاحها، وضمان استخدام أفضل التقنيات كأداة تنافسية تعزز تقنية النقل والخدمات اللوجستية ووضعها ضمن سلسلة التوريد في السلطنة من أجل تسهيل التجارة وتحقيق الأهداف اللوجستية، إلى جانب ضمان الاستخدام الأمثل للبنية الأساسية اللوجستية وتماشيها مع الطلب، ووضع برامج وحوافز أو اقتراح تشريعات لنشر “التكنولوجيا” بأنجع الطرق المُمكّنة ضمن سلسلة التوريد في السلطنة، وأيضًا وضع البرامج الخاصة للبحث والتطوير بالتعاون مع المؤسسات الأكاديمية والصناعية والحكومة لتصبح السلطنة مركزا للخبرات اللوجستية في المنطقة.

قطاع الأسماك

أما القطاع السمكي بالسلطنة فيعد أحد القطاعات الرئيسية الداعمة للاقتصاد الوطني، ومصدراً هاماً للدخل، ويوفر فرص عمل لشريحة كبيرة من المواطنين، وفي الوقت نفسه يلعب دوراً محورياً في تعزيز منظومة الأمن الغذائي وذلك بحكم موقع السلطنة المطل على ثلاثة بحار، وسواحلها الممتدة بطول (3165) كم، نتيجة لذلك تتمتع السلطنة بمخزون وفير ومتنوع من الثروة السمكية.

وخلال السنوات القريبة الماضية حقق القطاع السمكي ارتفاعاَ في كمية الإنتاج وذلك بفضل الجهود الرامية إلى تعزيز دور هذا القطاع وتطويره، ولاتزال وزارة الزراعة والثروة السمكية تسير بخطى حثيثة لتنمية وتطوير القطاع السمكي، وفي هذا السياق تم إعداد استراتيجية تطوير القطاع السمكي (2013 – 2020)، ثم استراتيجية تطوير القطاع السمكي (2020 –2040) التي رسمت فيهما معالم خارطة الطريق لمواصلة الجهود للنهوض بالقطاع ، ومن خلال هاتين الاستراتيجيتين جار إصدار العديد من التشريعات والسياسات وتنفيذ المشاريع واتخاذ الاجراءات والتدابير الكفيلة بتطوير الأداء، وتتلخص هذه السياسات والخطط في أربعة أهداف رئيسية معنية برفع كفاءة أسطول صيد الأسماك، وتطوير البنى الأساسية، وتطوير المشاريع السمكية ذات القيمة المضافة، و تطوير نشاط الاستزراع السمكي وذلك لزيادة الإنتاج و تطوير التسويق السمكي وتصدير منتجات ذات قيمة مضافة.

وتعد موانئ الصيد من أهم مرتكزات البنية الأساسية لتنمية الأنشطة المتعلقة بقطاع الثروة السمكية وتحسين العوائد من الأسماك، ولذا قامت الوزارة بتفعيل الموانئ القائمة والبالغ عددها (22) ميناء خلال الخطط الخمسية السابقة من حيث إنشاء مباني إدارات، وأسواق أسماك، ومحطات وقود، ومصانع ثلج، وورش بحرية، ومقاه، ومظلات للصيادين، ومخازن حفظ الأسماك، ومحلات بيع أدوات ومعدات الصيد، وجار حالياً إنشاء عدد (4) موانيء جديدة، كما يجري تأهيل عدد (9) من موانيء الصيد القائمة، إلى جانب سعى الوزارة إلى تطوير المنظومة التسويقية من خلال تأهيل وتطوير أسواق الجملة والتجزئة ومنافذ البيع، حيث يبلغ عدد الأسواق السمكية في السلطنة (51) سوقا متوزعة على محافظات السلطنة، وقد تم تأهيل (8) أسواق سمكية وجار تأهيل(8) أسواق أخرى، وثمة (7) أسواق مخطط تنفيذها خلال الفترة القادمة. ومن أهم العناصر الرئيسية لتطوير المنظومة التسويقية للأسماك محلات بيع الأسماك، والتي بلغ عددها (393) محلا. أما بالنسبة للمصانع السمكية فقد بلغ عددها حوالي (102) مصنع سمكي، وتشمل مصانع تجهيز وتغليف وحفظ الأسماك، ومصانع التعليب، ومشاريع منتجات القيمة المضافة، وكذلك مصانع مسحوق وزيت السمك.

وأخيرا فإن الأداء الاقتصادي يرتبط بشكل عام ارتباطًا مباشرًا بالمستوى المعيشي في السلطنة، وبمستوى النهوض بالاقتصاد الوطني، والخطط الطموحة لتوفير فرص العمل، وتحسين قطاع الخدمات بكل مرافقه، وهي عملية متكاملة تدخل في إطار عملية التنمية الشاملة في محافظات السلطنة كافة، ومرتبطة بالخطط التنموية والاقتصاد الوطني والتمويل، للتمكن من إيجاد الحلول والبدائل الممكنة للتغلب على كافة التحديات.

تعليق عبر الفيس بوك